دمعة على أم الصابرين "زينب الغزالي"

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
دمعة على أم الصابرين " زينب الغزالي "


الحاجه زينب.jpg


أ. د. جابر قميحة

السيدة المجاهدة زينب الغزالي الجبيلي ( 1917 م- 2005 م) عاشت للإسلام بالدعوة وكلمة الحق في صف الإخوان المسلمين ، سُجنت في عهد عبد الناصر سبع سنين، وعُذبت تعذيبًا فوق طاقة البشر، ولها تفسيرٌ قرآنيٌّ وترجمةٌ لحياتها وكتبٌ دعويةٌ أخرى، وقد لقيت ربها مساء الأربعاء 3/8/ 2005 م.

وهذه القصيدة ألقاها الشاعر في سرادق عزائها ب القاهرة مساء الجمعة (5/8/ 2005 م) أمام جمع حاشد من الإخوان والمعزِّين من الشعب المصري والمسلمين والعرب.


1- بكيْتُ، وقلبي في الأسى يتقلبُ فجاء رفيقي مُفزعًا، وهو يَعتبُ

2- وقال: أتبكي والقضاءُ محتم وليس لنا من قبضةِ الموتِ مَهرب؟!

3- فقلتُ: تعالى اللهُ، فالحزنُ ساعرٌ قويٌّ، عتيٌّ، والفقيدةُ زينبُ

4- ولو كان فضلُ الراحلين مراثيًا لجادَ بمرْثاها الحطيمُ، ويثربُ

5- فلا كلُّ مفقودٍ يُراع لفقْدهِ ولا كلُّ حيٍّ فائقٌ، ومحبَّبُ

6- ولا كلُّ من يحيا الحياةَ بحاضرٍ ولا كل من في القبرِ ماضٍ مغيَّبُ

7- فإن خلودَ المرْءِ بالعمل الذي يقودُ مسارَ الخير لا يتهيَّب

8 – أناديك- أمَّ الصابرين- بمهجتي وكلِّي دعاءٌ ِمْن سناكِ مُطيَّبُ

9 - سلامٌ وريحانٌ وروْحٌ ورحمةٌ عليكِ، وممدودٌ من الظل طيبُ

10- فقد عشْتِ بالحق القويم منارةً تشدُّ إليها كلَّ قلبٍ وتجذبُ

11– وكنتِ- بحقٍّ- منبعَ الحبِّ والتُّقى ومدرسةً فيها العطاءُ المذهَّبُ

12- ودارُكِ كانتْ مثل دار "ابن أرقم" تخرجَ فيها من بناتِكِ أشْهُبُ

13– فَرُحْنَ- أيا أماهُ- في كلِّ موطنٍ يربِّين أجيالاً على الحقِّ أُدِّبوا

14- شبابًا حيِيًّا في شجاعة خالدٍ له الحقُّ نهجٌ، والشريعةُ مذْهبُ

15- يفرُّون عند المغريات تعففًا وحين ينادي الرْوعُ هَبُّوا وأجْلبوا

16- ومن كان للحقِّ القويم نهوضُهُ فليس لغير الله يرضى ويغْضبُ

17- ولا ضيرَ ألا تُنجبي، تلك حكمةٌ طواها عن الأفهام سرٌّ مُحَّجبُ

18- فقد عشْتِ أمًا للجميع، وأمَّةً يباهي بكِ التاريخَ شرقٌ ومغربُ

19- وكنتِ لسان الحقِّ في أمةٍ غَفَتْ كأنهمو عن عالم الناس غُيَّبُ

20- وقلتِ: كتابُ الله فيه شفاؤكمْ وبالسنة السمحاء نعلو ونغْلبُ

21- وقلتِ: هو الإسلامُ دينٌ ودولةٌ وقوميةٌ نعلو بها حين نُنْسبُ

22- وإن النساء المسلماتِ شقائقٌ لجنسِ الرجالِ المسلمين وأقْربُ

23- لهن حقوقٌ قررتها شريعةٌ من الله حقٌ ناصعٌ ومُطيَّبُ

24- وقد كنَّ قبل الدين كمًّا مهمَّشًا كسقْط متاع يُستباحُ ويُسلبُ

25- بذلك- يا أماه- كنتِ منارةً فأهْوَى صريعًا جاهلٌ متعصبُ

26- وأحييْتِ بالعزم الأبِّي ضمائرا تعاورها بومٌ ضريرٌ وأذْوُبُ

27- فأغضبتِِ فرعونَ اللعينَ وقد بغَى لتستسلمي للظلِم أيّانَ يرغبُ

28- فقلتِ: لغير الله لم أُحنِ جبهتي وللحقِّ صولاتٌ أعزُّ وأغلَبُ

29- ولاقيتِ- يا أماه- أبشعَ محنةٍ يخرُّ لهوْليهْا شبابٌ وشُيَّبُ

30- صَبرتِ وضجَّ الصبُر من صبرِك الذي أذل كبارًا في الفجور تقلبوا

31- وجددتِ ذكرى أمِّ عمارِ التي تحدَّتْ أبا جهلٍ ومن كان يصحبُ

32- فكانت- بفضل الله- خيرَ شهيدةٍ وليس كتحصيل الشهادة مكسبُ

33- وقلتِ- يا أماه-: حسْبِيَ أننيِ على درب طه أستقيمُ وأَضْرِبُ

34- فكان ظلامُ السجنِ نورًا مؤلَّقًا من الملأ الأعلى يطوف ويُسكبُ

35- أنيسُك فيه النورُ والفجرُ والضحى كما يُؤنس الإنسانَ في التيه كوكبُ

36- وكانت سياطُ الظالمين شهادةً بأنَّ دعاةَ الحق أقوى وأصلبُ

37- فكانوا- بفضلِ الله- أُسْدًا رهيبةً وهل يغلب الأسْدَ الرهيبةَ أرنبُ؟!

38- وخرَّ من الإعياء جلادُك الذي تعهد أن يُرْديَك وهو يُعذِّبُ

39- فقلت: تعالى الله، يهوى معذِّبٌ ويبقى رفيعَ الرأس حرًّا معذَّبُ!!

40- سجينةَ حقٍّ لم ينلْ من إبائها عتاةٌ على قتل العباد تدربوا

41- وغايتُهم في العيش مُتعةُ ماجنٍ وعدتُهم في الحكم نابٌ ومخلبُ

42- وكلهمو في الشر والعارِ ضالعٌ وللحقَّ نهَّاب عُتلٌ مخرِّبُ

43- كأن عذاب الأبرياء لديْهمو ألذُّ من الشهد المذاب وأعذبُ

44- أيُلقى بقاع السجن مَن عاش مؤمنًا ويطلق لصٌّ آثمُ القلب مذنبُ؟!

45- يُجنُّ أميرُ السجن: أنثى ضعيفةٌ تُذِل رجالي بالثبات وترعبُ؟!

46- أعيدوا عليها موجةً من سياطكم وركْلاً وصعقًا علَّها تتذبذبُ

47- ولم تجْدِ فيها: لا الكلابُ ينُشْنَها ولا القيدُ والسجان بالسوط يُلهبُ

48- فيصْرخ: أنثى لا تبالي ببأسنا فلا السوط جبارٌ ولا الكلبُ مرعبُ

49- فهان عليها سْوطنا وكلابنا أذلك سحرٌ؟! بل من السحر أغربُ

50- إذن لن أُرقَّى، سوف يغضب سيدي ويا ويلتاهُ إذ يثورُ ويغضبُ

51- "ويلعنُ خاشي" إذ أفاق على يدي وقد كان في أُنْسٍ يهيصُ ويشربُ

52- ولم يدرِ أن الله أقدرُ منهمو وأن سياطَ الله أقوى وأغلبُ

53- وأن فصيل المؤمنين يفوقهم ثباتًا وعدًّا، لا يخاف ويرهبُ


الآلاف في جنازة المجاهدة زينب الغزالي

54- فإن غالطوا قلنا: الجنائزُ بيننا سَلُوها؛ فحكم الموت ما كان يكذبُ

55- مئاتُ ألوف في الجنازة حُضَّرٌ ولم تْدّعهم أمٌ ولم يدعهم أبُ

56- ولكنه الإسلامُ ألف بينهم وجَمعهم حبٌّ مكين مقرِّبُ

57- فإن كنتِ قد غادرتِ دنيا بزيفها إلى عالمِ الخلْد الذي هو أرحَبُ

58- ستلقيْن أمَّ المؤمنين خديجةً وفاطمةَ الزهراءَ فرحى ترحِّبُ

59- وحفصةَ والخنساءَ والصفوةَ التي ظللن شموسًا للهدى ليس تغربُ

60- عليك سلام الله في الخلْد زينبُ وإن نعيم الله أبقى وأطيبُ

61- مضيتِ بذكرٍ ليس يُكتب أحرفًا ولكنه بالنورِ والعطرِ يُكتبُ


  • أستاذ الأدب العربي بجامعة عين شمس

المصدر

للمزيد عن الحاجة زينب الغزالي

روابط داخلية

كتب متعلقة

مؤلفاتها

مقالات متعلقة

.

متعلقات أخرى

.

وصلات خارجية

مقالات متعلقة

.

تابع مقالات خارجية

.

تابع مقالات متعلقة

أخبار متعلقة

وصلات فيديو