شهداء حركة حماس: لماذا يفضّلون «الأباتشي»؟

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
شهداء حركة حماس : لماذا يفضّلون «الأباتشي»؟

بقلم: وائل الحديني

مقدمة

ما أتكلم عنه تعدى مرحلة التجريب والتنظير، واستقر كحقيقة واقعية وحتمية تاريخية تحتاج إلى مزيد من البحث والدراسة الاستقراء!

تعرض الشهيد د. عبد العزيز الرنتيسي لعملية اغتيال فاشلة، أصيب فيها مع نجله، لكن المفاجأة التي ألجمت الجميع أن زوجته عندما خرجت على قناة «الجزيرة» الفضائية مع الإعلامي غسان بن جدو تمنت استشهاده، واستشهاد أبنائها، وتمنت الشهادة هي أيضاً «بعدهم وليس قبلهم».

ظاهرة الاستشهاد هذه أثارت في فترات سابقة حيرةً وقلقاً لدى الأجهزة الأمنية الصهيونية، وانتهت بعجز كامل عن التعامل معها، لكن يمكن التوضيح أن الدراسات التي تناولت ذلك البعد كانت تبحث في دراسة الأفراد لكنها أهملت سلوكيات القادة.

حياة بلا موت

في شهر شباط 1996 نقلت بعض الصحف رسالة من د. موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي ل حركة حماس من السجن الفيدرالي الأمريكي إلى الشهيد يحيي عياش يقول في بدايتها: كل يوم تشرق الشمس ويأتي الضياء وتتفتح الأزهار وينتشر الناس، ولكن الشمس بعد الإشراق تغيب، والضياء يعقبه ظلام، وتفتّح الأزهار يصير إلى ذبول وزوال، وانتشار الناس يردفه سبات، والموت والحياة سنّة كونيّة، فكما يقدم كل يوم جديد مولود يرافقه فقدان محبوب، إلا أنت أيها الشهيد، فتشرق دائماً بلا غياب، وتضيء دونما انطفاء وتتفتح يافعاً بلا ذبول ولا زوال، وتولد فينا وتبقى حيّاً بيننا لا يطولك الموت >وَلا تَقولُوا لمَنْ يُقْتَلُ في سَبيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرون<َ البقرة: 154.

حالة إيمانية فريدة

وصف الشهيد عبد العزيز الرنتيسي الاستشهاد بأنه توازن الردع مع الاحتلال، وعدم فهم الظاهرة هو ترجمة حقيقية للعجز عن وضع حلول لأي طارئ، وهذه الظاهرة هي الوحيدة التي لا يستطيعون أن يمتلكوا إجراءات منعها.. وأكد أنها ترجمة صادقة لحالة إيمانية فريدة، وهذا يشير إلى أن الأمة على أعتاب مرحلة انقلابية على الذات، ومن هنا يشعر العدوّ بالخطر..

كما أشار إلى أن هذه الظاهرة تحتاج إلى تعبئة إيمانية راقية جدّاً، فالناس فطروا على حبّ الدنيا، ولا يمكن التغلب على هذا الحب إلا إذا ترسخ الإيمان بالله، فما عند الله خير وأبقى، وهذا يستلزم شحنة إيمانية كبيرة، فالمجاهد في العمليات الاستشهادية يتأكد من أنه سينتقل إلى الله، أما لدى باقي المناضلين فيكون لديه أمل في أن يعود، والتعبئة العملية أشد من التعبئة الشفوية، والاستفزازات الصهيونية وجرائمها، إلى جانب أن سيرة بطولات الاستشهاديين تشحن الشبان مع التفاعل الجماهيري وأعراس الشهادة التي تقام لهم.. كلها عمليات تعبئة سريعة، مما يجعل الظاهرة تتجذر في أوساط الشعب الفلسطيني وحتى بدون التعبئة الشفوية.

وإني أتمنى الأباتشي

- الشهيد عبد العزيز الرنتيسي تمنى الموت بصواريخ الأباتش..

- الشهيد نزار ريان وأسرته وقفوا أمام جثمان ولدهم إبراهيم يتحسّسون جروحه، تعلو وجوههم ابتسامة حقيقية، وكأن الموت أمنية، ثم رفضوا الخروج من البيت واستقبلوا الموت جميعاً (14 فرداً من عائلة واحدة)! أخرجوه من بين الحطام يحملُ رضيعه. خطَ طريقه بيديه، ووضع قواعد اللُعبة! قرر القائد نزار ألا يترك المجاهدون منازلهم تحت التهديد بالقصف، علمهُم تحدي الـ«إف 16» والأباتشي والحوامات، صنع منهم دروعاً بشريةً وشاركهم قهر الاحتلال.. فلما جاءت لحظة الحقيقة ووقت الاختبار، رفضوا الخروج من منزلهم مُرحبين بالشهادة.

- الشهيد سعيد صيام أصرّ على تصريف أمور وزارة الداخلية من الميدان، وقال: نويت أن أستند إلى القاعدة الشرعية التي أخذ بها الشهيد نزار واستهدفته الطائرات بقنبلة تزن طناً!

- قنبلة أخرى كانت قد قتلت الشهيد صلاح شحادة وزوجته وبناته ودمّرت حيّ الدرج.

- صواريخ الأباتشي دخلت من شباك غرفة المكتب الإعلامي التي كان يجتمع فيها الشهيدان جمال منصور وجمال سليم، فقتلت كل من كان في البناية المكونة من مكاتب وشركات!

- أباتشي أخرى استهدفت الشهيد إسماعيل أبو شنب على قارعة الطريق، وحرقت جسده وشوّهته وخلفت وجهه كقطعة فحم، لكنهم بعد ست سنوات من استشهاده عثروا على جسده كاملاً لم يتغير بفعل الموت..

- أباتشي استهدفت محمود الزهار فقتلت ابنه يوم عرسه مع مرافقيه، والآخر تصدى لاجتياحات فردّها بجسده وسلاحه.

- أباتشي استهدفت الشيخ أحمد ياسين فمزّقت جسده ومعه جمع من المصلين.

.. كلهم يفضلون الأباتشي، لكنهم لا يستسلمون للموت، فالشيخ ياسين كان دوماً يردد.. «سوف يدفع العدو ثمن جرائمه، فإذا زرع المجازر فسيحصد المجازر، وإذا زرع الدم فسيحصد الدم».

المعادلة المطلوبة

يتساءل الشيخ أحمد ياسين : لماذا نوصف بالإرهاب؟؟

أنا الفلسطيني المشرد من وطنه، أنا الفلسطيني الذي سلبت أرضه وبيته وداره، أنا الفلسطيني الذي قتل أبوه وأخوه وأخته وأمه وأطفاله، أنا الفلسطيني الذي يقع تحت الاحتلال وخراب الاحتلال، فأنا الذي يطالب ببيتي وداري يصفني العالم باني إرهابي، والقاتل المحتل المستوطن الذي شرد الملايين من أبناء الشعب الفلسطيني، والذي يحتل بيوت ملايين الفلسطينيين إنسان شريف وكريم وطيّب!!

إذا كانت المعادلات الدولية مقلوبة فنحن لا نقبل بالمعادلات المقلوبة إطلاقاً، نحن أناس نريد الحق..

يتمسكون بديارهم.. غرسوها بالدماء في أرضهم، يغادرون فقط إلى القبر، يكتبون بضحايا الأباتشي فصولاً من سيَر الحياة والنضال الكريم..

يبقى الشهيد وتذهب الأباتشي إلى الموت بعد الصدأ والذم.

هم سيبقون وحدهم رموزاً وعلامات ضوء.. وجيش الاحتلال ومن يُحكمون الحصار، ويهدمون الأنفاق ويسرقون الخراف إلى زوال، ومن وراء ذلك حتمية النصر!!

المصدر

للمزيد عن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة بالرنتيسي

مقالات بقلم الرنتيسي

تابع مقالات بقلم الرنتيسي

.

حوارات مع الرنتيسي

حوارات مع عائلة الرنتيسي

بيانات حول إغتيال الرنتيسي

أخبار متعلقة

تابع أخبار متعلقة

.

وصلات فيديو

.