سعيد بن مسفر: هذه تجربتي في الدعوة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
سعيد بن مسفر: هذه تجربتي في الدعوة

[14-12-2004]

مقدمه

الداعية الإسلامي السعودي:

ينبغي عدم الزج بالدعوة في مواجهات غير متكافئة

جذب المدعوين يتحقق بالإكثار من القصص والسير

ليس كل داعية خطيبًا ولا كل خطيب مربيًا

أغلب سقطات البشر بسبب ضعف إيمانهم

ممارسة الدعوة داخل السجون أفضل من خارجها

حوار- محمد هاني

برغم تقدمه في السن إلا أنه لا يزال شاب القلب، شاب الفكر، يقبل عليه الآلاف من الشباب لاقترابه من مشكلاتهم واعتماده على مس شغاف قلوبهم وعدم التكلف في أسلوب خطابته مع إضفائه الطرفة إليها للترويح على المستمعين.. إنه الشيخ الدكتور سعيد بن مسفر الداعية الإسلامي الذي ذاع صيته في المملكة العربية السعودية وغيرها من بلاد العالم، نتيجة هذا الأسلوب المتميز في الدعوة.

وفي هذا الحوار، يروي بدايته مع ممارسة الدعوة ورحلته مع الهداية والتوبة، وكيفية وصوله إلى قلوب الشباب بالإضافة إلى تجربته الخاصة في الدعوة داخل السجون.


بداية التغيير

  • بدايةً: كنتم تعملون في مجال تدريس التربية الرياضية فكيف تحولتم من معلم رياضي إلى داعية معروف؟
نعم.. تخرجت في معهد إعداد المعلمين عام 1379هـ وعملت معلمًا لعدة سنوات، أما ما أحدث التغيير في حياتي فكان في عام 1387]هـ، وبالتحديد في شهر رمضان المبارك في أعقاب رحلة خلوية على الأقدام مع زميل صالح هو الشيخ سليمان بن فائع- حفظه الله- حيث سرد عليّ أحداث عذاب القبر، فقررت في ذلك الوقت تغيير أسلوب حياتي بالتوبة إلى الله والاستقامة والالتزام بدين الله، وأسأل الله أن يثبتني على ذلك حتى ألقاه إن شاء الله.


بداية الدعوة

  • وكيف بدأت رحلتك مع الدعوة إلى الله؟
كانت مع بداية الهداية، فمن أول ليلة قرأت فيها كتاب (الكبائر) للذهبي مع الشيخ سليمان، وقررنا بعدها إلقاء موعظة في الجامع الكبير في مدينة أبها عقب صلاة الجمعة... وهكذا كانت البداية.
  • ما السبب في شعبيتكم الكبيرة؟ وهل هناك أسس لجذب المستمع إلى ما تدعون إليه؟
في البداية، أرجع ذلك إلى توفيق الله عز وجل، وأسأل الله أن يجعل العمل خالصًا لوجهه وألا يجعل للشيطان طريقًا إلى قلبي، ومن جانب آخر هناك وسائل جذب المستمع وشد انتباهه مما لا حصرَ له، وإنما يجريه الله على لساني بتوفيق منه.. ومن أبرز ذلك الوسائل:

الإكثار من السير وتراجم علماء السلف الصالح لأن في عرضها إمتاع للسامع.

سرد القصص الصحيح من الكتاب والسنة والتاريخ لأن أسلوب القصة تربوي فعال يبعث على العظة والاعتبار.

ضرب الأمثال وتعريب المعاني إلى الأذهان.

إيراد الطرفة المناسبة حتى تجدد نشاط السامع وتدير انتباهه، ولكن في حدود معينة تتناسب مع قدسية المسجد، وأبرز الشيوخ في هذا المجال- على سبيل المثال- الشيخ عبد الحميد كشك- يرحمه الله- في مصر.


ضعف الإيمان

  • الكل يجمع على أنك تركز على الجوانب الإيمانية وبث الخير والفضيلة..ف هل يكفى ذلك لتوصيل الدعوة وتثبيتها في قلب المتلقي؟
التركيز على الإيمانيات في نظري أول ما ينبغي طرحه وتناوله مع الناس؛ لأن مشكلة المشكلات ضعف الإيمان وما نراه من أمراض أو سقطات كلها بسبب ضعف الإيمان.
أما قضية المتابعة للمدعوين وتربيتهم وتعهدهم حتى يستمروا في طريق الهداية فهذا شيء عظيم لابد منه، لكن ليس بإمكان الداعية أن يقوم به، إذْ كيف تتصور أن يقوم الخطيب أو الداعية بعد إلقاء المحاضرة في عشرات الآلاف بمتابعة تربية هذا العدد الكبير؟
ولكن الأدوار يجب أن تتوزع وأن يتعاون المصلحون في تقاسمها كل بحسبه، فليس كل داعية قادرًا على الخطابة، كما أنه ليس كل خطيب قادرًا على التربية، وهكذا فالدعاة يكمل بعضهم بعضًا.


الحصار والتضييق

  • في ظل الحصار والتضييق العالمي على الدعوة، كيف يُمارس الداعية دعوته؟
العداء والتضييق على الدعوة من أعداء الله غير مستغرب، فقد أخبرنا به ربنا سبحانه وتعالى في كتابه حيث قال: ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾ (البقرة: من الآية 120) وقوله: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ﴾ (البقرة: من الآية 109)، فمن الطبيعى أن يناهض الدعوة إلى الله المسلمون أنفسهم سواء كاونا أفرادًا أو أنظمة عربية تسعى إلى القمع وتكميم الأفواه.
أما المخرج الناجح من كل هذا فهو عدم الزج بالدعوة في مواجهات غير متكافئة والاستمرار والثبات والعمل على حمايتها من هذه المعوقات ثم الاعتماد على الله أولاً وأخيرًا.


البضاعة الربانية

  • هل مارست الدعوة في نطاق السعودية فقط أم التقيت بالمسلمين في الخارج؟
هذا حدث بالفعل والحمد لله فقد تمكنت من زيارة الكويت والإمارات وقطر والبحرين وبنجلاديش وأندونسيا، وألقيتُ العديد من المحاضرات، وإذا أتيحت لي الفرص ودعيت لزيارة أي بلد مسلم فلن اتردد في الاستجابة رغبةً في الخير؛ لأن بضاعتنا الربانية عالمية لا تحدها حدود، بل هي كما قال تعالى ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)﴾ (الأنبياء)
  • نعلم إنكم تتواصلون مع الشباب خلال الأندية الرياضية، فهل هذه التجربة تخدم الدعوة التي تمارسونها؟
قيام بعض الأندية الرياضية باستضافة الدعاة لألقاء المحاضرات بادرة جيدة، بل ضرورية، وذلك لكي لا يقتصر دور الأندية على الجانب الرياضي وحده فرعاية الشباب يجب أن تشمل جميع جوانب حياتهم، وأهم تلك الجوانب بلا جدال إيمانهم، وإدراك تلك الأندية لهذا الدور دفعهم لإقامة تلك المحاضرات، وهو عمل إيجابي يُشكرون عليه، وأرى أن يضيفوا إلى ذلك تهيئة الأجواء الإيمانية بإيجاد مصلى وتخصيص مَن يقوم بالأذان والإمامه، وعقد دروس منهجية ذات حلقات متعددة.
وفي اعتقادي أن مثل هذا التعاون يخدم الدعاة والأندية على حدٍ سواء فقد استطاعت الأندية بذلك أن تحقق دورها التربوي، وهي خدمة الدعوة حين استطاعت أن تصل إلى تلك المراكز الشبابية المهمة.


الدعوة داخل السجون

  • نود أن تروي لنا تجربتك من خلال الدعوة داخل السجون؟
لقد كانت من أفضل الفرص، فالسجين في العادة في وضع نفسى قابل للتلقي ولديه الاستعداد لتغير مسار حياته وتصحيح وضعه، لا سيما وقد أدرك في عالم الواقع أن الانحراف عن الطريقة المستقيم هو الذي سامه هذا المصير، وقد تأكد لدي من خلال تجربتي جدوى هذا العمل، ولا أستطيع حصر الحالات التي علمتُ عن استقامة أصحابها بعد سماع المحاضرات ثم استحرارهم على ذلك.
أما بالنسبة لي فإني شعرتُ بفتحٍ من الله أثناء إلقاء محاضراتي داخل السجن، ودعوتي داخل المعتقلات، وتذكرت وقتها سيدنا يوسف عندما قال: ﴿رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ﴾ (يوسف: من الآية 33)، وقام بممارسة الدعوة مع صاحبي السجن حين قال لهم: ﴿يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمْ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39)﴾ (يوسف)، وكذلك قصة أصحاب الكهف حين قال تعالى: ﴿فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا﴾ (الكهف: من الآية 16)، وأسأل الله أن يوفقنا في توصيل رسالة الإسلام داخل السجن أو خارجه.


الشيخ سعيد بن مسفر.. في سطور

  • عمل في مجال التعليم 30 عامًا ثم تفرَّغ للدعوة إلى الله.
  • حصل على بكالوريوس الشريعة من جامعة الإمام محمد بن سعود عام 1401هـ
  • حصل على درجة الدكتواره في العقيدة من جامعة أم القرى عام 1418هـ
  • ركَّز في دعوته على قضايا الإيمان ومشاكل الشباب وشئون الأسرة.
  • يعتمد في أسلوبه على البساطة وعدم التكلف مع قوة الإثارة والجذب.

المصدر