د."حبيب": تطبيق شرع الله في الأرض أمل (الإخوان)

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
د."حبيب": تطبيق شرع الله في الأرض أمل (الإخوان)

[21-02-2004]

مقدمة

• المشروع الأمريكي الصهيوني يستهدف تركيع الأمة واحتلالها.

• لابد من إيقاف العمل بقانون الطوارئ قبل أي حوارٍ جادٍّ.

• مهمتنا تدور حول ضرورة استنهاض مصر حتى تتبوأ مكانتها.

• منتهى أمل (الإخوان) أن يتم تطبيق شرع الله في (مصر) وفي كل العالم.

في الحادي والعشرين من يناير الماضي أعلن الأستاذ "محمد مهدي عاكف"- المرشد الجديد للإخوان المسلمين- عن اختيار الدكتور "محمد السيد حبيب" نائبًا أول، والمهندس "محمد خيرت الشاطر" نائبًا ثانيًا للمرشد العام.

(آفاق عربية) سعِدت باختيار أحد كتابها الكبار د."محمد حبيب" لهذه المسئولية، التي نسأل الله أن يعينه عليها، وبالتالي سعَت لطرح العديد من القضايا والأسئلة والإشكاليات؛ لتتعرف عن قرب على الدكتور "حبيب"، وماذا يدور في رأسه، خصوصًا وهو الأستاذ الجامعي المعروف، الذي بلغ الستين من عمره في العام الماضي.. وهذا هو نص الحوار:


نص الحوار

  • في البداية نهنئكم بثقة (الإخوان) في اختياركم كنائب أول لفضيلة المرشد، وندعو الله أن يوفِّقكم، ويسدِّد خطاكم.
جزاكم الله خيرًا.. في الحقيقة ثقة (الإخوان)- وفي مقدمتهم الأستاذ المرشد- من الأمور التي تُدخِل السرور على القلب؛ لأنها صادرةٌ من أناسٍ كرامٍ، وثقةُ الكريمِ لها مكانتها ومنزلتها، وشرفُها أيضًا.. وبقدر فرحي وسروري بهذه الثقة بقدر خوفي وقلقي.. فالمسئولية كبيرة، والمهمة جليلة، والطريق شاقٌّ وطويلٌ، ويحتاج إلى عزيمة صادقة، وهمةٍ عاليةٍ، وقبل ذلك وبعده توفيق الله- تعالى- أسأل الله- عزَّ وجلَّ- أن أكون عند حسن ظنهم وثقتهم فيَّ، كما أرجوه- سبحانه- أن يتقبَّل عملنا جميعًا، وأن يجعله خالصًا لوجهه، وابتغاء مرضاته، وأن يشدَّ أزرنا، ويقوِّيَ عزائِمنا، ويُعلي هِممنا، وأن يعيننا ويوفقنا ويلهمنا الرشد والسداد، وأن ينصر دعوتنا، ويفتح لها قلوب الناس، وأن يجمع على الحق كلمتنا، وأن ينصر إخواننا المجاهدين في (فلسطين) وفي كل مكان.. إنه نعم المولي ونعم النصير.


هذه أولوياتنا

  • ما هي أولوياتكم في المرحلة القادمة؟
الأولويات كثيرة؛ لكن أستطيع أن أوجزها في النقاط التالية:
أولاً: الاستمرار في الاهتمام بـ(الإخوان) من حيث قوة العقيدة والإيمان، وقوة الوحدة والارتباط، والقدرة على الحركة، والانطلاق بفعالية وحكمة واعتدال، ولنعلم- جميعًا- أن الجسد الضعيف لا يستطيع أن يقاوم العِلل والداءات، حتى إن كانت بسيطة، إضافةً إلى أنه يكونُ غيرَ قادر على تجاوز العقبات والعوائق التي توضع في طريقه، هذا فضلاً عن أنه لا يستطيع أن يقوم بدوره المنوط به على الوجه المأمول.
ثانيًا: العمل على توفير الحُريات العامة، فالأوطان المكبَّلة بالأغلال أوطان متخلِّفة وهشَّة وواهية، وغير قادرة على تحقيق طموحاتها، وعادةً ما تكون مَطمعًا للآخرين.. ونحن نريد أمةً قويةً ناهضةً واعدةً.
ثالثًا: مواجهة الهجمة الشرسة على الإسلام (محليًّا ودوليًّا)، ومواجهة محاولة الربط بينه-كعقيدة وشريعة- وبين العنف والإرهاب.. هذه الهجمة تحتاج إلى استنفار كل الطاقات والجهود- جهود (الإخوان) والشَّعب والدولة- لبيان وتوضيح عظمة الإسلام وسموِّه وجلاله وكمالِه، ولا يخفى علينا أن المشروع الأمريكي يتَّخذ من أحداث 11 من سبتمبر 2001م ذريعةً للهجوم على الإسلام بإغلاق المدارس الدينية، وتنقية المناهج الإسلامية من نصوص وقضايا وموضوعات لا تتفق وأهدافه الخبيثة، وتغيير الخطاب الديني والثقافي، وإشاعة التحلُّل والخلاعة، وتسطيح الأفكار، وإلهاء الشعوب، وإشغالها بالتافه من الأمور.. إلخ، وهنا على المستوى المحلي مَن يريد ركوب الموجة لتحقيق مآربه.
رابعًا: مواجهة التحديات التي تواجهها أمتنا العربية والإسلامية، والتي تستهدف أمنها واستقرارها وهويتها وحضارتها وخصوصيتها الثقافية.. فقد التقى المشروعان- الأمريكي والصهيوني- على تركيع الأمة، وتفكيك المنطقة، وإعادة رسم خريطتها من جديد، ونهب خيراتها وسلب ثرواتها، واستباحة حرماتها ومقدساتها.. إلخ.
  • هل تم تحديد اختصاصاتكم كنائب للمرشد العام؟ وما هي؟
لفضيلة المرشد أن يوكِّل لنائبه أو نوابه بعض الاختصاصات من باب توزيع الأعباء، والاستفادة بالطاقات، وإنجاز الأعمال والمهام في أقل وقت ممكن، وحتى الآن لم يتم تحديد اختصاصات، وعسى أن يكون ذلك قريبًا إن شاء الله، ونسأل الله تعالى الإخلاص والعَون والتوفيق والسداد، كما نسألُه أن يبارك لمرشدنا في صحته ووقته وجهده وعمره، وأن يبارك في (الإخوان) جميعًا؛ فهم أمل الأمة وعدَّتها.


استنهاض مصر

  • هل هناك رؤية سياسية تطرحها الجماعة في المرحلة القادمة فيما يتعلق بالوضع السياسي على الساحة الداخلية؟
كما تعلم.. لم يعد هناك فصل كبير بين ما يحدث في الداخل والخارج.. فالكل يؤثر ويتأثر بما يجري من أحداث على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي.. المشروع الأمريكي لم يعُد يخفي نواياه تجاه المنطقة ككل وتجاه (مصر) بالذات لدورها المحوري وثقلها التاريخي والاستراتيجي والحضاري.. فهو يريد إخضاع المنطقة كاملاً- أنظمةً وشعوبًا- لسيطرته واستنزاف ثرواتها ومواردها، وتأمين وجود واستقرار وتوسع الكيان الصهيوني.. وهو في هذا يستخدم كل الوسائل وأدوات الضغط السياسي والاقتصادي والعسكري، وما اصطُلح عليه بالقوة الناعمة من إعلام وتعليم وثقافة.. إلخ.
ولأن الإدارة الأمريكية تعلم كما يعلم الجميع أن (مصر) هي الأمل، وهي مفتاح النهضة والرقيِّ والتقدم للأمة العربية والإسلامية، فهي حريصة على أن تضع مصر في فلكها، وألا تتمكن من القيام بدورها تجاه ذاتها وتجاه شقيقاتها، وتجاه الإسلام.. مهمتنا- إذن- تتمحور حول ضرورة استنهاض (مصر)؛ حتى تستطيع أن تتبوأَ مكانتها بين الأمم، ولن يتم هذا إلا من خلال البدء الجادِّ، والسعي الحثيث في إجراء إصلاحاتٍ سياسية حقيقية تتضمن إطلاق الحريات العامة من حيث تشكيل الأحزاب، وإصدار الصحف، وإيقاف العمل بقانون الطوارئ، والقوانين الاستثنائية الموسومة بأنها سيئة السمعة، وإلغاء المحاكم الاستثنائية، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة تعبر بحق وصدق عن إرادة الشعب، وذلك تحت الإشراف الكامل للقضاء، وفتح المجال أمام مؤسسات المجتمع الأهلي والمدني لممارسة دورها دون عوائق أو عقبات.. ونحن كـ(إخوان) لا ندخر وُسعًا في سبيل التنسيق والتعاون مع كافة الأحزاب والقوى السياسية في هذا الأمر.
  • البعض يتحدث عن تصاعد احتمالات الصدام مع السلطة خلال المرحلة المقبلة.. هل تؤيد هذه الاحتمالات؟
(الإخوان) جزء من نسيج هذا الوطن، وهم أحرص الناس على أمنه واستقراره، وهم من ثَمَّ يدعون إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ويطالبون بالتغيير والإصلاح عن طريق الوسائل السلمية وعبر القنوات القانونية، وهم يؤكدون- دائمًا- ضرورة احترام الدستور والقانون وأحكام القضاء، ومنتهى أملُهم أن يتحقق تطبيق شرع الله تعالى؛ سواءٌ كان ذلك على أيديهم، أو على أيدي غيرهم.
من ناحية أخرى يَعتبر (الإخوان) أن إشاعة جوِّ التوتر والقلق والاحتقان بين السلطة وأي فصيل وطني ليست في مصلحة البلد، وبالتالي فالحديث عن احتمالات صدام غير وارد في قاموس تفكير (الإخوان).. نحن نريد أن يساهم الكل في النهوض بمصر، ولن تُبنَى مصر إلا عن طريق سواعد أبنائها المخلصين..
نحن نعلم أن هناك من لا يريد الخير لمصر، أو للإسلام، ويسعى- بالتالي- للكيد للإخوان، وباستعداء السلطة عليهم، وإيغار صدرها نحوهم، ونحن بدورنا نقول للسلطة- كما قال مرشدنا الراحل "مصطفى مشهور"- رحمه الله-: "نريدكم أن تسمعوا منَّا، لا أن تسمعوا عنا"، نحن لا نُنافس أحدًا، ولا نُزاحم على شيء، اللهم إلا الخير لأهلنا وبلدنا.


(الإخوان) والديمقراطية

  • يتردد بين الحين والآخر حديث مفاده أن (الإخوان) يقرُّون بالديمقراطية والتعددية السياسية كـ(تكتيك) للوصول إلى الحكم، حتى إذا تم لهم ما أرادوا انقلبوا على الديمقراطية والتعددية وأداروا لها ظهورهم.. ما رأيكم؟
أولاً نحن لسنا طلاب حكم، وأملنا أن نُحكَم بشريعة الله- عز وجل- كاملةً غير منقوصة، ومِن نافلة القول التذكير بأن جوهر الشريعة الإسلامية هو إقامة العدل في كل منحًى من مناحي الحياة، فالعدل أساس الملك، ولعلنا لا ننسى ما قاله "ابن تيمية"- رحمه الله-:
"إن الدولة العادلة تبقى وإن كانت كافرة، وإن الدولة الظالمة تفنى وإن كانت مسلمة"، وبالتالي إذا أخفقت أية حكومة في إقامة العدل بين الناس، فقد حق لهؤلاء الناس أن يعزلوها، وأن يستبدلوا بها أخرى؛ شريطة أن يتم ذلك عبر صناديق الانتخابات الحرة.
ونحن كإخوان نقرُّ بالديمقراطية والتعددية السياسية، ليس كفكر فقط؛ وإنما كأسلوبِ حُكم، ونتصور أن الديمقراطية ترتكز على جناحين، هما:
الحريات والتعددية السياسية، اللتين يتحقق من خلالهما تداول السلطة، كما أن الديمقراطية تعني أن الأمة هي مصدر السلطات؛ أي أن الأمة هي صاحبة الحق في أن تأتي بهذا الحزب أو ذاك إلى السلطة، وهي- أيضًا- صاحبة الحق في محاسبته، وهي كذلك صاحبة الحق في إقالته وعزله.
والديمقراطية تعني كذلك- في فهمنا- الفصل الحقيقي بين السلطات:
التشريعية والقضائية والتنفيذية، وهي في النهاية تعني احترام الدستور وسيادة القانون، وعدم التحايل على أحكام القضاء.. هذا هو السبيل لمحاربة أي استبداد، ومقاومة أي طغيان، ولن يتقدم (الإخوان) إلى الحُكم إلا من خلال الشعب عبر انتخاباتٍ حرةٍ ونزيهةٍ، وبعد أن ينال الشعب حقوقَه كاملةً، وبعد أن يتكون رأيٌ عامٌ قويٌ وضاغط يستطيع أن يفرض إرادته على أية حكومة، مهما كانت قوتها..
  • حينذاك هل يتم السماح بإقامة حزب شيوعي مثلاً؟
في حالة الفصل الحقيقي بين السلطات من اللازم ألا تكون الموافقة على إنشاء الأحزاب- أيًّا كانت طبيعتها:
شيوعية، أو غير شيوعية- مرهونة بموافقة لجنة تابعة للسلطة التنفيذية.. لابد من إنشاء لجنة قضائية مستقلة تمامًا، لها الحق في الموافقة من عدمها على إنشاء هذا الحزب أو ذاك، وفقًا لضوابط تضعها المحكمة الدستورية العليا وفقًا للدستور، وللحزب تحت التأسيس أن يطعن في قرار هذه اللجنة- في حالة عدم الموافقة- أمام المحكمة الدستورية ذاتها.


الحوار الوطني

الحزب الوطني لا يريد أن يمس من خلال الحوار مع الأحزاب الأخرى قضايا جوهرية تمثل حجر الزاوية في أي حوار، مثل: إيقاف العمل بقانون الطوارئ، وإلغاء القوانين الاستثنائية الموسومة بأنها سيئة السمعة... إلخ، ومعنى تجاهل أو إغفال هذه القضايا أنه لا يوجد حوار.. فعلامَ نبكي؟!
نحن لسْنا مهتمِّين بأن يجري حوار شكلي معنا أو مع غيرنا.. المهمُّ هل هناك نيةٌ صادقةٌ لإصلاح سياسي؟ لابد أن تُتَّخذ بعضُ الإجراءات الجادة لإثبات حسن النية.. إن أعضاء المجلس القومي لحقوق الإنسان لم يؤخَذ رأيُهم في اختيارهم ولم يعلموا بهذا إلا من خلال وسائل الإعلام؛ فهل هذا معقول؟ وما زالت انتخابات الطلاب تُزوَّر، وما زالت الحراسة مفروضة على النقابات، وما زالت محاكم أمن الدولة العليا طوارئ قائمةً، وما زالت المحاكم العسكرية تباشر عملها في محاكمة المدنيين الذين لا علاقة لهم بالعنف من قريب أو من بعيد.. الحزب الوطني يستطيع أن يقوم بأشياء جيدة، لكنه- للأسف- لا يريد.. لماذا؟! هذا هو السؤال.
  • وماذا عن الحوار مع أمريكا؟
حوار في ماذا؟ وعلى ماذا؟ نحن لسنا دولةً داخلَ دولة.. وإذا أرادت الإدارة الأمريكية أن تتحاور فعندها الإدارة المصرية، وإذا كان لدينا نحن (الإخوان) ملاحظات أو تحفُّظات أو اتهامات على سلوك الإدارة الأمريكية فيما يخص موقفها تجاه الإسلام أو مشروعها في المنطقة فنحن نقولها علنًا في كافة وسائل الإعلام.. وفيما يتعلق بالشأن الداخلي لمصر فنحن لا نسمح لأحد- أيًّا كان.. دولة عظمى أو غير عظمى- بالتدخل في شئوننا.. نعم لنا مشكلاتُنا، لكننا قادرون بفضل الله- تعالى- على التعامل معها.. نحن نريد أن يكون الإصلاح والتغيير بيدِ الشعب، والشعبُ وحدَه "دون مؤازرة" من أحد، ومن خلال الوسائل السلمية وعبر صناديق الانتخابات..
ومن هنا أقول: إن الإدارة الأمريكية ليست حريصةً على الإسلام، ولا على (الإخوان المسلمين)، ولا على الشعب المصري، هي حريصة على مصالحها فقط، ومسألة التبشير بالديمقراطية وحماية حقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب هي في الواقع عبارةٌ عن ستارٍ يُخفي وراءَه النيَّات الحقيقية للإدارة الأمريكية، التي تتمثَّل في محاولات الهيمنة والسيطرة الكاملة على إرادة ومقدرات الشعوب..
من زاوية أخرى فنحن نزكي ونشجع أي حوار، أو تنسيق أو تعاون في القضايا الدولية والإقليمية بين مؤسسات المجتمع المدني هنا ونظائرها في كل بقاع الدنيا.. لابد أن يكون للشعوب المحبة للعدل والحرية والسلام دورٌ في مواجهة الطغيان والديكتاتورية والاستبداد.


نحن والنظام السياسي

  • العلاقة مع النظام.. كيف هي الآن؟
نحن نحاول ألا يكون بيننا وبين النظام احتقان أو توتر أو سوء فهم من أي نوع، فهذه الأمور من شأنها أن تُلقي بظلال سلبية على الدعوة.. نحن لا نتحدَّى أحدًا ولا ننازع على شيء، ومهمتنا الأولى تتركز في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ومحاولة الإصلاح والتغيير من خلال الوسائل الدستورية والقانونية.
ونؤكد أننا لسنا دولةً داخل الدولة؛ بل نحن حريصون على أن تكون أجهزة ومؤسسات الدولة قوية، وتؤدي عملها بشكل يحقق النهضة والرقي بالبلاد؛ حيث إن الدولة الضعيفة عادةً ما تكون مطمعًا للآخرين، وغير قادرة على اتِّخاذ القرار المناسب الذي يحفظ للوطن كرامته وعزته وسيادته، ولا تكون لديها كذلك الثقة التي تعينها على التعامل الموضوعي والمُنصف مع الآخرين.
إن فصيلاً سياسيًّا ودعويًّا وشعبيًّا كالإخوان له من الحجم والتأثير والفعالية ما لا يستطيع إنكاره عاقل.. لا ينبغي أن توضع أمامه عراقيل أو يُفرَضَ عليه حصار، بحيث لا يستطيع أن يؤدي دوره بالشكل المأمول في خدمة وطنه وأهله وأمته..
  • جاء على لسان السيد "أسامة الباز"- مستشار السيد الرئيس- في جريدة (الوطن) الكويتية بتاريخ 2/2/2004م بخصوص (الإخوان المسلمون) أن مصر لا تريد تشكيل أحزاب على أساسٍ ديني لعدة أسباب، خاصةً أن جزءًا يُعتد به من شعب مصر يعتنق المسيحية، وإذا تمَّ إدخال الدين في السياسة فسنَقَع في إشكالٍ؛ لأن (الإخوان المسلمين) يرَون أن الأمةَ ليست هي مصدر السلطات؛ بل الله هو مصدر السلطات؛ ولذلك فهم لا يُجيزون الدستور الوضعي؛ فما رأيكم؟
أولاً: نحن قلنا مرارًا: إن (الإخوان المسلمون) يريدون أن يكون لهم حزب سياسي مدني، ذو مرجعية إسلامية، وهذا يتفق تمامًا وقيم ومبادئ الدستور، وقلنا مرارًا- أيضًا-:
إن (الإخوان) يرون أن الأمة هي مصدر السلطات، بمعنى أن الأمة هي صاحبة الحق في اختيار من يحكمها، وصاحبة الحق في محاسبته، وصاحبة الحق كذلك في عزله.. الأمة أيضًا هي صاحبة الحق في اختيار منهاجها الذي أقرته في المادة الثانية من الدستور؛ وهو "إن دين الدولة الإسلام، والشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، واللغة العربية اللغة الرسمية للدولة".. إن الله- سبحانه- أنزل تشريعات، وحدَّ حدودًا، ورسم طريقًا، وليس للمسلمين أن يتجاهلوا ذلك أو يغفلوا عنه.. لكن الله- تعالى- ترك للأمة طريقة اختيارها لحكامها، وطريقة تدبيرها لشئون حياتها (فيما لا نص فيه)، وهو كثير كثير، ولا شك أن المجتمع المصري هو مجتمع مسلم، محكوم بمعايير إسلامية في منظومته العقدية وفي نسقه القيمي.
ويقرُّ (الإخوان) بالتعددية السياسية وتداول السلطة، ويعتبرون مسألة الموافقة من عدمها على إنشاء الأحزاب لابد أن تناط بلجنة قضائية محايدة (ولتكن تابعةً للمحكمة الدستورية العليا) بحيث لا يكون للسلطة التنفيذية أيُّ سيطرة عليها من قريب أو من بعيد.
  • قيل في الأيام الأخيرة: إن (واشنطن) تُعِدُّ مشروعًا لتعزيز الديمقراطية بالشرق الأوسط.. فما قولك؟
الديمقراطية لا تُستَورد، ويجب أن تُستنبت في منطقتنا بما يتناسب مع عقيدتنا وخصوصيتنا الثقافية وميراثنا الحضاري.. الديمقراطية التي نريدها يجب ألا تُحلَّ حرامًا أو تُحَرِّم حلالاً، ثم إن (واشنطن) تريد ديمقراطية تتفق وهواها ومصالحها.. لقد ظلت (واشنطن)- ومازالت- تدعم النظم الديكتاتورية والاستبدادية ضد شعوبها في مناطق كثيرة من العالم؛ فماذا دهاها اليوم؟!
وإذا كانت (واشنطن) تريد تعميم النموذج التركي في الحكم على العالم الإسلامي- على أساس أن هذا النموذج يقدم إسلامًا سياسيًّا لا يتعارض مع الديمقراطية الغربية- فلسنا معه بحال.

نقلاً عن جريدة (آفاق عربية) 19/2/2004م

المصدر