د. أبو مرزوق: الانتفاضة أجبرت العدو على التراجع عن سياسته الإحلالية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
د. أبو مرزوق: الانتفاضة أجبرت العدو على التراجع عن سياسته الإحلالية

[12-10-2004]

مقدمة

- خطة شارون المزعومة تمَّ تعديلها وتحويلها إلى إعلان نوايا وأفكار

- نريد مبادرات إيجابية تدعم المقاومة وتوحد الصفوف وترفع الهمم

- هناك حملة دعائية كبيرة تستهدف تمزيق الشعب الفلسطيني

كنَّا ندرك صعوبة الوصول إلى شخصيات قيادية بمقام الدكتور موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحماس في الظروف العادية، فكيف إذا كان طلبُ اللقاء معه بعد حادثة اغتيال الشهيد عز الدين الشيخ خليل في دمشق، فلا شك أن ثمة احتياطات أمنية استثنائية تجعل الوصول إليه أصعب بكثير مما نتوقعه.

لذلك آثرنا أن نبعث بالأسئلة مكتوبة إليه رغم أن الحوار المباشر قد يكون أجدى وأنفع من الحوار عبر وسيط لما يُثيره اللقاء المباشر من أسئلة واستنطاقات، لكن إجابات الدكتور موسى كانت مستوعِبة لما كنا نقصده من أسئلتنا فأجاب عن بعضها إجابات مباشرة، بينما فضَّل القفز على بعضها بمرونة ورشاقة.


نص الحوار

  • قطاع غزة يتعرض حاليًا لحرب إبادة تنفذها قوات الاحتلال الصهيوني، هل تعتقدون أن هذا العدوان جزء من خطة شارون للانسحاب؟
هناك ثلاث مسائل لابد من وضعها في إطارها الصحيح، الأولى ما يجري في شمال قطاع غزة لأهلنا وأبنائنا من عدوان وقتل وتشريد، وهدم وتجريف، طبيعة لدى الكيان الصهيوني، وعند شارون؛ حيث كرر العمل في نابلس وجنين ورفح وخان يونس، واليوم في شمال قطاع غزة، ولا ننسى أنه- أي شارون - صاحب أول معول في المخيمات، خاصةً في رفح سنة 1970م؛ حيث أُنشئت في وقتها مخيمات البرازيل وكندا، وهدفه وهدف الكيان الصهيوني تفريغ الأرض من سكانها ولو بقتلهم، والفصل بين المقاومة والشعب، وتركيع الشعب الفلسطيني وعقابه والضغط عليه ليقف في وجه المقاومين والمجاهدين، وهي سياسة ليست جديدة.
والثانية: أن خطة شارون المزعومة تمَّ تعديلها وتحويلها إلى إعلان نوايا وأفكار، وبعض الإجراءات تحتاج إلى إقرار عند تنفيذها، وخطته التي يتحدث عنها الجميع لم يقرها، وليس مع شارون من حزبه أغلبية، وأخشى أنها نوع من الدعاية وكسب الوقت والكثير من المواقف في الولايات المتحدة والغرب.
والثالثة: أننا يجب أن ننشغل في مقاومة الاحتلال وإظهار جرائمه وتوحيد إمكاناتنا وتوجيهها لمواجهة العدوان وإفشاله بكافة السبل والوسائل المتاحة؛ لأن ما يريده شارون حتى ولو انسحب من قطاع غزة، أن لا يبدو هاربًا فارًا مذعورًا والمقاومة منتصرة وعازمة على تكرار التجربة في أماكن آخرى كما حدث في جنوب لبنان.
  • العمليات العسكرية الصهيونية تستهدف المناطق التي تعتبر معاقل لحماس، إضافةً إلى استشهاد ما لا يقل عن 30 مجاهدًا من كتائب القسام، وهو ما يشكل نسبة 40% من عدد الشهداء؟
العمليات العسكرية الصهيونية تستهدف الشعب الفلسطيني جميعه مدنيه وعسكرييه، فصائله وهيئاته، أطفاله ورجاله وشيوخه ونساءه، حماس وفتح والجهاد، عمليات شارون تستهدف الإنسان الفلسطيني والأرض الفلسطينية والبيئة الفلسطينية والحجر الفلسطيني، وحماس جزء من هذا الشعب، وإن وضعها شارون على رأس أولوياته في الداخل والخارج سياسيًّا وعسكريًّا، وساوى بين الأعمال الإنسانية والأعمال العسكرية ووضعها عدوه الإستراتيجي، إلا أن ذلك كما أحسب سياسة مع الجميع، وإن ركَّز الآن على حماس، والشهداء قاربوا المائة وكلهم عزيز علينا، دمه دمنا، وغالٍ علينا، وهو استنزاف لقدرات شعبنا وإمكانياته وصموده.


صواريخ القسام

صواريخ القسام تسبب الآلام لهمج المغتصبات
  • الاحتلال يتخذ من إطلاق صواريخ القسام ذريعة لعدوانه، هل إيقاف قصف المغتصبات الصهيونية سيوقف العدوان؟ ثم ألا تظنون أن إطلاق الصواريخ سبب من الأسباب المؤدية إلى استمرار العدوان؟
العدوان قبل كتائب القسام وصواريخ القسام العدوان يشمل من لديه صواريخ القسام ومن ليس لديه صواريخ القسام العدوان في خان يونس الصامدة، كما في جباليا البطلة وبيت لاهيا وبيت حانون الصابرين الصامدين، ولكن ذرائع العدو لا تنتهي، وإذا كانت اليوم الصواريخ، فغدًا شيء آخر ولن يرضى عنك العدو الصهيوني ما دامت هناك إرادة مقاومة وصمود في وجه مخططاته، وأدوات تدافع بها عن نفسك وشعبك مهما كانت هذه الأدوات بسيطة أو بدائية، ويتذكر آباؤنا أن الإنجليز كانوا يحاكمون مَن يحمل سكينًا من الفلسطينيين، ولذلك هذه ذرائع وليست أسبابًا،والسبب الحقيقي هو طرد الشعب وسلب الأرض.
  • ماذا تشترط حماس مقابل وقف إطلاق الصواريخ؟
سلاحنا دفاعيٌّ ندافع به عن أرضنا ومقدساتنا وأنفسنا، فإذا زال العدوان نوقف استخدام السلاح لنفي مبررات استخدامه، وعجيب أن يُطالَب المستضعفون النازفة دماؤهم المتصدون لهذا العدوان بصدورهم وأيديهم وبعض الأدوات من المقاومة بالكف عن الدفاع عن أنفسهم، ولا يُطالَب المعتدي بوقف قصف أهلنا بالطائرات والدبابات ووقف جرف الأراضي وهدم البيوت، هذه دعوة لنا لرفع الرايات البيضاء وترك شارون يذل شعبنا، ويعتقل أبناءنا ويقتل مقاومتنا ويطرد مناضيلنا دعوة للذلة والاستسلام، وعلى أولئك الذين يتحدثون عن سلاح المقاومة أن يكفوا عن ترداد ما يقوله العدو الصهيوني، وأن يقفوا إلى جوار شعبهم ومجاهديه حتى دحر العدوان، كلامهم تشجيع لشارون بأن يفعل فعلته كلما لم يعجبه وسيلة من وسائل المقاومة مقدمًا إياها مبررًا لعدوان جديد، فماذا يفعل هؤلاء ألا ينظرون أنه يحاصر عرفات بمطالب أخرى، وسيحاصرهم غدًا لتكسير أقلامهم إن بقيت تكتب مناصرة الشعب الفلسطيني وداعية للصمود ودحر الاحتلال، ألا ينظرون ما حل بالشيخ رائد صلاح وإخوانه؟! ألديهم صواريخ القسام وقذائف الهاون؟!.
  • هل هناك مبادرات طرحتها أطراف معينة لوقف العدوان؟ وما موقف حركة حماس منها إن كان هناك مبادرات بهذا الصدد؟
عن أي مبادرات نتحدث، المبادرة شرطها الأول أن يشعر الطرف المحتل باحتياجه إليها من خلال صمود المعتدي عليه وخسائر تناله يريد أن يتجنبها وما دام العالم يتفرج على ما يجري عاجزًا عن فعل شيء والعالم العربي صامت لا يتحرك والولايات المتحدة تشارك المعتدي الصهيوني بالحماية الدولية ومده بالصواريخ والطائرات ودعمه بالمال والتكنولوجيا، فلماذا المبادرات؟
نحن بحاجة لمبادرات من نوع آخر، مبادرات مساندة لشعبنا، مبادرات إيجابية تساعد مقاومتنا مبادرات لرص الصفوف ورفع الهمم ودعم المقاومة، نريد حركة شعبية فاعلة.
حركة مساندة بالمال والسلاح والدعم لشعبنا الصابر، نحن نتحسس آلام شعبنا ومعاناته، ونبذل قصارى جهدنا لرفع المعاناة والآلام، ولكن للكرامة ثمن وللأرض والحقوق واجبات لابد من أدائها.
  • كيف تنظر حماس إلى مسار العدوان ميدانيًا على ضوء التصريحات الصهيونية بتوسيع العمليات العسكرية للاحتلال في القطاع؟
بعد بداية العملية الأخيرة بيوم أو يومين بدا واضحًا أن توقعات قيادات العدو العسكرية والسياسية اصطدمت بحقيقةِ شراسة المقاومة واستبسالها بل واصطدمت بخسائر في صفوف قواتها ومستوطنيها لذلك لجأت- وبشكل استباقي- إلى الإعلان عن الحملة العدوانية بأنها مستمرة وطويلة الأمد حتى تبرر استمرار الحملة دون تحقيق نتائجها التي كان يرجوها العدو، وما يحدث أشبه بعضِّ الأصابع بين العدو المغتصب المعتدي وبين شعبنا رجاله ونسائه ومقاوميه وكل فئاته.
وقد أثبت شعبنا عبر جهاده الطويل منذ حوالي ستين عامًا من الجهاد والصبر والصمود أنه أقدر من هذا العدو الطارئ الدخيل، وقد برز واضحًا في انتفاضة الأقصى كيف أجبرت مقاومة شعبنا العدو الصهيوني على تراجعات في جوهر السياسة الصهيونية الإحلالية، فتعرض الفكر الاستيطاني من أساسه إلى هزات عنيفة، وأصبح الحديث عن انسحابات وتفكيك مستوطنات بدلاً من الحديث الدائم- سابقًا- عن التوسع والتمدد على ساحة المنطقة حسب العقيدة التلمودية للصهاينة، إنه لا بديل عن استمرار الانتفاضة والمقاومة وحشد كل القوى في هذا الاتجاه، ونحن نرى تحقيق نصر على هذا العدو المجرم أقرب من أي وقت مضى بإذن الله تعالى وتوفيقه، وننظر إلى تضحيات شعبنا؛ حيث يقدم قادته ورجاله ونساءه في سبيل استعادة كامل حقوقه، إن هذه التضحيات لا يوجد ما يوفيها حقها سوى الاستمرار على درب الجهاد والمقاومة حتى تحقيق النصر بإذن الله تعالى.


تصعيد أعمال المقاومة

من ضحايا مجزرة جباليا الأخيرة
  • تصعيد أعمال المقاومة في الضفة يخفف من الضغط على القطاع؟ هل هناك عوائق تحول دون تصعيد أعمال المقاومة في الضفة غير تلك المرتبطة بالتشديد الأمني والعسكري الصهيوني؟
العدوان الأخير لم يقتصر على شمال قطاع غزة؛ بل تواصل في جنوبه بالاعتداء على خان يونس، وامتد إلى الضفة الغربية، وكان الشهداء في رام الله، فالعدوان عنوانه الشعب الفلسطيني وهدفه الأرض الفلسطينية، ومقاومة شعبنا واحدة ومتواصلة في الضفة أو في القطاع، وقد يكون عنوان المقاومة اليوم شمال قطاع غزة، وغدًا نابلس أو جنين، فالحال واحدة والمسيرة واحدة، هناك صراع بين إرادة القوة، فشارون يريد أن يُصرِخ شعبنا قائلاً: "كفى ويرفع الرايات البيضاء"، وقوة الإرادة التي يحملها الشعب المستضعف ليقول لشارون نحن باقون، نحن صامدون، نحن مقاومون، نحن أصحاب الأرض، لن تنجح لن تكسر إرادة القوة قوة الإرادة مهما كانت الدماء المسفوكة والبيوت المهدومة والأرض المنهوبة، نحن باقون، نحن المنتصرون وشعارنا: ﴿وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ* إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾ (آل عمران:139، 140).
  • كيف تنظرون إلى مواقف السلطة الفلسطينية من العدوان الصهيوني على القطاع؟ خاصةً وأن هناك معلومات تتحدث عن أوامر أصدرتها السلطة لأجهزتها بعدم المشاركة في التصدي للعدوان الصهيوني؟
هناك حملة دعائية كبيرة تستهدف تمزيق الشعب الفلسطيني بين سلطة ومقاومة ومعلومات وإحصائيات المقتول هو فلسطيني يخص رجال السلطة ويخص رجال المقاومة، وينتمي لهذا الشعب المظلوم، وأنا لا أتصور أن يقف رجال السلطة موقف المتفرج من قتل أبنائهم وآبائهم وهدم بيوتهم، المسألة أكبر من أمر يصدر أو سياسة تتخذ، ولو كان الأمر هكذا لما رأيت مقاومة ولا رأيت تصديًّا للعدوان.
إنَّ حالة الوهن التي أصابت أمتنا والغثائية التي ألمَّت بحاضرنا سببها ما ذكره رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "توشك الأممُ أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلةُ إلى قصعتها، قيل: أمن قلةٍ نحن يومئذْ، قال: بل أنتم كثير، ولكن غثاءٌ كغثاء السيل، ولتُنزعنَّ المهابةُ منكم وليقذفنَّ الوهنَ في قلوبكم، قالوا وما الوهن؟ قال: حبُ الدنيا وكراهية الموت".

نحن بحاجة إلى موقف عربي رسمي وشعبي وحزبي، نحن بحاجة لرفض الغثائية وتدعيم الإيجابية وعدم إلقاء المسئولية على الغير، كل واحد منا يستطيع فعل شيء فليكن إيجابيًّا ولا يتوقف عند نقد الآخرين وإلقاء المسئولية على المسئولين، هذه أرضنا، هذا شعبنا، هذه مسئولياتنا، نحن جميعًا في مركب واحد وعلينا إنقاذه.


كلمة اخيرة

أهالي غزة يشيعون الشهداء
  • هل من كلمة توجهها للأهالي في قطاع غزة الذين يتصدون بصدورهم أضخم آلة عسكرية في المنطقة؟
نقول لأهلنا في قطاع غزة: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾ (آل عمران: 142)، نعم.. والله لقد نجحتم في الامتحان بصبركم وجهدكم ودمائكم، فقدتم البيت فصبرتم وفقدتم مصدر أرزاقكم فصبرتم، دفعتم الأبناء كل هذا عبر سنين مضت، وحاض شاهد فبجهادكم وصبركم سيكتب لكم النصر، أنتم عنوان صمود هذا الشعب وعنوان صمود الأمة، أنتم الجدار الذي يقف في وجه هولاكو العصر الحديث ويحد من اندفاعه نحو الأمة بأسرها، أنتم بمقاومتكم أفشلتم إنهاء القضية وتصفية الحقوق وأوقفتم استنزاف التاريخ ونزيف الحاضر، أنتم الذين أوقفتم أحلام بيريز وأطماع شارون ولا زلتم.
والله دماؤكم وتضحياتكم وصبركم وصمودكم ومقاومتكم هي التي تصنع الغد الكريم لشعبكم وأمتكم ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ﴾ (آل عمران: 146)، ومن أحبهم الله كان معهم، وما النصر إلا صبر ساعة، والله معكم ولن يترك جهادكم.

المصدر