صدقت زوجتي وكذب اليهود المفسدون

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
صدقت زوجتي وكذب اليهود المفسدون

بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

لم أفاجأ أبداً بما قام به الموساد اليهودي من عمل حقير وجبان لم تعرف البشرية له مثيلا، وذلك حين أعلن الموساد أن لديه تسجيلا صوتيا لزوجي ترفض فيه قيام ولدها محمد بعملية استشهادية، وكيف أفاجأ وأنا أعلم أنهم هم المفسدون في الأرض ( ويسعون في الأرض فساداً )، وأنهم قتلوا الأنبياء وكذبوهم ( أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون )، وأعلم أنهم كذبوا على الله ( ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون )، وأعلم أنهم قد حرفوا كلام الله ( يحرفون الكلم عن مواضعه )، وأعلم أنهم ملعونون لأنهم عصاة ومعتدون ( لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون )، فلا غرابة أن يقوموا بهذا الأسلوب الحقير ابتغاء تحقيق أهداف رخيصة.

فها هو الموساد اليهودي الذي اشتهر بقذارته يخرج علينا بنشر شريط صوتي قام بتسجيله بهدف الإيقاع بأهل بيتي بينما كنت في سجون الاحتلال اليهودي، حيث قام ضابط مخابرات صهيوني بتقمص شخصية أحد رجال الكتائب إما بنفسه أو باستخدام أحد العملاء، واتصل عبر الهاتف يسأل عن ولدي محمد، ولكن الذي رد عليه كانت أم محمد التي تحملت أعباء رعاية بناتي وولديَّ محمد وأحمد على مدى أكثر من عشر سنوات أمضيتها في المعتقلات، وكان لها الفضل بعد الله في تنشئتهم تنشئة إسلامية إيمانية، وعندما زعم محدثها أنه من تلاميذ الشهيد يحيى عياش أدركت أن المتحدث من المخابرات الصهيونية مما جعلها تتحفظ كثيرا في ردها عليه وقد كانت محقة في ذلك، فعندما استمعتُ أنا شخصيا للتسجيل الذي بثه التلفزيون اليهودي المفسد أدركتُ تماما أن الذي قام بالتسجيل هو المتصل نفسه وأنه من المخابرات الصهيونية وذلك للأسباب التالية :

أولاً :

صوت المتصل واضح بينما صوت أم محمد غير واضح وهذا يدل على أن المتحدث كان مباشرا للمسجل بينما صوت الزوجة كان يأتي عبر الهاتف.

ثانيا :

لكنة المتحدث لم تكن لكنة أهل غزة، بل كانت تشابه لكنة إخواننا الفلسطينيين الذين يقيمون في فلسطين المحتلة منذ عام 1948، ولو كان الاتصال من أحد قادة الكتائب الذي كان ينتظر محمد عند المسجد كما يزعم المتحدث لكانت لكنته لكنة أهل غزة.

ثالثا :

من المعلوم للجميع أن الكتائب لا تجند الاستشهاديين عبر الهاتف، ولكن تتصل بهم مباشرة لإعدادهم جيدا للمهمة الكبرى، وبعد إعدادهم لا تستخدم الهواتف في ذكر الوقائع والأسماء، أما المتحدث فقد تحدث بوضوح عن المهمة وذكر الاسم مما لا يعقل أبدا.

رابعا :

م يحدث أن اتصلت الكتائب بأم أو أب الشهيد لتطلب منهم عبر الهاتف إرسال ولدهم لعملية استشهادية، ولكن الذي حدث أن بعض الاستشهاديين عندما رأى من والديه حبا للشهادة أطلعهما على سره، وهم قلة يعدون على أصابع اليد الواحدة.

خامسا :

لقد حدث هذا الاتصال عام 1996 بينما كان محمد في السادسة عشر من عمره ومن المعلوم لجميع الفلسطينيين أن كتائب القسام لا تجند من هم في هذا السن للقيام بعمليات استشهادية.

لأجل ذلك اعتقدت أم محمد أن محدثها من المخابرات وأن له أهدافا خبيثة فأفشلت بفضل الله مهمته، ولقد أخبرتني بريبتها من المتحدث واعتقادها أنه من المخابرات اليهودية، ولكن بكل وقاحة اليهود المفسدين في الأرض يقوم الموساد بنشر هذا التسجيل مقدما له بطريقة لم نلمسها على الإطلاق في كلام أم محمد الذي نقلته يديعوت أحرونوت قائلة ( وحاولت أم محمد استيضاح هوية المتحدث الذي أجابها أنه تلميذ الشهيديحيى عياش، فردت عليه أم محمد: "لا نتعامل مع تلاميذ الشهيد"، وأغلقت سماعة الهاتف )، فإذا كان هذا آخر ما قالت وفيه دلالة واضحة عن ريبتها من المتحدث الذي كان يحدثها عن استعداد ولدها للقيام بعملية استشهادية وأنه من المجاهدين ورغم ذلك تعترف يديعوت أنها حاولت التعرف على المتحدث، أي أنها لم تصدقه، فلما أصر على أنه من تلاميذ الشهيد عياش أغلقت الهاتف قائلة لا نتعامل مع تلاميذ الشهيد، وهي صادقة في ذلك فما كان لتلاميذ الشهيد أن يتصلوا بها وما كانت لتتصل بهم.

إنني على ثقة أن أي إنسان لديه ذرة من الفطنة والوعي لا يمكن أن يتعامل مع متحدث عبر الهاتف إلا بما تحدثت به أم محمد، فقد تعاملت بذكاء فلم يبد في التسجيل بعد التلاعب به من قبل الموساد رفضا أو قبولا، وقد أخبرتني أم محمد بعد سماعها للبث التلفزيوني أن هناك تحريفا كبيرا في التسجيل، ورغم التحريف فقد كذب اليهود المفسدون وهم يروجون أنها رفضت أن يستشهد ولدها وإن كان من حقها أن ترفض عرضا كهذا يقدم من مجهول عبر الهاتف، ولو أن أي إنسان تلقى مثل هذه المكالمة لتصرف حتما بنفس الطريقة حتى وإن كان على علم بأن ولده ذاهب لأداء مهمة كهذه، ورغم قناعتي هذه إلا أنني أوصي أبناء شعبنا الفلسطيني أن يحذروا من ألاعيب اليهود المفسدين، وألا يتعاملوا مع من يتصل بهم باسم كتائب القسام أو غيرها من الأجنحة العسكرية عبر الهاتف، لأن مثل هذه الاتصالات مصائد يريد أن يتعرف الصهاينة من خلالها على الذين لديهم الاستعداد لتنفيذ عملية استشهادية ليقوموا بتصفيتهم قبل أن ينفذوا ما يريدون.

لقد أراد الصهاينة من هذا الكذب الفاضح أن يثيروا بلبلة في الشارع الفلسطيني، خاصة بعد فشلهم الذريع في وقف عمليات المقاومة، وافتضاح عجزهم الأمني أمام العالم، كما أرادوا أن يوجهوا ضربة للاستعداد النفسي لشباب فلسطين للشهادة، وتجاهل هذا العدو الجبان أن كبار القادة في حماس هم أول من قدموا أبناءهم شهداء في سبيل الله، ومن بينهم الأستاذ أبو أسامة دخان، والأستاذ أبو خالد الحسنات، والأستاذ أبو أحمد جاد الله، والأخ أبو ماهر تمراز، والأخ أبو ناصر الكجك، والدكتور نزار ريان وكلهم ممن عانى من الاعتقال وبعضهم من الإبعاد، فالعدو الصهيوني يدرك أن الاستعداد لدى قادة حماس للتضحية بأنفسهم وبأبنائهم استعدادا كبيرا جدا، فهم قبل غيرهم يتوقون إلى الجنة ويتمنونها لأبنائهم.

و لكن اليهود المفسدين لا يفهمون هذه المعاني السامية، ولا يستطيعون أن يتصوروا حب الشهادة لدى المجاهدين لأنهم لا يعلمون سر وجود الإنسان في هذه الأرض والله يقول (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون).

وأراد الصهاينة أيضا من وراء هذا اللعبة القذرة إحداث شرخ في الصف الفلسطيني، ففي الوقت الذي ندرك أنهم كانوا من وراء تسجيل هذه المكالمة إلا أنهم يكذبون على الله ويقولون بأن الذي سجلها المخابرات الفلسطينية، وأنهم وجدوا الشريط في المقاطعة في رام الله، فلماذا تتجسس السلطة على تليفون رجل خلف قضبان الاحتلال؟!!!!

وأنا أعلم أن خيبة الصهاينة كانت كبيرة جدا عندما تبين لهم أن لعبتهم هذه لم تنطل على الشعب الفلسطيني، الذي كانت ردة فعله تعاطفا كبيراً مع حماس واحتقارا شديدا لليهود المفسدين، وصدق الله إذ يقول في كتابه (فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا).

المصدر

للمزيد عن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة بالرنتيسي

مقالات بقلم الرنتيسي

تابع مقالات بقلم الرنتيسي

.

حوارات مع الرنتيسي

حوارات مع عائلة الرنتيسي

بيانات حول إغتيال الرنتيسي

أخبار متعلقة

تابع أخبار متعلقة

.

وصلات فيديو

.