شعب لا يحب القراءة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
شعب لا يحب القراءة

21 اغسطس 2009

بقلم: عماد الدين حسين

بول سميث مدير المجلس الثقافى البريطانى فى القاهرة معروف بالهدوء وحسن انتقاء كلماته إضافة بالطبع إلى الدبلوماسية، كما أنه أولا وأخيرا بريطانى، ورغم كل هذه الصفات فقد فشل الرجل تماما فى إخفاء مرارته وهو ينعى لمجلس الكتب والثقافة نبأ إغلاق مكتبة المجلس الشهيرة فى العجوزة بالقاهرة.

تحدث الرجل خلال المؤتمر الصحفى قبل ثلاثة أيام مستخدما كل المصطلحات الدبلوماسية والمهذبة، لكن الحقيقة المرة والصادمة ظلت حاضرة، وهى أننا صرنا شعبا لا يحب القراءة أو نكاد نكون كذلك.

قبل المؤتمر الصحفى بأيام قليلة كان سميث أكثر وضوحا وهو يتحدث لوكالة رويترز مرجعا السبب ببساطة إلى أن «المصريين ليسوا من كبار محبى الكتب وأن إغلاق المكتبات ليس اتجاها عالميا للمجلس الثقافى البريطانى مدللا على ذلك بأن هذا ليس هو الحال فى الهند مثلا».

مكتبة المجلس البريطانى لها أهمية رمزية كبيرة، حيث كانت مقصدا للكثيرين من أدباء ومفكرين وباحثين وكتاب وقراء عاديين، إضافة إلى الدارسين والراغبين فى الحصول على منح دراسية أو ثقافية، على مدى 75 عاما هى عمر المجلس فى مصر.

انتهى الأمر بالمكتبة التى تبلغ ميزانيتها السنوية 3 ملايين جنيه إلى أن روادها لم يتجاوزوا أكثر من ثلاثة آلاف شخص فى العام.

وفى دولة تقترب عدد سكانها من 80 مليون نسمة فإن الآلاف الثلاثة التى يترددون على المكتبة يشير بوضوح أن هناك خللا خطيرا علينا علاجه.

قد يجادل البعض بأن الأمر ليس كذلك، وأن هناك مكتبات تشهد إقبالا وتبيع كثيرا مثل الشروق، أو أن اهتمامات الشباب تغيرت، وأنهم يستطيعون مطالعة الكتب عبر وسائل أخرى مثل الإنترنت أو المراكز الثقافية، أو أن أسعار الكتب مرتفعة، والوقت والموارد قليلة.

قد يكون كل ذلك حقيقيا، لكنه موجود فى كل العالم أيضا، وليس مقصورا على مصر، وكثير من البلدان تشهد تزايدا فى معدلات القراءة رغم أنها منخرطة فى العولمة أكثر منا، أو ربما تكون ظروفها الاقتصادية أكثر سوءا مقارنة بأوضاعنا، والإحصاءات عن تراجع معدلات القراءة فى مصر والمنطقة العربية تسبق كل هذه التغييرات بسنوات.

خلاصة القول: إنه وبغض النظر عن حقيقة الإحصاءات، فإن المركز الثقافى البريطانى عندما يجد نفسه مضطرا إلى اتخاذ قرار مثل إغلاق مكتبته العريقة، فالأمر واضح ولا يحتاج إلى شرح أو تفسير.

صرنا شعبا يهجر القراءة، وبالتالى إعمال العقل، نقبل أكثر على كل ما هو سطحى وغرائزى وتافه.

فى مقابل كل كتاب لا نقرأه يصبح لدينا متطرف جاهز وفى مقابل كل مكتبة تغلق، تصبح لدينا بؤرة تطرف أو منطقة عنف وجهل تفرز مزيدا من الظلاميين.

إغلاق مكتبة المركز الثقافى البريطانى وصمة عار فى جبين كل مصرى وأمر يضع أكثر من علامة استفهام على شكل مستقبلنا.

المصدر