حوار مع المستشار محمد المأمون الهضيبي المرشد العام للإخوان المسلمين حول قضايا الساعة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
حوار مع المستشار محمد المأمون الهضيبي المرشد العام للإخوان المسلمين حول قضايا الساعة
المستشار مأمون الهضيبي


أجرت العديد من وسائل الإعلام المصرية والعربية حوارات واسعة مع فضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين المستشار محمد المأمون الهضيبي بعد الإجماع على اختيار فضيلته مرشدًا عامًا للجماعة خلفًا لمرشدنا الصابر الأستاذ مصطفى مشهور – رحمه الله – ونظرًا لما تناولته الحوارات من موضوعات هامة تعكس رؤية المرشد الجديد للأحداث الجارية.. فإننا نقدم فيما يلي مختارات من إجابات فضيلته في هذه الحوارات:

فضيلة المرشد: بداية نحن جماعة لها تاريخ وجذور، وعملية انتخابي مرشدًا للجماعة تمت مثلما تمت من قبل في اختيار المرشد الخامس الأستاذ مصطفى مشهور – رحمه الله – وكذا مثلما حدث عند اختيار المرشد الرابع الأستاذ محمد حامد أبو النصر – رحمه الله – والمرشد الثالث للجماعة الأستاذ عمر التلمساني – رحمه الله – فلم يحدث شيء جديد هذه المرة.
فالجماعة لها لوائحها التي وضعت نظامًا واضحًا لكيفية شغل منصب المرشد العام في حال خلوه، وهذا النظام معلن ومعروف، وتبدأ هذه المراحل من مصر لكون المرشد بها، ف مصر هي التي تعلن خلو المنصب، وأحيانًا قد تقرر خلوه قبل حدوث وفاة صاحب المنصب إذا ما تأكد أن حالة المرشد المرضية غير قابلة للشفاء، ثم تخطر باقي الأجهزة والمؤسسات لتقوم بدورها في اختيار من يقع عليه تبعة المنصب.
  • س: إذًَا فلماذا أخذ الإعلان عن المرشد الجديد كل هذا الوقت؟
فضيلة المرشد: لم يكن هناك تأخير في الإعلان، بل على العكس فقد كانت هذه المرة أسرع من أي مرة أخرى مضت، ويجب أن تعلم أن هناك أفرادًا من دول مختلفة يجتمعون ويتدارسون الأمر ويختارون، فالأمر يأخذ بعض الوقت، لكنه على أي حال لم يطل فوفاة الأستاذ كانت يوم 9رمضان والإعلان عن المرشد الجديد كان يوم 22رمضان أي أقل من أسبوعين وهي المدة التي استغرقتها الإجراءات والمراحل اللازمة للاختيار.
  • س: ننتقل إلى موضوع آخر وهو، اختيار نائب المرشد العام للجماعة، هل تم إنجازه؟ وهل هناك توجه في الجماعة لاختياره من جيل الشباب؟
فضيلة المرشد: لقد كان الكلام عن اختيار نائب المرشد العام قبل اختيار المرشد نفسه نوع من الدعاية المغرضة، وهو أشبه بـ "وضع العربة قبل الحصان".. فحسب اللائحة فإن المرشد هو الذي يبحث أمر اختيار نوابه، وها نحن بعدما انتهينا من المرحلة الأولى فإنه عما قريب سيعلن عن اسم نائب المرشد.
أما الكلام عن جيل الشباب في الجماعة فأود أن أوضح أن جيل الشباب موجود في القيادة وفي مكتب الإرشاد بالذات، ودعني أضرب مثالاً بالدكتور عبد المنعم أبو الفتوح مثلاً عمره 51عامًا وقد تم اختياره عضوًا بمكتب الإرشاد في آخر اجتماع مجلس شورى انعقد في القاهرة في عام 1995 ، يعني كان عمره وقتها حوالي 44سنة.
ثم إن القيادات الموجودة بمكتب الإرشاد هي قيادات منتخبة بطريقة ديموقراطية، ولكننا لا نستطيع في ظل هذه الأجواء الأمنية أن نعقد اجتماعًا لمجلس الشورى حتى لا نعرضهم للاعتقالات والمحاكم العسكرية.
  • س: إذًا ما تفسيركم لما تردده بعض وسائل الإعلام من وجود انشقاقات وخلافات داخل الجماعة وأن هناك صراعًا بين جيل الشباب وجيل الشيوخ؟
فضيلة المرشد: كل ما يشاع عن وجود خلافات وصراعات داخل الصف الإخواني كلام لا أصل له وهو جزء من مخطط كبير وحرب دعائية مغرضة، أو قل هي حرب نفسية ضد الجماعة، فنحن لسنا طلاب دنيا ولسنا حزبًا يتصارع من أجل منصب، ومن يصورون الأمر على أنه صراع على منصب لا يفهمون شيئًا عن منهج الإخوان وفكر الإخوان.
ثم إنهم يضيعون الأصل، فأين حريتنا وحقوقنا في المجتمع كمواطنين؟! هم ينسون أو يتناسون أن الجماعة تمارس عملها تحت ضغوط ومطاردات وتهديدات، أليس عجيبًا أن يتركوا هذا كله ويتحدثون عن ضرورة إجراء انتخابات لاختيار المرشد ونائبه ويتحدثون عن دور الشباب؟!.
وهنا أود أن أوضح أن الجماعة قدمت خيرة شبابها للمناصب الكبرى كي يكتسبوا خبرة واسعة، فها هم في مكتب الإرشاد أعلى هيئة تنفيذية في الجماعة، ثم ها هم في النقابات المهنية والبرلمان وأضرب مثالاً على ذلك بالدكتور عصام العريان أمين عام نقابة الأطباء عندما رشحته الجماعة في الانتخابات البرلمانية دورة 1987 ونجح بفضل الله -عز وجل- وجلس على المنصة الرئيسية للبرلمان في جلسته الافتتاحية، ترى كم كان عمره؟ حوالي 31سنة، هذا أوضح مثال للرد على من يقولون إن الجماعة تمنع الشباب من القيام بأدوار فاعلة أو أنها تحجر عليهم.
  • س: ومنصب المتحدث الرسمي باسم الجماعة.. ألم يتم حسمه أيضًا؟
فضيلة المرشد: بداية أود أن أصحح مفهومًا خاطئًا تردده وسائل الإعلام، وهو القول بأن هناك خلافًا حول منصب المتحدث الرسمي، والحقيقة أنه لا يوجد في الجماعة منصبًا بعينه اسمه "المتحدث الرسمي للجماعة" فالأصل حسب اللائحة أن المرشد العام هو رئيسها والمتحدث الرسمي الوحيد باسمها فهو المسئول عن تقرير سياسة الجماعة وهو العارف ببواطن الأمور فيها، وهذا ما سارت عليه الجماعة في عهد الإمام الشهيد حسن البنا، وفي عهد المستشار حسن الهضيبي، وكذلك في عهد الأستاذ عمر التلمساني .
  • س: لكنكم ومنذ فترة طويلة تزيد على 10سنوات تقدمون لوسائل الإعلام على أنكم المتحدث الرسمي باسم الجماعة؟
فضيلة المرشد: نعم..فنفس اللائحة تعطي المرشد العام للجماعة حق تفويض أو إنابة من يتكلم باسمه ويتحدث باسم الجماعة، وهذا الأمر لم يبدأ العمل به إلا في عهد الأستاذ أبو النصر، ولذلك قصة، ففي حرب الخليج اهتم الإعلام العالمي بمعرفة رأي الإخوان فيما يحدث وبدأ مراسلو وكالات الأنباء والصحف والإذاعات العالمية تتوافد على مقر الإخوان للحصول على تصريحات وأحاديث صحفية، مما مثل عبئًا شديدًا على فضيلة المرشد، وكان قد صمم مراسل إحدى وكالات الأنباء العالمية على مقابلة المرشد العام فعندما دخل علي في مكتبي بادر بسؤالي: هل حضرتك الشخص رقم واحد في الجماعة.. فقلت له: لا.. أنا لست رقم واحد ولا حتى رقم اثنين.. فقال لكنني أريد أن أجري الحوار مع رقم واحد، فكلفت المرحوم إبراهيم شرف مدير مكتب المرشد وقتها بتوصيله لمكتب فضيلة المرشد الأستاذ أبو النصر، وبعد قليل جاءني المراسل مرة أخرى فقلت له ماذا حدث؟.. فقال المرشد العام يقول: "اجر الحوار مع الهضيبي فهو رقم واحد".. وبعد انتهاء الحوار فوضني الأستاذ أبو النصر للتحدث باسمه وباسم الجماعة وقال لي: "من اليوم أنت المتحدث الرسمي باسم الجماعة" وظللت متحدثًا باسم الجماعة من يومها وحتى وفاة فضيلة المرشد الخامس الأستاذ مصطفى مشهور- رحمه الله-.
وأود أن أوضح أننا لا نمنع أحدًا من قيادات الجماعة من التحدث، ولكن هناك فرق بين أن يتحدث الواحد برؤيته فيحسب عليه قوله، وبين أن يتحدث باسم الجماعة فيحسب رأيه على الجماعة كلها، أما بعد أن يقول المتحدث باسم الجماعة رأيه في المسألة لا حرج في أن يتكلم في الأمر من يرغب من قيادات الجماعة.
  • س: كيف تنظرون إلى الانشقاقات التي حدثت في جسم الجماعة والتي أحدثت تيارات فكرية وبنى تنظيمية مختلفة، هل يعني هذا أن الجماعة لم تعد قادرة على استيعاب أي شكل من أشكال التطور الفكري أو التنظيمي مما يجعلهم ينفصلون؟
فضيلة المرشد: أي دعوة تضم الملايين من البشر تستمر على مدى نحو خمس وسبعين سنة لابد وأن يظهر في أثناء مسيرتها بعض الاختلافات بين أنصارها، ويحدث أن يترك البعض تلك الجماعة ويجعل لنفسه منهجًا خاصًا يدعو هو إليه، وهذه هي طبيعة الأشياء وطبيعة البشر، ومحاولة تجسيم ما حدث في جماعة الإخوان المسلمين والزعم بأنها انشقاقات خطيرة في جسد الجماعة زعم واضح عدم صحته، والجسد العام لجماعة الإخوان المسلمين ظاهر للعين تراه في كل الأقطار، وأن جميع كتل الإخوان المسلمين الموجودة في كل قطر من الأقطار هي الوحيدة ذات القوة الفعالة الحقيقية والمحرك الأساسي للشعب، ولذا فإن الحكومات التي تخاف على نفسها وعلى كراسيها هي التي تبذل قصارى جهدها لمحاولة كبح قوة الإخوان وأيضًا محاولة صد الناس عنها.
  • س: كيف تنظرون إلى مستقبل علاقاتكم مع الأنظمة الحاكمة وبخاصة العربية منها؟.. وهل ستستمر حالة الجمود أو الصدام كما هو الشأن في بعض البلدان مثل سوريا وتونس، أم أنكم تتوقعون تغييرات استراتيجية في هذه العلاقة خلال السنوات القليلة القادمة لاسيما في ظل التهديدات التي تتعرض لها بعض الأنظمة المهمة مثل مصر والسعودية؟
فضيلة المرشد: أكرر أننا لا نسعى للصدام مع أحد، وخاصة مع حكومات بلادنا، وهذا مبدأ مستقر لدى جميع الإخوان في كل بلد من البلاد، ولكن في نفس الوقت فإن كيفية تعامل الإخوان في أي بلد مع حكومة البلد الذي هم فيه هو أمر داخلي يخصهم بالمقام الأول، وعليهم وحدهم اختياره في نطاق المبادئ العامة المقررة شرعًا.. ونحن ندعو كل الحكومات العربية والإسلامية إلى تصحيح علاقتها بالشعوب وإطلاق الحريات العامة وتحقيق الاستقلال الحقيقي والتنمية العادلة.
  • س: لماذا لم تكتسب جماعة الإخوان الشرعية القانونية في العديد من البلدان العربية حتى الآن؟
فضيلة المرشد: أولى أن توجه هذا السؤال إلى الأنظمة الحاكمة، وقد أعلنا مرارًا أننا على أتم استعداد للتحول إلى حزب سياسي في إطار القانون والدستور خلال 24ساعة في مصر، وعندما أتيحت الفرص، كان الإخوان أسبق الناس للعمل في إطار القانون "الجزائر، السودان ، اليمن ، الأردن ، لبنان ، الكويت .. إلخ".
فضيلة المرشد: هذه النتائج المشرفة التي حققها الإسلاميون في هذه البلدان دليل على أن الصحوة الإسلامية مستمرة، ودليل قاطع على أن الله – سبحانه وتعالى – هو الحافظ لدينه، وأن الشعوب مقبلة على الإسلام ولا ترضى غيره بديلاً، وأن كل أدوات القهر والتعذيب وكل المحاولات التي تبذل لمحو العقيدة الإسلامية وفرض التغريب وتفريق المسلمين إلى مذاهب شتى تبوء بالفشل الذريع.. وعليه فعلى الحكومات أن تراجع نفسها ولا داعي مطلقًا لهذه الفجوة، وهذا الحصار بينها وبين الدعاة للإسلام، فقد اعتدنا أنه في أي بلد عربي أو مسلم تجرى انتخابات فيها قدر من المعقولية والنزاهة فإننا نجد أن الإسلاميين هم الفائزون.
فإذا كانت الشعوب هي التي ستحكم وهي صاحبة الحق في اختيار حكامها ولكي تكون هناك أصول للتعاون الحقيقي بين الشعوب وحكامها فلابد من أن يكون هناك تداخل وتلاحم وتعاون، فبدلاً من هذا العنت الذي يضيع الشعوب والدول ويؤخر ويعوق مسيرة التنمية والتطور.
ونحن نستبشر بحكومة عبدالله جول خيرًا، فقد كان لحزبه "العدالة والتنمية" تجارب ناجحة في إدارة موارد مدينة استانبول، كما أنها تضم عددًا من أهل الاختصاص، ونحن ندعو الله لهم بالتوفيق والتثبيت، كما نتوقع أن يواجهوا أهوالاً كثيرة أولاً من الجيش الذي لن يتركه يثبت نجاحات على أرض الواقع.
  • س: ما موقف الجماعة من الانتفاضة الفلسطينية، وماذا قدمت الجماعة للانتفاضة من دعم حقيقي لكي تستمر؟
فضيلة المرشد: أود بداية أن أذكر بأن الإعلام يتعامل معنا وكأننا حزب أو قوة سياسية معترف بها، ومن ثم يسألنا عما قدمناه في كذا وكذا وينسى هذا الإعلام أننا مضطهدون ومطاردون وممنوعون من ممارسة أي حق من حقوقنا السياسية.
أما عن القضية الفلسطينية فإننا ننظر إليها على أنها قضية مركزية ومحورية وأنها جزء من ديننا ودعمها واجب علينا فرضًا لا تفضلاً، ونحن نعتقد بأن الله سيسألنا يوم القيامة عما قدمناه لهذه القضية؟..كما أنه سبحانه سيسأل الحكام والمسئولين العرب والمسلمين في أي مكان عن التقصير في حق القضية الفلسطينية؟.. وماذا قدموا للفلسطينيين الذين تركهم العالم لقمة سائغة يعتقلهم ويقتلهم المجرم شارون وأعوانه؟!.
فدعمنا للانتفاضة واجب من جهتين:
فهو من ناحية واجب ديني تجاه إخوة العقيدة..
ومن جهة أخرى هو واجب وطني تجاه مصرنا حيث تقف "إسرائيل" على حدودنا الشمالية الشرقية وهو ما يمثل تهديدًا لأمننا القومي، وقد سبق أن هددونا بضرب السد العالي، والعودة لاحتلال سيناء، فكيف ننام قريري العين والعدو يشهر سلاحه في وجه إخواننا، فالواجب دعمهم وهذا المتاح حاليًا.
  • س: وماذا لو فتح باب الجهاد أمامكم لنصرة فلسطين ؟
فضيلة المرشد: لو فتح باب الجهاد وكانت فلسطين بحاجة للشباب فسنضحي من أجلها بخيرة أبنائنا، ولكنني أرى أن الفلسطينيين قبل الشباب بحاجة إلى الدعم الطبي والدعم العسكري والدعم المالي ليستطيعوا أن يعيشوا ويواصلوا الحياة بعدما هدم الاحتلال بيوتهم وجرف زراعتهم وأصبحوا بلا مأوى يعيشون في العراء.
وأيضًا هم بحاجة للدعم الإعلامي والشعبي للتعريف بقضيتهم فهو سلاح ليس بالهين، كما أن خروج المظاهرات والمسيرات الداعمة المؤيدة للانتفاضة يمثل عوامل ضغط غير مباشرة على الحكومات العربية للتحرك لعمل شيء فاعل..
وعندما تكون هناك حريات لدينا فسوف نجتمع هنا وهناك ونتصل بهم للتعرف على احتياجاتهم الحقيقية على أن نبدأ بالأهم والأكثر حاجة فالأقل، ويمكن لشعب مصر إذا أتيحت له الفرصة أن يقود شعوب المنطقة كلها إلى تحقيق شيء كبير ملموس.
  • س: وماذا عن العراق والتهديد الأمريكي بضربه؟
فضيلة المرشد: نحن مع شعب العراق المحاصر، ضحية الحملة التي تهدف إلى تركيعه وإخضاعه للجبروت الأمريكي، كما أن في ضرب العراق تقوية "لإسرائيل" ويمكن لأمريكا رغم مرور ثلاث أو أربع جولات من التفتيش أن "تفبرك" أو تفتعل أي مشكلة لتتخذها مبررًا لتوجيه ضربة عسكرية للعراق.
  • س: كيف تقرؤون موقعكم السياسي على المستوى العالمي كجماعة إسلامية كبيرة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر ؟
  • فضيلة المرشد: أحداث الحادي عشر من سبتمبر استغلتها الولايات المتحدة أسوأ استغلال للهجوم على الإسلام كعقيدة ومبدأ، وعلى المسلمين شعوبًا ودولاًَ، وهي في الحقيقة قد فضحت مشاعر وأفكارًا وحقدًا وخططًا سياسية معدة من زمن سابق وهذا الأمر أصبح واضحًا لدى الغالبية الساحقة من المسلمين بما أثار في نفوسهم رد فعل عنيف ضد الولايات المتحدة وسياساتها العدوانية إزاء العرب والمسلمين، ومن ثم فالدعوة الإسلامية تشتد وتنمو وهي على أي حال لم تخنع، بل الواضح أنه رغم قوة الولايات المتحدة المادية العظمى فإن الحركة الإسلامية والأمة كلها تعمل جهدها لمواجهة هذا العدوان الأمريكي المفروض عليها، والعقيدة لدى الغالب من المسلمين أن القوة المادية لن تستطيع سحق القوة الإسلامية العقيدية، وأن كل ما تبذله الولايات المتحدة وعملاؤها خاصة ممن نصبتهم مقاليد الأمور في كثير من البلاد، سوف تبوء بالفشل ولن تستطيع تبديل أي شيء من أحكام أو أصول الإسلام ويكفي أن الله – تبارك وتعالى – تكفل بحفظ دينه (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر: 9).
وعلى مدى عدة قرون ماضية بذلت محاولات مستميتة للتلاعب بالنصوص القرآنية وبالصحيح من الأحاديث النبوية وكلها باءت بالفشل (وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) (يوسف: من الآية 21).
  • س: كيف ستتعاملون إذا وضعتكم الولايات المتحدة ضمن قائمة الجماعات الإرهابية وتلاحق قياداتكم في كل مكان كما تتعامل الآن مع جماعات المقاومة والجهاد؟
فضيلة المرشد: أعتقد أن الإجابة على السؤال السابق قد شملت أكثر ما يتضمنه هذا السؤال، ونحن لا ندعو لمواجهات ولا نتمنى حروبًا "لا تتمنوا لقاء العدو، فإذا لقيتموهم فاثبتوا" رواه البخاري ومسلم، ويقيننا بالله لا يتزعزع إن شاء الله.
وعلى الولايات المتحدة الأمريكية أن تتحلى بالعدل والإنصاف وأن تسعى للحوار مع الشعوب الإسلامية، وأن تتخلى عن محاولات فرض إرادتها المنفردة بالقوة الغاشمة على العالم كله، وعلى الشعب الأمريكي أن يراقب ويصحح سياسة الإدارة الأمريكية التي جلبت العداء والكراهية للأمريكان في العالم.
  • س: على النقيض من النظرة السابقة، تردد مؤخرًا أنكم تفكرون في الاتصال بالولايات المتحدة لطرح أنفسكم كبديل لبعض الأنظمة العربية القائمة، ما مدى صحة ذلك؟ .. وهل قام بينكم وبين الولايات المتحدة على مدى الثلاثين عامًا الماضية أي تواصل؟.. وهل تعتبرون أنفسكم بالفعل بديلاً محتملاً للأنظمة الحالية؟
فضيلة المرشد: كل بنود هذا السؤال خيال سقيم وأفكار مغرضة لأشخاص حاقدين.. وكل ما ورد بالسؤال لا أصل له على الإطلاق ولا أساس له من الصحة، ونشاطنا كله معروف ومرصود، ونحن ندعو إلى جبهة عريضة في ظل إطلاق الحريات العامة لمواجهة الحملة الأمريكية التي لا تستثني أحدًا.
  • س: تقولون عن أنفسكم إنكم جماعة عالمية ثم تعودون فتقولون إن كل بلد أدرى بمشكلاته وإنكم لا تتدخلون في مسيرة الجماعة هناك، فما الذي تبقى لمفهوم عالمية الجماعة؟
فضيلة المرشد: لا تناقض بين الإسلام "الدعوة العالمية" وبين القول المأثور أهل مكة أدرى بشعابها، ومحاولة إيجاد تضارب بين الأمرين غير واردة.. فمناهج العمل وأساليب التربية والقواعد العامة يتم الاتفاق عليها وتبقى خصوصيات كل بلد عند التطبيق العملي، ولسنا بدعًا في ذلك.
  • س: وكيف تعتبرون أنفسكم جماعة عالمية وأنتم متخلفون في وسائل الإعلام سواء في الدول المسموح لكم بامتلاك إعلام بها أو في بعض الوسائل التي لا تحتاج إلى إذن من دولة مثل الإنترنت؟
فضيلة المرشد: نحن بحمد الله لسنا متخلفين وعندنا الأشخاص المؤهلين لأعلى درجات العلوم الحديثة الإعلامية أو غيرها، ولكن الأمر الذي لا مجال للمناقشة فيه أن حكومات البلاد التي نعيش فيها هي التي تفرض القيود والسدود، ويكفي الاطلاع على التقارير المحايدة لبيان أن الإخوان – مقارنة بغيرهم – أكثر المنشغلين بالعمل العام اهتمامًا بالإعلام وخاصة الإنترنت.
  • س: هل تعتقد بأن مفردات الخطاب السياسي للإخوان تتناسب مع العصر والمشكلات والتحديات التي تواجه العالم العربي والإسلامي؟
فضيلة المرشد: نحن جماعة عقائدية تقوم على أساس جاء بها الإسلام الحنيف منها ثوابت لا مجال للتغيير ولا للتبديل في مضمونها ومتفق ذلك بين جميع الفقهاء والعلماء والمسلمين، وفيما يخضع للاجتهاد وهو القسم الأكبر، وما يتعلق "بالقسم الأكبر" في تنظيم المباحات، وفي جميع هذه المجالات فإن مفردات الخطاب السياسي بشأن أي منها قابلة للتأقلم مع العصر وأحوال المجتمع الاجتماعية والثقافية.. إلخ، والجمود ليس من طبيعتنا ولا من طبيعة الحركة الإسلامية.
والدارس لخطاب الإخوان وخطابهم السياسي يرى كل ذلك بوضوح ولذلك تكون أكبر نسبة تأييد هي للإخوان في الشارع العربي.
  • س: هل تظن بأن أساليب التربية داخل الجماعة والتي لم تتغير منذ أكثر من سبعين عامًا لا تزال قادرة على إنتاج المسلم الذي تحدثت عنه أدبياتكم؟
فضيلة المرشد: نحن نطور أساليب عملنا باستمرار ونرحب بكل تطوير وهو ما يحدث بالفعل وهذا شأن داخلي قد لا يلاحظه المراقب، ويكفي ما تردد في قضية سلسبيل للاطلاع على ذلك.
  • س: ألا تظن بأن طموح الإخوان في إقامة دولة للخلافة الإسلامية بات أمرًا غير واقعي خاصة في الظروف الراهنة؟
فضيلة المرشد: (إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) (يوسف: 87)، طموح الإخوان في إقامة دولة للخلافة الإسلامية بات أمرًا غير واعقي خاصة في الظروف الراهنة.
في ما تردد في قضية سلسبيل والمسلم يعلم أن عليه أن يسعى وأن يخلص النية لخالقه -عز وجل- الذي لم يخلقه إلا ليتعبد إليه تعالى بشريعته -عز وجل- ونحن نسعى إلى ذلك عبر تدرج طويل يبدأ بالتقريب بين الشعوب الإب ا يبدأ بالتقربليه أن يسعى وأن يخلص النية لخسلامية في ثقافتها.. والتعاون الاقتصادي فيما بينها.. وتوحيد مواقفها السياسية.
ونعتقد أن تفعيل منظمة المؤتمر الإسلامي يمكن أن يكون البداية الصحيحة، وكذلك تشجيع رجال الأعمال على عمل تكتلات اقتصادية وإنشاء منتديات للحوار والبحث العلمي وتقريب وجهات النظر بين العلماء والمفكرين في العالم الإسلامي.
  • س: ما ردكم على الاتهامات التي توجه إليكم بأنكم خلطتم بين كونكم جماعة دينية وحزبًا سياسيًا وأن أفكاركم أفكار عامة تنقصها آليات التطبيق؟
فضيلة المرشد: هذا الادعاء الذي تضمنه السؤال هو محاولة يائسة لأعداء الإسلام أشهروها في وجه دعوة الإخوان المسلمين منذ سبعين سنة وسبق الرد عليها تفصيلاً، ومن البديهيات التي يعرفها المسلم أن شريعة الإسلام جزء لا يتجزأ من العقيدة ومن الأخلاقيات الإسلامية، وهي أساس كل المعاملات الإسلامية وحياة الفرد والأسرة والجماعة والدولة وعلاقة الحاكم بالمحكوم، وكل النظام الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، بل وعلاقة الدولة بغيرها من الدول والإسلام كما أعلنا ذلك كثيرًا أن الإسلام دين ودولة، ومصحف وسيف، وإن كان البعض يزعم أن هذا خلط إلا أن هذا هو الإسلام كما نزل على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – خاتم المرسلين ولا يؤمن أحد إيمانًا حقيقيًا بالله وبدين الإسلام إلا إذا كان مطمئن القلب وعلى يقين من صحة ذلك.
  • س: أخيرًا لماذا تصرون على التمسك باسم " الإخوان المسلمون " كلافتة للعمل الدعوي والسياسي؟.. لماذا لا تستلهمون تجربة التيار الإسلامي في تركيا الذي غير اسمه أكثر من مرة لكي يكون له تواجد في الشارع السياسي؟
فضيلة المرشد: ولماذا لا نتمسك باسمنا " الإخوان المسلمين " وما الذي يدعونا إلى أي تفكير في تغييره، إن اسمنا له شهرة عالمية وحين يذكر في أي بقعة في أنحاء العالم يقع في نفس السامع مفهوم خاص له معناه وله بريقه وله طهارته وله نضاله.. إلخ،
والذي هو ظاهر لنا أن كثيرًا من الحكومات تحاول الالتفاف حولنا ودفعنا إلى تنازلات شيئًا فشيئًا حتى ننحرف عن حقيقة دعوتنا وهي تبدأ بما قد يبدو في الظاهر أمرًا بسيطًا، وهو يخفي وراءه الكثير الذي لابد أن ينزلق إليه من يبدأ بالتنازلات ويبتلع الخديعة.
أما عن تركيا فلم تكن فيها يومًا حركة تسمى حركة " الإخوان المسلمين " ولم يكن لها يومًا رابطة عضوية ب الإخوان المسلمين ، ولتركيا أوضاعها وظروفها، وأهل مكة أدرى بشعابها، ونحن نعتقد أن المضمون والمحتوى هو المقصود الأكبر.

المصدر


تعرف معنا على المزيد

روابط داخلية

كتب متعلقة:

أبحاث ومقلات متعلقة:

مؤلفاتة:

متعلقات

روابط خارجية

أبحاث ومقلات متعلقة:

تابع الروابط الخارجية:

تابع الروابط الخارجية:

روابط فيديو: