الفرق بين المراجعتين لصفحة: «جهود الإمام البنا في إصلاح وتطوير التعليم»

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ٣٩٢: سطر ٣٩٢:


3- مجموعة رسائل الإمام البنا، شركة البصائر للبحوث والدراسات، 2006م.
3- مجموعة رسائل الإمام البنا، شركة البصائر للبحوث والدراسات، 2006م.
== موضوعات ذات صلة ==
*[[جهود الإمام البنا في إعداد وتربية الأشبال]]





مراجعة ٠٧:٠٧، ٥ أغسطس ٢٠١٠


جهود الإمام البنا في إصلاح وتطوير التعليم


إعداد / علاء ممدوح


مقدمة

الإمام حسن البنا

على مر عصور و الأزمنة و عبر تاريخ البشرية كلها ...كان العلم من أهم وسائل تقدم الأمم وتحررها... و هو إن غاب سبب تخلفها و تمكن العدو منها واحتلالها ..

ولهذا كان اهتمام الإسلام بشأن العلم اهتماما عظيما ،فأمر الفرد بطلبه و تحصيله ،ومن ثم تعليم غيره و تنويره . . ورغب في ذلك و حث عليه بتبيان عظيم الأجر و جزيل المثوبة التي ينالها الفرد في حياته وحتى بعد وفاته إلى قيام الساعة ...

يقول صلى الله عليه وسلم:"إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث"...وذكر منها "أو علم ينتفع به ".

إن الاهتمام بهذه الوسيلة هو محور هام في تقدم المسلمين ،فلن يستكمل المسلمون تغيير ما بأنفسهم ، ولن تشملهم صحوة ونهضة إلا إذا عملوا على إصلاح شؤون التعليم.


و لقد عرف الإمام حسن البنا التعليم بقوله:

"هو صناعة للبشر--- وصياغة للعقول والوجدان وهو وصل للمعرفة عبر الأجيال--- وغرز للقيم والمعتقدات --- وتمكن من علوم العصر و فنونه--- وإدراك للذات--- وإطلال على شؤون الغير."

ومن هنا يتضح لنا إدراك الإمام لمدى أهمية إصلاح شؤون التعليم من أجل إيجاد جيل من الشباب الذين يعتزون بإسلامهم، و يعملون على إحياء حضارتهم ،و التحرر من قيود الاحتلال بكل صوره في شتى الميادين .. إذ يقول رحمه :

"هل للتعليم و المناهج عندنا غاية تؤدي إليها ؟ وهل هذه الغاية توافق الظروف التي تحيط بالأمة الآن ؟

إننا في حاجة إلى جرأة نمسك معها مبضع الجراح الماهر نقتطع به الزوائد التي يضر بقاؤها، ونطهر الجروح التي تفاقم خطرها، لا بد من تضحية،ولا بد من صيحة قوية، ولا بد من تحوير مجرى النظام الحالي في التعليم من وثبة قوية متزنة يسبقها تحديد الغاية تحديدًا صحيحًا، أما هذا التردد والتهاون فلا تكون نتيجته إلا الانتكاس الدائم والتجارب الفاشلة.

فلتحدد غاية التربية والتعليم، إن مصر...... زعيمة الشرق الإسلامي علمًا وعرفانًا وحضارةً وأدبًا تسير نحو النهوض والرقي والتقدم بخطوات واسعة، وتريد أن تجاري غيرها من الأمم فيما وصلت إليه من درجات في هذا السبيل.

، ولن تكون هذه الغاية إلا (تخريج رجال أقوياء النفوس يعتزون بدينهم .....، ويعملون على إحياء حضارة الشرق وتحريره من القيود الأجنبية الاقتصادية والسياسية)، ولأجل أن نصل إلى هذه الغاية لا بد من تغيير جوهري في الحياة الدراسية: روحها وموادها وأنواعها."

وإيمانا منه بأهمية التعليم لتمكين المسلمين، راح يدرس الواقع عن كثب ليتضح له كيف سيطر العدو بخبثه على مناهج التعليم و هيئاته ..فها هي سياسة دانلوب البريطاني المعروفة في تاريخ التعليم المصري والتي كانت تهدف إلى (إقامة الاحتلال البريطاني و الأوربي في عقول البشر و صدورهم).. وقد تنبه لها الإمام آنذلك و بدأ هو وإخوانه في إعداد خطةعمل مقابلة تهدف إلى:

أولا: معرفة وحصر الوسائل التي استخدمها الاحتلال للسيطرة على شؤون التعليم وبث التغريب و العلمنة في مناهجه للبعد بالعقول عن روح الإسلام.

ثانيا:وضع الوسائل المضادة التي تعمل على بتر هذه الأيادي الخبيثة على كافة المستويات. وفي مايلي استعراض لهاتين النقطتين بشيء من التفصيل .. بداية بالوسائل التي قام بها المحتل.. ثم كيف تصدى لها الإمام البنا رحمه الله:


أولا: وسائل المحتل للسيطرة على التعليم

كانت نُظم التعليم في مصر بل ومناهجه، قد وضعها برمتها، أو أسهم فيها إسهامًا كبيرًا أعداء الأمة الإسلامية من المستعمرين الإنجليز وغيرهم كالفرنسيين، تارةً بما كتبه باحثوهم في توجيه التعليم ونظمه في العالم الإسلامي، وتارةً بواسطة ما افتتحوه من مدارس ومعاهد في كثير من بلدان العالم الإسلامي، وتارة بما لقنوه لبعض المسلمين ممن ذهبوا للدراسات العليا في بلاد الغرب. وقد ترتب على هذا أمور عدة ألا وهي :


أ‌- تقليص التعليم الديني كما وكيفاً

كما: بتقليل مناهجه المدرسية أحيانا وأحيانا أخرى بإلغائه من بعض المدارس..

و كيفا : عن طريق تهميش اللغة العربية ، و التقليل من حفظ القرآن الكريم ..

في نفس الوقت الذي فيه يبرزون اللغات الأجنبية و أهمية تعلمها وتعليمهابحجة مواكبة التقدم و الترقي .

أضف إلى ذلك حربهم الضروس التي وجهوها للأزهر و مؤسساته التعليمية لما له من دور في الحفاظ على الهوية الإسلامية .


ب‌- علمنة العلوم غير الدينية (الدنيوية)

لقد أعدوا برامجهم لإبعاد الإسلام عن أن يكون أساسا لنظام الحياة وأقاموا المدار س التي تؤكد القيم العلمانية و أن ثمة فاصلا بين العلم و الدين .. فكان من نتاج ذلك أن تزاحم في قلوب ورؤوس قسم من الأمة ظاهرة التبعية للفكر الغربي بإقصاء الإسلام عن الحياة العامة و حصره في العبادات .لتتأكد بذلك القطيعة عن دين الأمة و تاريخها بل وعن حاضرهاومستقبلها .

فمن أمثلة تلك العلوم:علم الاقتصاد ،والفلسفة ،و علم الاجتماع ،و الأدب .


ج- بث التعليم التنصيري

وإن لم يكن ذلك صريحا واضحا في بعض الأحيان ولكنه كان موجودا كواحد من طرق المحتل .. ولا تزال بعض الهيئات الأجنبية قائمة في المجتمع حتى الآن، لتزيد من عوامل التفكك والانشطار في المجتمع، في أبنيته الفكرية والثقافية.

ثَمَّ فتح الاستعمار أبواب البلاد أمام الحملات التنصيرية بهدف تشكيك المسلمين في عقيدتهم ودينهم، ونشْر الجهل والتخلف؛ حتى لا تستطيع هذه الشعوب التغلب على المحتل بسبب جهلها، ومن ثَمَّ نشط المبشرون وعملوا بجد ونشاط ونظام، فسيطروا على التعليم وخرَّبوه، وأنشئوا المستشفيات والمستوصفات والملاجئ، كما سيطروا على وسائل الإعلام فشوَّهوا صورة الإسلام، وطبعوا الكتب والنشرات، و. كل ذلك لتشكيك المسلمين في دينهم، ولم يقتنعوا بذلك، بل نشروا الفساد والانحلال في الفنون والمراكز الثقافية.

واستمرت سياسة المحتل الإنجليزي في تفريغ التعليم المصري من أهدافه ومضمونه لتخريج أشباه متعلمين؛ لا يصلحون إلا للوظائف الدنيا, وقد وضَّح ذلك (بالمر ستون) الوزير الإنجليزي بقوله: "لا ترضى إنجلترا أبدًا بتقدم مصر ورقيّها, فكان من الطبيعي أن توضع المناهج على أساس قشورٍ من العلم؛ لا تسمن ولا تغني من جوع, ولا يُقصَد من ورائها إلا تخريج آلات كتابية تقوم بعبء الأعمال الحكومية".

ولقد استمرت السياسة التعليمية الفاسدة التي وضعها القس الإنجليزي دانلوب خلال هذه الفترة، وكانت هذه السياسة تكفل تنشئة دعائم للاستعمار في مصر، وقد تعمدت إهمال القيم الخلقية في المتعلمين، إلى جانب محاولتها تخريج أشباه متعلمين لا يصلحون إلا للوظائف الدنيا.

وقد ساعد على تنفيذ هذه السياسة للمستعمر الإنجليزي طائفة من المصريين الذين نشئوا في ظل هذه السياسة، ونظروا إلى سياسة دانلوب نظرة إجلال وتوقير، على الرغم من اعتراف القس زويمر في مؤتمر عالمي عام 1925م حين قال:

"إن السياسة التي انتهجها"دانلوب" في مصر نحو التعليم ما تزال مثار شكوى؛ لاحتوائها على شوائب كثيرة ضد مقاصد الدين والوطن".

وقد أدى ذلك إلى سيادة روح التغريب في التعليم، وإغفال التربية الخلقية والتراث الثقافي للأمة، وضعف النزعة القومية في مناهج التعليم، بل وعدم وجود سياسة ثابتة ومنهج للتعليم واضح، إضافةً إلى ظهور الازدواجية في التعليم المدني بين مدارس ابتدائية تؤهل للتعليم الثانوي، وأخرى إلزامية وأولية لا تسمح بالترقي التعليمي؛ نتيجة عدم تكافؤ الفرص في التعليم، وكذلك ظهور الثنائية في التعليم المصري بين التعليم الديني ممثلاً في الأزهر والتعليم المدني في المدارس والجامعات والانفصال التام بينهما.


د- العمل على إفساد دور المرأة من خلال مناهجهم التعليمية

وذلك من خلال تدريسها الموسيقى ، والقانون ، واللغات الأجنبية ، و إلحاقها بالمدارس المختلطة.، و إبعادها عن قيم الدين و الأخلاق والحياء، لينشأ من خلالها نشئ يعنى بالكمالي و الضار ،ويترك الضروري و النافع.


ثانيا: الوسائل التي انتهجها البنا على المستويات كافة

أ- المطالبة بإصلاح التعليم الديني بالمدارس الحكومية والأزهرية

أولا في مجال المدارس الحكومية

قام الإخوان المسلمون بقيادة البنا بجهودٍ مختلفة بهدف جعل التعليم الديني مادةً أساسيةً يتوقف عليها نجاح ورسوب الطلاب، وقد تمثلت تلك الجهود في الآتي:

1-قامت لجنة من الإخوان( وكان تشكيل تلك اللجنة بمناسبة تشكيل وزارة المعارف للجنة لإصلاح المناهج)، بإعداد تقرير مُفصل قدَّمته إلى وزير المعارف وأعضاء لجنة المناهج بينت فيه قيمة مناهج التعليم في حياة الأمة والأدوار التي تقلبت فيها المناهج المصرية، بينت حرمان المدارس من التعليم الديني وأثره على المجتمع والأشخاص، ثم قامت برد الشبهات التي يظن البعض أنها تَحُولُ دون دراسة الدين في المدارس. (جريدة الإخوان الأسبوعية- سنة 3- عدد 7).

2-أقنع الأستاذ البنا زملاءه من المدرسين بقضيةِ إصلاح التعليم الديني في المدارس، وقام هؤلاء المدرسون برفع مذكرةٍ إلى وزيرِ المعارف يطالبون فيها بإصلاح التعليم الديني. (جريدة الإخوان الأسبوعية- سنة 3- عدد 11).

3- قام الإخوان بتشكيل وفد من أعيان البلاد، قام بمقابلة كل من الأمير عمر طوسون و كبير الأمناء ورئيس الوزراء و رئيس الوفد المصري وفضيلة الأستاذ الأكبر شيخ الأزهر وسعادة وزير المعارف وعرضوا عليهم مطالبهم في إصلاح التعليم الديني في المدارس ورفعوا إلى حضراتهم عريضة بمطالبهم. (جريدة الإخوان الأسبوعية- سنة 3- عدد 22).

وبعد ذلك تقدمت لجنة المعارف مجلس النواب بتقرير تناصر فيه فكرة جعل الدين مادة أساسية، فرأى الإخوان توريطها وتوريط النواب والشيوخ في هذا الشأن، ووجهوا إليهم الدعوة لحفل تكريمي جامع.

4ـ القيام بحملة برقيات لتأييد قانون جعل الدين الإسلامي مادة أساسية بالمدارس:"وأرسلت شعب الإخوان المسلمين برقيات إلى كُلٍّ من رئيس الديوان الملكي ورئيس مجلس الشيوخ والنواب مؤيدين مشروع القانون بجعل الدين الإسلامي مادة أساسية في المدارس". (مجلة النذير- سنة 2- عدد 22).

- وكان من نتاج تلك الأعمال والجهود المتتالية أن قامت وزارة المعارف بتعديل برنامج التعليم الديني في المكاتب العامة والمدارس الأولية في خطوة للتقدم نحو هذا الهدف..


(جريدة الإخوان الأسبوعية- سنة 5- عدد 1)

حيث صدر مرسوم ملكي بجعل الدين مادة أساسية جاء فيه :

"نحن فاروق الأول ملك مصر..قرر مجلس الشيوخ ومجلس النواب القانون الآتي نصه، وقد صدقنا عليه وأصدرناه:

المادة الأولى: يكون التعليم الديني الإسلامي مادة أساسية في جميع مراحل التعليم الأولي والابتدائي والثانوي والخصوصي للبنين والبنات في مدارس المعلمين.

المادة الثانية: تدرس مادة الدين الإسلامي في جميع سني الدراسة في المدارس المشار إليها في المادة الأولى، ويؤدي التلاميذ الامتحان فيها على سبيل الإلزام، ويكون نجاحهم شرطًا للانتقال من فرقة إلى الفرقة التي تليها، أسوةً بما هو متبع في سائر المواد الدراسية في تلك المدارس.

المادة الثالثة: تضع وزارة المعارف العمومية مناهج مادة الدين الإسلامي، على أن تحقق هذه المناهج قدرًا كافيًا من الثقافة الإسلامية يتفق وحالة كل نوع.

المادة الرابعة: على وزير المعارف العمومية تنفيذ هذا القانون، ويعمل به السنة الدراسية 1939-1940م".

كما اضطر محمود فهمي النقراشي وزير المعارف و تنفيذا لهذا المرسوم لأصدر قرارًا بجعل القرآن الكريم أساسيًّا في المدارس؛ حيث نص القرار على ما يلي:

يعقد امتحان في القرآن الكريم للتلاميذ المسلمين بالمدارس الابتدائية ابتداءً من السنة الدراسية 1940م-1941م، ولا يعد التلميذ ناجحًا إلا إذا حصل على 40 على الأقل من درجة النهاية الكبرى لهذه المادة، ومع ذلك إذا رسب التلميذ في السنة الأولى أو الثانية فإنه ينقل إلى السنة التي تليها، على أن يمتحن في آخر السنة في مقرر السنتين معًا، ولكنه إذا رسب في الامتحان المذكور في السنة الثالثة فإنه لا ينقل إلى السنة الرابعة إلا إذا نجح في الامتحان.

ومن أثار تلك الجهود أيضا أن وزارة المعارف قررت تعديل برنامج تعليم الدين في المكاتب العامة ابتداءً من أول السنة المكتبية الحاضرة حسب ما يأتي: "في مكاتب البنين: القرآن الكريم والدين حصتان في السنة الأولى تعطى منها محادثة في الدين وتحفيظ بعض ما يرد من الآيات الكريمة في دروس الدين للاستشهاد مع تحفيظهم سور الفاتحة والمعوذتين والإخلاص مساعدة لهم على أداء فريضة الصلاة، والطفل مأمور بها في سن السابعة، وأربع حصص في السنة الثانية، وخمس في الثالثة، وست في كل من السنتين الرابعة والخامسة، وفي مكاتب البنات تكون الحصص كما هي عليه في مكاتب البنين تمامًا.

في المدارس الأولية للبنين : القرآن حصتان في السنة الثانية، وثلاث في السنة الثالثة، وأربع في السنتين الرابعة والخامسة، ولا تعطى حصص في السنة الأولى، والدين حصتان في كل سنة من السنوات الخمس، وفي مدارس البنات يكون البرنامج مماثلاً لما في مدارس البنين".


كما تم التركيز على محاربة التغالي في تعليم اللغات الإجنبية والتي تعد وسيلة المحتل في تذويب الهوية الدينية للمسلمين  :

يقول الإمام حسن البنا في ذلك :- تعلم اللغات الأجنبية عنصر حي من عناصر التعليم، ولاسيما وظروفنا وحاجتنا إلى أن ننهل من مناهل الثقافة الأجنبية فيما لا بد لنا منه في نهضتنا شديدة ماسة؛ كل ذلك مسلم لا يختلف فيه اثنان،ولكن الذي نراه غريبًا أن نتغالى في تعليم اللغات، وأن نجعلها أسسًا في المناهج المصرية في كل أدوار التعليم حتى الدور الابتدائي، وإن أية أمة من الأمم مع شعورها بالحاجة إلى تعلم لغة أجنبية لم تغال هذه المغالاة، وفي البلاد الراقية التي تنقل عنها وزارة المعارف كثيرًا من نظمها لا يبدأون تعلم لغة أجنبية إلا بعد مرحلة طيبة من التعليم الثانوي، أعنى في الفرقة السادسة أو السابعة من مراحل التعليم وأساطين المربين تواترت وصاياهم في وجوب تأخير تعلم اللغة الأجنبية إلى سن متأخرة وبعد مرحلة كبيرة، ولكن وزارتنا لم تأخذ بهذا ولا بذاك وهي ماضية في خطتها من المغالاة باللغة الأجنبية إلى حد ينتج أسوأ الآثار. قد يقال: إن للناحية السياسية وللوضع الحالي تأثيرًا في ذلك، ولكنا ونحن نبحث الأمر بحثًا علميًّا كل غرضنا منه الوصول إلى الحقيقة لا يسعنا إلا أن نقرر الواقع، ولاسيما ونحن نسمع الدفاع عن فكرة المغالاة باللغات الأجنبية من أفواه مصرية، ونرى آثار ذلك في المدارس بلجان مصرية.

وقد دلتنا التجارب على سوء أثر المغالاة باللغات الأجنبية في كل أدوار التعليم، وقد وضح ذلك في مظاهر ثلاثة:

أولها: ضعف الطلاب في اللغة العربية- وهي لغتهم الوطنية- ضعفًا مخجلاً مريعًا، فطالب البكالوريا عندنا لا يكاد في المستوى العادي يصحح قراءة الجريدة، ولا يحسن التعبير كتابةً أو كلامًا عما يقصد، وهو أعجز ما يكون عن الاستمرار في التزام اللغة بضع دقائق، بل إنه لا يكاد يدرك كثيرًا من التراكيب العادية في لغته، وهذا قصور غريب أهم أسبابه- فيما نعتقد- تكليفنا الطالب أن يحذق لغتين وثلاثًا في وقت يجب أن يكون كله وقفًا على لغته الوطنية.


وثانيها: ضعف الطلاب في اللغة الأجنبية نفسها، وذلك أن الطالب الغريب على اللغة لا يمكنه إدراك تركيبها ولا سر جمالها ولا تذوق عذوبتها إلا في سن كبيرة بعد نضوج فكره نوعًا من النضوج، وبعد معرفته بأساليب تذوق عذوبة اللغة وجمالها في لغته هو أولاً، لهذا نحن نضع حدًا فاصلاً وسدًّا منيعًا بين الطالب وبين اللغة الأجنبية بتكليفه تعلمها في سن باكرة ويلازمها هذا الشعور في كل أدوار تعلمها، فيخرج من المدرسة قاصرًا في نفس اللغة التي استنفدت معظم جهوده، ولو أننا انتظرنا عليه قليلاً حتى يتم نضوج فكره بعض الشيء ثم قدمنا له هذه اللغة لتناولها بفهم وشغف، ولكان ذلك أكبر مساعد له على النبوغ والتبريز فيها والانتفاع بها.


وثالثها: طغيان اللغات على المواد الأخرى وسلبها نصيبها من حصص التدريس، ففي الوقت الذي تكون فيه حصص التدريس بالمدارس الثانوية أربعًا وثلاثين حصةً تستأثر اللغات بتسع عشرة حصة ويبقى للمواد كلها خمس عشرة حصة في الأسبوع، فانظر أي إجحاف يقع على هذه المواد من المغالاة في شأن اللغات، ولعلك تقول: إن معظم هذه الحصص للغة العربية كلا بل إن تسعًا منها للإنجليزية وأربعًا للفرنسية وستًا للعربية، فانظر بأي مقياس تقيس وزارة المعارف اللغات التي يجب أن يحذفها الطالب المصري.


وقد يقول قائل : إن الوزارة مضطرة إلى هذا؛ لأن التعليم العالي يحتاج من طالبه إلى حذق ومهارة للغة الأجنبية التي تكون بها معظم كتب المواد في المدارس العالية وفي الجامعة فكيف يجمع بينها، وقد نادى بذلك فعلاً ناظر مدرسة الهندسة؟.

والجواب على ذلك: أن هذا لن يكون أبدًا بأن تتخم المناهج الثانوية باللغات، فقد علمت خطأ معاجلة التلميذ بلغة لم يألفها، وإنما تكون بإنشاء أقسام إعدادية للمدارس العالية يدرب فيها الطلبة على اللغة التي يكثر استخدامها في مدرستهم، وبذلك تجمع بين الفائدتين: فائدة العناية بالمواد الدراسية وإفساح المجال لها في وقت التلميذ، وفائدة التقوية اللازمة للطالب في المدارس العليا.


ثانيا في مجال الإصلاح الأزهري

فطن الإمام حسن البنا للسهام المسمومة الموجهة للأزهر كمؤسسة تعليمية إسلامية فقام بصدها بوسائل منها  :

رفع مذكرة تفصيلية إلى فضيلة الأستاذ الأكبر شيخ الجامع الأزهر جاء فيها :

بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الأكبر الشيخ محمد مصطفى المراغي شيخ الجامع الأزهر.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

"وبعد" فأشرف بأن أرفع إلى فضيلتكم مقترحات بشأن الإصلاح الأزهري الذي عقدت عليكم الآمال في إنفاذه بطريقة تحفظ للأزهر صبغته وتعيد للإسلام مجده، وعلم الله أنه ما حدا بي إلى ذلك إلا اعتقادي أن من واجب كل مسلم أن يتقدَّم بالنصح في هذا الأمر الخطير الذي يؤثر أبلغ الأثر في مستقبل الشرق والإسلام، والله أسأل أن يسدد في الإصلاح خطاكم، وأن يؤيد الإسلام بجهودكم، وأن ينهض مصر ومن ورائها العالم الإسلامي على أيديكم وهو ولي التوفيق.

كما جاء في المذكرة بعض الإقترحات التنفيذية ومنها:

(1) مقترحات إدارية

‌أ- تعمل مشيخة الأزهر على ضمِّ مراقبة التعليم الأولي بكل اختصاصاتها إلى الناحية الأزهرية، على أن يتبع ذلك إلغاء مدارس المعلمين الأولية والاستعاضة عنها بقسم إعدادي بعد شهادة (الكفاءة- أو البكالوريا الأزهرية) لتخريج المدرسين بالمدارس الأولية.

‌ب- ضم شعبة البلاغة والأدب الحالية للتخصص الأزهري إلى دار العلوم، والمطالبة بضم قسم اللغة العربية بكلية الآداب بالجامعة المصرية إليهما، ثم يضم الجميع إلى ناحية الأزهر حتى يتوحَّد المعهد الذي يتخرج فيه أساتذة الدين واللغة العربية بالمدارس المصرية.

‌ج- المطالبة بتقرير تدريس الدين في كل مراحل التعليم، وبأن يكون مادةً أساسيةً في كل المدارس المصرية.

‌د- العمل الدائب على إعادة التشريع الإسلامي وجعله القضاء السائد في الأمة، وتبعًا لذلك يضم قسم التخصص الأزهري الحالي في كلية الشريعة إلى كلية الحقوق بالجامعة المصرية، ثم يضمان معًا إلى الأزهر.

(2) مقترحات فنية

‌أ- العناية باختيار مواد الدروس الدينية وجعلها أساسًا في المناهج الأزهرية، مع جعل حفظ القرآن الكريم مادةً أساسيةً يمتحن فيها الطلبة امتحانًا صحيحًا في كل مرحلةٍ من مراحل التعليم الأزهري بحيث يتوقف نيل الطالب الشهادة على إجادة الحفظ.

‌ب- تحرير المناهج الأزهرية من تقليد غيرها من المناهج، والاقتصار في العلوم الرياضية والحديثة مما لا بد منه للأزهري، مع الإلمام بها جميعًا على طريقة التوزيع بين الأقسام والفرق.

‌ج- العناية باختيار المدرسين وترك الحرية للطلاب في الأقسام العالية وفي التخصص في الحضور على من يريدون من الشيوخ.

‌د- ملاحظة أن يكون مدرسو الرياضة والعلوم الحديثة ممن يميلون بفطرتهم إلى البيئة الأزهرية، مع إنشاء قسم إعدادي يلتحقون به مدة معينة يلمون فيها بما لا بد منه من المعلومات الدينية التي تتصل بدروسهم، والتي تحفظ كرامة المدرس وعقيدة الطالب.

- العناية باختيار الكتب المدرسية:

‌و- الاقتصار في اللغات الأجنبية في الأزهر على ما لا بد منه، وذلك بأن تكون في مناهج الكلية المخصصة بنشر الدعوة في البلاد الأجنبية بقسميها العالي والتخصص فقط لا في كل الكليات ولا في الأقسام الأولية والثانوية، وجعلها بقدر الإمكان في أماكن غير أماكن الدراسة الأزهرية، ويجب أن يقوم بتدريسها على أية حال مدرسون مسلمون.

‌ز- مراعاة القصد في البعوث الأزهرية إلا أن يكون ذلك بين الشعوب الإسلامية التي يريد أهلها أن يتعلموا الإسلام عن طريق الأزهر.

‌ح- العناية بالتربية والإصلاح الخلقي الذي يقوي في الأزهري خلق الرجولة الكاملة، وذلك بأن تكون دراسة الدين في الأزهر علمية وعملية.

‌ط- الزي الأزهري يجب أن يبقى كما هو، أو يتقرب أكثر من ذلك إلى الشكل العربي، أما إدخال الأزياء الإفرنجية بالأزهر فجريرة لا يعلم مدى سوء أثرها إلا الله.

ذلك بعض ما أردنا أن نتقدم به من مقترحات فنية وإدارية، وفيما يلي كلمة تفسيرية نلم فيها بالغاية من ذلك والله ولي التوفيق.


(3) مذكرة تفسيرية لهذه المقترحات

مهمة الأزهر ومنزلته: الأزهر أقدم جامعة في العالم الإسلامي بل في العالم كله، وقد أكسبته الحوادث صبغة جعلت منزلته في القلوب سامية، وأثره في توجيه الفكر الشرقي بالغًا، ينفر الطلاب إليه من كل فرقةٍ ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون.

وقد أدرك خصوم الإسلام هذه الحقيقة فجعلوا في برامجهم النيل من الأزهر والكيد له ومهما قال الناس عن المهمة التي وكل إلى الأزهر أداؤها والقيام بها في مختلف الأعصار والحوادث، فقد انتهت هذه المهمة في العرف وفي الحقيقة الواقعة إلى أمرين لا نزاع في أنهما مهمة الأزهر (أولهما): تعليم المسلمين أحكام الإسلام ونشرها بينهم. (وثانيهما): تعميم الدعوة الإسلامية بين غير المسلمين.

لهذا يجب أن يكون الإصلاح في الأزهر قائمًا على أساس الوصول إلى أداء هذه المهمة حق الأداء، وإنما يكون ذلك بتقوية الطلبة إلى أقصى حد في علوم الدين الغايات منها والوسائل، وتجهيزهم بكل المعدات اللازمة للمعلم الداعية، مع إيجاد الميادين اللازمة لأداء هذه الوظيفة.


كيف يكون الارتباط بين حلقات السلسلة الأزهرية؟

أولاً: يجب أن يضم التعليم الأولي بكل فروعه إلى ناحية الأزهر، وتجهز مناهجه بكيفية تجعلها وثيقة الرابطة بالمناهج الأزهرية، فتضم المكاتب الإلزامية إن بقيت والأولية إن عادت إلى ناحية الأزهر، وتلغى مدارس المعلمين الأولية وتحضيريتها ويستعاض عنها بحملة شهادة الدراسة الثانوية القسم الأول أو الثاني بالأزهر، بعد أن تكون هناك فترة يعدون فيها للقيام بمهمة التدريس بالمدارس الأولية، ويمنحون بعدها إجازة تخولهم هذا الحق وتقوم مقام كفاءة التعليم الأولي الحالي، وبذلك تتحول كل اختصاصات مراقبة التعليم الأولي إلى الناحية الأزهرية، ونكون قد استكملنا بذلك النقص الحالي في كل منهما، فجعلنا للتعليم الأزهري أساسًا متينًا من هذه المدارس الأولية، وجعلنا للتعليم الأولي نهاية طيبة لمَن شاء أن يتم دروسه من التعليم الأزهري.

ثانيًا: تعتبر كل كلية في الأزهر إعدادًا للمرحلة التي تليها من مراحل الأزهر، فكلية اللغة العربية تجهز للتخصص الذي يقوم بدراسة اللغة العربية في كل المعاهد المصرية بعد أن تضم دار العلوم إلى هذه الشعبة،

وتقتصر كلية الآداب بالجامعة المصرية على الأقسام الحالية بها غير قسم اللغة العربية حتى لا يكون هناك تضارب بين نظام الجامعتين ، وتكون كلية الشريعة إعدادية لشعبة التخصص الذي يوكل إليه أمر القضاء، وعلى الأزهر أن يسعى سعيًا حثيثًا في إقناع السلطات المختصة بوجوب العودة إلى التشريع الإسلامي، وحينئذٍ تضم إليه كلية الحقوق وتمتزج بكلية الشريعة، وتحديد مهمة كل جامعة من الجامعتين تحديدًا دقيقًا، وتكون كلية أصول الدين إعدادية لقسم التخصص، وهو القسم الخاص بالإمامة والخطابة والوعظ والإرشاد في البلاد الإسلامية وبالدعوة الإسلامية خارج البلاد.

وتتميمًا لهذا الوضع يجب أن ينادي الأزهر بتعميم تدريس الدين في المدارس المصرية، وجعله مادةً أساسيةً في كل مراحل التعليم يقوم بتدريسها مدرسو اللغة العربية.

وقد يبدو هذا الوضع بعيدًا أمام الذين يتناسون الحقائق ويغفلون صالح الأمة، أما الذين يضعون نصب أعينهم أن دين الدولة الرسمي هو الإسلام ، والمصريون أمة تعتز بدينها وتحافظ عليه، وأن الأزهر هو محط آمال المسلمين في الإصلاح الإسلامي، الذي يعتقد هذا يرى هذا الوضع هو ما يجب أن يعمل له كل مسلم غيور.

إصلاح المناهج في الأزهر :

ننتقل بعد ذلك إلى ناحية إصلاح المناهج في الأزهر الشريف؛ وذلك إنما يكون بحسن اختيار المواد الدراسية، وبحسن اختيار المدرسين وإعدادهم، و حسن اختيار الكتب الدراسية .

فأما من الناحية الأولى:

فقد أجمع المربون على أنَّ أولَ أساسٍ يجب أن ينظر إليه في اختيار المواد الدراسية الغاية التي يُجهَّز لها الطالب.

والغاية التي يجهز لها الطالب في الأزهرهي تعليم الناس الدين ونشر دعوة الإسلام بينهم، وعلى هذا يجب أن يلاحظ في مواد الدراسة الأزهرية هذه الملاحظات:

‌أ- العناية بالدروس الدينية عناية تجعل الطالب الأزهري ضليعًا فيها، ملمًّا بأصولها، جيد الملكة في تذوقها، وبذلك نحرص على كرامة الأزهر وصبغته الإسلامية التي يجب أن تظل خالدةً فيه.

‌ب- تحرير مناهج الأزهر من تقليد المدارس المدنية الذي خضعت له في العهد الأخير، والذي نجم عنه شحن المناهج بالعلوم المدنية على طريقة تحول بين الطالب وبين هضم إحدى الناحيتين، بل يجب أن يكون تدريس هذه العلوم في الأزهر بقدر وكيفية تجعلها لا تطغى على الصبغة الأزهرية، ولا تعوق الطلبة عن التضلع في الناحية الدينية، مع الإلمام بأكبر قدر ممكن منها، ليس الأزهر مدرسة للهندسة ولا للزراعة ولا للتجارة ولا للطب ولا للرياضيات، ولكنه مدرسة التعليم الديني قبل كل شيء ولا نمانع في أن يدرس الأزهريون كل المواد، وأن يأخذوا من المعارف العامة بالنصيب الأوفى الذي يؤهلهم لفهم بيئتهم، ودراسة العصر الذي يعيشون فيه دراسةً تمكنهم من حسن الاتصال بالناس وإفادتهم ، ولكن الذي نمانع فيه أن تحول هذه الدراسة دون المقصد الأول وتصبغ الأزهر بصبغة غير صبغته ولون غير لونه.

وإنما نصل إلى الجمع بين تدريس العلوم الرياضية في الأزهر وعدم طغيانها على صبغته الصحيحة بأن تكون هذه العلوم في المناهج على سبيل التوزيع، ففي الأقسام الأولى مثلاً تدرس مبادئ الرياضة من حساب وهندسة ورسم وما إليه، وفي الثانوي يزاد عليها ما يمت إليها بصلة كالطبيعة والكيمياء والجبر، ويضاف إلى ذلك مبادئ التربية وعلم النفس، وكل ذلك بقدر شامل موجز، وفي الإعدادي لإجازة التعليم الأولي يتوسع في دراسة المواد التي تتصل بصناعة التعليم كالتربية علمًا وعملاً، والمنطق وعلم النفس، وتدبير الصحة وهكذا، وفي كل كلية يتوسع في دراسة ما يمت إلى مهمة هذه الكلية بصلة، وبذلك نجمع بين التعميم والاختصاص.

وإذا كنا لمسنا ناحية حاجة الأزهري وهو طالب الإسلام إلى هذه العلوم، فأحرى بنا أن نلمس حاجة غيره من طلبة المعاهد الأخرى المدنية إلى تعلم الإسلام، فمما لا شك فيه أن حاجة الأزهري إلى هذه العلوم المدنية أقل من حاجة طالب الطب وطالب الهندسة وطالب الزراعة وطالب التجارة وطالب الرياضة إلى الدين، ولهذا كان من أوضح العدل أن يلح الأزهر في وجوب تعميم دراسة الدين في كل هذه المعاهد.


وأما عن الناحية الثانية وهي إعداد المدرسين وحسن اختيارهم:

فأمامنا لذلك عدة وسائل، فأما من حيث المدرسين الحاليين فإن إصلاح شأنهم يكون في ترك الحرية للطلاب في الكليات وأقسام التخصص في الحضور على الشيخ الذي يريدون حضور درسه، وإذن فسيكون هناك تنافس بين الشيوخ في الإجادة والإفادة ويكون البقاء للأصلح،وأما من حيث المدرسين في المستقبل فإن إصلاح المناهج كفيلٌ بإصلاح شأنهم بعد الوقت المناسب.


وأما مدرسو المدنية: الرياضة والعلوم، فقد لوحظ أن كثيرًا منهم لا يتصل بالبيئة الأزهرية إلا بصلة الارتزاق فقط، وهو مع ذلك متبرم بها، ولذلك أثره البالغ في التقصير في أداء مهمته، كما لُوحظ أن كثيرًا منهم يجهل البسائط في الدين، ويجيب على ما يوجه إليه من أسئلة في الموضوعات الدينية التي قد يكون لها مساس ببعض موضوعات فنية إجابةً مضحكةً أو مشككة، مما يجعل منزلته في نفس الطالب الذي يتلقى عنه ضئيلة هزيلة، ولإصلاحهم يجب أن تعنى الإدارة باختيارهم ممن يميلون بفطرتهم إلى بيئة الأزهر، ثم ينشأ قسم إعدادي يلتحقون به فترة قبل مزاولتهم التدريس يلمون فيه بما لا بد منه للمدرس من المسائل الدينية، على أن يكون هذا نظامًا مؤقتًا حتى تثوب المدارس المدنية إلى الرشد وتعنى بشأن الدين.


أما الناحية الثالثة: وهي العناية باختيار الكتب، فقد ألمَّ بها باحثون كثير على أثر ما لوحظ من عناية الكتب المتداولة بالألفاظ والجدل أكثر من عنايتها بالعلم والملكات، وإنما يكون إصلاح هذا النقص بالعودة إلى بعض كتب المتقدمين الدسمة المليئة بالعلم في سهولة ودقة بحث،وبأن تؤلف لجان فنية مهمتها الانتقاء والاختيار وإمداد الأقسام الأزهرية بالمصنفات التي تنتج دراستها غزارة العلم وقوة الملكة.


ملاحظات عامة:

‌أ- البعوث الأزهرية التي يقصد منها تثقيف أبناء الأزهر يجب أن تضيق دائرتها وتقتصر فيها على قدر الحاجة، على حين يجب الاهتمام كل الاهتمام بتوسيع دائرة المبعوثين إلى الشعوب الإسلامية لتعليم أبنائها الإسلام.

ب- الزى الأزهري يجب أن يبقى عربيًّا، وإن كان ولا بد من تعديله فإلى ما يقربه من ناحية العروبة أقرب مما هو الآن، فكلما تعمق الزي الأزهري في عروبته زادت مهابة أبنائه وصلحت بذلك نفوسهم، أما أن يصرح للأزهريين بارتداء الملابس الإفرنجية أو خلع العمائم فتلك جناية على الأزهر تعقبه أسوأ الآثار.

‌ج- مما يشرف الأزهر ويرفع من شأنه في العالم الإسلامي أن يعنى بشأن ضيوفه من الطلبة غير المصريين عناية تسهل عليهم الاستفادة منه من جهة، وتجعل الأزهر يجني من وجودهم بمصر أطيب الثمرات من حيث الارتباط المنشود بين مصر وبقية الأقطار.

بقيت بعد ذلك مسألة تبعية الأزهر، وكل ما نرجو أن يلاحظه أولو الأمر فيها وجوب استقلال الأزهر استقلالاً تامًا عن مهاب الزوابع والأعاصير، وإبعاده كل الإبعاد عن التورط في الشئون السياسية والحزبية التي ليست من مهمته.

ولعلي بذلك أكون قد أديت أمانتي وقدمت نصيحتي، والدين النصيحة، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.) انتهت مذكرة البنا.


ومن وسائل البنا في إصلاح التعليم الأزهري أيضا محاربة التغالي في تعليم اللغات وتهميش اللغة العربية :

فقد تصدى البنا لهذا الأمرفقام بالآتي :

أولا :بالنسبة للتعليم الأزهري:

دعا إلى الاقتصار في اللغات الأجنبية على الضروري فقال :

"إن إدخال اللغات الأجنبية في مناهج الأزهر ضرورة اقتضتها مهمة الأزهري في تعميم دعوة الإسلام، فنحن لا ننكر على المناهج الأزهرية اشتمالها على هذه اللغات، ولكن الذي نريد أن نحرص عليه الاقتصار في دراستها على القدر الضروري الذي دعت إليه الحاجة، بحيث لا تكون هذه اللغات في أقسام الأزهر كلها، إذ لا ضرورة تدعو إلى ذلك، ولكن تكون في القسم الذي يخصص للدعوة وهو كلية أصول الدين، وبذلك نحفظ للأزهر صبغته الإسلامية الشرقية، أما إذا عممت في أقسام الأزهر فستزاحم قطعًا المواد الأساسية التي هي مهمة الأزهر الأولى، وتصبغه بصبغة ليست منه في شيء، وتكون وسيلة إلى أن يتسرب إلى الأزهر مدرسون أجانب عن بيئته حقيقة أو مجازًا، فيكون لذلك في نفوس أبنائه أسوأ الآثار.

وحبذا لو كانت دروس اللغات في ناحية غير الناحية الأزهرية، بأن ينشأ قسم خاص يلتحق به من توكل إليه مهمة الدعوة، ويتفرغ فيه لدراسة اللغة التي سيقوم بالدعوة بين أبنائها، أو بأن يكون ذلك في فصول ليلية، وكل ذلك حرصًا على الصبغة التي لزمت الأزهر منذ أكثر من ألف سنة."


ب- جهوده في مواجهة حملات التنصير

اعتنى الإخوان بقيادة الإمام حسن البنا بالتصدي للإرساليات التنصيرية ومدارسهم، وناشدوا وزارة المعارف للتصدي لهذه الأمور، وكتب الإمام البنا إليه يستحثه على نشر التعليم الديني لمواجهة طوفان التنصير الذي ابتليت به البلاد فقال:

"يا صاحب المعالي..إن من نافلة القول أن نبيِّن ما لعلوم الدين من حسن التأثير في النفوس، وحثها على التمسك بأهداب الفضائل وتربية ملكات الخير فيها، وعصمتها من الوقوع في القبائح وصرفها عن منازع الشر، وأن الواجب على كل مسلم ومسلمة أن يُعنَى بمعرفة دينه المعرفة الصحيحة؛ حتى يمكنه أن يؤديَ ما يجب عليه لله تعالى وللناس، وأن التلاميذ والتلميذات ودائع في يد وزارة المعارف، وهم رعيتها، وكل راعٍ مسئول عن رعيته؛ فالضرورة تقضي بأن تُعنَى بتعليمهم ما يتعلق بأمر دينهم، كما تُعنَى بتعليمهم ما يتعلق بأمر دنياهم .

ولا يمكن أن يؤتيَ درس الدين ثمرته والحال على ما نرى؛ يحضر التلميذ هذا الدرس وهو يعلم أنه درس اختياري يقذف بدرجته في ذيل الجدول، كدرجة الألعاب الرياضية؛ لا تقدم ولا تؤخر، ولا يترتب عليها رسوب ولا نجاح؛ لهذا نرجو ونلحف في الرجاء أن تولوا الدين الإسلامي عنايتكم بجعله مادةً أساسيةً؛ يشعر المقصر فيه أنه مؤاخذ على تقصيره، والمجتهد أنه مكافأ على اجتهاده.

وبديهي أنه لا يبعث المعلم والمتعلم على الاهتمام بالدرس إلا الرغبةُ في حسن النتيجة أو الرهبة من سوئها؛ فإذا لم يكن لمادة الدين تأثير في النتيجة فقد ضاع الاهتمام به، وليس من المفيد تقرير مادة مهمة كمادة درس الدين بدون أن يضمن جني ثمارها، ولسنا مغالين في هذا الطلب؛ لأن المدنية الأوروبية الحالية تعتبر الدين علمًا أساسيًا، ولا يصح أن يكون الإسلام عندنا أقل اعتبارًا من غيره عند غيرنا، كما لا يصح أن يكون الدين الإسلامي إضافيًا في أهم قطر إسلامي تقصده جميع الأقطار الإسلامية لتلقي العلوم الدينية.

وهذا كله يبشر بإزالة أسباب الفوضى والضلال والرشوة والاختلاس وجميع الرذائل، وإحياء الفضائل وحفظ الأمن والآداب والنظام والعدل في الأحكام، وموجبٌ لارتقاء الأحوال الاجتماعية والاقتصادية، وتضامن الأمة مع الحكومة وتبادل الثقة، وحسن المعاملة بين الأفراد والجماعات؛ فتسعد الأمة سعادةً حقيقيةً، ويسرنا جدًّا أن يحصل هذا الخير العميم على أيدي معاليكم المباركة".

ولقد طالب الإخوان بعدة أشياء للتصدي لهجمة التنصير الشرسة ومن ثم إصلاح التعليم منها :

أولاً: العناية الجدية ببث روح الدين والأخلاق في نفوس الطلاب جميعًا.

ثانيًا: انتداب المحاضرين أو المرشدين النابهين الأخصائيين في علوم الدين والأخلاق من رجال وزارة المعارف والأزهر الشريف والهيئات الإسلامية العاملة؛ لإلقاء محاضرات "خلقية" حرة على الطلاب، في أوقات فراغهم خلال اليوم المدرسي، وفق نظام خاص يوضع لذلك.

ثالثًا: زيادة عدد الدروس المقررة للدين والأخلاق في المدارس الابتدائية والثانوية؛ بحيث تصبح ثلاثًا في كل فرقة على الأقل، وجعلها داخل الجدول لا خارجه، مع التشديد على أن تصرف فيما وضعت له.

رابعًا: تعميم هذه الدروس في كل سني الدراسة في التعليم الثانوي إلى السنة الخامسة التوجيهية؛ فلا تقتصر على السنوات الثلاث الأولى فقط، كما هو الشأن الآن، وتقريرها في كل أنواع التعليم الفني والصناعي والتجاري.

خامسًا: إلقاء محاضرات دورية بنظام خاص في فلسفة التشريع الإسلامي وسمو مقاصده على طلاب الجامعة والمدارس العليا.

سادسًا: تخصيص درس من دروس المطالعة في كل مراحل التعليم لإجادة القراءة في المصحف الشريف.

سابعا: كتابة منشورات تحذر الناس من سموم المنصرين

ثامنا : قاموا بإيجاد البديل أمام الأهالي وأولياء الأمور،فأنشؤا العديد من المدارس الإسلامية خاصةً في بعض المناطق التي لا يوجد بها سوى مدارس الإرساليات التنصيرية ، كما هو الحال في الصعيد.

تاسعا : كما طالب الإخوان الأهالي الذين يرسلون أبنائهم إلى هذه المدارس التنصيرية ، أن يخافوا على أبنائهم ويُلحقوهم بالمدارس المصرية المسلمة.

واستمر الإخوان في الضغط لمقاومة التنصير فتم اقتراح مشروع قانون يحرِّم التنصير،والذي نوقش في عام 1940م في مجلس الشيوخ .

وإزاء هذا الأمر أبدت المؤسسات التنصيرية قلقها من هذا المشروع الذي إن أقر كقانون فسيؤدي إلى استحالة قيام تلك المنشآت التعليمية بعملها في التنصير .

ولم تقف نظرة الإخوان المسلمين لإصلاح العملية التعليمية عند إدراج الدين ضمن المناهج المدرسية الأساسية، وإن كان ذلك من المطالب الرئيسة لهم، لكن لأن فَهْم الإخوان لأمور الحياة وقضايا المجتمع فَهْمٌ مستمد من رؤية الإسلام الشاملة،بل تعرَّض البنا و إخوانه لكافة أنواع التعليم في مصر نظريًّا وعمليًّا بتقديم الحلول لمختلف مشكلات التعليم آنذاك حتى يمكن الارتقاء بالعلم والتعليم في مصر.


ج- جهوده في مجال التصدي لعلمنة العلوم الدنيوية

لقد حرص البنا على استعادة نظرة الإسلام - في عدم الفصل بين الدين و الدنيا- في قلوب و رؤوس الناس . وذلك من خلال ما سبق ذكره من جهود في مجالي الإصلاح الديني ، و التصدي لحملات التنصير .


د- العمل على الحفاظ على دور المرأة من خلال مناهج التعليم الموافقة للإسلام

لم يغفل الإمام حسن البنا عن الدور العظيم الذي تقوم به المرأة المسلمة لإصلاح المجتمع بأسره ويقول في ذلك :

"والأم إذا صلحت فانتظر من ابنها أن يكون رجلا بكل معنى كلمة الرجولة وأنت إذا استقرأت تاريخ العظماء وجدت أن السر في عظمة الكثيرين منهم ما بثته فيه الأم من المبادئ الصالحة القويمة بحكم اللبان والتلقين .. وما كان على بن أبى طالب كرم الله وجهه في حبه للحق وغيرته عليه ومناصرته للرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا معاوية في حلمه ودهائه ، ولا عبد الله بن الزبير في شجاعة نفسه ، ولا الزبير نفسه في ذلك إلا سرا من أسرار فاطمة بنت أسد ، وصفية ابنة عبد المطلب ، وأسماء بنت أبى بكر ، وهند بنت عتبة"

من أجل ذلك أولاها عناية خاصة ، فدعا إلى :

1- تزويدها في المدارس بالقدر الوافر من الدين والخلق ، وإفساح المجال في مناهج دراسة البنات للبحوث البيتية وتراجم فضليات النساء اللاتي كن مضرب المثل في الخلق الفاضل في زمنهم كنسيبة بنت كعب، و أسماء بنت أبي بكر ، و صفية بنت عبد المطلب ، و غيرهن كثير ممن حفل التاريخ الإسلامي بأخبارهن .

2- منع الاختلاط في التعليم ، وفي ذلك يقول : "و لكي نحقق هذا الهدف لابد من العمل على إيقاظ ضمير الفرد، و تربية شخصيته ، وتعزيز ثقته بنفسه ، وتثقيف عقله ، و اعداده ليكون فردا صالحا رشيدا ، وهذا يستدعي أن تكون للبنت مدرستها ، و للولد مدرسته ، وذلك لتحقيق المزايا التربوية و الخلقية التي تتعلق بسلامة تكوين الشخصية و تكاملها ".

ولهذا نجد الإمام البنا قد أنشأ معهد حراء للبنين ، و مدرسة أمهات المؤمنين للبنات ومعهد حراء هو أول معهد بناه الإخوان المسلمون بالإسماعيلية، وكان مقره فوق مسجد جمعية الإخوان المسلمين بالإسماعيلية، وقد قام الإمام الشهيد بوضع مناهج تلك المدرسة وَفق أحدث طرق التعليم في العالم.

أما أوقات الدراسة فكانت تتماشى مع مواقيت الصلاة؛ فتبدأ في وقتٍ مبكرٍ، وتنتهي الفترة الأولى قبل صلاة الظهر؛ حيث يؤدي التلاميذ جميعًا الصلاة مع الجماعة في المسجد، ويعودون بعد الغداء وقبيل العصر ليؤدوا الصلاة في جماعة أيضًا.

وكان منهاج المعهد التعليمي ذا ثلاث شعب:

  • القسم الأول: يتماشى مع منهاج المدارس الأولية الكاملة؛ ليجهز التلميذ للأزهر والمعاهد الدينية.
  • القسم الثاني: يتماشى مع المدارس الأولية أول النهار ومع المدارس الصناعية آخره؛ فيتوجه الطلاب بعد الغداء إلى مصانع وورش أهلية يديرها إخوان تعهَّدوا بتعليم هؤلاء الطلاب الصناعة بإشراف المعهد ورجاله وفق نظام خاص.
  • والقسم الثالث: يتماشى مع منهاج المدارس الابتدائية الأميرية ليجهز للثانوية، فالعليا، وهكذا.

أما المصروفات المدرسية فكانت مناسبةً ليس فيها إرهاق، وزيدت نسبة المجانية بحسب ظروف أولياء أمور الطلاب، واستقدم للمعهد نخبة من المدرسين والفنيين ذوي المؤهلات والشهادات العالية.

وبعد استقرار العمل في معهد حراء للبنين أنشأ الإخوان مدرسةً للفتيات سُمِّيت مدرسة أمهات المؤمنين، واستأجر الإخوان لها دارًا فخمةً مناسبةً، ووُضع لها منهاج عصري إسلامي؛ يجمع بين أدب الإسلام وتوجهه السامي للفتيات والأمهات والزوجات وبين مقتضيات العصر ومطالبه من العلوم النظرية والعلمية، وانتدب لنظارتها الأخ الأستاذ الشيخ أحمد عبد الحميد، وقام بالتدريس فيها فتيات من الإسماعيلية ممن تخصصن في التدريس.

ثم توالت بعد ذلك إقامة المدارس الإخوانبة مثل :

  • المدرسة الخيرية الإسلامية الابتدائية بمغاغة.
  • المدرسة الإسلامية الابتدائية للبنات بطما.
  • مدرسة الإخوان المسلمين بفاقوس.
  • ثم قامت شعبة شبراخيت ببناء مدرسة على نفس الطراز السابق،ثم أنشأت أبو صوير مدرسة ابتدائية أخرى، وأتمت المحمودية عدة مدارس على غرار المدارس الإسلامية العلمية، ومثلها في المنزلة- دقهلية.

ومن ضمن المدارس أيضًا مدرسة الإخوان الابتدائية بأبي كبير، والتي حضر حفل افتتاحها الأستاذ حسن البنا؛ حيث احتشد عدد كبير من الناس والنظار, وبدأ الحفل بالقرآن الكريم ثم كلمة الأستاذ عبد البديع صقر ناظر المدرسة.


هـ- جهود الإمام البنا في تثقيف عوام الشعب و محو أميتهم

لقد اهتم الإخوان بكل فئات الشعب، فكما أنشئوا المدارس أنشئوا دُورَ محو الأمية لتعليم العمال و الفلاحين و غيرهم ، ونجح فيها الإخوان نجاحًا عظيمًا؛ فقد أقام الإخوان في كل شعبة مدرسة ليلية هدفها الأساسي محو الأمية الدينية التعليمية؛ حيث يجتمع العمال والفلاحون فيها وكانت أول مدرسة في هذا هي مدرسة التهذيب التي أقامها الإمام الشهيد في الإسماعيلية، ثم أقيمت بعد ذلك مدارس ليلية لتعليم الكبار في العديد من الشعب؛ نذكر منها المدرسة الليلية في أبو صوير.

كما قرَّر مكتب الإرشاد العام للإخوان المسلمين بالقاهرة فتح قسم للتعليم الليلي مجانًا بالمركز العام ودعت راغبي الالتحاق إلى التقدم بطلباتهم.

وافتتح قسم البر والخدمة الاجتماعية معهدًا للدراسات الشعبية في شعبة عابدين، واحتوى هذا المعهد على فرعٍ لمكافحة الأمية, وفصول لتحفيظ القرآن الكريم,ولقد نشط فرع مكافحة الأمية بالشعبة، فأنشأ مدرسةً ليلية بلغ عدد المتقدمين إليها ما يزيد عن 300 دارس.

وفي قنا وأسوان أنشأ الإخوان قسمين لمكافحة الأمية: أحدهما نهاري، والثاني ليلي، كما فتح قسم البر والخدمة الاجتماعية بشعبة الجمالية فصولا لمحو الأمية وكان يقوم بالتدريس فيها نخبةٌ من الإخوان المثقفين.

وافتتح الإخوان المسلمون بالقرين شرقية قسمًا لمحو الأمية، وكان الإقبال عليه شديدًا لحسن نظامه ورغبة الأهالي في القضاء على الأمية.


الخاتمة

لقد حمل البنا وإخوانه على عاتقهم مسؤولية إصلاح العملية التعليمية باعتبارها العمود الفقري لبناء الأمة ووضعوا نصب أعينيهم هذه المسؤولية ،و لقد كان ما ذكرناه بهذا المقال صورةً مصغرة من جهود البنا و إخوانه لإصلاح التعليم،ظهرت فيه بجلاء ملامح هامة لهذا الأمر تمثلت في :

توحيد النظام التعليمي من مؤسسات ومناهج بالإضافة إلى إصلاح التعليم الديني في المؤسسات التعليمية الحكومية و الأزهرية وذلك من خلال النجاح في جعل المواد الدينية تدرس كمادة أساسية في جميع مراحل التعليم وزيادة الاهتمام بتحفيظ القرآن الكريم و عودة الاهتمام باللغة العربية ، وتراجع بريق أولوية دراسة اللغات الأجنبية الأخرى والعمل على محو أمية العمال و الفلاحين وكل من فاتته فرصة التعليم فضلا عن محاربة بث التنصير في المؤسسات التعليمية بوسائل فعالة و متعددة والاهتمام بتعليم المرأة وفق تعاليم الشريعة الإسلامية .. فكانت بحق جهود عظيمة أفاد منها كثير من أبناء الأمة.. فرحم الله إمامنا البنا وجزاه خيرا على ما قدم من نفع علمي وجهد عملي .


المراجع

1- محمود عبد الحليم، الإخوان المسلمون.. أحداث صنعت التاريخ، دار الدعوة، 1998م.

2- جمعة أمين عبد العزيز، أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين، دار التوزيع والنشر الإسلامية.

3- مجموعة رسائل الإمام البنا، شركة البصائر للبحوث والدراسات، 2006م.

موضوعات ذات صلة