دعوتنا ربانية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٢١:٣٦، ١٧ ديسمبر ٢٠١٠ بواسطة Moza (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

دعوتنا ربانية

بقلم:أحمد أحمد جاد

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على عباده المصطفين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين و بعد ،، فإن المقصود من هذه السطور معرفة دعوتنا الربانية التى نعتز بها و التى ننتسب إليها و نعيش لها و ندعوا إليها و نضحى من أجلها و نتحمل الأذى فى سبيلها حتى يأتى موعود الله فى الدنيا و الآخرة


• من هم الربانيون ؟

الأستاذ/أحمد جاد...أحد الرعيل الأول للإخوان

1. الربانيون هم أرباب العلم و أحدهم ربانى و هو الذى يربى العلم و يربى الناس أى يصلحهم و يقوم بأمرهم ، فالربانى يربى الناس بصغار العلم قبل كباره ، فهو الذى لا يكتفى بالعلم بل يضم إليه التعليم

2. و الربانى هو العالم بربه الذى يعمل بعلمه ، فإذا لم يعمل بعلمه و لم يقصد مرضاة ربه فقد خاب و خسر ، و كان النبى " صلى الله عليه و سلم " يتعوذ من " علم لا ينفع و من قلب لا يخشع " جزء من حديث أبى داود : 1548 و ابن ماجه : 250 و غيرهما ، و أنظر صحيح الجامع : 1297 صحيح

3. و الربانيون هم ولاة الأمة الذين يجمعون إلى العلم البصر بالسياسة العارفون بأخبار الأمة .

4. و هم الربانيون بحكم علمهم بالكتاب و مدارستهم له و معرفة أحكامه و هم المصلحون " و الذين يمسكون --- المصلحين ) الأعراف : 170

5. و هم الذين يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر ( لولا ينهاهم .... يصنعون ) المائدة : 63

6. و الربانيون هم العلماء الراسخون فى العلم و العباد الحكماء الأتقياء

7. و الربانى : منسوب إلى الرب و الرب لغة : المالك و السيد و المنعم و المربى ، و الرب يطلق على الوالد المربى ، يربى أولاده شيئاً فشيئا ، فيقوم بسد حاجاتهم من طعام و شراب و كسوة ... و كذا يعلمهم الأخلاق و الآداب و أمور الحياة .. فهذا المربى فى الظاهر لكن المربى فى الحقيقة هو الذى خلق و رزق و أمات و أحيا ( الذى خلقنى ... ثم يحين ) الشعراء : 78: 81 و هو الذى يؤدب أولياءه الربانيين ففى الحديث " أدبنى ربى فأحسن تأديبى " الجامع الصغير : 310


• الربانيون فى معية الله

و الربانى يعتمد على ( رب كل شىء ) الأنعام : 164 فيسخر الله له كل شىء و يحفظه و يحميه و ينصره و ينجيه ... فهذا إبراهيم عليه السلام حينما أراد قومه أن يحرقوه قال رب النار و رب كل شىء ( كونى برداً و سلاماً على إبراهيم ) الأنبياء : 69 ، وموسى عليه السلام سخر الله له طريقا فى البحر يابسا و جاء فرعون ليمر منه حتى يلحق بموسى فأطبق عليه البحر و غرق فرعون ( فأتبعهم ... و ما هدى ) طه : 78 : 79 و النبى صلى الله عليه و سلم تجتمع عليه قريش لتقتله فأخرجه الله من بين أيديهم و هم لا يبصرون ، و نجاه الله و نصره ، و من هذا كثير و هكذا ينجى الله عباده المرسلين و المؤمنين ( ثم ننجى .... المؤمنين ) يونس : 103

و الله سبحانه يذهب عن عباده الربانيين الحزن و يسرى عنهم ، ففى عام الحزن كان الإسراء و المعراج ليُرى عبده من الأيات الكبرى . و جاء جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو جالس حزين فقال يا رسول الله هل تحب أن أريك آية ؟ فقال : نعم ، فنظر إلى شجرة من ورائه ، فقال : أدع بها ، فدعى بها فجاءت و قامت بن يديه ، فقال : مرها فلترجع ، فأمرها فرجعت ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم " حسبى حسبى " رواه الإمام أحمد : 3/113 : 12051 صحيح و الدارمى : 23 و فى المشكاة : سنده صحيح .


• دعوتنا الربانية

إن دعوتنا الربانية دعوة إسلامية ربانية دعا بها و إليها جميع الرسل .. و الأمام البنا يؤكدهذا المعنى ، ففى رسالة التعاليم يقول : أن توقن بأن فكرتنا " إسلامية صحيحة : و يقول فى رسالة إلى أى شىء ندعو الناس ، و أى شرف أكبر و أعظم من أن ترى نفسك ربانياً ، بالله صلتك ، إليه نسبتك ، ثم يعلن فى المؤتمر الخامس : ولست أعنى أن للإخوان المسمين إسلاماً جديدا غير الإسلام الذى جاء به محمد صلى الله عليه و سلم عن ربه ، و فى نفس الرسالة : إن غاية الإخوان تنحصر فى تكوين جيل جديد من المؤمنين بتعاليم الإسلام الصحيح ... بالصبغة الإسلامية الكاملة ( ومن أحسن من الله صبغة ) البقرة : 138 و المقصود من ذلك أن هذه الدعوة دعوة خالصة ربانية و هى تنتمى إلى عقيدة أهل السنة و الجماعة .

والدعوة الإسلامية هى التى تكفل الله بحفظها ، فالقرآن العظيم كتب فى عهد النبى صلى الله عليه و سلم حيث كان يملى على كتاب الوحى ، و كان النبى صلى الله عليه و سلم يعرضه على جبريل عليه السلام و هو الروح الأمين ، فى كل عام ، و فى العام الآخير عرضه على جبريل مرتين و لما توفى رسول الله صلى الله عليه و سلم ترك القرآن مكتوبا فى السطور يحفظه 12 ألف صحابى فالشاهد أنه كتب فى السطور بطريق التواتر و حفظ فى الصدور بطريق التواترأيضا ، و صدق الله ( إنا نحن ..... لحافظون ) الحجر : 9 و إذا كانت الدعوة الربانية قد حفظها الله فإنه كذلك يحفظ دعاتها و رجالها على مر الزمن ، ففى الحديث " لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم ، حتى يأتى امر الله و هم كذلك " مسلم : إمارة : 1920 و البخارى فى الإعتصام ، والحديث روى بألفاظ أخرى ، و هذه الدعوة الربانية بهذا الإسناد حجة على بقية الدعوات .

و أن الله سبحانه و تعالى حذرنا من اتباع غير سبيل المؤمنين حتى لا نضل بعد هدى ... و أن لا نتبع غير الصراط المستقيم الذى جاء به محمد صلى الله عليه و سلم " صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين "

و كان النبى صلى الله عليه و سلم حريصاً على أن تكون هذه الدعوة ربانية صافية نقية خالصة لا يشوبها تحريف أو تبديل ، فكان يقول " لا تطرونى كما أطرت النصارى أبن مريم فإنما أنا عبد فقولوا عبد الله و رسوله " البخارى : أنبياء : 3445 و الدارمى : 2784 و أحمد : 1/23 ، 47 ورأى النبى صلى الله عليه و سلم بيد عمر بن الخطاب ورقة من التوراه فقال : لقد جئتكم بها بيضاء نقية ، تسألوهم عن شىء فيخبرونكم بحق فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به ، و الذى نفسى بيده لو أن موسى كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعنى " أحمد : 3/387 ، 4/ 266 : 18251 صحيح

و قال صلى الله عليه و سلم " تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما : كتاب الله و سنة نبيه " موطأ مالك : القدر : حديث : 3 و أحمد : 3/14 : 11046 حسن و الترمذى : 3888 و الدارمى 3316 نحوه . و فى الحديث : " .. و من أبتغى الهدى فى غيره أضله الله ..." من حديث الترمذى 2906 و الدارمى : 3331، و فى الحديث " من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار " البخارى : علم : 110 و مسلم : زهد : 3004 و غير ذلك كثير

• الدعاة الربانيون

و لما كانت هذه الدعوة ربانية و هى دعوة صفوة خلقه من الأنبياء و المرسلين ، سفراء الله إلى عبادة ، لذلك إحتاجت إلى دعاة ربانيين نفوسهم عظيمة : تتمثل فى عدة أمور : إرادة قوية لا يتطرق إليها ضعف ، ووفاء ثابت و لا يعدو عليه تلون ولا غدر ، و تضحية عزيزة لا يحول دونها طمع ولا بخل ، و معرفة بالمبدإ و إيمان به و تقدير له ، يعصم من الخطأ فيه و الانحراف عنه و المساومة عليه و الخديعة بغيره " من رسالة : إلى أى شىء ندعو الناس هؤلاء الدعاة يتبعون المنهج الربانى و يحكمونه فى الأرض لإحقاق الحق و إبطال الباطل ،يبلغون رسالات الله و يخشونه و لا يخشون أحداً إلا الله .

لا ترهبهم قوة و لا تغريهم دنيا و يعتزون بالله العزيز الدائم ولا يعتزون بشخص زائل كما يعتزون بهذه الدعوة " فهذا ربعى بن عامر يقول لرستم قائد الفرس فى موقعة القادسية " إن الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده و من ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا و الآخرة و من جور الأديان إلى عدل الإسلام " و الدعاة الربانيون يتحملون الأذى صابرين ، و هذا علامة على صحة الطريق الذى سار عليه الأنبياء و المرسلين ( لقد ... حتى أتاهم نصرنا ) الأنعام : من الأية 34 و هم يعلمون أن هذا الابتلاء ليس ليعذبهم ربهم أو يسلمهم لأعدائهم .. أنما هو رحمة لهم ليكفر عنهم سيئاتهم أو يرفع درجاتهم أو ينصرهم و يمكن لهم و فى الحديث " أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل يبتلى المرء على قدر دينه .. " الترمذى زهد : 2398 و ابن ماجه : 4023 و الدارمى : 2738 و فى الحديث : إن عظم الجزاء مع عظم البلاء و إن الله اذا أحب قوماً أبتلاهم .. "من حديث الترمذى : 2396 ، و ابن ماجه : 4031

• الدعوات الأخرى

لابد من الإشارة إلى بعض الدعوات الغير ربانية لأن الأشياء بضدها تعرف و أنه لا يعرف الإسلام من لا يعرف الجاهلية

فقد ظهرت دعوات أخرى وضعها محترفو الإنتاج الفكرى .. و هم كثيرون ، و نذكر طرفا منها حتى يشعر المسلم بربانية دعوته النقية الصافية . فالوجودية : لا تعترف بالدين ولا بالضمير ولا بالفضيلة ... و من كتابات الوجوديين تجد التشاؤم و القلق و الحيرة و الخوف من الموت و التمزق و الضياع ... أما النظرية المادية فهى ترى أن العالم عنصر واحد و هو المادة . ولا تؤمن بالدين ، بزعم أنه من وضع البشر و لا تؤمن بالبعث ولا بالغيب و هناك دعوات أخرى ما أنزل الله بها من سلطان ، ولا يتسع المجال لذكرها ، و الحمد لله الذى بين لنا طريق الرشد من الغى و الهدى من الضلال و الإيمان من الكفر .

يقول تعالى ( قل أندعو ... ائتنا ) الأنعام من الأية : 71 إن البشرية إذا تركت هدى الله أنحرفت فى عقيدتها و قوانينها و أخلاقها .. و كانت فى حيرة و قلق " قل أن هدى الله هو الهدى ) هذا هدى الله فماذا بعد الهدى إلا الضلال ، إن الحق واحد و الباطل يتعدد ، و نحن مأمورون أن نستسلم و نخضع لرب العالمين ( و امرنا لنسلم لرب العالمين ) من الأية السابقة .. أن الذى يترك هدى الله تخطفه الشياطين و تضله ، فلا يدرى أين يذهب ، حيران ، فهذا مثل الذى أجاب الآلهة التى لا تضره ولا تنفعه وفى الحديث : إن الله ضرب مثلاً صراطا مستقيما و على جنبتى الصراط سواران فيهما أبواب مفتحة و على الأبواب ستور مرخاة ، و على باب الصراط داع يقول " أيها الناس ادخلوا الصراط جميعاً و لا تنفرجوا ، و داع يدعو من جوف الصراط فإذا أراد أن يفتح شيئاً من تلك الأبواب قال : ويحك لا تفتحه فإنك أن تفتحه تلجه ، و الصراط الإسلام ، و السوران حدود الله تعالى و الأبواب المفتحة محارم الله تعالى ، و ذلك الداعى على الصراط كتال الله عز و جل و الداعى فوق الصراط واعظ الله فى قلب كل مسلم " الترمذى : أمثال : 2859 و النسائى فى الكبرى و أحمد : 4/182 : 17566 صحيح

مما تقدم يستشعر المسلم عظمة هذه الدعوة الربانية و شرف الانتماء إليها و أنها تحقق العزة و الطمأنينة .. و من هنا يتمسك بها و يثبت عليها و يضحى من أجلها .. و أنه لا يمكن المقارنة بينها و بين الدعوات الأخرى ... فأين من أين  ! !

ربنا عليك توكلنا ... ربنا أفتح بيننا و بين قومنا بالحق ،و أخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين