تونس وتاريخ الانقلابات الدستورية والأمنية فيها

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
تونس وتاريخ الانقلابات الدستورية والأمنية فيها


إخوان ويكي

مقدمة

تختلف انقلاب تونس عن غيرها من الدول العربية، ففي الدول العربية يحدث الانقلاب عن طريق الجيش (خاصة مصر والسودان والجزائر وسوريا والعراق) أما في تونس فالانقلاب يقوم به أحد الوزراء الأولين بتفسير مواد الدستور على حسب أهوائه، وباستعمال قوات الأمن وليس الجيش. لكن في كلا الحالتين الشعب يسلم بالانتقلاب ويخضع له ولا يحاول مقاومته أبدا حتى ولو كانت المؤسسات منتخبة انتخابا ديمقراطيا حرا من قبله.

تونس هي دولة عربية تقع في شمال أفريقيا يحدها من الشمال والشرق البحر الأبيض المتوسط ومن الجنوب الشرقي ليبيا، ومن الغرب الجزائر، وعاصمتها مدينة تونس. وتبلغ مساحتها (163,6109) كم2. لتونس تاريخ عريق وتأثير في حضارات البحر المتوسط، حتى دخلها الإسلام عام 27 هجرية حيث تم تأسيس مدينة القيروان والتي انطلقت منها الفتوحات الإسلامية حتى عمت كثير من دول شمال إفريقيا ووسطها.

في العصر الحديث كانت من الدول التي وقعت تحت الاستعمار الفرنسي والتي طالت فترة احتلالها لها (ربما) بسبب العسكر الذين حكموا تونس قبل الاحتلال، حيث وقعت في الاحتلال منذ عام 1881م حتى عام 1956م، حيث تولى الحكم من أخذت البلاد بعيدا عن أصولها وحذا بها حذوا الديكتاتوريين الذين انقلب عليه العسكر فحملوا ديكتاتورا أخر حتى كانت الثورة والتي غيبت العسكر عن المشهد حتى ظهروا مرة أخرى في انقلاب 25 يوليو 2021م.

العسكر وانقلابات تونس

تونس من الدول المهمة والاستراتيجية لدول الغرب والتي انطلقت منها كثير من الحملات التي فتحت جزر البحر المتوسط وشكلت تهديدا على الممالك الأوروبية، ولذا وضعها الساسة على رأس أولوياتهم في إضعافها أو السيطرة عليها.

بداية الانقلابات في العسكر الحديث

وقعت تونس في العصر الحديث بين صراعات الدول الكبيرة فبعدما سيطر عليها العثمانيين عام 1533م على يد خير الدين بربروس، عادت أسبانيا لتحتلها عام 1935م وذلك أثناء انشغال الدولة العثمانية بمحاربة الدولة الصفوية في إيران، غير أن الحال لم يستمر إذا استطاعت الدولة العثمانية إعادة تونس إلى حوزتها مرة أخرى عام 1574م في عهد السلطان سليم الثاني.

سمّيت المقاطعة "وجقا أو سنجقا" وهو ما يؤكّد طابعها العسكري وقد انتصب بتونس وبصفة دائمة ما بين 3 آلاف و4 آلاف من عساكر الإنكشارية. كان الدايات ضبّاطا من أصل تركي، استولوا على السلطة بفضل عساكر الإنكشارية. كان للدّايات سلطة واسعة حتّى على الممثّلين الرّسميين للحكم العثماني بتونس مثل الباشا.

وصل الدّايات إلى الحكم بعد ثورة 1591م، فقد اغتنم عامّة الجند الأزمة السياسية والمالية التي كانت تتخبّط فيها إسطنبول، كما اغتنموا ظروف الغضب المتفشّي بين الرعايا. و بذلك أصبح الدّابات أصحاب السلطة الحقيقييّن في تونس، ثم ما لبث أحد الدّايات المتنفّذين وهو عثمان داي أن استولى على الحكم عام 1598 وقضى بذلك على منافسيه وعلى الدّيمقراطيّة العسكرية المباشرة التي كانت سائدة آن ذاك.

إلا أنهم لعبوا على جميع الفئات حتى حظوا بتأييد العلماء والأعيان وكثير من فئات الشعب، وهي أمور تعضد وتقوي أمر أي أنقلاب يحدث. واستمرّ حكم الدّايات إلى منتصف القرن السابع عشر قبل أن ينقلب عليهم البايات عام 1705م بقيادة الحسين بن علي (1705 - 1735 م) قائدا على فرقة الخيالة في الجيش العثماني. لتدخل البلاد تحت حكم عسكري جديد يتقبله الناس أيضا لتوفر الكثير من العوامل التي تساعد الانقلابات على النجاح.

لماذا تنجح الانقلابات في الدول العربية

كثير من العوامل تتوفر في إنجاح أي انقلاب في البلاد العربية كغياب المنهج والفهم الحقيقي لحقيقة الإسلام، وميل الناس في المناطق العربية خاصة إلى الاستقرار والدعة والراحة، وأيضا لخوفهم من البطش أو القتل، مما يدفعهم للتسليم بالأمر الواقع والرضا بمن يحكم حتى ولو استعبدهم طالما واحد من بني جلدتهم.

وهو ما فطن له الاستعمار فعليا بعدما خرج من البلاد العربية في الخمسينيات أنه لن يستطيع حكم البلاد العربية بالأمر المباشر لكره الناس للاحتلال الغربي، فاختار لهم من بني جلدتهم من يحكمهم باسم دينهم وينفذ اجندته وسياسته دون أن يجهد جنوده أو يؤثر على أوضاع بلاده.

من العسكر للاستعمار الفرنسي

نشبت صراعات في دولة البايات بين أفرادها مما دفع دايات الجزائر إلى فرض وصاية على تونس، وظلت كذلك حتى سقطت الجزائر نفسها (كأول دول عربية) تحت السيطرة الفرنسية، والتي امتد حكمها غير المباشر إلى تونس.

كحال الدول العربية كانت التدخل الاستعماري في شئون البلاد عن طريق الأمور الاقتصادية والمالية، وخضع الباي لاملاءات فرنسا (كغيره من حكام الدول العربية الذي خضعوا لاملاءات المستعمر من أجل أن يبقوا في العرش).

وحد الاستعمار الشعب بمختلف أطيافه على محاربة الاستعمار والصدي له بكل السبل. وبالفعل تغيرت المعادلة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية حيث ضعفت فرنسا وتغيرت موازين القوى فبرزت قوى أخرى كأمريكا والاتحاد السوفيتي، وتحت ضعفها وهزائمها في الكثير من مستعمرتها، سعت بالاتفاق مع بقية الدول الاستعمارية على تغير نمط الاستعمار فبدلا من الاستعمار المباشر

وتواجد جوند لها على المقاطعة المحتلة، تعمل على تربية قادة عسكريين (ليس مدنيين) تضع في أديهم مقاليد الحكم وتساعدهم دائما على الاستمرار في الحكم (حتى ولو تخلوا عن مبادئهم الديمقراطية وشعاراتهم الجوفاء عن الحرية) في سبيل ضمان بسط النفوذ بطريق غير مباشر على البلاد وسياستها ومقدراتها.

الخطوة الأولى على طريق الاستبداد

حصلت تونس على استقلالها في 20 مارس 1956م وتولى الزعيم الحبيب بورقيبة السلطة كالزعيم الذي قادة المقاومة والتفاوض مع فرنسا تحت إشراف الأمين باي بن محمد الحبيب إلا أن الحبيب بورقيبة سرعان ما انقلب عليه فى ٢٥ يوليو 1957 حيث تم إلغاء الملكية وإعلان الجمهورية، وتم خلع الملك محمد الأمين باى واختيار الحبيب بورقيبة أول رئيس للجمهورية.

لم يستمر بورقيبة كثيرا على مبادئ الديمقراطية الذي كان يتغنى بها وقت أن كان مناضلا ضد الاستعمار حتى انقلب عليه ونشر الحكم الاستبدادي على الشعب التونسي مستفيدا بالسلطات الأمنية الذي تربى على المبادئ والسياسة الفرنسية التي تعالى مصلحة فرنسا في المقام الأول.

قاد الحبيب بورقيبة انقلابا مكتمل الجوانب ضد الباي حيث سن قوانين جردت الباي من سلطاته، كما جريد أهمّ المقاومين من أسلحتهم، ثم استعمل الحرس لينقض على الحكم (كما فعل قيس سعيد اليوم). لم يستعمل الحبيب بورقيبة القوات العسكرية في الانقلاب، لكن السلطة الأمنية كانت الأداة الطيعة في يدي الحاكم في هذا الانقلاب (وهي نفس الأداة التي استعملها بعد ذلك زين العابدين علي ويستعملها الآن قيس سعيد).

انقلاب زين العابدين بن علي

لم يشفع للحبيب بورقيبة ما قام به من مصادرة حرية الشعب التونسي، ولا معاداته لدين الدولة الرسمي وهو الإسلام، ولا تطبيق التعاليم والمبادئ الغربية الغير متطابقة مع مبادئ وتقاليد الشعب التونسي. لم يشفع كل ذلك في الانقلاب عليه من قبل أقرب الناس إليه وإلى مبادئه، بل وتكون السلطة الأمنية التي اعتنى بها الحبيب بورقيبة وميزها عن غيرها، هى الأداة التي ستكون سببا في هلاك الحبيب بورقيبة واجباره على تنحية من الحكم.

وتذكر الأحداث أنه فى ٣ يناير 1984 اندلعت "ثورة الخبز" بسبب زيادة في سعر الخبز، ولم تهدأ إلا بعد تراجع الحكومة واستدعى زين العابدين بن على من وارسو ليشغل منصب مدير عام الأمن، غير أنه كان يعد العدة للاستيلاء على السلطة بمعاونة السلطة الأمنية.

وفي ٧ نوفمبر 1987 ومع تردى صحة بورقيبة قام زين العابدين بن على بانقلاب سلمى عليه، وأعلن نفسه رئيساً للجمهورية فيما عرف باسم تحول السابع من نوفمبر، حيث استند إلى الفصل 57 من الدستور الذي ينص على أن يتولى الوزير الأول رئاسة الجمهورية في حالة عجز أو وفاة رئيس الجمهورية، حيث كلف بن علي عدد من الأطباء بتجهيز تقرير طبي يؤكد عدم قدرة بورقيبة على ممارسة مهامة في الحكم، حيث اعتمد أساسا على الحرس الوطني بقيادة الحبيب عمار لتأمين حركته.

وكما فعل بورقيبة مع الباي وخصومه من احتجاز، فعل بن علي كذلك وضع بورقيبة رهن الإقامة الإجبارية في ضيعته في مرناق، كما وقع التحفظ في اليوم نفسه على عدة شخصيات موالية لبورقيبة، والغريب أن أغلب القوى السياسية في تونس رحبت بالحركة. وهو ما يقوم به بالضبط قيس سعيد حاليا.

بورقيبة استعمل الحرس لعزل الباي ومحاصرة المناوئين له، والسيطرة على الوضع، والمخلوع استعمل كل أجهزة وزارة الداخلية، التي تدرّب في أحضانها، وساهم في تهيئتها لانجاز الانقلاب منذ كان مديرا للأمن.

النتيجة

الكل يوعد الشعب بالعسل والسمن ورغد الحياة واطلاق الحريات وتحويل البلاد إلى جنة الله في أرضه.. إلا أنه مع مرور الأيام تصبح البلاد قطعه من جهنم، ويعيش الشعب أيام نكبات. فالانقلابات لا تأتي بأي خير أبدا، وقد فطنت لها الدول الغربية . لكن لا ندري لماذا العالم العربي والإسلامي موعود بنكبات الانقلابات العسكرية والأمنية .. ثم يرضخ لها الشعب دون حراك ؟؟؟؟