حجة واهية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
حجة واهية


2003-10-05

حجة واهية

من حجج الذين يحرمون الدخول إلى المجالس التشريعية أن طريق النيابة التشريعية أمر مستحدث لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والرد على ذلك

أولاً: قد ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد مارس العمل السياسي بكل معانيه الطيبة الخيـرة من تكون أمة وجماعة ، والدعوة إلى عقيدة تحطم كل العقائد الموجودة، وتنادي بوجوب إزاحة بل إزالة كل عقبة تقف في وجه دعوة الإسلام ، ووجوب جعل السلطان لأمة الإسلام، ثم قد مارس رسول الله صلى الله عليه وسلم كل أعمال الحكم والسيادة، من تولية الولاة، وإرسال الجيوش والبعوث، والرسل، وتنظيم الدولة، وإقامة الحدود، وعقد المعاهدات، وهذا في حال القوة.

وأما في حال الضعف فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد طلب النصرة، وطلب الحماية، وقَبِلَها من الكفار ودعا إلى الله سراً، وجهراً وجاهر الكفار بالعداوة، وأنذرهم بالقتل وأعلمهم أن دينه خير الأديان وأنه سيفتح الأرض. وينال كنوز كسرى وقيصـر.. وأن أمته ستكون أقوى الأمم وخيرها، وأعظمها سلطاناً وأمناً وتمكيناً.. وكل هذا في عرف الناس اليوم من الأعمال السياسية ، فليسمِّه الناس ما شاؤوا سياسة أو غير ذلك إنها طبيعة الدعوة إلى الله، ومنهج القرآن، وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم.

وعلى الذين يكتفون بمجرد تعلم العلم الشرعي وتعليمه أن يعلموا أنهم لم يسلكوا سبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى الله، ولم يتبعوه حقاً وصدقاً، وإنما اشتغلوا بجزءٍ من الدين، وجانب من الإسلام.

ولا شك أن الرسول كَوَّنَ الجماعة المعاهدة المبايعة له على الموت في سبيل الله والجهاد في سبيل نصرة الدين ، ونظم هذه الجماعة، وعلَّمها، ورباها على عينه وكانت هذه الجماعة بعد ذلك هي طليعة الأمة، ونواة الدولة، ونستطيع أن نطلق على جماعة الرسول الأولى (حزب الله) ، وقد أقام الرسول صلى الله عليه وسلم كل المؤسسات الممكنة في وقته.

واستطاع بهذه الجماعة أن يهزم كل ما تجمع وتحزب أمامه من العرب واليهود والنصارى والقبائل، والأعـراب، وما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم الدنيا حتى كانت راية الإسلام تخفق فـوق الجزيرة من أقصاها إلى أقصاها، وحتى أصبحت الأمة مهيئة لغزو الروم وفارس، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه غزا الروم في السنة التاسعة، وجبنوا أن يلقوه.

وعلى أساس ما قدمنا أحببنا القول أن الدخول إلى مجلس تشريعي يستطيع فيه المسلم أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويقلل جانبًا من الشر وهذا الذي يسميه الناس عملاً سياسياً، ويحرمونه من أجل ذلك، هو داخل في مفهوم أعمال الدعوة التي مارس الرسـول صلى الله عليه وسلم جنسها مما يطلق الناس اليوم عليه (العمل السياسي). والله تعالى أعلم.

ثانياً: أنه قد استجدت أمور كثيرة لم تكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنه على المسلمين أن يجتهـدوا فيها من أجل الوصول إلى الحق وإعلاء كلمة الله في الأرض..

ألا ترى أن حروب الردة لم يمارسها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه لم يوجد في وقته من يقيم الصلاة ويمنع الزكاة، وكذلك قتال البغاة لم يكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد فعل علي بن أبي طالب وقاتل من قاتله على أنهم بغاة أو متأولون كما قاتل الخوارج، وقاتل في الجمل وصفين.. وهذا لم يفعله رسـول الله صلى الله عليه وسلم لأنه لم يكن في عهده بغاة .

واليوم كما أسلفنا ابتلى المسلمون بسقوط دولتهم تحت أقدام الكفار، وأقام الكفار هذه الأنظمة الديمقراطية، والسبيل ما قدمناه فإذا كانت المصلحة الشرعية تقتضي الدخول إلى المجالس التشريعية الحالية تقليلاً للشر، وحفاظاً على ما بقى من تشريع الإسلام، إلى أن يشاء الله حيث يتمحض الخير، وتقام خلافة الإسلام الراشدة، فهل يترك هذا لمزيد من الفساد والإفساد، وتسلم بلاد المسلمين إلى الفسقة والكفرة ليشرعوا ما شاءوا، ويستأصلوا ما بقى من دين الأمة؟

خاتمة

ونختم الآن بهذه الكلمات:

" لا شك أن أعداء الدين همهم اليوم هو الفصل بين المسلمين الدعاة منهم خاصة وبين العمل السياسي تارة يقولون: ما لكم وللسياسة، وتارة يقولون: لا يجوز تسييس الدعوة والجهاد، وتارة يقولون: بأنهم ما دعوا إلى الله إلا لمآرب سياسية وأغراض دنيوية، يريدون بهذا صرفهم عن الاهتمام بشؤون المسلمين، وإعلاء كلمة الله في الأرض، ليخلو الجو لأعداء الله، فيعيثوا في الأرض فسـاداً كما يريدون، ويحكموا المسلمين بأي قانون ونظام يريدون، ويجعلوا كلمة الدين هي السفلى، وكلمة الكفر والباطل والشرك هي العليا، ويحولوا بين دعاة الإسلام وبين السعي لعز أمتهم، وكرامة دينهم وإبلاغ رسالة ربهم، وإخضاع الناس لحكم ربهم، وأمر خالقهم وبارئهم.

وقد يغتر الدعاة بهذه الأقاويل وقد يظنون أن البعد عن السياسة الشرعية أحفظ لقلوبهم، وأخلص لربهم ودينهم ، أو أن السياسة مشغلة عن الدعوة لله ، ظانين أن الدعوة فقط هي تأليف رسالة، وإضافة كتاب إلى المكتبة الإسلامية، أو الانزواء في مسجد وزاوية، والإكثار من التعبد والزلفى، وبهذا يفسح المجال للأفاقين والكذابين واللصوص المتغلبة على أموال المسلمين ومقدراتهم ، وتبقى الساحة السياسية في بلاد المسلمين نهبًا لجهلة العساكر، ومحبي الزعامة ، والفرق الباطنية الخبيثة، وأعداء الأمة، فيمسكون زمام الأمور ويعيثون في الأرض ظلماً وفساداً، فيتخذون أرض الله دولاً، وعباد الله خولاً حيث ينتهكون الأعراض، ويستبيحون الأموال، ويقصون الإسلام عن واقع الناس، ويستبدلون بشريعة الله الظاهرة شرائع الكفر الباطلة، ودعاة الإسـلام غفلى يعللون أنفسهم بالأماني، ويشتغلون بالنوافل، مضيعين للفرائض، ويفصلون بواقعهم بين الدين والحياة، والدين والحكم، والدين والعدل، والدين وإعلاء كلمة الله في الأرض، والدين والجهـاد في سبيل الله، وبذلك يقرون أعين الكفار، وينفذون غافلين مخطط أعداء الدين، ويتركون قيادة الناس للمجرمين والمخربين والمفسدين، أليس هذا من أعظم الذنوب، وأكبر الكبائر؟‍‍".

المصدر