رسالة من المرشد العام للإخوان المسلمين بمناسبة شهر رمضان المبارك

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
رسالة من المرشد العام للإخوان المسلمين بمناسبة شهر رمضان المبارك

09-07-2013

الحمد لله الذي ذهب بشعبان وجاء برمضان، ليكون شهر خير وبر وإحسان، بعد أن ذاقت الأمة مرارة الظلم والطغيان، وودعت ثلة من خيرة شهدائها أمام الحرس الجمهوري دفاعًا عن الحرية والكرامة للشعوب والأوطان، وصلِّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله خير آل .. وبعد،

فيا شعب مصر العظيم ويا أمة الإسلام في كل مكان، نبثكم أطيب التهاني بحلول الشهر الكريم شهر رمضان المبارك، الذي تفتح فيه أبواب الجنان، وتغلق فيه أبواب النيران، وتصفد فيه الشياطين، وينادى فيه المنادي من السماء: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ويتبارى فيه المؤمنون ويتسابقون في الخيرات، ويباهي الله فيه أهل السماء بأهل الأرض المؤمنين الذين يتنافسون في الطاعات، رجالاً ونساءً.

شعبنا الكريم؛ رجالاً ونساءً، لقد قدمت في محنة الأيام الماضية نموذجًا أبهر العالم، كما كنت وستظل دائمًا بإذن الله في رباط إلي يوم القيامة.

أناشدك أنت وجميع إخواننا في كل أنحاء الأرض، ونذكركم بأن من الثلاثة الذين يستجاب دعاؤهم الصائم حتى يفطر، فأقبلوا على الله بالإلحاح على الله بالدعاء في هذا الشهر، فإنه يحب الملحين من عباده، وليكن نصيب الأمة من دعائكم عظيمًا، ليرفع الله هذا البلاء الذي نزل بها على يد فئةٍ من أبنائها، لم يمنعهم دينهم ولا وطنيتهم ولا إنسانيتهم من الاعتداء الغاشم على إخوانهم وهم في صلاة الفجر، فقتلوا العشرات وأصابوا المئات، ليزيدوا من معاناة الأمة بهذه الجريمة المنكرة، وبدلاً من أن تستقبل الأمة الشهر الكريم بوحدة جامعة وأخوة صادقة ومصالحة شاملة فإنها تستقبله بدماء تنزف ظلمًا، وأرواح تزهق بغير حق، نسأل الله أن يتقبلهم في الشهداء، وأن يلهم ذويهم الصبر والاحتساب، وندعوكم أيها المسلمون للقنوت في كل الصلوات المفروضة والنوافل قنوت النوازل، الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله إذا نزلت بالأمة نازلة، فقد ظل صلى الله عليه وسلم يقنت ثلاثين يومًا حين تعرض سبعون من حفاظ القرآن من أصحابه للقتل والغدر يوم بئر معونة.

إخواني وأخواتي: لقد فجع الأحرار في بلادنا وفي كل مكان بتلك المجزرة البشعة للركع السجود في صلاة الفجر، التي لم يسبق أن حدث مثلها في مصر على طول التاريخ، وقد زعم مرتكبو هذه المجزرة أنهم كانوا يواجهون ما زعموا أنه محاولة لاقتحام دار الحرس الجمهوري، فاستخدموا كل تلك الأسلحة بتلك الكثافة المفرطة، وهذا من أعجب العجب فكيف لا يفكرون في الاقتحام وكان عددهم في اليوم السابق تمامًا 300 ألف من كل أطياف الشعب الغاضب والمؤيد للشرعية والمعارض للانقلاب العسكري، ويتهمون بذلك، وعددهم لا يتجاوز العشرة آلاف ومنهم أطفال ونساء، وكيف يقتحم الراكع الساجد في صلاته البوابات وهي خلف ظهره.

ثم إن القصر الجمهوري في الاتحادية تعرض على مدى سنة من حكم الرئيس محمد مرسي لعشرات المحاولات الحقيقة لاقتحامه أمام أعين العالم وعلى شاشات الفضائيات، وإلى حد قيام بعض المعارضين بمحاولة خلع بواباته بونش كبير، ومع ذلك لم تستخدم القوات طلقة رصاص واحدة في مواجهة المعتدين، فأي تناقض هذا؟ وأي تزييف للحقائق يسعى المتآمرون لترويجه على الناس، على أبواب رمضان؟ وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم "أيكون المؤمن جبانًا؟ فقال نعم فقيل له أيكون المؤمن بخيلاً؟ فقال نعم فقيل له أيكون المؤمن كذابًا؟ فقال: لا".

إن رمضان فرصة عظيمة لمراجعة النفس، والاعتراف بالذنب، واستدراك الأخطاء - فإن الرجوع إلي الحق أفضل من التمادي في الباطل- ومحاسبة المجرمين الذين ارتكبوا هذه الجريمة الشنيعة، وتقديم الصالح العام ومصالح الوطن على كل المصالح الشخصية والحزبية الضيقة، وتلك مسئولية الجميع في مصر، ويبدأ هذا من عودة الرئيس المنتخب إلى موقعه ليمارس مهامه، ويجمع أطياف الوطن للدخول في مصالحة وطنية شاملة، ترضي الله، وتحفظ الحقوق، وتنهض بالأمة، نحو مستقبل كريم، وإلا فإن هذه السابقة تهدد مستقبل مصر، فهي سنة سيئة على مَن ارتكبها ووزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة.

إخواني وأخواتي في كل أنحاء العالم، لقد أورد الله في ثنايا الآيات عن الصيام وأحكامه قوله تعالى (وإذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي ولْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُم يَرْشُدُونَ)، فأقبلوا على الدعاء في هذا الشهر المبارك، واستثمروا دقائق لياليه الغالية في القيام والدعاء، أن يحفظ الله الأمة، ويجمع كلمتها، وأن يصرف عنها الظلم ويقطع دابر الظالمين والخائنين والغادرين، وأن يرد المكر على الماكرين، وأن يحبط كيد المتآمرين، وكونوا على ثقة من القبول إن شاء الله إذا كانت القلوب يقظة فقد قال تعالى (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)، (إذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ) .

أعاننا الله في هذا الشهر الكريم على البر والتقوى وتقبل الله منا الصيام والقيام وصالح الأعمال ولا أعان أحداً أبداً على الإثم والعدوان (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) وصلى الله على سيدنا محمد وعلى أله وصحبه وسلم

الإخوان المسلمون
القاهرة في: 30 من شعبان 1434ه الموافق 9 من يوليو 2013م

المصدر