علي لبن: التعليم في مصر يحتاج لتغيير السياسات لا الأشخاص

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
علي لبن: التعليم في مصر يحتاج لتغيير السياسات لا الأشخاص

[22-07-2004]

المقدمه

التغريب بدأ في عهد سرور وبلغ ذروته في عصر بهاء الدين

الإخوان لديهم برنامج جاهز لإصلاح التعليم منذ الخمسينيات

حوار: هاني صلاح الدين

عاش التعليم المصري على مدار الأعوام الماضية كبوةً أدت إلى تدهوره، كما تعرض لحملة تغريبية شرسة استهدفت كل ما به من مقوِّمات للهوية الإسلامية والعربية والوطنية، ومع التغيير الوزاري الجديد تجدد الأمل في خروج التعليم المصري من كبوته؛ مما دفعنا لإجراء هذا الحوار مع الأستاذ علي لبن- الخبير التعليمي، وعضو لجنة التعليم بمجلس الشعب، وأحد رموز الإخوان المسلمين في مصر- حول أهم المعوقات التي تحول دون نهضة التعليم المصري، وأهم متطلباته في المرحلة المقبلة.. فإلى تفاصيل الحوار:


نص الحوار

  • شهدت مصر تغييرًا وزاريًّا، وخاصةً في حقيبة التعليم.. فما تعليقكم على هذا التغير؟
إن العلاج لأي قصور لا يكمن في تغيير الأشخاص، ولكن يكمن في تغيير السياسات؛ ولذلك نأمل أن يقوم الدكتور أحمد جمال موسى بتغيير حقيقي في السياسات التعليمية، وأن يتسلح بالتربويين الوطنيين، ويبتعد عن سياسة التغريب التي أطاحت بالتعليم، كما نطالبه بالاستغناء عن القروض الأمريكية، فالتعليم المصري في أمس الحاجة إلى إعادة النظر في سياسته وإستراتيجيته وفلسفته، والأسس التي يقوم عليها، كما أنه في حاجة إلى مشاركة اجتماعية حقيقية من أولياء الأمور والطلاب والمجالس القومية المتخصصة ولجنتي التعليم بمجلسَي الشعب والشورى.
  • ما هي الأسباب التي أدت إلى تدهور التعليم المصري من وجهة نظركم؟
لا بد أن يعترف الجميع أن التعليم المصري أصبح في أسوأ حالاته، وذلك يعود لسياسة الوزير السابق الدكتور حسين بهاء الدين، والذي أبعد نفسه عن التربويين الوطنيين المخلصين لمصر، أمثال سعيد إسماعيل علي، ومحمد بدوي وطبل.. وغيرهما، كما أنه شلَّ حركة مستشاري المواد، وسلبهم سلطاتهم، كما سلب المركز القومي للتعليم والمركز القومي للامتحانات كل صلاحياتهم، وترك الساحة خاليةً أمام مركز تطوير المناهج الأمريكي، الذي يعلم الجميع أنه خرَّب المناهج المصرية، وشنَّ حملةً شرسةً على كل ما هو إسلامي بهذه المناهج، وخاصةً اللغة العربية والتاريخ، وهكذا اعتمد بهاء الدين على هذا المركز المشبوه في تطوير مناهجنا؛ مما أدى إلى تدهور واضح في التعليم المصري.


عصر بهاء الدين

  • هل معنى ذلك أن التغريب بدأ في عصر بهاء الدين؟
الحملة التغريبية بدأت حلقاتها منذ عهد الدكتور فتحي سرور؛ فهو الذي أسس مركز تطوير المناهج المشبوه، ولكن وصل تغريب المناهج لذروته في عهد بهاء الدين، فالتغريب كان بطيئًا في عصره، لكنه دمر معظم المناهج، وبالطبع استفاد الأمريكان من ذلك؛ حيث استطاعوا أن يتغلغلوا في كل المؤسسات التعليمية، فقد اعتمد بهاء الدين على الخبراء الأمريكان بصورة كبيرة، واعترف بذلك في كثير من المحافل، وآخرها المؤتمر العربي للتعليم الذي عُقد مؤخرًا بالقاهرة.
  • تهاجمون مركز التطوير بصورة مستمرة.. فما مدى خطورته من وجهة نظركم؟
تكمن خطورة هذا المركز في أهدافه؛ حيث يستهدف إقصاء الثقافة الإسلامية والعربية، وإحلال الثقافة الغربية مكانهما، وقد لعبت الدكتورة كوثر كوجيك- رئيسة المركز- والدكتورة لاند ميرت- مسئولة المناهج الدينية- أخطر أدوار هذا المركز؛ حيث كانتا رأس الحربة في تدمير كل ما هو إسلامي وعربي في المناهج المصرية، ولم تقف خطورة المركز عند ذلك، بل قاموا بتحجيم المواد التطبيقية والتكنولوجيا التي تقوم عليها نهضة أي بلد، وركزت المناهج على أسلوب الحفظ والتلقين، وهكذا يتخرج لنا أفراد لا يستطيعون المشاركة في دولاب العمل، كما أن هذا المركز اعتمد بصورة كلية على الخبراء الأمريكان، والذين يقدر عددهم بـ66 خبيرًا.


الأزهر

  • تعرض الأزهر خلال الأيام الماضية لقرارات تعسفية، تمثلت في قرار المحافظين بعدم بناء معاهد جديدة.. فما رأيكم في ذلك؟!
التعليم الديني مستهدف بصورة عامة؛ وذلك من أجل تجفيف منابع التدين بمصر، وما القرار الأخير للمحافظين إلا حلقةً في مسلسل الحرب على التدين، فقد شهدت المؤسسات التعليمية الأزهرية من قبل ذلك تقليصًا كبيرًا لميزانيتها، فما يخص الطالب في التعليم العام يساوي أربعة أضعاف ما يخص طالب التعليم الأزهري، كما أننا نجد أن كليات الأزهر لم تنجُ من نيران هذه الحرب؛ فقد تم إغلاق أكثر من 40 كلية، ولم يقف الأمر عند ذلك، بل قامت وزارة التربية والتعليم بالاستيلاء على عدد كبير من المعاهد، كما يتعرض التعليم الأزهري لكارثة أخرى وهي رفع إشراف الأزهر عن المعاهد الأزهرية الخاصة؛ مما يهدد500 معهد بالتحول لمدارس خاصة بالتعليم العام، كما تعرضت مناهج الأزهر أيضًا لحملة استهدفت تغريبها؛ ولذلك نطالب كل الشرفاء بالتصدي لهذه الحملة التي تستهدف قلعة الإسلام والمسلمين.


الإخوان المسلمين وتصورهم للنهوض

الإخوان يقدرون مدى أهمية التعليم للأمة؛ لذلك أعدوا برنامجًا متكاملاً لإصلاح التعليم منذ بداية الثلاثينيات، ونطوره بتطور الزمن، وقد قدم الأستاذ البنا هذا التصور لوزير المعارف في وقته.
  • لكنكم لم توضحوا الخطوط العريضة لبرنامجكم هذا؟
الخطوط العريضة لبرنامجنا أوضحها التربويون الإخوان، مثل الدكتور علي عبد الواحد وافي- رئيس قسم الاجتماع بجامعة القاهرة سابقًا، حيث طالب في الخمسينيات بالتصدي للمخططات التي وضعها القس دانلوب، والتي صبت التعليم المصري في قوالب الحفظ والتلقين وأبعدته عن الجوانب التطبيقية، كما أن برنامج الإخوان يعتمد على الهوية الإسلامية خاصةً في العلوم الإنسانية والقومية والدينية، ولكننا نطالب بالانفتاح على العالم في العلوم والرياضيات وجميع وسائل التقنية الحديثة، على أن يكون ذلك في إطار أخلاقي منبعث من الإسلام، كما يقوم برنامجنا الإصلاحي على أن يكون هناك توازن بين الجوانب التطبيقية والنظرية، فيمثِّل كلٌّ منهما50% من المناهج في جميع المراحل التعليمية، كما ستكون هذه المناهج مخططة حسب احتياجات سوق العمل.
كما يهتم برنامجنا بالكليات لغير المتخصص وأدق الجزئيات للمتخصص، كما نهدف في برنامجنا إلى تطبيق نظام اليوم الكامل، ونظام الثانوية الشاملة، والذي يتضمن الثانوي الفني والعلمي والأدبي والشرعي، ومن خلال ذلك يتم توجيه كل طالب حسب قدراته إلى نوعية التعليم الذي يتماشى مع هذه القدرات، على أن يدرس جزئيات تخصصه، وبذلك يلتحق بالتعليم الجامعي ليستكمل أدق جزئيات التخصص الذي بدأه في التعليم الثانوي..، وهكذا نستطيع تخريج أفراد صالحين لأسواق العمل.


الأتفاقيات التعليمية مع أمريكا

حوارات190.jpg
  • أجرت أمريكا عدة اتفاقيات تعليمية مع مصر.. فما هو تقييمكم لهذه الاتفاقيات؟
لكي نقيم هذه الاتفاقيات لا بد أن نعود لكتاب أحد الخبراء الأمريكان المشاركين في هذه المعونة، وكان الكتاب تحت عنوان (المعونة الأمريكية في صالح مصر أم أمريكا)، وقد أكد الكتاب أن المعونة في صالح أمريكا؛ لأن المنهج البرجماتي الأمريكي يعتمد على النفعية، فلن يدفع الأمريكان دولارًا إلا إذا كان سيعود عليهم بالمنفعة، وأهم ما استفاده الأمريكان من الاتفاقيات نَشر ثقافتهم، وتسخير المؤسسات التعليمية لحساب التطبيع مع الصهاينة، وفرض الهيمنة الأمريكية الصهيونية على تعليمنا.
وأبلغ مثال على ذلك الاتفاقية الأخيرة لتحسين التعليم الابتدائي والتي اشترطت تعليم اللغة الإنجليزية من الصف الثاني بدلاً من الصف الرابع، فما كان من الوزير السابق إلا أن طبقها من الصف الأول، كما فرضت علينا تدريس الموضوعات الصحية الحرجة (الموضوعات الجنسية) لجميع المراحل التعليمية، كما طالبت الاتفاقية أيضًا بتطوير كليات التربية تحت إشراف أمريكي بخطة تنتهي في عام 2009م، وتشارك فيها الوكالة الأمريكية ومؤسسة (كير)، بالإضافة إلى مؤسسات أخرى يتم تحديدها فيما بعد، وبذلك أصبحت المعونة قيدًا في عنق التعليم المصري، كما أن بنود صرف هذه المعونات يكون محددًا ومسبقًا من قِبَل هذه المؤسسات.


العضوية بلجنة التعليم

  • ماذا قدمتم للتعليم المصري من خلال عضويتكم بلجنة التعليم؟
الإخوان استطاعوا خلال المجلس الحالي أن يقدموا كثيرًا من الحلول لمشاكل التعليم، كما طالبنا بإصلاح تعليمي غير مستورد، وقد استجاب الوزير السابق تحت ضغط الأعضاء لكثير من مطالبنا، وكانت المفاجأة لنا أنَّ لجنة التعليم بالحزب الوطني تبنَّت مقترحاتنا ونشرتها في كتبهم وأبحاثهم، كما أننا كوَّنا داخل المجلس جبهةً مضادةً للتغريب، كما قمنا أيضًا بفضح مخططات التغريب أمام الجميع.
  • أخيرًا هل تؤيدون عودة الصف السادس؟
نحن بالطبع مع عودة الصف السادس إذا أضافت جديدًا للتعليم، ولكن معركة الصف السادس تُخفي أغراضًا خطيرة، بدأت تظهر مع المناهج الجديدة، فمِن خلال هذه العودة قام المركز المشبوه بحذف الآيات القرآنية والموضوعات الوطنية، وأحلوا محلها موضوعات تعبر عن ثقافة الغرب، كما أنه من المفترض أن يعود الصف السادس بمناهج جديدة بها المزيد من المعلومات، ولكن ما حدث أن منهج الصف الخامس تم تقسيمه على الصفين الخامس والسادس بعد حذف كل الموضوعات الوطنية والإسلامية، وبهذه الصورة أصبحت عودة الصف السادس لا فائدة منها، بل كانت بوابةً لغزو مناهجنا.

المصدر