جولة في فكر المستشار عبد الله العقيل

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
جولة في فكر المستشار عبد الله العقيل

محمد الدسوقي

ليس بإمكاني الزعم بقدرتي على الإحاطة بفكر فضيلة الشيخ عبد الله العقيل - الأمين العام المساعد لرابطة العالم الإسلامي لشؤون المساجد - فالرجل متعدد الاهتمامات، قادر على توزيع نشاطه بدقة في عدة مجالات مهمة في حياة الأمة.

إذا سألته عن مسيرة الدعوة جاءتك إجابات خبير مجرب، يصل بدقة إلى موضع الداء، ولا يتركك قبل وصف الدواء الناجع.

وإذا عرجت معه بالحديث عن اقتصاديات الأمة، فكلمات الرجل تنساب انسيابًا، لتحدد في دقة وبراعة السبيل إلى خروج الأمة من أزماتها.

يدرك أهمية وسائل الاتصال في حياة الناس، ولا يمل طرح المعالجات، ويقترح البرامج والخطط للإفادة من وسائل الإعلام الحديثة في خدمة الدعوة.

وهو أيضًا كاتب ومفكر وأديب، يؤمن بأهمية الكلمة الطيبة في حياة الناس، ويرفض أدب الإباحية، والتحريض على الشر.

وهذه الرحلة نقتطف فيها بعضًا من فكر الرجل.

لا يمل فضيلة الشيخ عبد الله العقيل تأكيد أهمية العناية بإحياء دور المسجد المؤثر في حياة المسلمين، ذلك الدور الذي تربى من خلاله المسلمون الأوائل على حسن فهم حقائق الدين، ووعي أهدافه، وإدراك نبل غاياته.

وكثيرًا ما أشار فضيلته إلى حقيقة أن من المهام التي تضطلع بها رابطة العالم الإسلامي؛ العناية بالمساجد في جميع أنحاء العالم من حيث الإنشاء والتعمير والصيانة والرعاية والتأثيث والفرش، وتهيئة الدعاة والأئمة والمدرسين، وكذلك رعاية شؤونها، وتوفير كل ما من شأنه العون على أداء مهمتها، ورسالتها باعتبار أن المسجد هو الركيزة الأولى في الإسلام، وهو المدرسة لمن يريد أن يتعلم، وهو دار الإفتاء لمن أراد الوقوف على أحكام الدين فيما يعن له من قضايا، وهو راض تمامًا عما تبذله الرابطة من جهود في هذا المجال.

يقول: لقد وفق الله (عز وجل) رابطة العالم الإسلامي للقيام بدورها المنشود في هذا المجال في كثير من دول العالم، مما كان له أجمل الأثر، وأحسن الوقع في نفوس المسلمين، وعاد بالفائدة العظيمة على العمل الإسلامي.

دورات سنوية بمكة لمتابعة إنجازات المجلس.

وفضيلة الشيخ العقيل لا يخفي تفاؤله الكبير بما حققه المجلس الأعلى العالمي للمساجد منذ أنشئ حتى الآن، يقول: يضم المجلس الأعلى العالمي للمساجد قادة وعلماء العالم الإسلامي من المعنيين بأمور الدعوة الإسلامية، ويعقد المجلس دورات سنوية في مكة المكرمة يدرس فيها ما يتم إنجازه سنويًا من خلال الرابطة، حيث يعتبر المجلس الجهاز التنفيذي للرابطة، كما يناقش أعضاء المجلس ما يجد من مشاريع مع مراعاة الأولويات، وفقًا للقضايا التي تحتل الصدارة في حياة الأمة.

ولا يمل الرجل أيضًا تأكيد دور رابطة العالم الإسلامي في دعم مسيرة الدعوة الإسلامية، وأنها تضع العمل الدعوي في مقدمة واجباتها، ولا تتأخر الرابطة مطلقًا عن تقديم كل عون مستطاع لدعم العمل الدعوي في مختلف أنحاء العالم الإسلامي، بل بين المسلمين خارج أرض الإسلام.

تحصين المجتمعات المسلمة ضد الفكر الوافد.

ويطلق الرجل صيحة إنذار وتحذير، مؤكدًا أن العالم الإسلامي محاط بالكثير من تحديات الأعداء الذين يتربصون بالأمة الإسلامية الدوائر، وداعيًا المسلمين إلى المزيد من اليقظة والحذر لمواجهة ذلك الكيد المتزايد، وتلك التحديات.

يقول: ليس من شك في أن الحاجة ملحة إلى بذل كل جهد متاح على جميع المستويات لتحصين مجتمعاتنا ضد الفكر الضال الوافد على حياة الأمة، والذي يراد به نزع الأمة الإسلامية من هويتها المميزة، وشخصيتها المستقلة، وتراثها العظيم الذي أفاد البشرية كلها طوال نحو 15 قرنًا مضت من الزمان.

ويضيف: إننا نؤمن إيمانًا قويًا بأن العمل الذي يقوم على حسن التخطيط، وجودة التنسيق إنما يخرج عملاً متكاملاً تفيد منه الأمة بشكل طيب، وهذا ما يجعلني أجدد الدعوة كي تنهض المؤسسات والهيئات والجمعيات الإسلامية في العالم إلى إيجاد خطط مشتركة فيما بينها، بحيث تعم الفائدة، وتتم الاستفادة من كل الخبرات والقدرات المتوافرة للجميع.

لا حرج في الاستفادة من علوم العصر النافعة.

ولا يخفي فضيلة الشيخ عبد الله العقيل ألمه لما يعترض مسيرة العمل الإسلامي من عقبات، يقول: العقبات والمعوقات التي تقف في طريق الدعوة الإسلامية، وتحول دون تقدم المسلمين كثيرة، ومن أهمها شعور بعض المسلمين بالإحباط، وأنهم أقل من غيرهم في مواجهة مظاهر الحضارة السائدة، واعتقاد هؤلاء أن التقليد للغربيين تقليدًا أعمى ودون وعي يمكن أن يخلصهم مما هم فيه من تخلف وضعف، والمسلم إنما هو مطالب بأن يسعى ويعمل، وألا يترك نفسه فريسة لليأس والإحباط، وعليه أن يحسن الاعتزاز بإسلامه، وأن يبذل كل جهده في سبيل الإفادة من كل نافع في مختلف مجالات الحياة.

وأعتقد أن المسلمين اليوم في حاجة إلى إعادة قراءة تاريخ أجدادهم العريق، والنظر في تراثهم الخالد، وكيف أقاموا حضارة لا يزال لها فضل كبير على أمم الأرض كلها، وديننا يتسع لكل خير، ولا حرج مطلقًا في الاستفادة من حضارة العصر وعلومه، وأن تتضافر جهود الأمة الإسلامية في جميع المجالات، سعيًا لبناء حضارة علمية مؤمنة مستنيرة مبصرة، تبني ولا تهدم، وتشيع الخير والأمن والسلام والتعاون بين الناس.

الدعاة مطالبون بالتزام الحكمة والموعظة الحسنة.

ونتوقف أمام مسيرة الدعوة الإسلامية مع فضيلة الشيخ العقيل، حيث تحتل مكانة مرموقة في اهتماماته، ولا عجب في ذلك، فهو يؤمن إيمانًا كبيرًا بأن الدعوة إلى الله (عز وجل) تأتي دائمًا على رأس الأعمال الطيبة والحسنة، وأنها أسمى عمل يقوم به الإنسان، وليس هناك أفضل منها، قال تعالى: (ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله عمل صالحًا وقال إنني من المسلمين).

والدعوة إلى الله (عز وجل) هي عمل الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وعمل المسلمين من بعده، قال تعالى: (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين).

ومن هذا المنطلق يرى الرجل أن الدعاة الجدد عليهم أن يجتهدوا في تحصيل العلوم الإسلامية، بل والعلوم الاجتماعية، وما تيسر لهم من ثقافات تتصل بالعلوم العصرية، ليكونوا على إلمام بتوجهات العصر، وحتى يتمكنوا من أداء رسالتهم دون اصطدام بما يعوقهم.

ويقول: ليس من شك في أن الداعية الناجح هو من يُلزم نفسه - في القول والعمل - بقيم الدين وتعاليمه؛ ليقدم للناس النموذج الإسلامي القابل للمحاكاة، والتقليد من الآخرين في جميع ممارساتهم، وعلى الدعاة أن يتخلصوا من أية عادة اجتماعية مَعِيبة، وأن يبذلوا جهودهم كي يراهم المدعوون في أحسن صورة، فالسلوك السوي له أثره الطيب في النفوس بما يفوق كثيرًا جدًا الكلمة المجردة، أو الكلمة التي تتناقض مع العمل.

دورات تدريبية عملية لتكوين الدعاة الجدد.

ولكن هل تكفي مناهج الدراسة في كليات ومعاهد الدعوة في العالم الإسلامي حاليًا لتكوين هذا النوع من الدعاة؟

سؤال وضعناه بين يدي فضيلة الشيخ عبد الله العقيل، فأجاب:

في الحقيقة؛ الدراسات النظرية غير كافية في مجال تكوين الداعية المطلوب لحمل منهج الدعوة، والانطلاق به للتعريف بسماحة الدين، وفضله، وجذب انتباه الآخرين إليه، وأعتقد أن الدعاة يحتاجون دائمًا إلى دورات تدريبية عملية يمارسون خلالها أعمال الدعوة بأساليبها ووسائلها المختلفة مع الأفراد والجماعات بالحديث الخاص، والجماعي، والمحاضرة، والندوة، والبحث، والدراسة.

ولا بد من الإعداد الجيد لتلك الدورات التدريبية حتى تؤتي ثمارها المرجوة، وينبغي أن يُزوَّد فيها الداعية بزاد ثقافي يعينه في أداء مهمته، ومن ذلك ربطُه بالقرآن الكريم وعلومه، وكذلك السنة النبوية وعلومها، وتعريفه بأساليب الدعوة الإسلامية، وكيفية التعامل مع واقع العالم الإسلامي بمشكلاته وقضاياه، وطرح الحلول المناسبة لها.

والرابطة تحرص على إقامة هذه الدورات التدريبية في أكثر من دولة، وقد أقامت دورات في سنغافورة، وماليزيا، وأندونيسيا، وتايلاند، وسريلانكا، كما أقامت عدة دورات تدريبية للدعاة بالتعاون مع الأزهر الشريف، والاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية.

تطويع أجهزة الإعلام لخدمة أعمال الدعوة.

ويتحدث فضيلة الشيخ العقيل عن الاهتمام بالدعوة، وعينه على أجهزة الإعلام بما لها من أثر عظيم في نفوس جماهير المتلقين لها، ويؤكد أن تطويع هذه الأجهزة لخدمة العمل الدعوي ضرورة عصرية في مواجهة التيارات الفكرية العديدة التي تحملها تلك الأجهزة وتغزو بها الدنيا كلها، ومنها العالم الإسلامي، بواسطة الأقمار الصناعية.

وفي تناوله لهذا المجال تأتي كلمات الشيخ العقيل واضحة محددة، ولا تنقصها الصراحة، ولا مواربة فيها، حيث يرى أن ثمة قصورًا يعيشه العالم الإسلامي في مجال الإعلام، فقد ترك المسلمون التفوق والابتكار والإبداع في هذا المجال لغيرهم، بحيث ولج إليه أصحاب التيارات والأفكار المنحرفة، وأصبحوا مؤثرين فيه.

يقول: إننا نحن ـ المسلمين ـ بدلاً من أن نضجر بالشكوى، ونعلن تألمنا مما يمارسه الإعلام العالمي من غزو فكري وثقافي ضد مجتمعاتنا علينا أن نسارع إلى خوض مختلف مجالات العمل الإعلامي الذي يحتل حاليًا صدارة وسائل الاتصال بالناس والتأثير فيهم، سواء كان مقروءًا أو مسموعًا، أو مرئيًا.

تطوير وسائل الدعوة حتى لا نتخلف عن العصر.

ويتوقف الرجل عن الحديث بعض الوقت، وكأنه تذكر شيئًا مهمًا فجأة، ثم تأتي كلماته قوية، وهو يضغط على مخارج حروفه؛ ليؤكد ما يقول، مشيرًا إلى اعتقاده أن الإعلام، بكل وسائله وأساليبه، له الدور الأساسي حاليًا في تغيير مسار الأفكار.

يقول: لا يصح مطلقًا أن يقصر المسلمون في مجال الإعلام وهم أصحاب دعوة سامية، ويحملون على عاتقهم أمانة إبلاغ رسالة الله تعالى الإسلامية الخاتمة إلى البشرية كلها، ومن ثَم لا ينبغي أن ينحصر عمل الدعوة في المساجد، بل ينبغي أن نصل بدعوتنا إلى الشعوب الأخرى، وإلى الناس في كل مكان بشرط أن يلتزم الداعية بمنهج الدين الحنيف الذي رسمه القرآن الكريم في قوله تعالى: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن).

إننا محتاجون إلى وعي حقيقي بأهمية استخدام أجهزة الإعلام في التعريف بالدعوة الإسلامية، إذ لا بد من تطوير وسائل الدعوة حتى لا نتخلف عن عصرنا الذي نعيشه.

تكثيف الجهود المخلصة لمواجهة الغزو الثقافي.

ويضيف الشيخ عبد الله العقيل أن العمل الدعوي يحتاج إلى كل إسهام مخلص لتطويره ودعمه وإنجاحه.. يحتاج إلى المقال الهادف، والقصيدة الجيدة، والقصة القصيرة والطويلة، والمسرحية، على أن يلتزم المبدعون في كل هذه المجالات بقيم وأهداف وآداب الإسلام.

ولا يمل الرجل دعوة مفكري العالم الإسلامي وعلمائه ومبدعيه إلى دعم قيام إعلام إسلامي قوي قادر على الدفاع عن قضايا أمتنا الراهنة، وقادر أيضًا على تقديم الخير الذي بين أيدي المسلمين إلى الآخرين.

ويقول: برغم ما قد يُلحظ من تقصير في المجال الإعلامي الإسلامي، مقارنة بالإعلام العالمي، فلا ننكر أن كثيرًا من الإسهامات الإعلامية المعاصرة لها آثارها في تكوين العقلية المسلمة المبتغاة، ولكن الحاجة كبيرة إلى دعم تلك الإسهامات، وتطويرها وتكثيفها؛ حتى نتمكن من الصمود في مواجهة عمليات الغزو الفكري والثقافي المتزايدة ضد مجتمعاتنا ونصدها.

تشجيع الكلمة الطيبة ورفض أدب الإباحية.

وفي مناسبة حديثه عن أهمية إسهام فنون الأدب من مقال وقصة وقصيدة في دعم قيام إعلام إسلامي قوي، نقترب أكثر من مجال يحظى بالكثير من اهتمام الرجل، ويستأثر بجانب من ميوله، وهو مجال الأدب؛ حيث يؤمن الرجل بأن الإسلام يرحب بالكلمة الطيبة، ويدعو إليها، ويشجع الأدب الملتزم الذي يتناول الخير، ويبرزه، ويحث عليه، ويحذر من الشر، وينفر منه.. الأدب الذي يبرز جمال التكوين، وإتقان الصنع والإبداع في الكون، ويدعو إلى التفكير فيه والنظر في أسراره.

ويشجع الإسلام الكلمة الأدبية - أيًا كان لون التعبير بها، نثرًا أو شعرًا - متى كانت تحض على صلة الرحم، وتدعو إلى التعاون على البر والتقوى، وغير ذلك من القيم الفاضلة التي تعلي شأن الفرد والمجتمع والأمة، ويرفض الإسلامُ رفضًا قاطعًا كلَّ صور الأدب وأشكاله التي تدعو إلى الفوضى السلوكية والإباحية، وتشجع على الفساد تحت لافتات وشعارات كاذبة لخداع الناس، ونزعهم من أصولهم، وتحويلهم إلى قيم بديلة من شأنها أن تجر الجميع إلى المهالك، وتفتح الطريق أمام تفكك المجتمع الإسلامي.

بعض أبناء المسلمين يطعنون في الدين.

ويتصدى الرجل لما يسميه «الهجمة الحداثية» على الفكر والأدب والثقافة في العالم الإسلامي، فيصفها بأنها امتداد لهجمات سابقة استهدفت الإسلام عقيدة وشريعة، والمسلمين كأمة، واللغة العربية باعتبارها لغة القرآن الكريم.

يقول: لقد تولى أمر تلك الحملات مبشرون ومستشرقون، ثم حملها من بعدهم تلامذتهم الذين صنعوهم على أيديهم، وربوهم في جحورهم، وأرضعوهم من ثقافاتهم، حتى أصبحوا نماذج متكررة لأساتذتهم.

إن هؤلاء التلاميذ يقلدون من علموهم دون وعي، ويسيرون في طريق هدم اللغة، والتراث، والعقيدة، والرسالة، ويحملون جراثيم الفساد، ومعاول الهدم نيابة عن أسيادهم الذين يديرون المعركة من وراء الكواليس، مكتفين بهؤلاء الببغاوات ممن يحملون الأسماء الإسلامية، ليمارسوا الطعن في الإسلام، وتشويه صورته، ومسخ اللغة والأدب والثقافة والفكر، وإحلال المفاهيم والآداب والثقافات التي تعلموها على أيدي أعداء الإسلام والمسلمين من المستشرقين، والمستغربين، والهدامين من الوجوديين والعلمانيين، وهكذا ظهرت القصص الهابطة، والمسرحيات المبتذلة، والأدب التافه، والشعر المتفلت، والنثر الركيك.

محاولات لخداع العامة وتضليل أنصاف المثقفين.

ويمضي الشيخ عبد الله العقيل في تصديه لتلك الظاهرة قائلاً: لقد أصبح هؤلاء الأعداء «يُلمِّعُون» تلك الرموز من تلاميذهم، ويسلطون عليها الأضواء، وينفقون عليها، وينشرون كتبها، ويحيطونها بهالة من التمجيد والتعظيم، ليخدعوا العامة، وأنصاف المثقفين، ومن ليس لهم في الثقافة والأدب والفكر أي جهد، ووسائلهم في ذلك: القصص الخليعة، والروايات المبتذلة، والشعر الرديء، والكلام الساقط الذي يأنف الكريم أن يتلفظ به، أو يكتبه، أو يسمعه.

وسرعان ما نلمح علامات التفاؤل الكبير في كلمات الرجل، وهو يقول: إنه مع هذه الصحوة الإسلامية المباركة نمت بذرة الخير، واستوت على سوقها مصادر الأدب الإسلامي في ميدان الشعر والنثر والقصة والرواية والنقد والتحليل والعرض، وأقبل الشباب والشابات ينهلون من هذا الأدب الرفيع، والشعر البليغ، والقصص الهادفة، والروايات البناءة، والأعمال الملتزمة بقواعد الإسلام الحنيف.

الفرق والجماعات الضالة تشوه حقائق الدين.

ويرى الشيخ عبد الله العقيل أن من أولويات العمل الإسلامي المعاصر تنشيط الدعوة الإسلامية خارج الدول الإسلامية، وفي المجتمعات الغربية بصفة خاصة، وفي الدول التي تشهد تحولات في نظمها وتوجهاتها.

ويطلق الرجل صيحة تحذير جديدة من أنشطة الفرق والجماعات الضالة التي تسعى لضرب الإسلام تحت دعاوى خبيثة ظاهرها الرحمة، وباطنها العذاب.

وقال: إن من بين تلك الفرق الضالة: البهائية، والقاديانية، والبابية، وغيرها من الفرق الضالة التي تزعم أنها من الإسلام، ولكن هدفها الحقيقي هو ضرب الإسلام.

وأضاف أن القاديانية - مثلاً - قامت بدعم وتعضيض الاستعمار، وأن الإنجليز هم الذين أقاموها في الهند؛ لتحقيق مصالحهم الاستعمارية، ومثلها البهائية والبابية.

إن خطورة تلك الفرق أنها تخدع الناس باسم الإسلام الذي تحاربه في الحقيقة، وتسعى لهدم بنيانه، والقضاء على أهله.

لقد أقامت تلك الفرق مراكز ضخمة لها في العديد من دول العالم، ومنها: سويسرا، وألمانيا، وأمريكا، وبريطانيا، وهي تقيم مؤتمرات عديدة تحت لافتة الإسلام، ويردد أعضاؤها الكثير من المغالطات التي تهدم وتشوه حقائق الدين وأهدافه السامية.

والمؤسف أن البعض ممن لا يعرفون حقائق الدين الحنيف ينخدعون بشعارات تلك الفرق الزائفة، وهذا ما يوجب على المسلمين أن يسارعوا إلى تكثيف جهودهم في مجال تنشيط الدعوة الإسلامية خارج أرض الإسلام، للتعريف بحقائق الدين السمحاء، ونبل غاياته، وسمو أهدافه.

عبد الشكور يكتشف زيف شعارات القاديانية.

وتظهر من جديد ملامح الحزن والأسى على وجه الرجل، وهو يقول: يؤلمني أن البعض انخدع بشعارات تلك الفرق الضالة، واتبعها ظنًا منه أنها تمثل الإسلام الحق، وما زلت أذكر شخصًا اسمه عبد الشكور، كان ألمانيًا، واعتنق فكر القاديانيين، وزوجوه من امرأة قاديانية، وحينما زرناه، والتقينا به، وفتح الله عليه، وعرف حقيقة الإسلام اكتشف أن ما تعلمه على أيدي القاديانيين ليس هو الإسلام الحقيقي، وإنما هو دين مزيف بواسطة تلك الجماعة المضللة المناهضة لحقائق الدين، وسماحته.

ومن هنا تأتي أهمية أن تتضافر جهود المسلمين الدعوية للتعريف بحقائق الإسلام السمحاء، وبيان جوهر الدين، وفضح ألاعيب تلك الجماعات، وكشف خططها.

وقال: ربما يكون من المفيد جدًا إعداد ترجمات لمعاني القرآن الكريم باللغات الواسعة الانتشار؛ حتى يتعرف الناس من خلالها على حقائق الدين، ونواجه بها مغالطات وأكاذيب تلك الجماعات الضالة المضلة.

وحذر - في هذا الصدد - من الترجمات التي ظهرت في عدة دول، واكتُشف أنها أُعدت بواسطة تلك الجماعات، وضمت العديد من المغالطات والأكاذيب التي تخدم مصالحها الاستعمارية.

حماية المسجد الأقصى من الاعتداءات المتكررة.

ومن بين أهم المساجد التي تعني رابطة العالم الإسلامي بشؤونها من خلال المجلس الأعلى العالمي للمساجد، المسجد الأقصى المبارك، قبلة المسلمين الأولى، ومسرى النبي (صلى الله عليه وسلم)، وثالث الحرمين.

وفي مناسبات عديدة أعلن الشيخ عبد الله العقيل إدانته لما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلية من عمليات قمع واضطهاد وظلم يصل إلى حد التشريد والقتل لأصحاب الأرض والحق والمقدسات.

يقول: اليهود كما هو معلوم أكثر أمم الأرض التي أُرسل إليها الأنبياء، ومع هذا قتلوهم، واعتدوا عليهم، وكذبوهم، وعاثوا في الأرض فسادًا، وآيات كثيرة في كتاب الله (عز وجل) تتحدث عن نعم الله على بني إسرائيل، وجحودهم إياها، وتنكرهم لها، ولذلك فلا عجب مطلقًا من اعتداءاتهم على المسجد الأقصى المبارك والمقدسات الإسلامية في الأرض المحتلة.

إن ما يجري في فلسطين من اعتداءات على المقدسات الإسلامية، وعلى المسلمين إنما يحزُّ في النفس، ويؤلم المرء حقًا، ولكن ما يقابل ذلك من شجاعة شباب الأرض المحتلة وأطفالها في تمسكهم بحقهم وتضحياتهم الفريدة في سبيل الدفاع عنها يرفع الرأس، ويزيد الأمل في استعادة الحق، وتحرير المقدسات الإسلامية، وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك.

تكثيف الجهود المخلصة لدعم التنمية الإسلامية.

وتحتل مشكلات التنمية في العالم الإسلامي مكانة متميزة في فكر واهتمامات الشيخ عبد الله العقيل؛ حيث يرى أن التنمية في الدول الإسلامية تواجه تحديات عديدة تتطلب تكثيف الجهود المخلصة، ودعم التعاون بين الدول الإسلامية للتغلب عليها، وخاصة الضغوط الاقتصادية التي تمارسها الدول الكبرى والعالم الرأسمالي على الشعوب النامية، ومنها شعوب العالم الإسلامي.

ويدعو الرجل إلى مواجهة واعية، وتحرك فاعل، ودراسة عميقة، وخطوات جادة تستوعب المشكلة من جميع جوانبها، وتضع الحلول الناجعة لها؛ استمدادًا من القيم والمبادئ الإسلامية.

ويقول: إن رابطة العالم الإسلامي تسهم بدور مميز في سبيل الارتقاء بمستوى المسلمين أينما وجدوا من خلال المشاريع التنموية التي ترتفع بمستوى المسلمين، وتحسن أداءهم، وليس من شك في أن هذا المجال لا يزال يتطلب المزيد من التعاون الجاد والتنسيق بين جميع أجهزة الأمة الإسلامية ومؤسساتها للارتقاء بهذا المجال بما يحقق خير الأمة واكتفاءها.

ــــــــــــــــ

- جريدة العالم الإسلامي، العدد1302، 1ـ7 من رمضان1413هـ، 22ـ28 من فبراير1993م.

المصدر