رسالة الإخوان المسلمين.. المرشد العام للإخوان المسلمين فكرًا وعملاً (4)

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
رسالة الإخوان المسلمين.. المرشد العام للإخوان المسلمين فكرًا وعملاً (4)

11-03-2014

مقدمة

سبق أن عرضنا في الرسائل الثلاث الماضية جانبا من أفكار ومبادئ فضيلة المرشد العام الدكتور محمد بديع بقلمه، وسنعرض في هذه الرسالة بعضا من مواقفه وأعماله، وهي تمثل ترجمة عملية لما يؤمن به ويدعو إليه.

ففي المجال العلمي

كان متفوقا في دراسته، وعين معيدا في كلية الطب البيطري بالقاهرة، وعندما خرج من السجن انتقل إلى الزقازيق، ثم إلى جامعة بني سويف، وحصل على درجة الأستاذية، وانكب على أبحاثه، وبرع في البحث العلمي، حتى اعتمدته إحدى الموسوعات العالمية عالما من أحسن مائة عالم في العالم العربي، وتبوأ منصب وكيل كلية الطب البيطري في بني سويف، وحينما خلا منصب العميد وكان هو الأحق بشغله تدخلت مباحث أمن الدولة لتحرمه من حقه في أن يصبح عميدا للكلية.

وعندما أعير إلى اليمن أنشأ قسما كاملا في تخصصه، وعلم أجيالا من الطلاب، وتخرج على يديه كثير من الباحثين.

وفي المجال النقابي

ترشح لنقابة الأطباء البيطريين، ووصل إلى منصب الأمين العام ، ونذكر له في النقابة موقفين يلقيان الضوء على شخصيته، الأول: أن مديرة مكتب الأمين العام كانت سيدة مسيحية تدعى (إيفون) ، وعندما أصبح الدكتور بديعأمينا عاما أخبرها زملاؤها أن عليها أن تلبس الحجاب وأن الدكتور محمد بديع شديد التجهم والقسوة، .

وعندما جلس في مكتبه لأول مرة دخلت عليه وأخبرته بمخاوفها، فضحك كثيرا، وأخبرها أن كل ما سمعته غير صحيح، وأننا مكلفون بالقسط والبر مع إخواننا المسيحيين بأمر القرآن، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أوصانا بأقباط مصر على وجه الخصوص خيرا، .

وحذرنا أشد التحذير من الإساءة إليهم، فلتتصرف على طبيعتها، وسوف تثبت الأيام صدق ما يقول لها.

وفعلا لم تجد في كل من سبقوه للمنصب أحدا عاملها بالاحترام والإكرام والتسامح مثلما فعل، وظلت تذكره بخير حتى عندما ترك المنصب، وتتصل به بالهاتف لتهنئته بالمناسبات.

أما الموقف الثاني، فكان أثناء إجراء انتخابات جديدة للنقابة، وكان هو الذي يشرف عليها، واختار الناخبون تيارا آخر بدلا من اختياره وتياره، .

وكان من الممكن أن يلجأ إلى تزوير الانتخابات، إلا أن ذلك لا يتفق مع مبادئه ورجولته، فلم يفعل، وأخرج النتيجة نزيهة بمنتهى الأمانة والشفافية، .

وأعلن فوز الاتجاه الآخر، ودعا لهم بالتوفيق، وتخلى فورا عن منصبه، وهذا يدل على أنه يفعل ما يؤمن به، وأنه يحترم الديمقراطية وإرادة الناخبين، ولو جاءت بمنافسيه، وهذا هو دأب الإخوان المسلمين.

أما في المجال الأخلاقي

فحدث ولا حرج، فقد تربى على أيدي كبار الإخوان المسلمين خصوصا في السجون، ورأى منهم مواقف أخلاقية نادرة في الصدق والثبات والتضحية والتسامح حتى مع من ظلموهم وعذبوهم، فقد كانوا يشفقون عليهم من سوء المصير ويدعون لهم بالهداية، الأمر الذي دفع كثيرا من السياسيين الذين سجنوا معهم إلى الشهادة لهم بالرقي وحسن الخلق والمعاملة.

وحينما صار هو مسؤولا عن الإخوان المسجونين في قضية النقابيين، والتي حكم عليه فيه بالسجن خمس سنوات، كنت ترى رحمته بهم واحتواءه لهم كأنه أم رؤوم، يتعب لراحتهم، ويتعرض للشدائد للتخفيف عنهم، .

ولم يقف حسن معاملته على الإخوان فحسب، بل امتد لكل من في السجن، سجناء وسجانين ضباطا وعساكر ومخبرين، حتى كانوا يستشيرونه في مشاكلهم الخاصة، ويحترمونه ربما أكثر من قادتهم، وكان في نفس الوقت يعد الطعام والشاي بنفسه لصغار الشاويشية، وكان السجناء من الجماعات الأخرى يلجؤون إليه لحل مشاكلهم، فكان رحمة وسكينة لكل من في السجن.

وفي المجال السياسي العام

فقد انتخب مرشدا عاما بعد ما عقدت جماعة الإخوان المسلمين عدة مرتمرات تحت عنوان (من أجل مصر) دعت إليها جميع القوى والأحزاب السياسية في مصر، وكان ذلك قبل ثورة 25 يناير 2011، .

وكان يستجيب لها البعض ويمتنع البعض خوفا أو مجاملة للحكومة، وكان الحاضرون يتباحثون حول كيفية إخراج مصر من مشاكلها وتصحيح أوضاعها والنهوض بها، وبعد انتخاب الدكتور بديع استأنف هذه المؤتمرات بمؤتمر (من أجل مصر -5) وكان ذلك بعد ثورة 25 يناير، فحضرت جل التيارات السياسية في مصر، إن لم تكن كلها، وتناقشوا في أحوال البلاد، وأصدروا توصيات للإصلاح.

في شهر فبراير أو مارس 2011 دعاه المجلس العسكري لاجتماع عام، وعندما حضر وجد رؤساء جميع الأحزاب والتيارات السياسية مدعوين، في وجود عدد من أعضاء المجلس العسكري على رأسهم اللواء محمد العصار، وبدأ السياسيون يتحدثون وكأن هناك شبه اتفاق على ضرورة مد الفترة الانتقالية إلى سنة أو سنتين، يبقى فيها المجلس العسكري حاكما للبلاد، حتى تتجهز الأحزاب للانتخابات لأنها غير جاهزة، والإخوان وحدهم هم الجاهزون، .

وعندما جاء دوره للحديث أكد على أنه شخصيا والإخوان المسلمين تعرضوا لمحاكمات عسكرية، حاكمهم فيها لواءات من الجيش، وحكموا عليهم بالسجن لأعوام طويلة، قضوها في السجون وخرجوا يحبون جيشهم، ولم تفلح محاولة الوقيعة بين الإخوان والجيش، ورغم هذا الحب فإننا لا نقبل أن تمتد الفترة الانتقالية ولو ليوم واحد بعد الشهور الستة المحددة لها، لأن حكم البلاد وإدارتها ليس وظيفة الجيش، وإذا كان إخواننا في الأحزاب والتيارات السياسية يشكون من عدم جاهزيتهم للانتخابات، فتعالوا ندخل الانتخابات بقائمة موحدة.

وكانت هذه الفكرة هي التي أثمرت تكوين (التحالف الديمقراطي) الذي أنشأه حزب الحرية والعدالة بعد تأسيسه، ودعا إليه حوالي 40 حزبا وتجمعا سياسيا، وانتهى إلى دخول حوالي 12 حزبا على قوائمه في الانتخابات.

وأخيرا نعرض لموقفه مع إخواننا في الوطن من المسيحيين، فقد ظل حريصا على الوحدة الوطنية مؤمنا بالمساواة بين المواطنين، كتب ذلك كثيرا، .

وأرسل نوابه وأعضاء مكتب إرشاد الجماعة لتهنئة المسيحيين في أعيادهم، وتحدث إلى البابا شنودة تليفونيا عدة مرات عقب عودته من رحلة علاج، بل زاره بنفسه في الكاتدرائية في العباسية، واستقبل مجموعة من القساوسة، .

واتفق مع آباء الكنيسة الإنجيلية على أن يستقبل مجموعة من شبابهم وشاباتهم حسب طلبهم، وأجرى معهم حوارا طويلا أفهمهم فيه حقيقة دعوة الإخوان وأهدافها ومبادئها، وأزال كل المخاوف التي كانت تساورهم، وطلب تشكيل مجموعات مشتركة من شباب الإخوان وشباب المسيحيين بكل مذاهبهم ، للقيام بأنشطة الخدمة العامة للبلاد والاجتماعية لمحتاجيها في الأحياء والتجمعات الفقيرة.

هذا هو فضيلةالمرشد العام، وهو رمز الجماعة التي انقلب عليها الآن من مدت إليهم أيديها وعرضت عليهم التعاون على البر والتقوى من أجل حرية هذا الوطن وكرامته وسيادة هذا الشعب ونهضته وتقدمه، والتي يطالبون الآن باستئصالها والقضاء عليها، ونسوا أن غيرهم قد سار على نفس الدرب فهلك، وبقيت بفضل الله الجماعة؛ لأنها تحمل رسالة الإسلام رسالة الخير والبر والحق والعدل للناس كل الناس في كل مكان.

﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ﴾.

﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾.

المصدر