شاس بن قيس عد إلى قبرك فنحن شعب واحد

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
شاس بن قيس عد إلى قبرك فنحن شعب واحد

بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

لم يعد سرا أن المخطط الصهيوني الذي يحظى بالأهمية القصوى في هذه الآونة لدى الكيان الصهيوني، والذي يوضع على سلم أولويات العقلية الصهيونية الإفسادية هو السعي الحثيث من أجل خلق فتنة في الشارع الفلسطيني، فما يجري الآن على المستوى السياسي والإعلامي الموجه لدى العدو الصهيوني يدل على أن الهدف الذي وضعه العدو نصب عينه هو إشعال فتيل الحرب الأهلية كي يرى الدم الفلسطيني يسفك بأيد فلسطينية، فما أشبه اليوم بالبارحة عندما مر شاس بن قيس اليهودي ـ وكان شيخا قد غبر في الجاهلية، عظيم الكفر شديد الضغن على المسلمين شديد الحسد لهم ـ على نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأوس والخزرج في مجلس جمعهم يتحدثون فيه، فغاظه ما رأى من جماعتهم، وألفتهم، وصلاح ذات بينهم، فقال :

قد اجتمع ملأ بني قيلة بهذه البلاد، لا والله ما لنا معهم إذا اجتمعوا بها من قرار، فأمر شابا من اليهود كان معه، فقال:

اعمد إليهم فاجلس معهم، ثم ذكرهم بعاث وما كان فيه، وكان بعاث يوما اقتتلت فيه الأوس والخزرج، ففعل فتكلم القوم عند ذلك، فتنازعوا وتفاخروا وغضب الفريقان جميعا وقالوا موعدكم الظاهرة، فخرجوا إليها فانضمت الأوس والخزرج بعضها إلى بعض على دعواهم التي كانوا عليها في الجاهلية، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين حتى جاءهم فقال:

"يا معشر المسلمين، أتدعون الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد أن أكرمكم الله بالإسلام وقطع به عنكم أمر الجاهلية وألف بينكم فترجعون إلى ما كنتم عليه كفارا الله الله " فعرف القوم أنه كيد من عدوهم، فألقوا السلاح من أيديهم وبكوا وعانق بعضهم بعضا.

وها هي صحافة العدو الصهيوني في كل يوم تبعث شاس بن قيس من قبره، فلا يخلو يوم من عناوين تحريضية، بهدف تأجيج نار الحقد بين السلطة وحركة حماس، وكذلك بين حركة حماس وباقي الفصائل الفلسطينية الوطنية منها والإسلامية، وحتى بين عناصر السلطة بعضها مع بعض.

فإليكم ما كتبته صحيفة هآرتس "وتسعى الإدارة الأمريكية إلى منع سيطرة حماس على قطاع غزة، في أعقاب الإخلاء الإسرائيلي"، واضح تماما أن هذا الخبر موجه إلى السلطة الفلسطينية لتحريضها على حركة حماس، وكأن حماس تعد العدة للقيام بانقلاب على السلطة الفلسطينية لانتزاع مقاليد السلطة من يدها.

ثم انظر فيما كتبته يديعوت "هكذا يقول تقرير سري وضعته وزارة الخارجية لتحليل ميزان القوى بين حماس والسلطة الفلسطينية. وورد في التقرير أن مكانة حماس وجرأتها تتعززان عقب امتناع السلطة عن المواجهة معها" هذا بالتأكيد مكمل لما جاء في صحيفة هآرتس وشارح له، فهي دعوة صريحة للسلطة كي تنقض على حماس، فكأنهم يريدون القول أن امتناع السلطة عن مواجهة حماس سيؤدي إلى سيطرة حماس على قطاع غزة لتصبح السلطة الفلسطينية على الرصيف، فأي تحريض أوضح من ذلك.

ثم انظر فيما سممت به صحيفة هآرتس صفحاتها من جديد وهي تقول "حماس تعرض إعلان الانسحاب الإسرائيلي من غزة كانتصار عسكري وسياسي لها، وليس للسلطة أو للمنظمات الملحقة بفتح.

الجهاد الإسلامي دفعته حماس إلى الزاوية. وكي تتمكن السلطة من أن تتلقى في أيديها الآن السيطرة على غزة، فإنه يتعين عليها أن تدير صراعا هائلا مع حماس"، يا لسوء ما يعتمل في قلوب الصهاينة الأشرار لا أقول على حماس فقط ولكن على الكل الفلسطيني فهم يريدون صراعا هائلا، ثم تأمل التحريض الواضح لباقي الفصائل الفلسطينية كي تدرك نفسها فتدخل في صراع مع حماس قبل فوات الأوان، قبل أن تنفرد حماس بالغنيمة وحدها، فيضيع الجهاد الإسلامي وتضيع فتح، مع أن حماس لم تزل تشيد بالمقاومة الفلسطينية بكل عناصرها، وترجع لها الفضل بعد الله عز وجل فيما يزمع العدو الصهيوني أن يقوم به من هروب من جحيم قطاع غزة.

وتعود معاريف لتنفث سمومها فتقول "فالمنطق البسيط يقول إن انسحابا من طرف واحد من غزة، دون اتفاق، هو انتصار كبير لحماس" ثم تضيف "في الإدارة الأمريكية يتوقعون بأن تتخذ إسرائيل خطوات بتعزيز السلطة الفلسطينية، وذلك كي لا تسيطر حماس على القطاع ويخشى الأمريكيون الآن -

وهذه الخشية تجد تعبيرها في أحد المقالات الأخيرة للصحافي ذي النفوذ الكبير توم فريدمان - إذ بعد الخروج من العراق ستقوم هناك دولة شيعية، فيما أنه بعد خروج الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة ستقوم هناك دولة حماس".

ولا يفوت الصهاينة القيام بمحاولة تحريض العمال الفلسطينيين على حركة حماس فتعمد العصابات الصهيونية إلى توزيع منشورات عليهم امتلأت بالأحقاد والسموم والأكاذيب التي تنال من الحركة، ولقد جاء في إحداها ما يلي :

" في الأيام الأخيرة أقنعت العناصر الإرهابية صبي في الثالثة عشرة من عمره منتصر خالد دهمان أبو سلطان من مخيم الشاطئ يتيم الأب بأن يقوم بعملية تخريبية في معبر إيرز حتى يغلق المعبر ويمس بآلاف الفلسطينيين الذين يعملون في إسرائيل وفي المنطقة الصناعية إيرز.

الاستعمال الساخر الذي تقوم به حماس بالأولاد والنساء للقيام بعمليات تخريبية إنه بمثابة وصول المنظمات الإرهابية إلى الحضيض.

وإننا نسأل إلى أين؟"،

يقولون ذلك وهم يدركون أن أحدا لن يصدقهم في زعمهم هذا فتاريخ حماس الجهادي لم يشهد أنها أرسلت يوما طفلا لتنفيذ عملية ضد العدو، بل على النقيض من ذلك وزعت حماس بيانا يناشد الأطفال عدم استعجال دورهم في المقاومة، كما أن الطفل المذكور لا ينتمي لأي من الفصائل الفلسطينية.

ولقد تزامنت عملية توزيع تلك المنشورات على العمال الفلسطينيين مع قيام العملاء بتوزيع بيانات بتوقيع "فلسطينيون مسلمون حيارى" وهي على شاكلة ما وزع الصهاينة قد امتلأت أيضا بالأكاذيب والأحقاد على حركة حماس، وقد تعرضت بالإساءة إلى العملية البطولية التي نفذتها الشهيدة ريم الرياشي تماما كما فعلت البيانات التي قام العدو الصهيوني بتوزيعها على العمال.

وفي الوقت الذي نثق فيه بأن الشعب الفلسطيني والقوي الوطنية والإسلامية والسلطة الفلسطينية جميعهم يدركون الأهداف الخبيثة من وراء هذه المحاولات الصهيونية "الشاسية"، نثق أيضا أن الكل الفلسطيني على وعي تام بأن السلاح الأمضى في يد الشعب الفلسطيني وقواه المقاومة هو وحدة الصف الفلسطيني، وأن الوسيلة الأمثل لتعزيز هذه الوحدة هي الحوار وليس الاقتتال، فإذا فر العدو الصهيوني من قطاع غزة هاربا فلا أشك أن الصف الفلسطيني سيكون متماسكا وموحدا لحماية الإنجاز الكبير الذي أحرزته المقاومة الفلسطينية بكافة فصائلها العاملة في خندق المواجهة، فلن يبخس أحد أحدا، وإن السواعد التي توحدت حول الزناد ستكون أشد لحمة عند إحراز بواكير النصر، ونقول لشاس بن قيس عد إلى قبرك فلن تفلح أبدا فنحن شعب واحد.

المصدر