حملة لنظافة مصر من التزوير

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٢١:٢٨، ١٣ نوفمبر ٢٠١٠ بواسطة Helmy (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
حملة لنظافة مصر من التزوير


بقلم:المستشار محمود الخضيرى


يا قوى الإخلاص تعالوا إلى كلمة سواء

نشرت «المصري اليوم» مقالاً للدكتور يحيى الجمل، بتاريخ ٢٠ أبريل الجاري بعنوان «يا قوى الإخلاص تعالوا إلى كلمة سواء» يدعو فيه سيادته القوى المخلصة فى مصر إلى إنقاذ ما تردى فيه الوطن من مشاكل تعصف به وتعوق تقدمه وتكاد تقضى عليه، ويرى سيادته أن الحل لا يكون إلا بعقد مؤتمر أو اجتماع فى مكان عام، تدعى إليه كل قوى الإخلاص فى الأحزاب والتيارات الدينية المستنيرة وجمعيات المجتمع المدنى، والأفراد الراغبون، ليجلسوا معاً يناقشون ويتحاورون ويخرجون بميثاق الحد الأدنى ثم ينطلقون بعد ذلك إلى كل الوسائل السلمية من أجل الضغط على جماعة الحكم لكى تستجيب لمطالب الناس أو ترحل غير مأسوف عليها، تاركة مكانها لمن يختارهم شعب مصر العظيم.

والحقيقة التى ينبغى وضعها أمام أعين الجميع أن فكرة الدكتور يحيى الجمل هذه تصلح للتطبيق فى نظام لم يعتمد القمع أسلوباً للحكم، يقبل التغيير وتبادل السلطة، نظام لا يعتبر أن التغيير ولو بالطرق السلمية وهى الانتخابات انقلاب وإرهاب، يجب القضاء عليه ومحاربته، ونحن نذكر أنه كانت هناك أفكار مشابهة لفكرة الدكتور الجمل خرجت إلى الوجود، أشار إليها فى مقاله، لكنها للأسف الشديد لم تراوح مكانها ولم تجد لها أنصاراً يؤمنون بها ويضعونها موضع التنفيذ.


أول ما يعوق الإصلاح هو بقاء هذا النظام دون تغيير وتداول للسلطة

كثيرون هم من يطالبون بالإصلاح، حتى الحناجر التى تدافع عن الحكم تعترف بأن هناك أخطاء يجب إصلاحها. واختلافهم مع قوى الإصلاح، نابع من حرصهم على أن يتم الإصلاح من خلال النظام القائم بكل عيوبه، وذلك طبعاً حرصاً منهم على مصالحهم التى يمكن أن تتأثر نتيجة التغيير، أما قوى الإصلاح فترى أن بقاء هذا النظام دون تغيير وتداول للسلطة، أول ما يعوق الإصلاح، لأن المشاكل التى يعانى منها الوطن هى نتيجة للجمود والاستئثار بالحكم وعدم وجود معارضة حقيقية يخشى النظام من أن تستطيع فى يوم من الأيام زحزحته عن كرسى الحكم، وكذلك إلى اطمئنانه إلى بقائه فى هذا الكرسى اعتماداً على تزوير إرادة الشعب وقوة أجهزة البطش والقمع.

فالتغيير وتداول السلطة هما إذن حجر الزاوية فى كل إصلاح منشود ووسيلة ذلك بالطبع هى الانتخابات الحرة النزيهة، التى عن طريقها يستطيع الشعب أن يعطى ثقته لمن يريد، ويحجبها عمن لا يريد أن يبقى فى الحكم بعد أن فشل فى تحقيق أمل الشعب فى الإصلاح.

كل شعب لديه مشاكل يعانى منها وهو فى اختياره لحكامه يحرص على أن يختار أقدرهم على حل هذه المشاكل فإن استطاع ذلك جدد ثقته فيه، وإن لم يستطع أطاح به وأحل غيره محله، لعله ينجح فيما فشل فيه سابقه، وهكذا تعيش الأمم وتتقدم. أما بقاء الفاشل رغم فشله فإن ذلك سيزيد المشاكل تعقيداً وتخلق غيرها، لأن المشاكل تتكاثر كما تتكاثر الجراثيم إذا وجدت البيئة الصالحة لتكاثرها.


أم المشاكل فى مصر

وإذا نظرنا إلى مشاكل مصر فى العصر الحالى نجدها متعددة ومتنوعة، لكن إذا جاز لنا أن نصنفها بين مشاكل كبيرة أخرى صغيرة أو رئيسية ومشاكل فرعية سنجد أن أم المشاكل فى مصر التى يتولد عنها كل المشاكل تقريباً هى الاستئثار بالسلطة والانفراد بها عن طريق تزوير إرادة الشعب، بل يمكن القول بأن مشكلة تزوير إرادة الشعب هى المشكلة الأم فى مصر، وهى التى يتولد منها باقى المشاكل، أو قل هى العقبة الكبرى فى سبيل كل إصلاح، وقبل التغلب عليها لا إصلاح ولا تغيير.

كانت تركيا قبل حزب العدالة والتنمية بلداً ضعيفاً اقتصادياً ممزقاً داخلياً ليس له أى تأثير دولى، وبعد وصول الحزب إلى الحكم دارت عجلة الإصلاح سريعاً واستطاعت تركيا أن تنمو اقتصادياً وتعلو سياسياً ودولياً وتجرى الإصلاحات الداخلية التى لم تستطع أن تفعلها بقية الأحزاب فى المدة السابقة التى كان يقتصر نشاطها فى الحرص على البقاء فى السلطة أكبر قدر من الوقت.

ولك أن تتخيل عزيزى القارئ لو أنه كان هناك تزوير لإرادة الشعب كما يحدث عندنا الآن هل كان فى استطاعة حزب العدالة والتنمية أن يصعد إلى الحكم؟ وهل كان يمكن أن يتحقق ما تنعم به تركيا حالياً من رخاء واستقرار وازدهار؟.. حزب العدالة والتنمية، لأنه نابع من إرادة الشعب الذى أتى به ويمكن أن يطيح به، شعر بالرعب من نتيجة الانتخابات البلدية الأخيرة لتدنى شعبيته عما كانت عليها. الأمر الذى دفع قادته وعلى رأسهم رجب طيب أردوغان، إلى اعتبار أن هذا النجاح فشل.


إما أن يتم تزييف الإرادة أو أن يمارس الشعب حقه فى الحرية والتغيير

الإصلاح إذن ممكن بالوسائل السلمية التى شرعها القانون بشرط أن يؤمن القائمون على الحكم فى مصر بذلك، ويتركوا الشعب يقول كلمته فيمن يريده أن يصل إلى الحكم، ونحن فى السنوات القريبة المقبلة، مقبلون على انتخابات تشريعية حيث قاربت مدة مجلس الشعب، السلطة التشريعية الرئيسية فى البلد، على الانتهاء وبعدها تكون الانتخابات الرئاسية وهى انتخابات مؤثرة أشد التأثير على مصير شعب مصر لعدة سنوات مقبلة، إما أن يتم فيها تزييف إرادة الشعب عملاً بمقولة من أجل استمرار المسيرة، والذى تعرفه خير مما لا تعرفه، وإما أن يتنفس الشعب الصعداء ويمارس حقه فى الحرية والتغيير، وأعتقد أن هذا أمل بعيد المنال صعب التحقيق وجميع الإرهاصات من حولنا تقول ذلك.

هب أننا عقدنا المؤتمر المقترح وخرج المؤتمر ببعض التوصيات وحرر وثيقة بالمبادئ التى يراها للإصلاح فلكى تكون هذه الوثيقة شرعية، قابلة للتنفيذ، لابد أن يؤخذ رأى الشعب فيها فإذا كانت الوثيقة تتحدث عن التغيير وتداول السلطة، وهذا أمر لابد أن تتناوله الوثيقة، فماذا سيكون موقف الحكومة منها، هل ستأخذ رأى الشعب فيها فى استفتاء حر نزيه تسمح للشعب أن يقول كلمته بصدق وأمانة أم أن هذا الاستفتاء سيكون شأنه شأن الاستفتاءات السابقة التى أخذ فيها رأى الشعب فى تقييد حريته، والقضاء على إرادته فأجاب بالإيجاب وكانت النتيجة تقارب الـ ٩٠٪.


إنشاء سجل لكل من يضبط يزور الانتخابات

لبيك يا أستاذنا الدكتور يحيى الجمل ولكن أعتقد أن الخطوة الأولى فى سبيل الإصلاح تكون بالوقوف بقوة ضد تزوير الانتخابات والاستفتاءات لا بقانون يمنع ذلك، فلا يوجد قانون يبيحه حتى نضع قانوناً يمنعه، كما أن القوانين فى مصر لا تحترم ولكن بقوة شعبية تقف بقوة وعزم واستعداد للتضحية فى سبيل منع التزوير، والاستعداد لذلك من الآن بنشر الوعى بخطورة هذا العمل، واعتباره من الأعمال الشائنة التى تصيب صاحبها بالعار، وتكوين لجنة فى كل حى مهمتها مراقبة اللجان ومنع وقوع التزوير، خاصة أنه بعد انحسار الإشراف القضائى أصبح أمر التزوير سهلاً بالنسبة للسلطة التنفيذية حيث يسهل التأثير على رؤساء وأعضاء اللجان سواء بالترغيب أو الترهيب ويكون ذلك بوجود مراقبين جادين فى كل لجنة، والحرص على أن يكون التصويت «سرياً» والفرز علنياً أمام كاميرات الفيديو وفى حضور المندوبين، وأن تعلن كل لجنة فرعية نتيجتها مع الاستعانة بالرقابة الدولية، خاصة فى الانتخابات التشريعية وانتخاب رئيس الجمهورية.

وأخيراً إنشاء سجل لكل من يضبط يزور الانتخابات، ويثبت ذلك عليه حتى يعرف الناس من يخون إرادتهم ويعبث بها ويبيع ضميره.


حملة لنظافة مصر من التزوير

كتبت منذ شهر مقالاً فى «المصرى اليوم» تحت عنوان: «هل يمكن أن تتبنى الجريدة حملة لنظافة مصر من التزوير، أسوة بحملتها الناجحة «من أجل مصر نظيفة»، وها أنا أجدد الدعوة مرة أخرى لكل الناس لتبنى هذا الاقتراح وأخذ الموضوع على محمل الجد واعتبار ذلك من أولويات الإصلاح، التى يجب أن تقوم بها قوى الإصلاح فى مصر، وأنا على استعداد للانخراط فى هذه القوة لأن مصر تستحق منا كل جهد من أجل إصلاحها حرصاً على مستقبل أبنائنا وأحفادنا من أن يكون مصيرهم الرقود فى بطون حيتان البحر وأسماك القرش تفتك بهم بعد غرقهم أثناء سفرهم وهجرتهم إلى البلاد الأجنبية، بحثاً عن فرصة عمل افتقدوها فى بلادهم، أو نسمة حرية لم يجدوها فى وطنهم، أو هرباً من التعذيب فى سجون السلطة، التى لا هم لها إلا البقاء فى كرسى الحكم. حتى تحين ساعة الصعود إلى الرفيق الأعلى، حاملة معها الذنوب والخطايا، مشيعة بدعاء المقهورين، بأن ينتقم الله لهم ممن قهرهم.