دعوتنا فكرة ومنهج وأصول

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٢١:٣٩، ١٧ ديسمبر ٢٠١٠ بواسطة Moza (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
دعوتنا فكرة ومنهج وأصول


الدكتور محمد حبيب

الإخوة الأحباب ..

تحية من عند الله مباركة طيبة.. فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد؛

فأستأذنكم في تأجيل الحديث عن الموعد الخامس مع العظمة هذه المرة، على أن أعود إليها لاحقًا إن شاء الله، وذلك بسبب ما أراه ضروريًّا في هذا الوقت الذي كثر فيه الحديث حول الجماعة، من باب وذكِّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين.. فأحيانًا ما يضطرنا الولوغ في التفاصيل طمعًا في الإجادة والتحسين إلى الابتعاد- ولو قليلا دون أن ندري- عن الأصول التي ترتكز عليها دعوتنا.. لذا كان من المهم أن نتوقف- في كل فترة- لاستعادة الذاكرة وتحديد أين نحن، وفي أي طريق نسير، ولأي أهداف نريد أن نصل؟

لقد عشت زمنًا في باكر شبابي قبل أن أنتمي إلى هذه الجماعة، وأنا غير واعٍ لدوري ورسالتي في الحياة، وحين بدأت الاتصال بهذه الجماعة فكرًا- قبل أن يكون حركةً- شعرت براحة قلبية ونفسية وعقلية عجيبة، وأدركت ساعتها أن هذا هو الطريق، وكان أن مَنَّ الله تعالى عليَّ بعد ذلك بالانتماء لهذه الجماعة المباركة، وما زلت- وسوف أظل- أذكر بالخير كل من كان له فضل في ذلك.

لقد منحتنا هذه الجماعة كل إحساس بالسعادة، والطمأنينة، والسكينة، والسلام، والرضا، والعزة، والحرية، والكرامة، فضلاً عن أنها وضعتنا على الطريق الصحيح نحو رضا الله تعالى، وخدمة الإسلام العظيم، والنهوض بالأمة، والحرص على استقرار وسلامة الأوطان.

ومن نافلة القول التذكير بأن هذه الجماعة هي ثمرة جهود الإمام المجدد حسن البنا، والأساتذة المرشدين الأماثل، والشهداء الأبرار، وهؤلاء الذين عذبوا في السجون- وفي غيرها- تعذيبًا لا يطيقه بشر، ثم هؤلاء الذين جاءوا من بعدهم ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ(10)﴾ (الحشر).

إن لكلٍّ فضلاً، ولكل قدرًا، ولكل دورًا في القديم والحديث لا يثيبه عليه إلا الله تعالى، وكل مأجور بإذنه وفضله ومنّه وكرمه، وأسأل الله تعالى أن يتقبل منا جميعًا.


الأخ الحبيب..

إن الجماعة لديها ثوابت وأصول بايعنا عليها، ولا يمكن أن نختلف عليها مهما كانت التحديات التي نواجهها، أو التضحيات التي نقدمها.. من هذه الثوابت والأصول:

1- إيماننا بشمولية الإسلام، وأنه نظام شامل يتناول مظاهر الحياة جميعًا، ففيه السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة، وهو كل لا يتجزأ، وكما أنه دين فهو حضارة، وأن نهضة مصر والأمة العربية والإسلامية لا يمكن أن تتم إلا باتباع منهج الإسلام.

2- أن الجماعة تمثل ركيزة أخلاقية وإيمانية لازمة وضرورية لتماسك وقوة وصلابة المجتمع، وبالتالي أمنه واستقراره.. لذا فإن المحافظة على هذه الجماعة هي في الواقع محافظة على حاضر الأمة ومستقبلها، فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وأي محاولات لتعويقها هي في الحقيقة تعويق لنهضة الأمة وتقدمها ورقيها.

3- أن منهج الجماعة في الإصلاح والتغيير هو منهج سلمي وعبر القنوات الدستورية والقانونية التي وافق عليها الشعب بإرادته الحرة، وأن علاقة الإخوان لكافة شرائح المجتمع تحكمها قيم الإسلام، وأن الشعب هو صاحب الحق الأصيل في اختيار حاكمه وممثليه، والبرنامج الذي يعبر عن طموحاته وأشواقه، ويوم أن يمتلك هذا الشعب حريته وإرادته، ويكون قادرًا على المشاركة في صنع الحياة وتقرير المصير، ويوم أن تسود في الشعب القيم الإيجابية على السلبية والمصلحة العامة على الخاصة، حينئذٍ سوف يكون للإخوان الخيار في أن ينافسوا على السلطة عبر الانتخابات الحرة والشفافة والنزيهة.

4- أن الجماعة لها وظائف ثلاث: تربوية ودعوية وسياسية، وأن هذه الوظائف بينها تناسق وتوازن وتكامل، وتكمن عبقرية القيادة في قدرتها على تحقيق أكبر إنجاز ممكن في هذه الوظائف الثلاث بأقل التكاليف والخسائر الممكنة.

5- أن العمل يجب أن يتم من خلال المؤسسة، وبروح الفريق على كافة مستويات الجماعة، وأن الشورى عندها ملزمة، وهي منهاج وخلق وسلوك، وتحدد النظم واللوائح مساحات الحركة، وعلاقات الأفراد ببعضهم، وكذا علاقات المؤسسات ببعضها في ظل منظومة القيم الأخلاقية والإيمانية، وأن الجماعة لديها ثلاث مؤسسات شورية وتنفيذية و"قانونية".

6- أن أساس التكوين والبناء الذي تقوم عليه الجماعة (فكرًا ومنهاجًا وتنظيمًا وحركةً) هو الربانية، من حيث قوة الصلة بالله تعالى وبكتابه واليوم الآخر، والالتزام بهدي رسوله صلى الله عليه وسلم، والاقتداء بسنته صلى الله عليه وسلم.

7- أن الوحدة والارتباط بين الأفراد والمؤسسات وما تستلزمه من الحب في الله تعالى والتعارف والتفاهم والتكافل، وسلامة الصدر والإيثار؛ هي القوة التي يرتكز عليها الإخوان، وقد لخصها الإمام المجدد حسن البنا في قوله: "سر قوتكم في أخوتكم".

8- أن المنافحة عن الإسلام ضد محاولات النيل منه أو تشويهه أو تعويقه، والعمل على أن يكون له دوره القائد والرائد في الحياة ورسالته إلى الدنيا؛ كلها من منطلق قوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)﴾ (الأنبياء) من أوجب الواجبات.

9- دفع الظلم ومواجهة الاستبداد بكل الأشكال والوسائل السلمية وملاحقة الفساد، والوقوف إلى جوار الحق والعدل والحرية والمساواة، واستنهاض همم الشعوب والجماعات لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية التي تستهدف تركيع الأمة، وتذويب الهوية وإفساد الأخلاق، والقضاء على الخصوصية الثقافية وطمس معالم تراثنا الحضاري، ويأتي على رأس القضايا المحورية والمركزية قضية فلسطين، وما تتطلبه من عمل وجهاد دائم لتحرير الأرض وتطهير المقدسات.

10- أن جماعة الإخوان ليست فرقةً أو مذهبًا إسلاميًّا، وإنما هي كما عرفها الإمام المجدد حسن البنا هيئة إسلامية جامعة، وهي جماعة من المسلمين لها خياراتها الفقهية ومواقفها السياسية التي ترتكز على ثوابت الإسلام.


وتبقى كلمة

إنه فيما يتعلق بالفروع لا يمكن تصور اختزال الجماعة في فكرة واحدة، أو مجموعة أفكار، وإنما هي مظلة تأوى إليها كل الأفكار طالما أنها لا تتصادم أو تتناقض مع أصل شرعي، أو أي ثابت من ثوابت الجماعة؛ لذا أحب أن أؤكد على الأمرين التاليين:

1) أن الخلاف في الفروع داخل الجماعة يمثل علامة صحة وقوة وعافية.

2) في كثير من القضايا تتفاوت الآراء والاجتهادات، وقد تلجأ قيادة الجماعة بعد المناقشة المعمقة والمستفيضة إلى إجراء تصويت، ويعتبر الرأي الذي يحصل على الأغلبية مجازًا، وهذا يدل على التزام قيادة الجماعة بالشورى، وهو ما يزيد من إيمان وثقة الرأي العام في هذه الجماعة، ويدحض كل المقولات التي تتهمها بنقيض ذلك.


الأخ الحبيب..

في الختام لا يفوتني أن أذكر نفسي وإياك بضرورة العودة إلى الوصايا العشر للإمام البنا، وركن الفهم الوارد في رسالة التعاليم له- رضي الله عنه- والمتضمن للأصول العشرين، ففيها الرصيد الأوفى لما أقول.

على الإخوان ألا يلتفتوا إلى ما يُقال هنا أو هناك، وأن ينصرفوا بكل جد كما عهدناهم دائمًا إلى أعمالهم ومهامهم ومسئولياتهم فهي كثيرة وجليلة، فضلاً عن أن التحديات التي تواجههم وتواجه أمتهم كبيرة وشرسة وضارية، والآمال المعقودة عليهم عظيمة، وليثقوا أن الله تعالى حافظ لهذه الجماعة وراعيها ومسدد لخطواتها.. وأسأل الله الكريم أن ينفعنا بما علمنا، وأن يوفقنا ويسدد خطانا لما فيه خير الإسلام والمسلمين، ولما فيه نهضة الأمة ورقيها وتقدمها.. إنه ولي ذلك والقادر عليه.. والله من وراء القصد


المصدر : إخوان اون لاين