حماية مشروع المقاومة حماية للقضية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
حماية مشروع المقاومة حماية للقضية

بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

لم يعد سرا أن المشروع الصهيوني يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، بل والوجود الفلسطيني، ولو كان الأمر غير ذلك لما وصل المفاوض الفلسطيني – رغم التنازلات الكبيرة التي قدمها على طاولة المفاوضات - إلى ما وصل إليه الآن من مأزق حقيقي أدى إلى وقوعه في حبائل الإحباط واليأس والتخبط، فبعد التنازل عن 78% من فلسطين ، والقبول بالتفاوض على البقية من الوطن، مما جعل الضفة والقطاع و القدس أرضا متنازعا عليها، .

جاء الرد الصهيوني متنكرا لكافة حقوقنا الوطنية، وقد بدا ذلك واضحا فيما طرح في كامب ديفيد من قيام دولة فلسطينية منزوعة السيادة تماما على 48% من الضفة الغربية، مع احتفاظ الصهاينة بالسيادة على أجزاء كبيرة من القدس، والسيادة على المياه الجوفية، والحدود، والمعابر، والسماء، والبحر، والاحتفاظ بالمستوطنات، وعدم السماح إلا لخمسة آلاف لاجئ فلسطيني بالعودة فقط، ويعتقد المفاوضون الفلسطينيون أن هذا العرض هو أقصى ما يمكن أن يصل إليه اليسار الصهيوني، ويعتقدون أيضا أن اليمين الصهيوني يعتبر هذا الطرح خيانة عظمى، ومن هنا يجد المفاوض الفلسطيني نفسه أمام خيارين محددين، إما أن يواصل السير في نفق مظلم لا يرى في نهايته بصيصا من نور، وكل همه اتقاء غضب أمريكا وشرها وقد قال بوش من لم يكن معنا فهو مع الإرهاب، وفي ذلك تفريط في حقوق شعبنا المشروعة وأمنه ووحدة صفه، أو التمسك بخيار الشعب خيار المقاومة، مع ما يمثله هذا الخيار من صيانة للصف الفلسطيني وحماية لوحدته الوطنية، حتى وإن كانت هناك بعض السلبيات التي قد تلحق بمكانة المفاوض على المدى القريب من قبل أمريكا.

وكنا نظن أن السلطة ستأخذ بخيار الشعب مستقية العبرة من الماضي، فلا تعود إلى نفس الشرك الذي وقعت فيه عام 1996 عندما حرقت آخر ورقة يملكها الشعب الفلسطيني، ورقة المقاومة وعلى رأسها العمليات الاستشهادية، وقبلت بالتصدي للمجاهدين، وحسب التصريحات الصادرة عن العديد من رموزها نجحت في إفشال العشرات من العمليات الاستشهادية، ولكن النتيجة كانت خسارتها للشارع الفلسطيني، وفشلها في تحقيق ما يمكن أن يسوق على أنه إنجاز سياسي، ثم تنكر الصهاينة لكل الجهود التي بذلتها في مجال التعاون الأمني من خلال مطالبتهم باستبعاد القيادة السابقة، وخلق قيادة بديلة.

فهل استفادت السلطة من دروس الماضي؟

للأسف الشديد ما يجري الآن على أرض الواقع يقول أنها لم تستفد، ولذا نراها تستجيب للضغوط الدولية والعربية الهادفة إلى إجهاض المقاومة، رغم قناعتها التامة أن الصهاينة لا يريدون حلا سياسيا، وأن ما يسمى بالمجتمع الدولي لا يملك القدرة على فرض حل سياسي، وأن الإدارة الأمريكية - التي بناء على أقوال الرئيس السادات بأنها تملك 99% من أوراق الحل - شريكة للصهاينة في عدوانهم على شعبنا وتنكرهم لحقوقنا، وهذا يعني أن المطلوب تجريد الشعب الفلسطيني من جديد من ورقة المقاومة بعد أن أثبتت نجاعتها وأوشكت أن تحقق أهدافها، ولكي ندرك أهمية هذه الورقة علينا أن نتدبر قول شارون جيدا:

( نحن نواجه حربا صعبة وستستمر وقتا طويلا، يجب علينا التكاتف والتفكير في أساليب خفض التوتر الذي ينتاب الجمهور، المواجهة طويلة وصعبة ويجب علينا أن نصمد، صمودنا يعني اجتياز لجميع العوائق ).

فهل من الحكمة أن نخفف التوتر الذي أصاب المحتلين الغزاة؟

وأي ثمرة يمكن أن نجنيها من إنقاذ شارون من ورطته؟

أليس شارون على رأس من يعتقدون أن ما قدمه باراك في كامب ديفيد يعتبر خيانة عظمى؟

فعلى أي شيء تراهن السلطة إذن؟

وأي حكمة في إعلاننا وقف العمليات ضد ما يسمى بالمدنيين الصهاينة في الوقت الذي يعيد فيه شارون احتلال معظم الضفة الغربية من جديد؟

أليس في ذلك تحقيق انتصار لشارون في وقت أثبتت فيه المقاومة الفلسطينية أنها قادرة على الرد بقوة كما حدث في مغتصبتي عمانويل وتل أبيب؟

أم أن السلطة تريد فعلا أن تلبي إملاءات شارون كما جاءت في رسالة وجهها إلى وزير الخارجية الأمريكي كولين باول قال فيها ( الفلسطينيون مطالبون بحل المجموعات المسلحة وتجريدها من سلاحها وتوحيد الأجهزة الأمنية تحت قيادة وزير غير متورط بالإرهاب ) ؟

إن تعاون السلطة مع الخطة الأمريكية لضرب المقاومة يعد خطيئة كبرى، ولقد أعلن عن هذه الخطة كولن باول في قوله:

( ثمة لـ سي.آي.ايه خطة مفصلة للدفاع عن الكيان الصهيوني من العمليات، موضحا أنها بحثت مع كبار في السلطة الفلسطينية ) ، ولقد جاءت المذبحة الأخيرة في مدينة غزة والتي أودت بحياة خمسة عشر فلسطينيا من بينهم ثمانية أطفال، والقائد العام للجناح العسكري صلاح شحادة، والقائد العسكري زاهر نصار، لتؤكد على أن الخطة الأمريكية عبارة عن أفغنة فلسطين، .

ولذا فمن حقنا أن نضع علامة استفهام كبرى على كل من يتعاون مع أمريكا في تنفيذ هذه الخطة لضرب المقاومة، لأن تصفية المقاومة لا يعني إلا شيئا واحدا فقط وهو تصفية القضية الفلسطينية والوجود الفلسطيني، وإن ما جاء في يديعوت أحرونوت العبرية في قولها ( يتضح من مصادر مقربة للحوار الذي يجري بين الولايات المتحدة والفلسطينيين أن السلطة وافقت على التعاون مع الخطة التي بلورها رئيس الـ سي.آي.ايه جورج من قبل تينت )، مضافا إليه قول الناطق باسم البيت الأبيض آري فليشر ( أن الرئيس بوش متشجع في أعقاب المباحثات حول الإصلاحات في أجهزة الأمن الفلسطينية ) يشير بوضوح أن هناك من بين الفلسطينيين من لا يمانع بالمشاركة في تنفيذ هذه الخطة، وهذا الأمر يحمل الشعب الفلسطيني بالذات تبعة كبرى في هذه المرحلة الدقيقة من مراحل جهاده الطويل.

وبما أن حماية المقاومة تشكل حماية للقضية الفلسطينية، فينبغي على شعبنا الفلسطيني أن يواصل دعمه وحمايته للمقاومة، وقد أعلن الشعب بمشاركته العظيمة في جنازة قادة حماس وشهداء المذبحة الصهيونية أنه مع خيار المقاومة، فقد شارك في الجنازة وحدها حوالي ربع مليون فلسطيني، بينما كانت هناك مسيرات حاشدة تجوب مدن وقرى الضفة والقطاع، وينبغي على السلطة أن تتوقف تماما عن التعاون مع أمريكا والصهاينة في ضرب المقاومة، وأن تحترم خيار الشعب الفلسطيني، فجنازة الشهداء تعد استفتاء حقيقيا على خيار المقاومة، وينبغي على الحركة الإسلامية أن تواصل مسيرتها الجهادية بكل قوة وثبات، وأن تطور أساليبها القتالية لتكون أشد تأثيرا على العدو، وأن تبذل جهدها في تذليل العقبات التي تعترض طريق المقاومة، خاصة أن عبقرية القائد العظيم صلاح شحادة - وهو يدرك أنه راحل لا محالة يوما ما - جعلته يؤسس جهازا عسكريا لا يهتز ولا يتأثر برحيل قائده، وينبغي على أنظمتنا العربية ألا تشارك في التعاون الأمني مع أمريكا لضرب المقاومة.

وبعيداً عن السياسة فإننا نشكوا إلى الله كل قائد عربي أو فلسطيني أو مسلم إن هو تعاون في قليل أو كثير مع أمريكا والكيان الصهيوني في ضرب المقاومة.

المصدر

للمزيد عن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة بالرنتيسي

مقالات بقلم الرنتيسي

تابع مقالات بقلم الرنتيسي

.

حوارات مع الرنتيسي

حوارات مع عائلة الرنتيسي

بيانات حول إغتيال الرنتيسي

أخبار متعلقة

تابع أخبار متعلقة

.

وصلات فيديو

.