حماس بعد الشيخ ياسين

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
حماس بعد الشيخ ياسين
حماس بعد الشيخ أحمد ياسين.jpg

بعد استشهاد شيخ المجاهدين الفلسطينيين، الشيخ أحمد ياسين.. طُرِح السؤال المعتاد: حماس إلى أين بعد رحيل مؤسسها؟! السؤال جاء من جهاتٍ عدة، بعضها مُخلص، وأغلبها مُعادٍ وغير مُخلص، وهم بالأساس العدو الصهيوني، والولايات المتحدة، وبعض السماسرة من الساسة والمثقفين العرب.

البعض سأل وقلبه يخفق حبًا وألمًا لهذه الحركة التي ارتبط اسمها في العقل والذاكرة بـ(فقه المقاومة)، وبقوافل الاستشهاديين التي زلزلت قلب الكيان الصهيوني، أما البعض الآخر فجاء سؤاله في صيغة شماتة وكراهية وتشفٍّ، متمنيًا نهايةً سريعةً لهذه الحركة مع دخولها في صراعات محلية وداخلية تُفقدها بريقَها ودورها.

وللاثنين نقول: مستقبل حماس مُشرق مثلما كان دائمًا، ولكن قبل أن نذهب إلى هذا المستقبل دعونا نبحث عن جذور الحركة وتجربتها، مستعينين بأبحاث وروايات أبنائها، خاصةً أولئك الذين سردوا في كتابهم الهام العمليات العسكرية للمقاومة الفلسطينية: علاء إسماعيل الأشقر، ومؤمن بسيسو.

إن حماس هو الاسم المختصر لـ(حركة المقاومة الإسلامية)، وهي حركة مقاومة شعبية وطنية تعمل على توفير الظروف الملائمة لتحقيق تحرر الشعب الفلسطيني وخلاصه من الظلم وتحرير أرضه من الاحتلال الغاصب، والتصدِّي للمشروع الصهيوني من قِبَل قوى الاستعمار الحديث.

وحركة حماس حركة جهادية بالمعنى الواسع لمفهوم الجهاد، وهي جزء من حركة الصحوة الإسلامية، كما هي أيضًا حركة شعبية تعبِّر عمليًّا عن تيار شعبيٍّ واسع ومتجذِّر في صفوف أبناء الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية، يرى في العقيدة والمنطلقات الإسلامية أساسًا ثابتًا للعمل ضدَّ عدو يحمل منطلقات عقائدية ومشروعًا مضادًّا لكل مشاريع النهوض في الأمة، وتضمُّ حماس في صفوفها كلَّ المؤمنين بأفكارها ومبادئها، المستعدِّين لتحمُّل تبِعاتِ الصراع ومواجهة المشروع الصهيوني.

نشأة حماس

نشأة حماس.jpg

انطلقت حركة حماس بتاريخ 14 ديسمبر عام 1987 م، مع بداية انطلاقة الانتفاضة المباركة الأولى؛ حيث وزِّع بيانُها التأسيسي، إلا أن نشأة الحركة تعود في جذورها إلى الأربعينيات من القرن العشرين، إذ هي امتداد تنظيمي وفكري لحركة الإخوان المسلمين في العالم.

وقد أثار بروزُ الحركة- ودورُها المتعاظم في تنفيذ وتسيير فعاليات الانتفاضة الأولى- قلقَ العدو الصهيوني، فاستنفر كافة أركان مؤسسته الأمنية والعسكرية لضرب الحركة؛ لتتوالى الاعتقالات التي استهدفت كوادر الحركة وأنصارها، ومن ثمَّ الاغتيالات التي طالت مختلف مستويات الحركة حتى اليوم.

وقد دخلت الحركة طورًا جديدًا بالإعلان عن تأسيس جناحها العسكري- كتائب الشهيد عز الدين القسام- نهاية عام 1991 م الذي أعقب الجهاز العسكري السابق، المعروف باسم مجاهدو فلسطين، وقد تأسس جهاز مجاهدو فلسطين عام 1983 م كجهاز عسكري سري محدود العدد، تنحصر مهامه في تجميع السلاح والإعداد العسكري، وجاء اعتقال الشيخ أحمد ياسين ومجموعة من إخوانه عام 1984 م على هذه الخلفية على يد سلطات الاحتلال؛ ليعلن مرحلةً جديدةً في مقاومة الاحتلال، ويعتبر الشيخ الشهيد "صلاح شحادة" المسئول الرئيسي لهذا الجهاز؛ حيث اعتقل مع الشيخ "ياسين" عام 1984 م، وأُفرج عنه عام 1986 م بعد إمضاء مدة محكوميته البالغة 3 سنوات ليُعتقل من جديد عام 1988 م لينسب إليه عام 1989 م قيادة الجهاز العسكري للحركة، وقد قام هذا الجهاز ببعض العمليات المسلَّحة قبل اندلاع الانتفاضة، كزرع العبوات الناسفة، وإطلاق النار على الدوريات الصهيونية، وتصفية العملاء، ومهاجمة سيارات المستوطنين.. لكن هذه الأنشطة ظلَّت محدودةً ومتواضعةَ التأثير.

ومع اندلاع الانتفاضة المباركة الأولى نَحَى هذا الجهاز منحًى جديدًا، عبر انتهاج أسلوب خطف الجنود الصهاينة، حيث تمكَّن الجهاز من اختطاف الجنديين "آفي سابورتس" و"إيلان سعدون" عام 1989 م، فضلاً عن العديد من العمليات العسكرية قبل تغيير اسم الجهاز إلى كتائب القسام نهاية عام 1991 م، وقد أخذت نشاطات كتائب القسام منحًى متصاعدًا ضد جنود الاحتلال ومستوطنيه منذ البداية؛ حيث نفذت كمًّا كبيرًا من العمليات العسكرية، واستأثرت بالغالبية الساحقة من قتلى وإصابات الصهاينة آنذاك، وكانت عملية قتل الكولونيل "مئير مينز"- قائد الوحدات الخاصة الصهيونية في قطاع غزة- إحدى أبرز العمليات المنفَّذة التي تتالت بكثافة حتى قدوم السلطة الفلسطينية إلى أرض الوطن عام 1994 م، ورغم اتفاقات أوسلو وملحقاتها التي تحرم العمل العسكري ضد الاحتلال.. فقد تواصلت عمليات كتائب القسام، وعلى رأسها سلسلة العمليات الاستشهادية التي نفذها الشهيد المهندس "يحيى عياش" عقب مجزرة الخليل عام 1994 م، وأوقعت مئات القتلى والجرحى الصهاينة، فضلاً عن سلسلة العمليات الاستشهادية التي نفَّذتها الحركة انتقامًا لاغتيال الشهيد "عياش" عام 1996 م وغيرها من العمليات الاستشهادية الموجِعَة التي استمرت بوتيرةٍ منقطعةٍ وعلى فترات زمنية متفاوتة حتى اندلاع انتفاضة الأقصى.

تابع نشأة حماس.jpg

وعقب اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000م بادرت الحركة إلى استخدام مختلف فنون وأشكال العمليات المسلحة، بدءًا بإطلاق النار، والاختطاف، وتفجير العبوات الناسفة..، وانتهاءً بإطلاق الصواريخ، واقتحام المستوطنات، وتفجير الدبابات، والعمليات الاستشهادية في العمق الصهيوني؛ حيث أطلقت كتائب القسام إبان انتفاضة الأقصى الراهنة مئات قذائف الهاون وصواريخ القسام على المستوطنات والمدن الصهيونية، واقتحمت عددًا من المستوطنات بشكل بالغِ الجرأة، وواجَهَت مختلفَ الاجتياحات، ونفَّذت عشرات العمليات الاستشهادية الموجعة التي أقضت مضاجع الاحتلال وهزَّت أركان دولته وشلَّت اقتصاده، وزرعت الرعب في مختلف مناحي حياته.

وتدير حركة حماس قيادةٌ جماعيةٌ بروح شوريَّة، وكان الشهيد الشيخ "أحمد ياسين" يعتبر أبرز قادة الحركة، فهو مؤسسها وزعيمها الروحي، فضلاً عن عدد من كبار القادة الآخرين.. من أبرزهم "خالد مشعل"- رئيس المكتب السياسي للحركة- ود. "موسى أبو مرزوق"، ود."عبد العزيز الرنتيسي" ود."محمود الزهار" و"إسماعيل هنية"، والشهداء المهندس "إسماعيل أبو شنب"، و"صلاح شحادة"، ود."إبراهيم المقادمة"، و"جمال منصور"، و"جمال سليم"... وغيرهم، الذين اغتيلوا بنيران الحقد الصهيوني الأعمى، وتعتبر حماس- بشهادة الأعداء- تنظيمًا قويًا ومتماسكًا ومتَّحِدًا في الداخل والخارج يحتكِم إلى سياسةٍ واحدةٍ ينتمي أغلب قادته وعناصره إلى عنصر الشباب.

كما دفعت الحركة فاتورةَ الحساب من دماء قادتها وعناصرها العسكريين؛ وفاءً لدينهم ووطنهم وقضيتهم، فكان الشهيد "عماد عقل"، والشهيد المهندس "يحيى عياش"، والشهيد "محيى الدين الشريف"، والشهيدان "عادل وعماد عوض الله"، و"يوسف السركجي" وغيرهم من رموز الجهاد والمقاومة على أرض فلسطين، وتعتبر الحركة الفصيل الفلسطيني الوحيد الذي استُهدف قادتُه عبر القصف بالقنابل التي تزن طنًّا من المتفجِّرات، كما حدث مع الشيخ "صلاح شحادة" ود. "محمود الزهار".. ناهيك عن العدد الهائل من شهداء كتائب القسام الذين يربون على الأربعمائة شهيد خلال مسيرة الحركة، وتعتقد حركة حماس أن الصراع مع اليهود صراع وجود، فهو صراع حضاري مصيري، لا يمكن إنهاؤه إلا بزوال سببه، وهو الاستيطان الصهيوني في فلسطين، واغتصاب أرضها وطرد وتهجير سكانها.

أفكار الحركة

وترى حماس في الدولة العبرية مشروعًا شموليًّا معاديًا، لا مجرد كيان ذي أطماع إقليمية، وهو مشروع مكمل لأطماع وقوى الاستعمار الحديث الرامية للسيطرة على مقدرات الأمة وثرواتها، ومنع قيام أي تجمع نهضوي في صفوفها، كما تعتقد الحركة أن الخطر الصهيوني كان منذ نشأته تهديدًا لجميع الدول العربية وعمقها الإستراتيجي الدول الاسلامية، غير أن السنوات الأخيرة شهدت تحولات ضخمة أبرزت هذا الخطر بلا حدود.

وترى حماس أن خير طريقة لإدارة الصراع مع العدو الصهيوني هي حشد طاقات الشعب الفلسطيني لحمل راية الجهاد والكفاح ضد الوجود الصهيوني في فلسطين بكل السبل الممكنة، وإبقاء جذوة الصراع مشتعلةً، لحين استكمال شروط حسم المعركة مع العدو من نهوض الأمة العربية والإسلامية، واستكمال أسباب القوة وحشد طاقاتها وإمكاناتها، وتوحيد إرادتها وقرارها السياسي، وإلى حين تحقيق ذلك فإن حماس تعتقد أنه لا يجوز- بأي حال من الأحوال- التفريط بأي جزء من أرض فلسطين أو الاعتراف بشرعية الاحتلال الصهيوني لها، وأنَّ من الواجب على أهل فلسطين وعلى جميع العرب والمسلمين إعدادُ العدة لقتال الصهاينة؛ حتى يخرجوا من فلسطين كما هاجروا إليها..

ويشكل العمل العسكري الوسيلة الإستراتيجية الأولى لدى الحركة؛ من أجل مواجهة المشروع الصهيوني، وهذا العمل يحتل موقعًا مركزيًّا في فكر الحركة وممارستها وإستراتيجيتها، إذ سيبقَى- حسب حماس- الضمانة الوحيدة لاستمرار الصراع وإشغال العدو الصهيوني عن التمدد خارج فلسطين في ظل غياب المشروع العربي والإسلامي الشامل للتحرير.

كما أن العمل العسكري في بُعده الإستراتيجي لدى الحركة يشكِّل وسيلةَ الشعب الفلسطيني للإبقاء على جذوة الصراع متَّقدة في فلسطين المحتلة، والحيلولة دون المخططات الإسرائيلية (الصهيونية)، الرامية لنقل بؤرة التوتر إلى أنحاء مختلفة من العالمين العربي والإسلامي، كذلك فإن العمل العسكري لدى حماس يعتبر أداةَ ردع لمنع الصهاينة من الاستمرار في استهداف أمنِ الشعب الفلسطيني وتنفيذ جرائمهم بحق المواطنين الفلسطينيين.

وتؤكد حماس أن مقاومتها وعملياتها العسكرية ليست موجهةً ضد اليهود كأصحاب دين، وإنما ضد الاحتلال ووجوده وممارساته القمعية، فهذه المقاومة- حسب حماس- ليست مرتبطةً بعملية التسوية، كما يزعم البعض، بل كانت سابقةً لمؤتمر (مدريد) باكورة عهد التسوية في المنطقة.

ومن خلال متابعة الخطاب السياسي للحركة المرتبط بالمجال العسكري يمكن رصد مجموعة السياسات والاتجاهات العامة لعمل حماس المسلح، وذلك على النحو التالي:

  • حصر العمل المسلح داخل الأراضي المحتلة، وعدم توسيع رقعته إلى أية منطقة خارجية.
  • التزام حماس بتوجيه العمليات المسلَّحة ضد أهداف عسكرية مشروعة.
  • قيام حماس بربط الضربات الموجعة للكيان الصهيوني بشتَّى المجازر الصهيونية التي تنفذ ضد المواطنين الفلسطينيين.
  • تفهم الحركة- في بعض الأحيان- للظروف المحيطة، والنظر في إمكان تجميده لفترات محددة؛ تحقيقًا للمصلحة الفلسطينية العليا، كما في الهدنة التي أُعلنت في نهاية يونيو الماضي، ولم تصمد أكثر من50 يومًا.
  • دفاع الحركة بعنف عن حقها في المقاومة المسلَّحة، ومواجهتها للحملات الإعلامية الواسعة التي تهدف لوصمها بالإرهاب.

ورغم حرص الحركة على استهداف الأهداف العسكرية وتجنب المدنيين في مقاومتها للاحتلال، إلا أن حجم ومستوى الجرائم الصهيونية ضد المدنيين الفلسطينيين اضطَّر الحركة للردِّ بالمثل على الجرائم الصهيونية عبر الحافلات والمجمعات التجارية والمقاهي ودور اللهو، ومواقف الباصات والحانات، وغير ذلك من أماكن تجمع الصهاينة، غير أن الحركة طرحت مرارًا مبادرةً إنسانيةً تقوم على توقف الطرفين الفلسطيني والصهيوني عن استهداف المدنيين، وإخراجهم من دائرة الصراع، لكن الصهاينة رفضوا هذه المبادرات وتجاهلوها بشكل يؤكد طبيعتهم الإرهابية، كما في مبادرة الهدنة الأخيرة التي أقرتها فصائل المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها حماس في 29/6/2003 م، ولم يحترمها الاحتلال لحظةً واحدةً لتسقط بعد50 يومًا على إقرارها عقب اغتيال القائد المهندس الشهيد "إسماعيل أبو شنب".

وتحرص حماس بشدة على مراعاة تعاليم الإسلام السامية وقواعد حفظ حقوق الإنسان والقانون الدولي لدى تنفيذها الأنشطة والفعاليات الخاصة لمقاومة الاحتلال، وهي لا تقوم بمقاومتها المشروعة رغبةً في القتل أو سفك الدماء كما يفعل الصهاينة، وتبدي الحركة معارضتها الشديدة لاتفاقات التسوية التي أقرَّت بين منظمة التحرير الفلسطينية والدولة العبرية، وترى في جهود التسوية تضييعًا للحق الفلسطيني المشروع؛ حيث اتخذت سلسلةَ خطوات لمواجهة خطورة الاتفاقات الموقَّعة، من بينها:

- توعية الشعب الفلسطيني بخطورة التسوية والاتفاقات الناجمة عنها.

- العمل على تكتيل القُوى الفلسطينية المعارضة لمسيرة التسوية والاتفاقات الناجمة عنها، والتعبير عن موقفها في الساحات الفلسطينية والعربية والدولية.

- مطالبة قيادة المنظمة بضرورة الانسحاب من أية مفاوضات مع الصهاينة، والتراجع عن الاتفاقيات الموقَّعة الظالمة.

- التواصل مع الدول العربية والإسلامية المعنية، وحثُّها على عدم الاستجابة لمخططات تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني.

تابع نشأة حماس 2.jpg

وقد تميَّزت حركة حماس بعلاقاتٍ جيدةٍ مع كافة القوى والفصائل الفلسطينية بمنأًى عن بعض أزمنة التوتر والإشكالات المتفاوتة، التي سرعان ما تجد الحلول الملائمة لها والجهود المتسارعة لتطويقها، غير أن علاقة الحركة بالسلطة الفلسطينية غلَب عليها التوتر في أغلب الأحيان، الذي بدوره أدَّى إلى الصِّدام في مرات عديدة، وخاصةً إثر حملات الاعتقال والقمع التي كانت تنفِّذها السلطة الفلسطينية بحقِّ عناصر وكوادر الحركة ومؤسساتها قبل اندلاع انتفاضة الأقصى.

وتحظَى الحركة بتأييد شعبي واسع وكبير داخل الشارع الفلسطيني، وتسيطر على العديد من النقابات والمؤسسات والجامعات، ولها إسهامات بالغة الحيوية والتأثير في المجال الدعوي والتربوي والاجتماعي، ساهمت كثيرًا في تنشئة الجيل وصيانته من الانحراف وتخفيف وطأة المعاناة عن المواطنين الفلسطينيين.. ومع اشتداد انتفاضة الأقصى وطأةً وقوةً تعاظَم دور وقوة ونفوذ حركة حماس؛ مما أحالها إلى رقم صعب في صلب المعادلة الداخلية وشكَّل عنصرَ أمن وحماية لها، وجعل منها لاعبًا أساسيًّا وكبيرًا على الساحة الفلسطينية، ينشده القريب والبعيد على السواء، خاصةً بعد استشهاد مؤسسها الشيخ "أحمد ياسين".

أما عن مستقبل حماس فإنه ينحصر في الآتي:

أولاً: هذه حركة أمة..

حركة شعب، مستقبلها مرتبط بهذا الشعب الفلسطيني التوَّاق للحرية والاستقلال؛ وهي لذلك غير مرتبطة بقاءً أو عدمًا برحيل قائد أو استشهاد رمز، ومن ثمَّ فهي باقية بقدر بقاء هذا الشعب الفلسطيني، وهو شعبٌ أثبت مقدرةً فذةً على البقاء والصمود والمقاومة خلال المائة عام الماضية، ومن هنا لا خوف عليه ولا على مجاهديه وحركاتهم المجاهدة، وفي مقدمتها حماس والجهاد الإسلامي وكتائب شهداء الأقصى.

مكانة الحركة

ثانيًا: حركة حماس حركة مؤسسية، لها مكتب سياسي وجهاز عسكري ونشاط اجتماعي وتربوي ضارب في جذور التربة الفلسطينية، وهي حركة لا يرتبط مصيرها أو مسارها بفرد أيًّا كان حجمه ودوره، ولعل في قدرتها وسرعتها على ملءِ الفراغ السياسي بسرعة، إثر استشهاد الشيخ، من خلال اختيار د."عبد العزيز الرنتيسي" قائدًا لغزَّة، و"خالد مشعل" قائدًا للحركة في الداخل والخارج بسلاسة ودون خلافات.. كما كان يتمنَّى الأعداء..

هذا جميعُه يؤكد أننا أمام حركة مستقبلُها مضمونٌ، ومبشِّرٌ، وسيزداد صلابةً وجذريةً.

ثالثًا: دعونا نكون أكثر وضوحًا في مناسبة جليلة.. مثل مناسبة استشهاد الشيخ "أحمد ياسين"، ولنقل- وبأعلى صوت- إن مستقبل حماس، بل مستقبل فلسطين برمَّته مرتهنٌ بمدى احتضان العمق العربي والإسلامي له، وبمدى مساندته لمقاومته، وكلما كان هذا العمق قويًّا متفاعلاً إيجابيًّا كلما كان لفلسطين- كما لحماس- مستقبلٌ مبشرٌ وواعدٌ، واقتربنا أكثر من لحظة النصر.. إن دماء الشيخ الشهيد "أحمد ياسين" ينبغي أن تكون هي نقطة البداية لتلاحُم عربي وإسلامي جديد مع المقاومة الفلسطينية، نقطة بداية لتاريخ جديد لهذه الأمة، وتلك في اعتقادي مسئوليتنا جميعًا، أفرادًا وجماعاتٍ، دولاً وشعوبًا، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.