شيوعى يكتب شهادة : خيرت الشاطر زعيم الطلبة الذى تحول إلى زعيم إخوانى

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
شيوعى يكتب شهادة : خيرت الشاطر زعيم الطلبة الذى تحول إلى زعيم إخوانى


توطئة

تاريخ النضال الطلابى للمهندس خيرت الشاطر .

- اختيارات الشاطر الإسلامية ونبذه وجهاده ضد العنف .

- فى أوروبا يقولون : من لاذ بجوار الشاطر ” فهو آمن ” .

- الحكومة ضربت سلسبيل بوشاية شركة عالمية حتى لا تتطور مصر .

- الشاطر كان يطور صناعة وبرمجة قربى إلى الله ، وليس وكالة وتأجير مقار مثل حكومة نظيف .

- الشاطر وموظفو سلسبيل صلوا وراء أحد العمال ” ربما كان عامل البوفيه ”.


خيرت الشاطر طالبا

المهندس خيرت الشاطر وهو طالب بكلية الهندسة

صباح أحد أيام بداية شتاء عام 1968 ذلف إلى صالة ” إعدادى ” بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية مراهق نحيف فارع الطول لم يكن قد أكمل عامه الثامن عشر .. كان أتيا مباشرة من محطة القطار الأتى من المنصورة.

حكى الطلاب الذين سمعوه بانتباه وهلع ما حدث قبل يومين من أحداث بين المتظاهرين من طلاب المعهد الدينى وقوات جمال عبد الناصر ، كيف أستطاع نظام النكسة الذى فر أمام أعداء الوطن فى ست ساعات أن يمارس الوحشية مع أبناء الشعب الذين طالبوا فقط بإصلاحات تعليمية .

كان الشاطر قد شهد وعاد إلى الجامعة ليحكى بإيمان شهادته دون أن تجفل عيناه اللتان أضناهما السهر يومين كاملين لم يستطع خلالهما أن يهجع فى بيت أمه …

استمع مئات الفتيان والفتايات إلى تقرير الشاطر الذى لا يستطيع أيا كان من يسمعه إلا أن يصدقه لأنه صادق أمين ، فى وسط الجمع صاح مراهق أخر ” الزناتى ” : هــذا ما فعلته الثورة البيضاء ! ، وهتف الملوانى : ” من رأى منكم منكرا فليغـيــره بالجزمة ”

افتحوا مدرج إعدادى!

وبدأت أحداث أنتفاضة ” 68″ التأسيسية منذ قيام الدكتاتورية التى يصيح فيها الطلاب الذين ربتهم ” الناصرية” فى معسكراتها ” يسقط جمال عبد الناصر ” و” يسقط المهزمون دون حرب ” و ” يسقط الاستبداد “.

وعندما ذهب المحافظ ومدير المخابرات السابق أحمد كامل لتهديد الطلاب تم اعتقاله فى غرفة الحرس ” وذهبت بنات كيميا إلى المعامل لتحضير ” المولوتوف ” عندما شاهدن قوات شبه عسكرية تحيط مبنى قلعة هندسة الإسكندرية .

بات طلاب وطالبات هندسة ليلتهم فى قاعات ومعامل الكلية المحاصرة وكانت هيئة قيادية تم تشكيلها عفويا قد استولت على المطابع ووضعت مكبرات الصوت وجهزت دوريات للمرور على الأسوار ” كتائب الردع ” وعندما قام أحد الضباط بقتل مهندس محطة المياه المجاورة والذى رفض قطع المياه عن الكلية رد الطلاب بالقبض على الضابط ومحاكمته وإصدار حكم بالإعدام لم ينفذ لكنه كان حكما على النظام الحاكم لم يستأنف منذ ذلك الحين ولم ينفذ بعد …

كان ” خيرت الشاطر ” يقود ذلك وهو الأصغر سنا لكنه الأذكى والأقدر وعندما حضرت المدينة كلها فى الصباح أعنى بـ حضرت المدينة ( لم يتبق شخص واحد فى عمل ولا تلميذ فى مدرسة ولا ربة بيت فى منزلها ) لكى تحتضن هندسة الإسكندرية قام الجيش بإنزال المظليين فى الإستاد لمحاصرة المدينة هكذا كان الميلاد السياسى لـ ” محمد خيرت الشاطر ” قائد انتفاضة ومهندس عمليات ” لم يتمكن أحد الكوادر الذين تربوا فى منظمة الشباب ولا بقايا المنظمات الشيوعية السرية أن يتجاوز هذا المراهق خفيض الصوت … قاد الجميع لكى يمنع الكارثة ولكى يضع هدفا استراتيجيا ” تسقط الدكتاتورية ، ولكى يمنع الحرائق ويوقف تنفيذ حكم الإعدام فى عقيد شرطة قاتل ومجرم لأنه لم تتوفر شروط للمحاكمة ، وهكذا ولد قائد سياسى من ” رحم المحنة ومن منعطف الأختيار” ….

عندما دخلت كلية الهندسة فى 1972 مراهقا لكى أكون فى كلية الثوار، وكان ثوار 68 خارجين لتوهم من الجيش لأنه بعد انقضاء الحبس فى معتقل الحضرة تم فصلهم من الجامعة وإلحاقهم بالجيش على الجابهة لتأديبهم وصدر للشاطر قرار جمهورى خاص لتجنيده لانه كان أصغر من السن القانونية للتجنيد .

عندما رأيتهم كانوا خارجين من الجيش وراجعين للمعامل والمدرجات وسألت أتخنهم وأكثرهم حديثا ” تيمور الملوانى ” ظنا منى أنه ” الزعيم ” فكان تيمور طيب الذكر خجولا ومخلصا ، فأشار لى تجاه شاب أنيق وفارع الطول ويلبس بزة كاملة وينظر إلى السماء وقال بزهو وإحترام ” لا زعيم سوى هذا الشاطر .

طريق النجاة

مرت شهور لكى ألتمس طريقى للنجاة من اليأس والكارثة ، وأصبحت يساريا ثوريا ، وبدأت الموجة الثانية من الحركة الطلابية ، ووجدت نفسى فى ديسمبر 1973 أجلس على المنصة فى مدرج إعدادى وأقود اعتصاما آخر جديدا ، حاصرت قوات الأمن ” كليتى ” وبدأ عملاء الأمن من طلبة الاتحاد الإشتراكى واتحاد الطلاب والبلطجية يعتدون علينا ليلا من أجل إخلائنا من المدرجات ، وبدأت ” بنات كيمياء ” كما هى عادتهن يحضرن زجاجات المولوتوف لكى نتمكن من الدفاع عن أنفسنا ، كنا كالعادة قد إستولينا على المطابع وبدأنا فى إصدار البيانات ، وعلمت المدينة ، لكنها لم تنتفض هذه المرة .

فى اليوم الخامس كان قد بلغ بنا التعب حدا كنت معه أتمنى أن يقتحم البوليس الكلية ويقبضوا علينا ويرمونا فى الزنازين ، كان الوضع يائسا ، لم تأت المدينة ، ولم يكف عملاء البوليس عن اعتداءاتهم ، ولم يسقط النظام .

بعد الظهر أتانى شخص لا أعرفه وأنا على المنصة وبجانبى جمال عبد الفتاح وسألنى : تعرف خيرت الشاطر ؟ سألته : هو فين ؟ قال لى : إنه ينتظرك فى الصالة ، ذهبت منسحبا باحثا عن النجدة ، وجدت خيرت ببذلته الرمادية الكاملة وبقامته الفارعة مبتسما ويربت على كتفى ويتمتم : ” شكر الله سعيك ” لكن النظام الدكتاتورى لم يدفن يا خيرت بهدوء وبحنو وبسرعة قبل أن يرانا أحد أبلغنى الشاطر بأن الدكتاتورية لن يدفنها الطلاب فقط ، وطلب منى أن أعمل

على فض الإعتصام اليوم بصورة منظمة لأنه يعتقد أن قرار بإغلاق الجامعة سيصدر مساءا وأن عملاء النظام سيعملون على تفريقنا فى فوضى عنيفة وأنه إجلالا للإنتفاضة علينا أن نعلن رفعها قبل أن يطارودونا ، سـألته يطارودونا ؟ قال نعم أنت منذ الآن مطارد كما حدث معنا من قبل وحاول أن تجد لك مكانا آمنا حتى تعرف الاتهامات .

لم أر خيرت بعد خروجى من السجن وبعد دخولى وخروجى مرة أخرى كنت أسمع طلبة كهرباء يتداولون سيرته وهو الأول دائما بامتياز على كهرباء اتصالات ، رفضوا تعيينه معيدا ، فذهب إلى المنصورة حتى استطاع أن يعين فى هذه الجامعة الإقليمية الجديدة حينذاك .

كانت الحركة الإسلامية قد حلت محل اليسار أواخر السبعينات ثم اغتيل رأس النظام بواسطة إسلاميين فى مشهد يلخص كل حكاية الحكم ، عرض عسكرى يلبس فيه أركان الدولة الملابس العسكرية النازية ، وعندما أتت أحداث سبتمبر 1981 ثم الكابوس المباركى كان خيرت فى بلاد الإنجليز فى منحة دكتوراه بينما كنت أنا فى سجن المجر فى منحة استبداد ” ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها ” من السجن إلى أرض الله الواسعة ، فبلاد الفراعنة عصية على التغيير ، ألم يكن عظيمنا ماركس هو القائل ” ” أما عن مصر فلا مندوحة ؟ ألم يقل فرعونها لشعبه ” أنا ربكم الأعلى؟

لم يكن لتروتسكى مثلى أن يذهب إلى بلاد الإنجليز التى لم تعرف الإنتفاضات ، والتى تبرجزت فيها حتى الطبقة العاملة ! والتى تنمعها فلسفتها الوضعية عن الخيال ، فى باريس كانت غواتى لأن السؤال الباريسى هو فيما بعد الدولة ، بينما السؤال اللندنى هو حول الدولة العادلة ، وهناك كانت محطة ” خيرت الشاطر ” سؤالى هو بلا إجابة ولا يحمل إلى أى ميناء ولكنه فقط وعد بالرحلة ، وسؤال خيرت إجابته واضحة ” وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة “.


اللقاء مع خيرت الشاطر

فى باريس كنت قد سألت وعرفت أن ” الشاطر بعد أن خرج من مصر إلى لندن للدكتوراه هجر مقاعد الدرس وتفرغ للكفاح وأصبح فى هيئة أركان الحركة الدولية للإخوان المسلمين كما امتهن التجارة وأصبح رجل أعمال بارزا ، لم أذهب إلى لندن ، ولم أقابل خيرت فى الغربة ، وبعد سنوات عدت إلى ” اللحم المصرى ” فى القاهرة وعرفت ان خيرت الشاطر فى السجن فى قضية ” سلسبيل ” ” الشاطر ” ليس مجرد مهندس إنه أحد أفضل مهندسى الإتصالات ومن أكثر النابهين الذين مروا على التعليم الهندسى ، وكان خيرت فى سلسبيل يقوم بإدخال التكنولوجيا المتطورة ويكيفها مع مجتمعنا ، كما يقوم بإدخالها فى العمل النضالى تقربا إلى الله .

بعد خروجه من محبسه أتانى الحنين لكى أراه ذهبت إلى أحد الإخوان المهندسين المسلمين وطلبت منه أن يعطينى رقم هاتف ” محمد خيرت ” وعندما رن التليفون رد على الجانب الآخر هذا الصوت الودود والحميم لـ ” خيرت ” إنت موجود فى القاهرة تعال حالا .

عندما وصلت إلى أطراف مصر الجديدة وصعدت إلى المكتب لم أجد خيرت نحيفا كما كان فسألته لم ؟ أجاب : السجن وعدم الحركة ، لم نتكلم فى السياسة ولكن تذكرنا الاصدقاء ، وعندما أذن لصلاة العصر لم يطلب منى خيرت ان أشاركهم فى صلاة الجماعة ، كل ما فى الأمر أننى شاهدت كل مهندسى وإدارى سلسبيل ومعهم خيرت يصلون وراء عامل فى المكتب ربما كان عامل البوفيه .

رحلت ثانية إلى الخارج وعاودت الحضور مرات وفى كل مرات حضورى لم أر الشاطر حتى انتهت الألفية فى كل تلك المرات كان سجبن محبسه ، فبدأت فى قص حكايته للآخرين ” إنا نقص عليك أحسن القصص ” .

فى 1973 كان هناك بابان مفتوحان للتمرد ، طريق اليسار والذى كان يشوهه اختلاطه بالناصرية وشقيقتها الستالينية ، وهو يتفرع بدوره إلى حارتين .. حارة النضال السياسى على المنهج اللنينى وحارة الكفاح المسلح على السنن الجيفارية ، وكلا الطرقين تم ولوجهما من عشرات بل مئات من أذكى وأفضل الشباب المصريين ، وكان المسار المسلح ينفتح ويغرى بعد كل عملية قمع ، خاصة بتأسير المنظمات اليسارية الفلسطينية المسلحة ، وتحت وطأة السجن الكبير الذى وضعت فيه الحركة الإجتماعية السليمة ، وهناك على الأقل ثلاث انشقاقات فى أقصى اليسار جرت تحت شعار ” الدعاية المسلحة ” وهى بالتوالى العصبة – المؤتمر –المطرقة .

لم تكن توجد فى أى منظمات جماهيرية ديمقراطية يمكن أن تعتمد عليها نواة سياسية لكسب مناصرين ، وكانت الاضطرابات السلمية تقمع دون هوادة ، فما العمل ؟

السبيل الآخر الذى كان مفتوحا للتمرد هو العودة إلى الإسلام المؤسس والحنيف ، وكان الإخوان المسلمون خارجين لتوهم من إعتقال شاق وطويل ، وكانت لهم ثلاث مزايا على اليسار

أولا : أصول اليسار النظرية والسياسية هى أفكار مستوردة ورطانة تحتاج لترجمة ، بينما الإسلامية هى إحياء لتقليد ثقافى ودينى وليست رطانة ماركسية

ثانيا : لم ينخرط الإخوان فى أجهزة النظام الناصرى ، بينما اليسار كان منه موجهون ووزراء

ثالثا : الإسلاميون لم يكونوا فى حاجة لمنظمات جماهيرية ديمقراطية فهناك مؤسسة المسجد قائمة وتبحث عمن يقودها بدلا من موظفى الحكومة وفقهاء الأزهر .

وكان الطريق الإسلامى كسابقة اليسارى تتفرع منه حاراتان حارة الدعوة الإسلاميةالإخوان ” وحارة التسلح الجهادى ” يحيى هاشم – الفنية – الجهاد ” .

حتى أواخر 1973 لم يكن الشاطر قد عزم وتوكل لكنه كان صديقا محبوبا ومحلا للإحترام من كل الطوائف التى سبق ذكرها يمينا ويسارا لأنه لم يكن مدفوعا بإثبات ذاته المثبته بالفعل ” 68 ” وكان ينظر إلى بعيد باحثا عن الفصيلة والوسيلة ، ولم يكن يحب أن يكرر إحتجاجا جديدا بلا أمل بل يسعى للنجاح ، وعندما ترك الإسكندرية عائدا إلى جذوره فى المنصورة تركها وهو أفضل من قاد عملا احتجاجياً ، وأفضل من تخرج فى اتصالات وكذلك أفضل المحبين !

طبعا كان هناك ألم لأنه لم يتمكن من أن يثنى ”يحى هاشم ” المندفع نحو الموت بالجبال وألم ثان لأنه لم يستطع أن ينقذ ” طلال ” من شاعريته المتهورة التى انتهت بحكم الإعدام ، لكنه ظل الأمين الذى حفظ للجميع أسرارهم وفهم أعذارهم وتجنب أخطاءهم وزللهم .

خيرت الشاطر في المنصورة

فى المنصورة تخلص خيرت من إيقاع الإسكندرية المندفع والمغامر وعاد إيقاع الفلاحين، حيث الزرع والرى والحصاد وكان له أن ينجز رسالة ماجستير مرموقة ليس بغرض الترقى لكن ولها بالعلم ومهارة فيه ، خيرت من الناس الذين يتعلمون ويعملون تقربا إلى الله ، وفى إنجلترا دخلت على هذا الإيقاع تدرجية الطرائق الإنجليزية وانتهى إلى فرد مسلم .

أسرة مسلمة .

مجتمع مسلم .

دولة إسلامية عادلة .

فى اليوبيل الفضى لمايو 68 وينما تحتفل الخيول المتعبة من الثوار والذين أصبحوا وزراء وعلماء وفلاسفة بادرنى قائد أنتفاضة نانتير ” دانيال بن سعيد ” بالسؤال عن كومونة الإسكندرية ” وكانت إجاباتى أسألوا خيرت الشاطر، سألنى دانييل وكريفين ومالر من هو ؟ C est Qui

قلت أنه الزعيم وهو الأن القائد الفعلى للحركة الإسلامية فى مصر واحد من أهم الأعمدة الأممية الإسلامية الجديدة ، والأن وهو يستريح بلندن … سدد الله خطاه وحفظه لاسرته ولمحبيه فى تلك الأيام بدأت عاصمة الكومونة يحل عليها عشرات من القادة الإسلاميين من تونس والجزائر وهم ناس ذو شجاعة ومرؤة وخياليون .

هم رفاق لنا ونحن أخوة لهم ما يفرقنا هو البرنامج والوسائل وليس السعى ” إن الذين خاب سعيهم فى الحياة الدنيا وفى الآخرة هم جلادونا ” كنت أتسقط أخبار خيرت منهم وعرفت أنه لم يحبذ مغامرة ” جبهة الإنقاذ ” وأنه مقاتل شرس ضد العنف …

وكان كل من قابلتهم من إسلاميين فى فرانكفورت أو لوزان أو باريس أو بروكسل أو برشلونة بمجرد أن يعرفوا أنه تربطنى به صلة مودة بهذا المناضل الكبير يعاملوننى بحب وأخوة لأن من يلوذ بجوار ” الشاطر ” فهو آمن !!!

نستطيع أن نحتمل الهزيمة المائة ولكن للمرة الثانية والألف لا نعترف بالطواغيت ولا بتدليس السياسيين الخصيان يمينا ويسارا … نحن أبناء بلا أباء إننا أبناء الانتفاضة 68،72،73،75،77 عاد الشاطر ليجاهد فى العلم والسياسة .

وكانت سلسبيل مشروعا وطنيا لإدخال التكنولوجيا الجديدة فى الحياة وفى الحركة ولم تكن المؤامرة عليها بسبب ديسكات الإخوان بل بسبب توصية من شركة دولية عز عليها أن يقوم هذا الموهوب والمخلص بسرقة سر الصنعة ووضعه فى أيادى جحافل عبيدهم … كان خيرت يدخل مجالات ممنوعة كان يقيم صناعة أجهزة وبرمجيات متطورة وليست أعمال وكالة وتأجير مقار كالذى يفعله نظيف .

وفى ظنى أنهم لو لم يدمروا سلسبيل لكانت مصر الآن فى موضع أفضل من الهند فى هذا السباق ، بعد تحطيم سلسبيل تم تدبير محاكمة ” مسخرة ” المحاكم العسكرية لخيرت وآخرين ليبقى فيها محبوسا خمس سنوات وكان أبناؤه وبناته يكبرون ويتزوجون وهو أسير تذكرت كلمة المدعى العام الإيطالى فى عهد موسولينى وهو يشير إلى أنطونيو غرامش الشيوعى ويقول هذا الدماغ ينبغى إيقافه وعزله من العالم ثلاثين عاما على الأقل .


لقاء في عزاء

فى 2002 كانت وفاة مرشد الإخوانمأمون الهضيبي ” وأنا فى طبيعتى أحب حفلات الزواج ولا أحب مراسيم الوداع ، ولكننى ذهبت للعزاء لمقابلة خيرت وقبل ذهابى صادفت ” حمدين صباحي ” الذى أخذنى فى سيارته وفى الطريق اصطحب مصطفى الفقي ، ودخلنا ثلاثتنا سرداق العزاء سويا حيث كانت ” أمة لا إله إلا الله ” فى رابعة العدوية ، وعندما شهدنى وهو يتقدم السرادق لاستقبال المعزين أخذنى من يدى ليجلسنى فى مكان كان يجلس فيه أحد أعضاء مكتب الإرشاد المعروفين ثم جلس بجانبى .

وبادرنى … شكر الله سعيك … كيف أتت مع هؤلاء الناس ؟ أجبته : صحبة طريق … غفر الله ذنبك … قال : لعله خير ، وأثناء الخروج لوحت لخيرت الذى سألنى : لماذا لا تتصل ولا تسأل ؟ أجبته : الأيام مقبلة ..

وانهمكت مجددا محاولا فهم أحوال اليسار قد وصل لمداه ، فانهيار السوفييت كشف تلوث تاريخ الاشتراكية الاستبدادية بالفساد والدم ، لم يعد هذا مثلا أعلى يمكن الدفاع عنه وكان اليسار المحلى يبحث عن أب فى حضن سلطة التعذيب والإرهاب ، كيف يمكن لأحد الآن أن يسير على طريق برجنيف الموحل أو ماو الدموى أو كاسترو الذى أصبح مضحكا كرئيس لألف عام ، وكان الفراغ الذى ينسحب منه اليسار يملأه الإخوان المسلمون ، وكانت الأزمة السياسية تشتد ويغيب الأفق .

فى رمضان وفى الإفطار الطقسى للإخوان فى القاعة المفتخرة بمدينة نصر كان على أن أقابل ” خيرت ” ترددت هذه المرة كثيرا فى الذهاب ذلك لأننى كنت مرشحا لمجلس الشعب ضد السلطة وضد ” الإسلام هو الحل ” وعندما ذهبت أخيرا وتقابلنا وسألنى عن دائرتى ” ملصت ” لكى أجنبه وأجب نفسى إختيارات مستحيلة وغير منطقية ، وشاهدت فى دائرتى الماكينة السياسية الهائلة التى بناها خيرت ، وبدأت لأول مرة أحسده على شىء .

مرت الشهور بطيئة من العام 2005 ولا شىء يتغير والشىء يتحلل قبل أن يستطيع أن تتعرف عليه ككفاية التى أدخلت السياسة – كليب أو ضجيج بلا طحن ، وعاد رمضان ليدعونى خيرت مجددا لإفطارهم الذى سيضم طبعا 88نائبا والسياسيين المتحالفين معهم ، وعلى عكس ما تصورته وجدته متوجسا على الرغم من التجديد فى مظهر شباب الإخوان الذين أصبحوا يلبسون بذلات رمادية كاملة كخيرت فى شبابه !

عملا بالمقامات الفعلية والإنشغالات الواقعية سألت خيرت : ممكن أشوفك بعد المقالة.

بقلم حسنى عبد الرحيم بمجلة الدستور منذ عددين ” وقد كتب عن نفسه : شيوعى تروتسكى

المصدر