حقيقة العبودية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
حقيقة العبودية

30-04-2006

أما بعد.. فحقُّ الله عزَّ وجل على عباده أن يعبدوه ولا يُشركوا به شيئًا، هذا حقٌّ خالصٌ لله عز وجل، يَسأل المصطفى صلى الله عليه وسلم أحدَ الصحابة: أتدري ما حق الله على العباد؟ فيقول الصحابي: قلتُ: الله ورسوله أعلم. قال: "حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا"، ثم سأله: "أتدري ما حق العباد على الله إذا عبدوه؟" قال: قلت: الله ورسوله أعلم. قال صلى الله عليه وسلم: "ألاَّ يعذبهم، يرحمهم ولا يعذبهم، يتقبلهم ولا يطردهم"، وفي حديث رواه ابن كثير "إن الله يأمركم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا".

هذا أمر طبيعي عادي بسيط في دنيا الناس، فإن أدَّى أيُّ إنسان جميلاً لآخر فلا بدَّ أن يُشكر مَن أدى هذا الجميل، ولا بد أن يُذكَر بالخير ولا بد أن يُثنَى عليه، وهذا الجميل قد يكون أمرًا بسيطًا تافهًا يمكن أن يُستغنى عنه.

أما بالنسبة للمولى- تبارك وتعالى- فله المثل الأعلى، فهو خلَقَ وأعطَى وقدَّرَ وهدَى ومنحَ وتفضَّل، كل هذه الأشياء.. إيجاد الإنسان من العدم، تكوينه، هدايته، رزقه، عمره، كل ما في أيدينا من الله، ونحن أيضًا من الله؛ ولذلك المسلم من هذه الزاوية ينظر إلى مدى العقوبة والخيانة واللؤم والخسة التي نزل إليها مَن لم يشكر الله، مَن كفر به، مَن كذَّب به.. نُدرك بكل المقاييس إلى أي مدى وصل، وما هو الخير الذي فيه؛ ولذلك كان الكافر والمشرك والبعيد عن الله- عز وجل- من أرذل الناس ومن أخسِّ الناس، لا تنتظرُ منه خيرًا ولا تنتظرُ منه معروفًا بعد أن قطع العلاقةَ مع من أوجده وأكرمه وسواه وأنعم عليه.

العبادةُ في الإسلام والطاعة والعبودية لله ليست بالأمرِ المحدود كالأديان الأخرى التي كانت من قبلنا، تؤدَّى فيها بعض الترانيم وبعض الكلمات التي لا أساسَ لها ثم يخرج لينفلت كما يشاء، لا قيودَ ولا ضميرَ ولا رقابةَ ولا خشيةَ، إنما هي فترة تمثيل داخل ما يُسمَّى ببيوتِ العبادة، أما الإسلام فلا.. الله هو الذي يراه في داخل المسجد هو معه أينما يكون ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ﴾ (الحديد: من الآية 4) معه في الشارع، معه في البيت، معه في العمل، معه في كل زمان ومكان ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوَرِيدِ﴾ (ق: 16).

ومن هنا كان المسلم على استقامةٍ دائمةٍ أينما كان وفي أي مكان حلَّ؛ لأن الله يراه؛ ولأن الله يطَّلع عليه، رأى المصطفى- صلى الله عليه وسلم- الصحابةَ في سفرٍ رفَعوا أصواتَهم بالدعاء فأمرهم- صلى الله عليه وسلم- أن يخفضوا أصواتهم.. "أربِعوا على أنفسكم (يعني خفِّضوا أصواتكم) فإنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائبًا، إنَّ الذي تدعونه سميع قريب، أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته"، الله عز وجل أقرب إليك من الجلباب الذي تلبسه، أقرب إليك من كل شيء، ومن هنا كانت هذه المعية بالنسبة للمسلم معه دائمًا.. ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾ (البقرة: من الآية 115) ومن هنا كان المسلم يراقب ربه في السر والعلن، وفي الليل والنهار وفي العسر واليسر وفي المنشط والمكره، يُراقب المولى- تبارك وتعالى- ويخشاه لأنه مطلع عليه.

هذه القضية مهمة جدًّا في الإسلام، سعة العبادة، سعة العبودية لله لا تقتصر على زمنٍ دون زمن، ولا على مكانٍ دون مكان، ولا على أُفق دون أفق، بل هي مع الإنسان يعبد لله أينما حلَّ.. أحد الناس لم يكن مسلمًا وقف في مكان، رجل سائح فرأى جمعًا من المسلمين بعد أن أذّن للظهر، يقول رأيتُ فرسانًا من المسلمين يمتطون جيادَهم، ثم يفاجَأ بأنهم ترجَّلوا من على الجيادِ في الصحراء، ووقفوا صفًّا منتظمًا وأمامهم إمامٌ يصلي بهم، والجياد.. حتى الجياد (الخيول) رأيتُها وقد طأطأت رؤوسَها كأنما تُشاركهم في الصلاة، فبدأوا يركعون ويسجدون، فسألت عن هؤلاء، فقيل لي إنهم من المسلمين، وإن هذا هو الإسلام، فعرفتُ الإسلام وأحببتُ الإسلام وأقبلتُ عليه ولذلك أسلمت.

الإنسان الذي يعرف الله- عز وجل- في أي مكانٍ يحل فيه يُدرك هذه الصفة [[﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ(162) لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)﴾ (الأنعام)..]] العبودية لله لا تقتصر على مكانٍ دون مكان، فالمسلم أينما حلَّ فهو في محراب، محراب الطاعة لله عز وجل، محراب العبادة لله عز وجل، في مكتبه يُراقب الله، في مدرسته يُراقب الله، في طريقه يُراقب الله، مع زوجته يُراقب الله، فإنَّ الكثيرين منا حين يعودون إلى البيتِ يتغيرون.. الصفاتُ الطيبةُ التي هي فيهم خارج البيت تتبدَّل بينما العكس هو المطلوب.. مطلوب أن يكون الإنسانُ في داخل البيت أن يزداد في تواضعه وفي رعايته لأهل هذا البيت وفي محافظته عليهم، لكنَّ الإنسان ينسى ويُخطئ ويغفل، فيقع في قبضةِ الشيطان والعياذ بالله إلا من رحم الله.

العبادة في الإسلام يتحقق بها هذا الأمر وتصبح قُربى إلى الله عز وجل بأمرين: بالنية الصالحة النية الصادقة.. نيةٌ متوجهةٌ إلى الله عز وجل، بهذه النية الخالصة تبدأ، يُفتح الطريق للمسلم بينه وبين الله ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ﴾ (البينة: من الآية 5) والنية هي الأصل الكبير في كل أعمالِ المسلم، الذي يريد التحرر.. إلى أين أنت ذاهب؟ ماذا تقصد؟ ما هدفك من هذه الحركة؟ وماذا تريد؟ أتريد طاعة الله؟ أتريد أن تسلك طريق الله؟ أتريد أن تتبع ما أنزل الله؟ أم تريد أمرًا آخر؟! وهنا يكون الفيصل؛ لذلك دائمًا نردد الحديث الذي يحدد مسار الإنسان ويحدد سعي الإنسان أيًّا كان.. يقول فيه- صلى الله عليه وسلم-: "ما من خارج يخرج من بيته إلا ببابه رايتان: راية بيد ملك وراية بيد شيطان.." فإن خرج بما يحبه الله خرج في طريق الحق، إن خرج في طريق الطاعة، إن خرج يُراقب الله عز وجل فمعه من الله مَن يسدِّده؛ لأن الله لا يردُّ مَن أقبل عليه ولا يترك مَن لجأ إليه ولا يترك أبدًا مَن قال يا رب ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى﴾ (محمد: من الآية 17) بمجرد أن تضع قدمَك على الطريق وتقول: يا رب انتهى الأمر.. كل الأسباب تُساعدك وتعينك وتحميك وتصونك في هذا الطريق ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ﴾ (محمد: 17).

الصنف الثاني ونعوذ بالله منه، فلما زاغوا استغنَوا عن الله، هجروا هذا الطريق ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الفَاسِقِينَ﴾ (الصف: من الآية 5)، ما من خارج يخرج من بيته إلا ببابه رايتان راية بيد ملك وراية بيد شيطان.. فإن خرج لما يحبه الله اتبعه الملك برايته، ومعنى راية الملك أنَّ معه مَن يحفظه بأمر الله، فلم يزل تحت راية الملك حتى يرجع إلى بيته، يرجع إلى بيته منصورًا مأجورًا مثابًا معافًا مسددًا.

أما إن خرج لأمرٍ آخر، أو خرج لما يُغضب الله تبعه الشيطانُ برايته، يزيِّن له السوء ويمكر به ويلهيه ويفتنه ويسحقه، تبعه الشيطان برايته، فلم يزل تحت راية الشيطان حتى يرجع إلى بيته خاسرًا فاسقًا ضائعًا مذنبًا، قتله الشيطان واستولى عليه ووضعه في هذا المكان، ولو ظلَّ على هذه الحالةِ فهو رفيقٌ وزميلٌ وصاحبٌ للشيطان.

فرقٌ كبيرٌ كما بين السماء والأرض، فالفرق بين طالب أو مدرس أو تاجر أو موظف يخرج من بيته قد أدَّى الفجرَ في جماعة، قرأ ورده من القرآن، شاركه الأهل في هذه الطاعات، ثم يذهب إلى المكان الذي سيأكل منه لقمة العيش، يبغي وجه الله، ويحرص على مرضاة الله، ويقول كلمة الحق بأدبِ الإسلام وبأدب المسلمِ، ويأمر بالمعروف وينهى عن بالمنكر بحكمةِ الإسلام، ويؤدي وظيفته كاملةً.. وهذا سوء في كثيرٍ من المسلمين موظفٌ ويقبضُ أجرًا، ولا يؤدي شيئًا، ولو اعتقدَ أنَّ الله يراه ما كانت هذه حالته يريد أن يتخلَّف، يؤدي جزءًا من الواجبِ ويضيع الثاني.. هذا الموظف يأكل السحت، والأجر الذي يأخذه لا يُبارك الله له فيه؛ لأن هذا عقدٌ بينك وبين صاحبِ العمل، عقدٌ التزمتَ فيه قلت أؤدي كذا وكذا وكذا، أين؟ أين هذا؟ أين إتقان العمل بين المسلمين؟ لا لشيءٍ إلا لتحليلِ لقمة العيش إلا مساهمةً ومساعدةً ووفاءً بما عليك، أترى أنَّ المدرس أو أنَّ الموظفَ الذي يقبض أجرَه ثم يذهب إلى المدرسة وهو متكاسلٌ نصفُ نائمٍ ما حضَّر الدرسَ ولا اهتمَّ بالأولاد.. أترى أنَّ الله يُبارك له في هذا الرزق؟ أترى أنه سعيدٌ من داخلِ نفسه بهذه الصورة المخزية، هذه الصورة لا تليق بمسلمٍ، والعجيبُ أنها كثيرة بين المسلمين، الوفاء بالعهد وفاء بالعهد ﴿إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً﴾ (الإسراء: من الآية 34) الوفاء بشروط العقدِ، أنت أجير، على صاحبِ العمل أن يُعطيك أجرك، وعليك مسئوليةُ أن تُوفِّي بهذا العمل وأن تتقي الله وأن تُراقب الله عز وجل، عبادة.. هذه عبادة.. أداء العمل القيام بواجبات الوظيفة ما دامت في طاعة عبادة لله عز وجل.. إتقان هذه العبادة أمرٌ مفروضٌ، حتى الزارع في الإسلام، حتى الذي يغرس يقول صلى الله عليه وسلم: "ما من زارعٍ يزرع زرعًا أو يغرس غرسًا فيأكل منه حيوان أو طير أو إنسان إلا كان في ميزانه يوم القيامة".

تغرس شجرة وتقبض من ورائها حسنات كلما استفاد منها إنسان؛ ولذلك شهد الصحابة أبا الدرداء- رضي الله عنه- تقدمت به السن ورأوه يغرس شجرة لوز، وشجرة اللوز لا تُثمر إلا بعد عشراتِ السنين- عشر سنوات على الأقل- فقال الناسُ له متعجبين ومستغربين: "أتغرس هذه وأنت في هذه السن؟!" يعني لن تذوقَ من ثمارها تقدَّمت بك السن وهي لا تُثمر إلا بعد عُمرٍ، فقال قولةً كريمةً: غرسَ لنا مَن سبقونا وأكلنا من ثمارهم، ونحن نغرسُ لمَن يأتي من بعدنا لكي يأكلوا من ثمارنا.. التعمير طبيعة المسلم في أي مكانٍ، يُعمِّره لا لنفسِهِ لكن يعمره للناس جميعًا.

فالمسلمُ في أي مكانٍ شجرة يُستظَل به في أدبه، في أخلاقه، في مروءته، في تعامله، وكل هذا في الإسلام عبادة، ورأى الصحابةُ رجلاً قويَّا شديدًا فقالوا: يا رسول الله، لو كان هذا في سبيل الله، يعني لو وقفَ في الميدان وهو بهذه القوة وبهذه الشدة سيكون من أسباب النصر على الأعداء، فوسَّع لهم- صلى الله عليه وسلم- هذا الأمر فقال: "إن كان خرج على ولده لينفق عليهم فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى ليعفَّ نفسه فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى مفاخرةً فهو في سبيل الشيطان"، فأي سعي محمود فهو عبادة، أي عمل من ورائه نية خالصة فهو عبادة، العبادة لا تقتصر على الصلاةِ، كل أمر مرغوب ومحبوب رغَّب إليه الشرع في الإسلام فهو طاعة وعبادة، ويُشير صلى الله عليه وسلم إلى أمرٍ استغرب له الصحابةُ فقال: "وفي بُضع أحدكم صدقة- هذا آخر ما يتصور أن يكون عبادة وطاعة ولذلك- قال الصحابة يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته وتُكتب له صدقة، قال: "نعم، أرأيتم لو وضعها في حرام أما تُكتب عليه سيئة؟ كذلك لو وضعها في حلالٍ تُكتب له حسنة".

أيها الإخوة المسلمون.. الإسلامُ دينٌ واسعٌ عظيمٌ، يستطيع المسلم من وقتٍ أن يُكلَّف إلى أن يلقى الله أن يجعل حياته كلَها حسناتٍ، كل سكنة وكل حركة، حتى لو نِمت القيلولةَ على أن تستعين بها في طاعةِ الله تُكتب لك عند الله حسنة، تبسمك في وجه أخيك صدقة، إماطة الأذى عن الطريق صدقة.. يخبرنا صلى الله عليه وسلم "أنَّ رجلاً مشَى في الطريقِ فرأى فرع شجرة فأماطه عن الطريقِ فشكر الله له".. لماذا..؟ ربما يكون هذا الفرع أو هذا الغصن فيه أشواكٌ تُؤذي رجلاً أو صغيرًا قد تقتله، فهو أماط الأذى من طريق المسلمين، ويقول- صلى الله عليه وسلم-: "ومرَّ رجلٌ بالطريقِ فوجدَ شجرةً وقعت على الطريقِ تمنع المارةَ فدفعها عن الطريق فدخل الجنة".

هذا هو الإسلام وعظمة الإسلام.. يعيشُ المسلم ولكن لإخوانه لأهله لجيرانه لأولاده للمسلمين جميعًا، أترَوا إلى مثلِ هذا المسجد لما بُني، بُني لكل مسلمٍ إلا أن يشاء الله عز وجل يتفيأ فيه ويدخل إليه؟ أتروا في الأديانِ الأخرى هل يوجد أحد يحس بالآخرين؟ الأديان الأخرى أو غير الإسلام عبارة عن مجموعاتِ من الأصنام البشرية لا أحدٌ يحس بالآخر.. يقول أحد المسلمين كنتُ أركبَ قطارًا في أوروبا فنظرتُ إلى الناسِ حولي فما رأيتُ أحدًا يُكلُّم أحدًا، هذه تُلاعب كلبَها، وهذا يأكل في ساندوتش، وهذا مشغولٌ بكتابٍ يقرأُ فيه..!! ما وجدتُ أحدًا بينه وبين الآخر صلة، فنظرت إليهم ثم نظرتُ إلى المسلمين بمجرد ما يقول المسلم "السلام عليكم" كأنه يعرفه من مائة سنة، فإذا به يُشاركه في كل شيء بمجرَّد أن يلقاه ويلقي أحدُهما السلامَ على الآخر صارت صلة ومودة ورحمة وبرّ ومعانٍ من أولها إلى آخرها أتى بها الإسلام طيبةً، ثم يقول هذا الرجل ذكرتُ قولَ الله عز وجل في غيرِ المسلمين ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾ ألهاكم التكاثر عن كل شيء، حتى عن الذي يجلس بجوارك، حتى عن أخيه، حتى عن أمه.. غير المسلمين ألهاهم التكاثر في الدنيا ساروا سكارى بالتكاثر ومن أجل الدنيا حتى يأتي الموت ﴿حَتَّى زُرْتُمُ المَقَابِرَ﴾ حتى تنتهي الحياة والواحد منهم ما عرفَ بابًا للخير، ما عرف بابًا للود، ما عرف حقًّا للإنسانية، ما عرف واجبًا لجار، لا شيء يشغله إلا التكاثر وإلا الصعود وراء هذه الدنيا ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ* حَتَّى زُرْتُمُ المَقَابِرَ* كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ* ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ* كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ اليَقِينِ* لَتَرَوُنَّ الجَحِيمَ* ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ اليَقِينِ* ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾ (التكاثر).. صاحب هذه القصة رجلٌ كان يهوديًّا وأسلم وسمَّى نفسه محمد أسد وعاشَ في الجزيرة العربيةِ على ظهر جملٍ خمس سنوات يتنقل بين المضاربِ والخيام والقبائل والمدن، ويرى واقعَ الأمةِ الإسلامية الكريمة التي أعزَّها الله.

أيها الإخوة المؤمنون.. إنَّ العبادةَ في الإسلامِ تتناول كل فروعَ الحياةِ إذا أداها المسلم كما أمره المولى تبارك وتعالى، وكان من وراء هذا النية الخالصة "إنما الأعمال بالنيات".. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات يا رب العالمين، اللهم انصر الإسلام ووفق أهله، اللهم انصر الإسلام ووفق أهله، اللهم اشفِ مرضانا، اللهم اشفِ مرضانا، اللهم ارحم موتانا، اللهم ارحم موتانا، اللهم تقبل أعمالنا، اللهم تب علينا.

عباد الله.. ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ اذكروا الله.

المصدر

اخوان اون لاين