صعوبة المعارك في أفغانستان

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
كوارث الأسبوع وفعل الأظافر المطلوب
Afghanstan.jpg

مع موقفين متزامنين يخفيان كوارث هذا الأسبوع الصعبة التي مرت على الأمة ويكادا أن يتجاوزا أحداث ما يجري في مصر حيث الاعتقالات والترويع ومصادرة أموال أعضاء الجماعة بسبب وقوفها أمام اغتصاب السلطة وإلى جانب القضية الفلسطينية التي يتم الآن تنفيذ أخطر مراحلها استقواءً بتخاذل الأنظمة العربية والإسلامية واستباقا لبدايات صحوة نابهة في العالم اتجاهها، وفي الصومال حيث رفع الفرقاء الإسلاميون رايات متباينة يجري باسمها سفك دماء المسلمين وتهجيرهم من ديارهم لحسابات قبلية ولتصفية حسابات بين الجارتين اللدودتين أرتريا وإثيوبيا، وفي نيجيريا مع فجأة القتال الضاري باسم المطالبة بتطبيق الشريعة حيث قُتل المئات وتم تشريد الآلاف واستأسدت السلطة وأصبح عنوان تطبيق الشريعة هو المتهم!!

مع هذه المواقف التي تكاد أن تسدل الستار عن باقي أزمات أمتنا والإنسانية كلها التي بدأت بمجافاة شرع الله سبحانه ولن تتوقف توابعها المدمرة حتى يأذن المولى عز وجل بعودة راشدة إلى منهاجه .. يأتي هذا الأسبوع مع إعلان صادر عن حلف الناتو بصعوبة المعارك في أفغانستان والمأزق العسكري المستمر في باكستان مع قلق (!!) الرئيس الأمريكي من أن عجز الميزانية لهذا العام قد يصل إلى ألفي مليار دولار، ثم الإعلان عن بدء جلسات التحقيق التي يجريها البرلمان البريطاني عن حقيقة التزوير والتدليس اللذين قام بهما رئيس الوزراء السابق توني بلير حول تملك نظام صدام حسين لأسلحة دمار شامل وخطورتها على الأمن البريطاني ليستخلص موافقة البرلمان والشعب البريطانيين على دخول حرب تم اكتشاف مع وجود الإدارة الأمريكية الجديدة أنها كانت تنفيذا لاتفاق سري جرى بينه وبين الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش ونائبه ديك تشيني الذي تجري مطالبات بمحاسبته وخلال اللقاء المذكور تم الاتفاق على سيناريو الخداع والكذب لتبرير هذه الحرب.

أدانت شعوب العالم كله وأدّنا نحن في جماعة الإخوان المسلمين العدوانين، ليس انتصارا للنظام العراقي السابق، ولا انحيازا أو تسليما بأسلوب طالبان في أفغانستان، وإنما ليقيننا بأن العدالة لا يمكن أن تتجزأ حتى في ظل الشرائع الوضعية والقوانين الإنسانية البحتة، وليقيننا أيضا أن كل ما يجري ليس لصالح شعوب التحالف الدولي الظالم والأمر (وللمفارقة الغريبة) لم يعد خافيا على أحد خارج هذه الشعوب التي وافقت برلماناتها المنتخبة على ارتكاب الجريمتين، فخسرت أموالا يصعب حصرها خارج نظم الحسابات الفلكية، ودماءً وضحايا ومعاقين يلهثون الآن خلف محاكم بلادهم طلبا لتعويضات مستحقة لهم وتماطل دولهم في صرفها كما يجري على الساحة البريطانية الآن .. ومع كل ذلك أتت جولة وزيرة الخارجية الأمريكية التي زارت فيها الهند لتوقيع اتفاق بيع أسلحة متطورة لها وللضغط على باكستان وكأن الليمونة الباكستانية ما زالت تحتمل العصر، ثم جولة وزير الدفاع في المنطقة العربية مع إعلانات صادرة من رأسي التحالف الغربي بزيادة الدعم العسكري لقواتيهما في أفغانستان مع شكوى الشعب البريطاني من إنفاق 12 مليار دولار على حملة أفغانستان دون أمل في أي خروج من وحلها في المستقبل القريب .. ويأتي رد فعل التمدد الروسي في المنطقة بإقامة قواعد عسكرية في دول الاتحاد السوفييتي السابق ليواجه تمدد حلف الناتو أو بالتعبير الصحيح التمدد العسكري الأمريكي في نفس المنطقة، لينتهي مشهد الأسبوع وكأن الزمان يعيد نفسه، وكأنه لا دروس مستفادة من أكاذيب جورج دبليو بوش وحليفه توني بلير وهي الدروس التي ما زالت معاشة، وكأن أيضا أنه لا قيمة لدى هذا التحالف الأنجلوساكسوني لأي اعتبار غير ما تراه القوى التي تقف خلف قادته وأثبتت حوادث السنوات القليلة السابقة أنهم يغامرون ويضحون بمصالح بلادهم ومعها مصالح الشعوب الأخرى في سبيل ما تراه وتأمر به هذه القوى التي يشعر الناس بلهيب أنفاسها ويرون خيالاتها حتى وهم مغمضون.

النتيجة المعاشة والمرئية أن كل البلاء الذي يقف خلفه شياطين الإنس والجن يجري على ساحاتنا العربية والإسلامية وحدها، وأن الشريك الأساس في الفعل على أرضنا هم أناس من بني جلدتنا اغتصبوا السلطة ومعها السطوة ممسكين برقاب الشعوب، وقريبا ومع استمرار صب البلاء صبا قد يُصبح من ظلم النفس أن يستمر الحديث بالإشارة إلى البعض من هذه الأنظمة حتى ولو كان معنى البعض هنا الأكثرية تلمسا لحسن الظن بالقليل المتبقي، وتتعدد صور الاستخدام وتتكرر المواقف التي تصل إلى قيام بعض الأنظمة بتشجيع مهاجمة دين الناس لتهوين أمر الدين والمقدسات عندهم أو لدفع البعض الذي لم يعد يطيق الصبر أو يلتبس عنده فهم الأحكام الشرعية إلى فعل كفعل نيجيريا هذا الأسبوع فتشتعل الساحة دمارا وخرابا وتشويها للإسلام .. وكلها تجري مع باقي وسائل الإفساد لإضعاف مناعة الشعوب حتى تظل دائما في إطار المفعول به وليس دور الفاعل، ومنذ أكثر من ستين عاما وفي رسالة "دعوتنا" وصف الإمام الشهيد هذا الحال وحدّد العلاج، وظلت الجماعة تصارع مع بعض الهيئات والأفراد غيرها الذين لم ينخدعوا بزيف القول ولا بريق الشعارات الخادعة أمواج هذا التاريخ الصعب فلم تستطع بفضل الله إغراقها فالداعية إلى الله ليس أمامه مجالا لليأس، وعملت الجماعة وما زالت تعمل وتعلن أنه لابد من نقل المهمة كلها إلى كل القوى الحية في الأمة على اختلاف ألوانها وأطيافها، وهي مهمة لم تعد مستحيلة الآن كما كانت في السابق فالمراجعات من داخل الأمة قد بدأت ثمارها في النضج مع ظهور المقاومة الشريفة الصحيحة في كل مكان التي لا تقبل انحرافا أو مساومة والتفاف الشعوب حولها ودعمها، والمراجعة لدى الشعوب الأخرى بعد أن استفاقت النخبة فيها وأدركت حجم الدمار الذي يصيبها بسبب سياسات قاداتها والدائرة آخذة في الاتساع لا تستطيع أية قوة الوقوف أمامها، والأمر كله الآن موكول بعد توفيق الله إلى وعي يستوعب قوله سبحانه وتعالى: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) وستظل يد جماعة الإخوان المسلمين ممدودة بالخير للجميع فهي تحفظ مع غيرها تفسيرا للآية الكريمة مرت عليه عشرات المئات من السنين يقول: (ما حك جلدك مثل ظفرك فتول أنت جميع أمرك) والوقت الآن قد حان لفعل الأظافر ليس إلا.