سطور من حياة المجـاهدة زينب الغزالي ( الحلقة 17 )

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
سطور من حياة المجـاهدة زينب الغزالي ( الحلقة 17 )
رفضت عرضاً من الرئيس السادات بطلب مليون جنيه تعويضا عن التعذيب, وقالت إن أموال الدنيا كلها لا تعوضني عن ضربة سوط واحد في سبيل الله!
بدر محمد بدر2.jpg

بقلم/ بدر محمد بدر

صفقة بمليون جنيه يسيل لها اللعاب, ويضعف أمامها أقوى الرجال, خصوصا وأن المطلوب لم يكن صعبا أو يمس بالكرامة أو الخلق أو التاريخ, بل إن الكثيرين يرونه حقا طبيعيا, ولم يكن الأمر يتطلب أكثر من الذهاب إلى مبنى الشهر العقاري لاستخراج توكيل عام للقضايا للمحامي الذي تختاره !

والحكاية تبدأ عندما قام المستشار هاشم قراعة الذي يعمل مع رئاسة الجمهورية, بزيارة لبيت الداعية الكبيرة, وبعد تقديم واجب الضيافة سألته عن سبب الزيارة, فأبلغها بأن الرئيس أنور السادات كلفه بأن يعرض عليها عرضا يرجو أن تفكر فيه جديا, وهو أن ترفع دعوى أمام القضاء المصري تطالب فيها بالتعويض عما تعرضت له من تعذيب نفسي وبدني رهيب منذ عام 1965 وحتى الإفراج عنها في عام 1971 , وأكد لها رئيس الجمهورية سوف ينفذ الحكم مباشرة ويعطيها المليون جنيه التي طلبتها! وكل المطلوب منها أن تقوم بعمل توكيل للمحامي ليتمكن من رفع الدعوى..

المسألة إذن في نظره بسيطة لا تحتمل مجرد التفكير ناهيك عن الرفض, ولكن ما هو هدف رئيس الجمهورية من هذا العرض المغري الذي يسيل له اللعاب؟ ولماذا يقدم للسيدة زينب الغزالي بالذات؟… التفسير المنطقي يقول إن الرئيس السادات عندما تولى السلطة عقب وفاة جمال عبد الناصر , كان يعاني من تضخم شخصية " عبد الناصر " بصورة كبيرة في وسائل الإعلام وبين كبار رجال الدولة ولدى عامة الناس.. لقد صنع منه الإعلام بطلاً أسطورياً وزعيماً قومياً وقائداً وطنياً ليس له مثيل في تاريخ مصر, يذيع خطبه وكلماته باستمرار, وينتقي شعارات من خطبه النارية حتى بعد هزيمة 67, وبالتالي فالرئيس الجديد ليس له مكان واضح بين الناس, في ظل " طغيان " شخصية عبد الناصر حتى بعد وفاته, إذن هو في حاجة إلى كشف حقائق حدثت في عهد عبد الناصر, تساهم في تعديل الصورة أو بالأحرى تصحيحها, ورسم صورة أخرى واقعية, غير تلك التي روج لها الإعلام طويلاً..

كان الرئيس أنور السادات في حاجة إلى " شاهد عيان " مؤثر يقول للناس: أنتم مخدوعون في هذا " الزعيم " الذي يكره الحرية ويعشق الاستبداد, ويدوس على الحرمات ولا يتورع عن تعذيب الأبرياء.. والأدهى إن كان هؤلاء الأبرياء نساء, من أمثال " زينب الغزالي " .. والمرأة في ديننا وأخلاقنا وأعرافنا لها " حرمة " لا يجوز مسها أو انتهاكها أو إهانتها.

الحاجه زينب.jpg

كان الرئيس السادات يريد أن يكشف " الوجه الآخر " لعهد " الزعيم " عبد الناصر حتى يفسح له شخصياً مكاناً في نفوس الناس, ويقلل من هذه " الهالة الكاذبة " التي صنعها الإعلام لعبد الناصر, ومع الأسف لا يزال هناك بعض المخدوعين في عهد عبد الناصر , دون أن يدركوا أن كل إنجازات ذلك العهد تنهار أمام إهدار الحريات وانتهاك حقوق الإنسان والحط من الكرامة والعدوان على الدستور .. إن حرية الإنسان المصري, التي عصف بها عبد الناصر وأعوانه, هي أغلى ما يحتاجه الوطن الحر الكريم, ووطن بلا حرية هو وطن بلا حياة ولا كرامة, وشعب مقيد ومقهور هو شعب ميت لا مستقبل له ولا مكانة.

استمعت المجاهدة الصابرة إلى كلمات المستشار قراعة وانتظرت حتى شرب الرجل قهوته, وقالت كلمات بسيطة في حروفها, عظيمة في معانيها, تكتب بأحرف من نور في سجل تاريخ الدعوة والدعاة.. قالت الداعية الصابرة: " إن أموال الدنيا كلها لا تعوضني عن ضربة سوط واحد تلقيتها في سبيل الله, وإن أحداً من البشر, كائناً من كان, لا يستطيع أن يعوضني عن لحظة واحدة قضيتها في السجن, ولكني أنتظر الجزاء من الله العادل وحده, ولا أنتظر ممن سواه شيئاً, أبلغ السيد الرئيس تحياتي وشكري وكلماتي.. ", وفشلت الزيارة في إقناع الداعية الكبيرة برفع الدعوي أمام القضاء والحصول على " المليون " جنيه, التي ضمنها رئيس الدولة!

ورفضت الداعية المجاهدة طوال حياتها أن ترفع دعوى أمام القضاء للمطالبة بالتعويض عما لحقها من تعذيب, وما أصابها من ضرر, وعندما كان يقول لها تلامذتها ومحبوها إن فلاناً " من قيادات ورموز الإخوان المسلمين " رفع دعوى للمطالبة بالتعويض, كانت تقول: هذا رأيه وهو حر فيما يراه ولا شأن لي بذلك, ولكل وجهة هو موليها.

هذه هي زينب الغزالي , وهذا هو سر عزيمتها وقوتها وشموخها وإبائها, وهذا هو يقينها الصادق بالله العادل المنتقم الجبار, الذي لا يدع ظالماً ولا يترك طاغية ولا يتسامح مع جبار من جبابرة الأرض, انشغل بحوله وقوته عن حول الله وقوته, وداس على كرامة البلاد والعباد, وسجل صفحة سوداء من تاريخ الوطن.

المصدر

للمزيد عن الحاجة زينب الغزالي

روابط داخلية

كتب متعلقة

مؤلفاتها

مقالات متعلقة

.

متعلقات أخرى

.

وصلات خارجية

مقالات متعلقة

.

تابع مقالات خارجية

.

تابع مقالات متعلقة

أخبار متعلقة

وصلات فيديو