توفيق الحكيم يعترف: كنا مخدوعين

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٤:٤٨، ٢٩ ديسمبر ٢٠١٠ بواسطة Moza (نقاش | مساهمات)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث


توفيق الحكيم يعترف: كنا مخدوعين
توفيق الحكيم

في نوفمبر 1954 م كتب توفيق الحكيم قصة "دمي من دمكم" متأثرًا ببطولة جمال في المنشية وفي نوفمبر 1974م كتب كتابًا بعنوان "عودة الوعي" وأعلن فيه بصراحة: كنا مخدوعين.

ونحن هنا سننشر القصة، وسننشر اعتراف الحكيم بالخداع وغيبة الوعي، ليدرك القارئ كم كان الخداع متقنًا، وكم من السنوات عاشها أبناء الشعب تحت تأثير الوهم والخداع والدعاية المزيفة للحقائق والمشوهة لصورة الإخوان الوضيئة.

(1)

"قصة دمي من دمكم"

نشرتها "أخبار اليوم" في شهر نوفمبر عام 1954 م، وقال فيها الحكيم: " حجرة جلوس بها جهاز راديو مغلق. ومرآة في الحائط.. وقد جلست الزوجة أمام ماكينة خياطة بجوار الراديو تطرز ثوبًا.. بينما الزوج منهمك في حلاقة ذقنه أمام المرآة وهو يغني.. الزوج يمر بآلة الحلاقة على صدغه المطلي بالصابون.. ويغني مترنحًا: يا ظالمني.. يا ظالمني.

الزوجة صائحة: أرجوك.. صوتك المزعج للغاية يصدع رأسي.

الزوج: وصوت ماكينتك المطرب للغاية لا يصدع رأسك؟

الزوجة: صوت ماكينتي فيه على الأقل فائدة لا يمكن أن تنكر.

الزوج: باختصار.. تريدين أن اسكت أنا وتغني ماكينتك؟

الزوجة: أريد فقط أن تبطل هذه العادة السخيفة.. عادة الغناء وأنت تحلق!

الزوج: أيضايقك كثيرًا احتمال سخافتي لمدة خمس دقائق؟

الزوجة: تقصد كل يوم خمس دقائق.. أي كل عام ثلاثين ساعة.. أي مدى حياتنا الزوجية الطويلة إن شاء الله.. احسب من فضلك.

الزوج: ماذا تقولين؟

الزوجة: امسك الورق والقلم واحسب.. لتعرف كم أنا مظلومة معك.

الزوج: لا.. لا داعي للحساب.. حتى في هذا نمسك الورق والقلم ونحسب.. ألا يكفينا حساب أول الشهر؟ وهو كذلك يا سيدتي.. الامتثال أحسن.. لا لزوم للغناء.. سأحلق على الناشف والأمر لله!

الزوجة: إذا كان لا بد من الغناء وأنت تحلق افتح الراديو.. هل تزعم أيضًا أن صوتك أجمل من صوت مطربي الإذاعة؟

الزوج: معاذ الله.

الزوجة تدير مفتاح جهاز الراديو وتقول: أليس من الحماقة أن تغلق الراديو وتفتح فمك؟

الزوج مستسلما: افتحي الراديو.

المذيع يصيح من الجهاز: نحن الآن في ميدان المنشية.. الجماهير محتشدة لتسمع خطاب الرئيس.. أكثر من ربع مليون نسمة تتطلع إلى المنصة.. الزعيم يتكلم.

الزوجة لا تحرك الماكينة وتصغي باهتمام.

الزعيم يرتفع صوته من جهاز الراديو: أيها المواطنون..

الزوج هامسًا: ارفعي صوت الراديو قليلاً.

الزوجة تدير مفتاح الصوت فيرتفع.

الزعيم في الراديو: أيها المواطنون.. سنتقدم وسنعمل للمبادئ والمثل العليا.. بهذا وحده سنبني هذا الوطن، لقد بدأت كفاحي من هذا الميدان لقد خرجت مع أبناء الاسكندرية وأنا طالب صغير أنادي بالحرية والكرامة لبلادي من هذا الميدان.. بدأت أكافح مع من كافح من أبنائكم واستشهد من إخوانكم، وها أنا ذا احتفل في هذا الميدان بعيد الحرية.. عيد العزة.. عيد الكرامة.

الزوجة تصفق بحركة غير إرادية..

وعندئذ تسمع في الراديو صوت طلقات نارية.

الزوج مرتاعا: ما هذا.. ما هذا؟

الزوجة: دوي تصفيق بلا شك.

الزوج: بل دوي انفجار.. دوي رصاص

الزوجة تحدق في جهاز الراديو وتقول: غير معقول!

الزوج يصغي بكل أذنيه..

ويقول: اسمعي.. اسمعي هذه أصوات هرج في الناس.. أتسمعين؟

الزوجة وهي تصغي: رصاص؟ رصاص وهو يشيد لمصر بالعزة والكرامة.. غير معقول؟

الزوج يصغي ويضع سبابته على فمه ويدعو زوجته إلى الإصغاء..

الزعيم صائحا في الراديو: أيها الرجال.. أيها الرجال.. فليبق كل في مكانه.. أيها الأحرار فليبق كل في مكانه.. أيها الرجال.. أيها الأحرار.. دمي فداء لكم.. فليقتلوني.. دمي فداء لمصر.

الزوجة صارخة في تفجع وذعر: قتلوه؟

الزوج شاحب الوجه لا حراك به.

الزعيم في الراديو: أيها الرجال.. أيها الأحرار.. أتكلم إليكم بعد أن حاول المغرضون قتلي.. وإذا كنت قد نجوت..

الزوجة في همس: شكرًا لك يا ربي.

الزعيم في الراديو: إذا كنت قد نجوت من الموت فذلك لأزيدكم عزة وحرية وكرامة. دمي من دمكم وروحي من روحكم ومشاعري من مشاعركم.. أيها الرجال أيها الأحرار.. إذا عشت فأنا منكم.. وإذا مت فروحي ستبقى بجواركم.. إن حياة مصر ليست معلقة بحياتي.. بل هي معلقة بكم أنتم. بشجاعتكم أنتم وكفاحكم أنتم. إن مصر لن تموت. سيروا نحو المجد.. نحو الحرية .. نحو الكرامة.

الزوجة صائحة هاتفة: هذا رجل يريدون قتله؟ سلمت لمصر.. سلمت لمصر.. إني أرتجف.. انظر إلى يدي يا زوجي.. إني أرتجف.. لماذا خرست أنت الآن؟ ماذا دهاك؟ لماذا لا تنطق بشيء؟

الزوج: إني.. إني.

الزوجة: ترتجف كل شعرة فيك.. أنت أيضا.

تلتفت الزوجة إلى صدغه.

وتصيح: يا الهي.. ما هذا الدم.. هذا الدم في وجهك؟

الزوج يتحسس وجهه

ويسألها: أين؟

الزوجة: قطعت وجهك بالموسي وأنت لا تشعر.. انتظر حتى أضمدك.

الزوج يلتفت إلى يد زوجته..

ويسألها: ما هذا الدم.الزوجة وهي تنظر إلى وجه زوجها: في وجهك؟

الزوج: بل في يدك أنت

الزوجة: في يدي؟

الزوج: تركت إبرة الماكينة تنغرس في يدك

الزوجة: لم أشعر.

الزوج: فلنضمد جراحنا معا إذن

الزوجة: قطرات من دمنا سالت ولا شك ساعة أن.. قال.

الزوج: "دمي من دمكم".

الزوجة: أتعرف ماذا جرى لي وأنا أسمعه الساعة يصيح بهذه الكلمة؟

الزوج: اعرف.. لقد حرقت قلبي هذه الكلمة.. ونفذت في قلبي كأنها رصاصة.

الزوجة: نعم.. نعم.. نعم..

الزوج: إن الرصاص لا يصيب القلوب.. ولكنها الكلمات.

الزوجة: دمي من دمكم.

الزوج: كلمة ستبقى.

الزوجة: في قلب مصر.. منذ اليوم.

الزوج: وفي تاريخ مصر.

الزوجة: إلى الأبد! ".

(2)اعترافات الأديب المخدوع

مقتطفات من كتاب "عودة الوعي للأديب، الكبير توفيق الحكيم:

"جعلتنا أجهزة الدعاية الواسعة بطبلها وزمرها وأناشيدها وأغانيها وأفلامها نرى أنفسنا دولة صناعية كبرى ورائدة العالم الثاني فى الإصلاح الزراعي، وأقوى قوة ضاربة في الشرق الأوسط، وكان وجه الزعيم المعبود وهو يملأ شاشات التليفزيون ويطل علينا من فوق منصات السرادقات وقاعات الإجتماعات، ويحكي لنا الساعات الطوال هذه الحكايات ويشرح لنا كيف كنا وكيف أصبحنا، فلا أحد يناقش أو يراجع أو يصحح أو يعلق، فما كنا نملك إلا أن نصدق..".

"كنت أظن أن الشعبية تنبع فقط من القلوب، أو حتى من صور الأماني والوعود والأوهام والأكاذيب، ولكني ما كنت أظن حتى تلك اللحظة أنها يمكن أن تصنع وتؤلف تأليفًا وتوزع لها أوراق هتاف كأنها نوتة موسيقية للألحان".

"ومع ذلك وهنا العجب، كيف استطاع شخص مثلي أن يرى ذلك ويسمعه، وأن لا يتأثر كثيرًا بما رأى وسمع، ويظل على شعوره الطيب نحو عبد الناصر.. أهو فقدان للوعي؟ أهي حالة غريبة من التخدير؟".