د. عصام العريان يكتب: انتهى الدرس يا بوش

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
د. عصام العريان يكتب: انتهى الدرس يا بوش
17-04-2007

لم يتبقَ للرئيس الأمريكي جورج بوش الابن إلا شهورٌ قليلة ويترك البيت الأبيض إلى غير رجعة غير مأسوف عليه وعلى أيامه، وهذه أهم ميزات تحديد الرئاسة بمدتين فقط، ويهرب المرشحون لمقاعد الكونجرس من تأييد بوش لهم ويتحرجون من دعوته إلى مقدمات حملاتهم الانتخابية بعد درس الانتخابات النصفية العام الماضي وحتى أبرز المرشحين للرئاسة والذين أيَّدوا حملة بوش على العراق بدأوا ينتقدون أداءه.

وقال ماكين إن بوش لم يكن له خطة للنجاح في العراق، السبب؛ هو أن الرئيس الأمريكي بوش خسر كل معاركه، وفشل في كل الدروس التي لم يُذاكرها جيدًا، لا يشفع له قط تحسن الاقتصاد الأمريكي في نهاية المدتين؛ ذلك لأنه ركَّز اهتمام المواطن الأمريكي العادي في قضيةٍ رئيسيةٍ واحدة وهي محارية الإرهاب، وعندما فشل فيها ظهر أنه سيدخل التاريخ من باب الفشل وليس من باب النجاح.

وقد تخلص من معظم رجاله حتى الآن، ولم يتبقَّ إلا نائبه ومهندس سياسته ديك تشيني، وأخيرًا وليس آخرًا ها هو الذئب وولفوتيز يعترف أمام مجلس إدارة البنك الدولي والذي جاء رئيسًا له مكافأةً له بخطأه في محاباة سكرتيريته وصديقته فلحق بباول ورامسفيلد وبولتون وليبي إلخ بعد المطالبة باستقالته.

لقد ثبت كذب الرئيس بوش في كل مبررات الحرب على العراق من دور العراق في الإرهاب وصلته بتنظيم القاعدة، أو أسلحة الدمار الشامل التي ثبت أن العراق لم يكن لديه أيًّا منها ولا القدرة على صنعها ولا الإعداد لها، كما أثبتت تقارير الـ(سي آي أيه) التي رفضها البنتاجون ولا نية أمريكا في تحويل العراق إلى نموذج ديمقراطي للمنطقة العربية كلها بعد اعترافه بخطأ السياسة الأمريكية طوال 60 عامًا بتأييدها للنظم الديكتاتورية.

جاء الهجوم الأخير على البرلمان العراقي في المنطقة الخضراء المحمية بأقوى ترسانة للاحتلال الأمريكي؛ ليحولها إلى منطقة حمراء جاء ذلك نقلة نوعية في عمل المقاومة العراقية الرافضة للعملية السلمية من جذورها التي تسببت في الاصطفاف الطائفي المدمر للنسيج الوطني العراقي كما جاء طعنةً في قلب الديمقراطية الأمريكية المصنوعة خصيصًا لتفتيت العراق إلى 3 دويلات ستكون بداية (سايكس- بيكو) جديدة تفتت الدول الوطنية العربية إلى قبائل وشراذم، وها هي البداية في انتقال شرارة الفتنة تهدد تركيا بدولة كردستانية على حدودها ويهدد رئيس الأركان بعد رئيس الوزراء التركي بشنِّ حملةٍ على كردستان بعد تصريحات رئيس الإقليم الكردي مسعود بارزاني بتأييد حق أكراد تركيا وحزب العمال الكردستاني في صراعه ضد تركيا القومية.. هل سنترحم على الدول الوطنية القومية والنضال العربي من أجل الوحدة العربية؟!

بذلك الهجوم يتم دفن الخطة الأمنية لبغداد التي علَّق عليها بوش وإدارته الأمل الأخير في إنقاذ العراق بل إنقاذ أرواح الجنود الأمريكيين الذين أعلنوا عن وفاة 3300 فقط حتى الآن، بالإضافة إلى الأرقام غير المعلنة ممن لا يحملون الجواز الأمريكي أو أرقام الجرحى الذين يمثلون عبئًا نفسيًّا ووطنيًّا على الشعب الأمريكي كله، ولن ينجح الاجتماع الذي دعا إليه بوش مع قادة الحزبين الديمقراطي والجمهوري بالكونجرس لتمويل الحرب على العراق، الكونجرس الذي تجرَّأ على قواعد الدستور الأمريكي فتدخلت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي في السياسة الخارجية وتدخل الكونجرس بمجلسيه؛ ليمنع استمرار صرف شيكات على بياضٍ للرئيس بوش لتستمر مغامرة العراق.

الرئيس بوش في ورطة وانتهت المغامرة بكارثة حقيقية، ويا ليت القوات الأمريكية فقط هي التي غاصت في مستنقع العراق، لقد غاصت المنطقة كلها في المستنقع ولا تعرف طريقًا للخروج منه بسبب استسلام نظمها لمخطط الإدارة الأمريكية وانضمامها إلى مشروعه للحرب على الإرهاب؛ ذلك الشبح المخيف والوحش المرعب الذي خوَّف به العالم كله دون تعريف محدد، وفي خلط للأوراق متعمد بين الحق في المقاومة المشروعة ضد الاحتلال، كما في فلسطين والعراق وأفغانستان، وبين العمليات الإرهابية الإجرامية المدانة، كما حدث في واشنطن ونيويورك ومدريد ولندن، وكما في القاهرة والجزائر والدار البيضاء والرياض والخُبر وغيرها، وستخوض أكثر وأكثر في الوحل إذا شنَّت أمريكا حربًا على إيران.

لقد شاركت الحكومات العربية في غزو العراق واحتلال أراضيه، وذبح أبنائه بعد أن شاركوا في حصاره لعشر سنوات متصلة في حرب إبادة، وكما يشاركون اليوم في حصار الشعب الفلسطيني، ها هي تدفع الثمن نتيجة لذلك، ولكن من دمائنا نحن الأبرياء ومن استقرار أوطاننا ومن تعويق أي إصلاحاتٍ جادة وحقيقية، ومن فقد الأمل في أي تنميةٍ أو استثمار؛ بل من تماسكنا الاجتماعي وأمننا القومي كله، فهل يغامرون بمستقبل أنظمتهم وأمن وأمان شعوبهم بدعم حرب جديدة؟!!

خلال سنوات الحرب على الإرهاب كانت الثمار المُرَّة في تفجيرات متواصلة لن يكون آخرها ما حدث في الجزائر واستهدف مقر رئيس الوزراء وتبني تنظيم القاعدة، في إشارةٍ إلى تحول خطير لم يشهده ملف العنف الجزائري رغم كل قسوته، وفي وضعٍ محلي مزعج بسبب أزمة خلافة الرئيس المريض بوتفليقة.

لم يخف بوش أهدافه من الحرب المعلنة؛ فقد قال وكرر ما قال: إنه يريد نقل المعركة إلى خارج الأراضي الأمريكية ضنًّا بدماء الأمريكيين الأبرياء فماذا كانت النتيجة؟

دفع أبرياء آخرون دماءهم ثمنًا لحماقة بوش وغبائه أو لِنقُلْ لطموح المخططين الأمريكيين للهيمنة على العالم كله: دفعوه في كل العواصم التي طالتها يد العنف والإرهاب؛ بل دفعها شباب أمريكي أيضًا ازداد عددهم على عدد ضحايا البرجين في 11 سبتمبر 2001م، فهل دماء هؤلاء أرخص؟!!

بوش الآن في مأزقٍ كبيرٍ والعراق في مأزقٍ أكبر والعرب والمنطقة كلها تواجه كارثة بل كوارث فظيعة.

ومن الواضح أن عناد الرئيس بوش يعني أنه لم يستوعب الدرس العراقي، والواجب هنا يقع على الكونجرس الأمريكي والشعب الأمريكي أولاً وأخيرًا لأنهم الجهة الوحيدة القادرة على الضغط الفعَّال على الرئيس وأركان إدارته وعلينا جميعًا مساعدتهم في مهمتهم الصعبة مع رئيسٍ يعتقد أنه مكلف بمهمة إلهية وأن الرب يخاطبه.

لقد بعث الأمريكيون رسالةً واضحةً في الانتخابات النصفية للكونجرس والتقف الديمقراطيون الفائزون الكرةَ، وبدأوا في إرسال رسائل واضحةً للرئيس كان آخرها القانون الملزم بوضع جدولٍ زمني لعودة القوات الأمريكية وانسحابها من العراق؛ لتمويل بقية الحملة الأمريكية حتى الانسحاب، وها هو اضطر أخيرًا للجلوس مع زعماء الديمقراطيين للوصول إلى حلولٍ وسط.

المطلوب الآن وبإلحاحٍ على المستوى الدولي أيضًا وبجانب الدور الأمريكي هو مراجعة ما يُسمَّى بالحرب على الإرهاب؛ أهدافًا واستراتيجياتٍ وتكتيكاتٍ، وعلينا نحن العرب والمسلمين، حكومات مسئولة أمام الله وأمام الشعوب، ونخبًا سياسيةً وأحزابًا وحركاتٍ إسلاميةً وعلمانيةً ومنظماتٍ مدنيةً وأهليةً أن نُقدِّم رؤيتنا وأن نضغط من أجل تحقيق أهداف واضحة مثل:

  • تحديد تعريف دقيق وواضح لمفهوم الإرهاب والعمليات الإرهابية.
  • الفصل الصريح بين الحق الشرعي والقانوني والإنساني والمقاومة ضد العدو والغزو والاحتلال وبين الإرهاب.
  • الاتفاق على تحديد المنظمات الإرهابية وعدم خلط الأوراق.
  • الالتزام بأولويات صريحة في مواجهة العنف والإرهاب.
  • كيفية حماية الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين أثناء مواجهة الإرهاب.
  • كيف نُدخل الشعوب طرفًا في حصار الإرهاب وهي لا تتمتع بحقوقها السياسية ولا تشارك عبر ممثليها المنتخبين في رسم السياسات أو الإستراتيجيات أو مراقبة تمويل الحرب على الإرهاب؛ وبذلك لا بد من الربط الواضح والصريح بين تحقيق الإصلاح السياسي والحرب على الإرهاب.
  • معالجة جذور الإرهاب ومساندته الخطيرة على كافة الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
  • الاتفاق على إستراتيجيات وسياسات وبرامج لنشر ثقافة التسامح بين البشر ومنع التعصب ومواجهة التكفير وإرساء الاحترام المتبادل بين البشر وقبول التعددية الحقيقية، وعدم التمييز بين البشر لأي سببٍ كان مع احترام العقائد والأخلاق.

نحن في حاجةٍ ماسة إلى مراجعة أمنية لاستراتيجية الحرب على الإرهاب فقد أصبحت الكارثة عميقة وتوشك أن تصبح كارثةً دولية.

وقد أصاب الإسلام كعقيدة وحضارة وثقافة، ضرر بالغ من آثار حملة استمرت أكثر من 5 سنوات وآن أوان المراجعة، فهل من مجيب؟!!

ملاحظة:

للصحافة دورٌ كبيرٌ في توعية الرأي العام ومراقبة النخب الحاكمة حتى سمَّاها الرئيس الراحل السادات في الدستور بالسلطة (الرابعة) كما هو شائع، واليوم تقوم (الأهرام) العريقة بدورٍ جديدٍ وهو بوسطجي الأمن؛ فهي وفي ظل انقطاع الاستدعاءات لقيادات الإخوان إلى أجهزة الأمن خاصةً أمن الدولة، تقوم عبر صفحات مطولة بنقل رسائل الأمن إلى الإخوان!!

دور جديد للصحافة (القومية جدًّا) وشكرًا للأهرام وشكرًا للداخلية وأمن الدولة التي يصرُّ رجالها على التواصل مع قيادات الإخوان وقواعد الإخوان عبر صفحات الجرائد، أليس الحوار المتكافئ من أجل مستقبل مصر هو أقصر الطرق للوصول إلى الحق أو التفاهم؟!!

أم هو الرغبة في زيادة التوزيع بعد نزول الأرقام كما يشيع البعض في سوق الصحافة؛ وبذلك تنضم الأهرام إلى صحفٍ أخرى متهمة بأن نشر أخبار الإخوان هو السبب في زيادة توزيعها.

ملحوظة هامشية: على هامش الملحوظة السابقة جريدة مستقلة اتُهمت سابقًا بأنها تركز على أخبار الإخوان، عادت من جديدٍ لتبرز على صدر صفحتها الأولى وأيضًا الداخلية أخبار الإخوان!!

هل من جديد؟! أم أنه أيضًا التوزيع والمنافسة؟!!

مرحبًا، السوق الحرة، والتنافس الشريف، بطة عرجاء تدعم بطة عرجاء:

هذا هو تعليق الصحف البريطانية على الدعم الذي تلقاه وولفوتيز من الرئيس بوش.

بعد النشر: كتب محمود الكردوسي في جريدة (المصري اليوم) الثلاثاء 17/4/2007م، يؤكد كثيرًا من الملحوظتين الأوليين في عموده الصفحة الثانية عن (الأهرام) و(المصري اليوم).

المصدر