شبهة جذب الجماهير

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
هل جذب الجماهير سبة في حق الإخوان ؟؟


من العجيب أن يكون إلتفاف الجماهير حول حركة إسلامية هو أحد الإتهامات الموجهة إليها

قد يكون من أشد الغرائب ما يثيره بعض المنتسبين لدعوات معينة حول نجاح دعوة الإخوان المسلمين في جذب الجماهير المسلمة إلي الفكرة الإسلامية ، وتحويلهم من مجرد مسلمين بشهادة الميلاد ، إلي جماهير ملتزمة بإسلامها ، عقيدة وعبادة ، سلوكا وأخلاقا ، عملا وتضحية ، لفكرة الإسلام ، مجاهدين بالنفس والمال ، في سبيلها ، ومسخرين أنفسهم وممتلكاتهم لخدمة أهدافها ، وتحقيق غايتها ، مجددين الأمل في نفوس المسلمين ، بإمكانية البعث الإسلامي من جديد واستعادة الأمة لمجدها ومكانتها مرة أخري ، متحملين في سبيل ذلك الكثير والكثير، وقد أثبتت الأيام صدق نيتهم ، ومضاء عزيمتهم ، وعظيم ثباتهم ، من قتال لليهود في فلسطين ، وحرب للإنجليز المستعمرين في مصر ، ومحاربة للظلم والطغيان ، ووقوف أمام من يحادون شريعة الله ، حتى قتل منهم من قتل ، وابتلي بالسجن المؤبد منهم من ابتلي ، واعتقل وشرد منهم الكثير : " فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين " (آل عمران : 146 ) .

هذا كله بدون فتنة أو إرهاب ، أو إتلاف ، أو تعد علي أحد ، وإنما بما يرضي الله وحسب شريعته وفي سبيله .

هذا وقد ضربوا للناس أروع الأمثال في الأخوة والصفاء ، والقدوة الحسنة ، والعمل الصالح الذي به تظهر آثار الإيمان في المجتمع ، فتقدموا بجدارة إلي الخدمة العامة في شتي المجالات ، في اتحادات الطلاب لتربية الطلبة علي الإيمان وتعريفهم بدينهم ، وفي النقابات المهنية ليحفظوا الحقوق ويؤدوا الخدمات ، ويشيعوا الرحمة ، ويوجهوا جهود العاملين إلي الإنتاج والتفاني في العمل ، وخدمة أمتهم ، وفي الخدمات الطبية ، ليقدموا الطب لمسة حنان وشفاء ومواساة ، حتى لا يكون الطب له جيب وليس له قلب ، وكما شاركوا في رفع المعاناة عن المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بالإغاثات في النكبات والحروب في أفغانستان ، في البوسنة والهرسك ، في الصومال ،

في الشييشان ، وغيرها من البلاد الإسلامية علي قدر الجهد والطاقة ، رغم المضايقات من السلطات وجهات معينة ، حاقدة أو معادية ، فاسدة أو متأخرة ، هذا كله مع نشر للثقافة الإسلامية وبعث لحضارة القرآنية ، واثراء المكتبة الإسلامية والفقهية والقانونية ، وإظهار لمكانة التشريع ، وريادة المهج وقدرته علي قيادة البشرية من جديد .

والحقيقة ما كان يخطر علي بال إنسان أن تجميع شباب الأمة ودفعه إلي طريق الإسلام الصحيح ، يكون في يوم من الأيام سبة ومذمة للإخوان المسلمين ، اللهم إذا كان هذا الإنسان عدوا ، وفاقد لعقله وبصيرته ، وقد حصل ذلك .يقول صاحب كتاب الجماعة الأم : "إن جماعة الإخوان رأت أن الأحزاب السياسية إنما تصل إلي الحكم والتمكين عن طريق الرصيد الجماهيري الذي يمكنها من السيطرة علي قبة البرلمان " ، ثم يقول : "ثم إن الإخوان يرون استحالة الجماهير للتعاطف مع جماعتهم ، أهم من تصحيح معتقداتهم، ونحن نري أن الدعوات والرسالات السماوية لا تنتصر إلا بالجمهور المؤيد لها ، وكان دائما إقبال الجماهير علي الدعوات من البشريان التي يجب علي الدعاة أن يشكروا الله عليها ، ولهذا نزلت صورة النصر علي رسول الله (صلي الله عليه وسلم ) تؤكد ذلك قال تعالي : "إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون نجي دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا " (النصر) .

قال المفسرون : دخل الناس سنة تسع في دين الله أفواجا، ووفدت أفواج العرب إلي المدينة يدخلون في الإسلام حتى عم الإسلام الجزيرة، ولقد حضر مع رسول الله (صلي الله علية وسلم ) في حجة الوداع مائة ألف من مختلف القبائل . قال ابن عطية : لم يمت رسول الله (صلي الله علية وسلم )وفي العرب رجل كافر، بل دخل الكل في الإسلام بعد حنين والطائف ، منهم من قدم ، ومنهم من قدم وفده " .

وكان طلب الحق سبحانه وتعالي من رسوله بعد أن رأي الناس يدخلون في دين الله أفواجا ، أن يسبح ربه حمدا علي حصول النصر والفتح ودخول الناس في الإسلام جماعات ، وقال بعض العلماء ، بل هو تسبيح وابتهاج وفرح لدخول الناس أفواجا في الإسلام مما يشير إلي نصر الله وفتحه.

أما عن قولهم دخول الجماهير إلي الإخوان بدون تصحيح عقيدة ، فهذا شيء عجيب ! لأن الجماهير أصلا مسلمة ، ولكن تحتاج إلي تفعيل العقيدة ، وإشعال روح الإيمان في النفوس ، وكان (صلي الله علية وسلم ) يقبل من المشركين لا إله إلا الله حين يدخلوا في الإسلام ، ثم يفعلوا بعد ذلك عقديا وإيمانيا ، ويعلموا العقيدة الصحيحة .

عن المقداد بن الأسود أنه قال : يا رسول الله ، أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فضرب إحدي يدي بالسيف فقطعها ، ثم لاذ مني بشجرة ، فقال : أسلمت لله ، أفأقتله يا رسول الله ! بعد أن قالها؟ قال رسول الله: "لا تقتله " قال : فقلت : يا رسول الله ، إنه قد قطع يدي ، ثم قال ذلك بعد أن قطعها ، أفأقتله ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا تقتله ، فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قالها"، قيل المعني : أن لا إله إلا الله عصمت دمه ، فإن قتلته فقد قتلت مؤمنا مثلك .

وعن أسامة بن زيد قال : بعثنا رسول الله في سرية فصبحنا الحرقات من جهينة، فأدركت رجلا، فقال : لا إله إلا الله ، فطعنته ، فوقع من نفسي من ذلك ، فذكرت ذلك للنبي (صلي الله علية وسلم) ، فقال رسول الله في: أقال : "لا إله إلا الله وقتلته ؟" ، قال : قلت : يا رسول الله ! إنما قالها خوفا من السلاح ، قال : "أفلا شققت عن قلبه حتى لتعلم هل قالها صدقا؟ " فمازال يكررها حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ.

وفي رواية ، قال (صلي الله علية وسلم ) لأسامة : "فكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟" قال يا رسول الله استغفر لي ، قال : "كيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟" قال : فجعل لا يزيد علي أن يقول : "كيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم ا لقيامة ؟ ".

هذا هو رسول الله جم!ذ قدوتنا ما كان يمنع أحدا من المشركين من الدخول في الإسلام بلا إله إلا الله ، أما من يريد فتنة الناس والإعنات عليهم وسد الطرق أمامهم ، فهذا لم يفهم إسلامه بعد ، ثم يزيد الطين بلة فيتهم الإخوان المسلمين بإقبال الناس عليهم ليتعلموا أمر دينهم ويفعلوا عقيدتهم وينقوها من الدخن إن كان بها شيء من ذلك .

واتهام الإخوان بعدم الاهتمام بالتوحيد تأليفا وتدريسا ، هذه الشبهة يوجهها كثير من العوام للدعوة ، والواقع أن التوحيد يطلق علي أمرين :

الأول ، ما يجب علي المرء تعلمه ، وهذا هو ما بينه الرسول (صلي الله علية وسلم ) في حديث جبريل ، لما سأله عن الإيمان ، قال : أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره . . الحديث ، فهذا الواجب الذي لا يسع أحدا جهله ، هو هذه الأركان الستة ، أما التفصيلات ورد الشبهات والأقوال المختلفة ، والأدلة فهذه لا تجب معرفتها علي أعيان الناس ، ولم يعلمها رسول الله (صلي الله علية وسلم ) لعوام أصحابه .

الثاني : علم من العلوم الشرعية تبحث فيه التفاصيل المذكورة وهذا لا يجب علي أعيان الناس ، بل تعلمه فرض كفاية إن قام به بعض الناس سقط عن الباقين ، وهو مثل غيره من علوم فرض الكفاية ليس له مزية عليها ، بل قد يشق علي بعض الناس تعلمه لأن عقول بعض الناس لا تدركها وقد تثير شبهة لدي الشخص لا يمكنه جوابها ، فالاهتمام الزائد بهذه المادة وجعلها قبل كل شيء تضخيم وتفخيم لبعض الأمور علي حساب بعض ، فإذن : الذي يقول إن الإخوان مثلا لا يعتنون بالتوحيد لا يمكن أن يقصد الإطلاق الأول ، أما الإطلاق الثاني فليس عيبا ألا تعتني جماعة من المسلمين بتخصص من التخصصات إذا كان من أفرادها من يتقنه ، ومع هذا فإن هذه الدعوى مجازفة ، فإن جماعة الإخوان تعتني بهذه المادة عناية كبيرة ، ولهم كتب كثيرة فيما يتعلق بالاعتقاد مع أن المقرر العقدي لدي الجماعة كبير جدا ، والذي يقول هذا لم يطلع علي مقررات الجماعة ، وما تضمنه منهاجها التربوي ، وما تقرره من دراسة بعض الكتب في التوحيد ، وكذلك العناية بآيات التوحيد وأحاديث التوحيد ونحو هذا . وزيادة الإيمان لا تحصل بمجرد قراءة الشبهات والرد عليها ، وإنما تحصل بالممارسة العملية لهذه الدعوة والجهاد في سبيل الله تعالي ، وبذل الجهد في سبيل نصرة دين الله تعالي ، وكثير من الناس يظن أنه أكمل التوحيد بمجرد قراءته لأقوال الفرقة الفلانية والرد عليها ، وبهذا يصحح العقيدة ويستحق الجنة بمجرد هذا .

والواقع أن تكميل الإيمان وتقويته وزيادته لا يكون إلا بالعمل وبعلاج النفس وجهادها علي ذلك ، والتفكر في عجائب خلق الله تعالي والتدبر فيها وبذل الجهد من أجل إعلاء كلمة الله تعالي وإعزاز دينه وتحقيق محبته ومحبة رسوله (صلي الله علية وسلم )، وكثرة الأعمال الصالحة وزيادة الأدب مع الله والرحمة لعباده ليزول جفاء النفوس وجفافها .

هذا وقد وضح الإمام البنا طبيعة دعوة الإخوان واهتمام جماعة الإخوان بدراسة العقيدة ، لأنها دعوة ربانية ، يقول الإمام الشهيد البنا :

إن دعوتنا ربانية . . فلأن الأساس الذي تدور عليه أهدافنا جميعا أن يتعرف الناس إلي ربهم وأن يستمدوا من فيض هذه الصلة روحانية كريمة تسمو بأنفسهم عن جمود المادة الصماء وجحودها إلي طهر الإنسانية الفاضلة وجمالها ، ونحن الإخوان المسلمين نهتف من كل قلوبنا الله غايتنا ، فأول أهداف هذه الدعوة أن يتذكر الناس من جديد هذه الصلة التي تربطهم بالله تبارك وتعالي والتي نسوها فأنساهم الله أنفسهم : " يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون " (البقرة : 21).

ويقول الإمام الشهيد : معرفة الله تبارك وتعالي وتوحيده وتنزيهه أسمي عقائد الإسلام ، وآيات الصفات وأحاديثها الصحيحة وما يليق بذلك من التشابه نؤمن بها كما جاءت من غير تأويل ولا تعطيل ولا نتعرض لما جاء فيها من خلاف بين العلماء، ويسعنا ما وسع رسول الله لمج!ذ وأصحابه ! " والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا " (ال عمران : 7)م .

ثم ينهي -رحمه الله - عن كثير من المخالفات العقدية فيقول : " وزيارة القبور أيا كانت سنة مشروعة بالكيفية المأثورة ولكن الاستعانة بالمقبورين أيا كانوا ونداءهم لذلك وطلب قضاء الحاجات منهم عن قرب أو بعد، والنذر لهم ، وتشييد القبور وسترها وإضاءتها ، والتمسح بها ، والحلف بغير الله ، وما يلحق بذلك من المبتدعات كبائر تجب محاربتها ، ولا نتأول سدا للذريعة.

ولقد أفرد الإمام الشهيد حسن البنا رسالة خاصة بالعقائد الإسلامية وضح فيها منهاج الإخوان في دراسة العقيدة ، هذا وقد فعل الإخوان العقيدة عملياً.

حتى رأي الناس رجل العقيدة ، وجندي العقيدة ، ومثقف العقيدة في واقع الحياة يمشي علي الأرض عنوانا للإسلام الفاعل الذي يطلع فجره من جديد في إشراقة الدعوة المباركة .

هذا وزعماء السلفية الحديثة قد ذهبوا إلي ما ذهب إليه الإخوان من تجميع المسلمين علي أصول العقيدة لأن المفترض أنهم مسلمون موحدون ، ثم تفعل عقيدتهم وتنقي إن كان بها شائبة .

يقول الأستاذ الدكتور ناصر عبد الكريم العقيل ، أستاذ العقيدة بكلية أصول الدين بالرياض : "إن عامة المسلمين الذين يقيمون شعائر الدين ، سالمين من الشركيات ، وهم علي الفطرة ، يدخلون في سواد الأمة ، وهم أهل السنة في أي بلد ومكان كانوا" .

ثم يقول في مكان أفرد في الصفحة نفسها :

"فإن الأكثرية من المسلمين اليوم من العامة الذين يغلب عليهم الجهل ، وعدم الإلمام بتفصيلات العقائد ، وهؤلاء جمهورهم علي الفطرة ، والأصل فيهم البراءة وسلامة الاعتقاد ، ومن كان هذا وصفه فهو داخل في سواد المسلمين من أهل السنة ، ما لم تجتالهم شياطين البدع والخرافات وشياطين الفرق والأهواء ، ودعاة الضلال "، أي من المذاهب الهدامة علمانية وغيرها .

وهذا هو نفس ما ذهب إليه الشيخ سفر الحوالي في رسالته منهج الأشاعرة في العقيدة تعقيبا علي مقالات الصابوني ، ص 23 ، فقال :

"أما عوام المسلمين فالأصل فيهم أنهم علي عقيدة السلف ، لأنها الفطرة التي يولد عليها الإنسان وينشأ عليها المسلم بلا تلقين ولا تعليم من حيث الأصل فكل من لم يلقنه المبتدعة بدعتهم وكتبهم ، فليس من حق أي فرقة أن تدعيه إلا أهل السنة والجماعة " .

إذن فالإخوان المسلمون يضمون المسلمين إليهم وهم علي الفطرة كما تقولون وديانتهم سليمة كقولكم ، خوف أن يأخذهم الغزو الثقافي أو الأحزاب العلمانية أو يشتتهم الضياع ، ثم تفعل عقيدتهم وتعلمهم أمر دينهم ودنياهم ، فهل في ذلك من بأس يا عباد الله ، أم أن العقود هو الأفضل ، وترك جمهور المسلمين نهبا لكل ناهب هو الأحسن ؟ فما قولكم دام فضلكم بعد هذا البيان من أقوال رسولنا وعلمائنا وواقعنا الذي نعيش ؟ ثم من أقوال علمائكم ، هل نظل رغم ذلك نسمع هذه الهرطقة؟ ! .

هذا . . ومما تمتاز به جماعة الإخوان المسلمين عن غيرها من جماعات الدنيا ، أن الفرد فيها يخضع بعد الدراسة والفهم وتعلم السلوك العملي الإسلامي ، للتوثيق والتضعيف ، يخضع لاختبارات معينة عقديا ونفسيا وسلوكيا حسب نظام دقيق ، حتى يكون الفرد في الإخوان نقياً ، صادق التوجه ، قوي العقيدة ، شديد العزيمة ، مستعدا للتضحية قي سبيل دعوته بكل مر تخص وغال ، يثبت في المحن ، ولا يتزعزع في الشدائد والإبتلاءات ، وها هي الجماعة تتعرض للابتلاء أكثر من نصف قرن من الزمان ، وتعادي من القاصي والداني وما وهن لأفرادها قوة ، أو تضعضع لهم عزم ، وما ضعفوا وما استكانوا ، بل كانوا صابرين عاملين مكافحين ، أترى بعد ذلك أنهم صفوة أم لا؟


إقرأ أيضاً

روابط داخلية

وصلات خارجية

مقالات خارجية

تابع مقالات خارجية

وصلات فيديو