فارس الكلمة والمقاومة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
فارس الكلمة والمقاومة
الدكتور عبد العزيز الرنتيسي في حوار شامل مع القسام
د.عبد العزيز الرنتيسى.jpg

خاص- قسام

مقدمة

حوار شامل وصريح مع فارس الكلمة والمقاومة أحد قادة حركة المقاومة الإسلامية حماس الدكتور عبد العزيز الرنتيسي نبحر من خلاله في أعماق هذا القائد الشجاع يحدثنا ويطرح علينا موقف حركة حماس من أبرز القضايا والموضوعات المطروحة حاليا على الساحة الفلسطينية ، وفيما يلي نص الحوار:

هل لك أن تحدثنا عن السيناريوهات المناسبة لاجراء الاصلاحات الداخلية الفلسطينية ، وهل الاصلاحات الداخلية الفلسطينية لها الاولوية اليوم ولماذا ؟

ينبغي ألا ننظر للوضع الفلسطيني الداخلي في معزل عن الوضع العام، فعلينا ألا ننسى أن هناك اتفاقية أوسلو، وأن السلطة لا زالت ملتزمة بها، والوضع الحالي هو أحد إفرازات أوسلو، ونتيجة حتمية للالتزامات التي وقعت عليها السلطة في هذه الاتفاقيات، وما لم تتنصل السلطة من هذه الاتفاقيات فلن تكون هناك إصلاحات، وحتى تقترب الصورة أكثر إلى الأذهان نضرب بعض الأمثلة: إن مما يطالب به دعاة الإصلاح فصل السلطات الثلاث: القضائية، والتنفيذية، والتشريعية، ومعنى استقلال القضاء أن تقوم المحاكم بتطبيق القانون دون تدخل من السلطة التنفيذية، .

ولكن الواقع يقول غير ذلك، حيث أن قرارات القضاء قد ضرب بها عرض الحائط عدة مرات من قبل السلطة التنفيذية، ولم تزد عن كونها حبرا على ورق، لأنه إذا تناقض قرار القاضي بالإفراج عن معتقل ما مع رغبة الكيان الصهيوني لا ينفذ، لأن التزامات السلطة في الاتفاقيات الموقعة ببساطة تتناقض مع قرار المحكمة، .

فالاعتقال إنما يتم وفق قانون أوسلو وليس وفق قانون القضاء الفلسطيني، ومن هنا لا يمكن إصلاح القضاء، ومثال آخر: إذا أردنا أن نستبدل الوزراء، أو مسئولي الأجهزة بهدف الإصلاح الإداري، والسياسي، والمالي، سنصطدم بأوسلو، حيث أن لليهود دور هام في التصديق على من يتم تعيينه، ولذا فأي إصلاح يتم بعيدا عن أوسلو لا يمكن أن يتحقق على الأرض لأن السلطة لا زالت ملتزمة بها، وأي إصلاح يتم في ظل أوسلو لا يمكن أن يتحقق أيضا لأن الجمع بين النقيضين أمر مستحيل.

وأرى أن الحديث عن الإصلاحات إنما أريد من ورائه لفت أنظار الجماهير عن الحدث الذي هزهم من الأعماق وهو تسليم الرفاق من الجبهة الشعبية لسجانين أمريكان وبريطانيين، وعندما يتم تحقيق الهدف وهو طمس الواقعة إعلاميا، لن نسمع كلمة واحدة عن الإصلاح لا لأن الإصلاح ليس على سلم الأولويات ولكن لأنه غير مرغوب به أصلا، ولذلك فإن المستقبل يحمل في طياته غليانا شعبيا قد يفضي إلى زلزال سياسي يجتاح المنطقة بأسرها.

ما هي الدوافع الاساسية من وراء الحديث عن اجراء اصلاحات داخلية ؟ وحسب وجهة نظركم أين موقع الانتفاضة الشعبية والمقاومة من هذه الاصلاحات ؟

الواقع أن الحديث عن الإصلاحات يأتي من قبل ثلاثة أطراف لها أهداف متناقضة، فهناك مطالبة قديمة حديثة من كافة الأطر والشخصيات الوطنية والإسلامية، وهناك أوراق تعد من قبل هذه الأطر وهدفها الإصلاح الفعلي، وتعقد لذلك لقاءات شبه مستمرة بغية الوصول إلى أرضية مشتركة، ورغبة هؤلاء المشفقين على الحالة الفلسطينية تتناقض مع الرغبة الأخرى في الإصلاح والتي بادرت بها أمريكا والعدو الصهيوني، وهذا الإصلاح المطلوب أمريكيا يمكن أن نطلق عليه أي مسمى آخر إلا كلمة الإصلاح، وربما كانت أفضل كلمة تناسبه هي كلمة التخريب، لأن هدف أمريكا واليهود هو تحسين أداء السلطة في قمع المقاومة الفلسطينية وإجهاض الانتفاضة، .

أما الطرف الثالث فهو السلطة، وحديثها عن الإصلاح يأتي من باب التكتيك ليس إلا، وذلك لامتصاص غضب الجماهير، والالتفاف على دعوة الفصائل والقوى الوطنية المختلفة، وربما للتغطية على عيوب السلطة والتي تمثلت في هذه المرة بتسليم المعتقلين.

وما تسعى إليه القوى الوطنية والإسلامية من وراء الإصلاحات هو دعم انتفاضة الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة، واما ما يريده اليهود والأمريكان فهو القضاء على المقاومة وإجهاض الانتفاضة، وأما السلطة فتشعر بأن الانتفاضة على وجه العموم والمقاومة على وجه الخصوص عبئا ثقيلا يجب التخلص منه، فلا غرابة أن يكون من أهداف مطالبتها بالإصلاح لفت الأنظار عن الانتفاضة والمقاومة.

ما هو موقف حركة حماس في الاصلاح الداخلي الفلسطيني ؟

حماس تقف مع القوى الوطنية والإسلامية في إعداد ورقة سياسية لا تتناقض مع ثوابت الحركة كما وردت في ميثاقها، لأن ثوابت الحركة جزء من عقيدتها فلا يجوز المساس بها، ومن ناحية أخرى حماس لا تسعى إلى مناصب أو وزارات لأنها تدرك أننا لا زلنا في معركة التحرر، والحديث عن مناصب ووزارات لا معنى له قبل أن يتحقق التحرر الكامل، ولقد رفضت حماس المشاركة في انتخابات المجلس التشريعي السابقة وأدرك الناس الآن أن حماس كانت على صواب في رفضها المشاركة، حيث أن الأيام قد أثبتت أن المرجعية الوحيدة التي تسير الأمور وفقها في ظل السلطة هي أوسلو.

لماذا التركيز على اجراء تغييرات سريعة في جهازي السلطة الفلسطينية التنفيذي والامني الآن ، ألم يكن هذا التغيير مطلوب في السابق ، ام ان هناك مشاريع سياسية منوي تنفيذها ؟

الدعوة إلى التغيير من قبل القوى الوطنية والإسلامية دعوة قديمة، ولقد أخذت بعدا كبيرا في الماضى عندما هدد المجلس التشريعي بحجب الثقة عن الوزارة، ولكن سرعان ما عولج الأمر بزيادة عدد الوزراء، وجميع من أضيف إلى الوزارة تقريبا كانوا من المجلس التشريعي، فتبين أن الزوبعة كانت في فنجان، واليوم في ظل الفشل المتكرر لأداء السلطة الفلسطينية والذي يواجه باحتجاج شديد من قبل الشارع الفلسطيني تثار عملية الاصلاحات من جديد، وأقول ربما تثيرها السلطة للتغطية على ما يجري، ولا أشك أن التغيير الذي تريده أمريكا هو التغيير الذي يريده شارون وله أهداف خبيثة قد تتمخض عن مشاريع سياسية تصفوية للقضية الفلسطينية بل وللوجود الفلسطيني.

هناك من يطرح أن مشكلتنا في فساد بطانه الرئيس فهل هذا يعفي عرفات من المسؤولية عن الفساد؟؟

هذه المقولة ليست مقصورة علينا في فلسطين، ولكنها نغمة توحد العالم العربي من المحيط إلى الخليج إلا ما ندر، ويمكن أن نقول بأنها العنصر الأبرز الذي يعبر عن وحدتنا العربية، ولكن كيف يمكننا أن نفهم أن الذين حول الرئيس دائما من الخاطئين؟

ولماذا يقبل الرؤساء بذلك؟ ولماذا لا نرى هذه الظاهرة إلا في عالمنا العربي؟

وكيف يقبل الرئيس أن يتخذ قرارات خاطئة تمس المصلحة الوطنية بسبب من حوله؟ وهل غاب عن الرئيس أنه المسؤول الأول والأخير عن كل ما يدور؟ ألم يقل عمر رضي الله عنه " لو عثرت بغلة في العراق لسئل عنها عمر يوم القيامة لم تمهد لها الطريق"؟

ولذلك أقول أن الخلاف الحقيقي ليس على الذين حول الرئيس فقط، ولكن على اتفاقية أوسلو وعلى كل من يؤمن بها، وكل من يؤمن بأوسلو لا يصلح لأن يكون بديلا إصلاحيا لمن هم حول الرئيس الآن، لأنهم لن يكونوا إلا نسخة طبق الأصل لمن هم حول الرئيس ونطالب بتغييرهم.

د.عبد العزيز الرنتيسي هناك دعوات لوضع برنامج سياسي يتلائم مع المرحلة الحالية ، كيف تنظر إلى تلك الدعوات ؟

أنا لست من عشاق هذه المصطلحات التي تبعدنا أحيانا عن حقيقة ما يجري، وتصرفنا دائما عن أهدافنا، فترانا نتخبط تحت ركام هذه المصطلحات فنفقد البوصلة ونضل الطريق، فالواقع يقول أننا بحاجة إلى برنامج سياسي ثابت يتلاءم مع حقوقنا المشروعة، وبالتالي سيكون صالحا لكل المراحل، فلا ينبغي أن يكون لكل مرحلة برنامج سياسي، ولكننا بحاجة أن نطور خططنا لتلائم المستجدات، ولذلك لا أدري ما هي سمات المرحلة الحالية من وجهة نظر أصحاب هذه الدعوات اللهم إلا إن كانوا سيقولون لنا بأن أمريكا بعد الحادي عشر من سبتمبر غير أمريكا قبل هذا التاريخ، .

وهذا وهم كبير وخطأ فادح وفاضح، فأمريكا هي أمريكا المعادية لأماني وطموحات شعبنا في التحرر وستبقى كذلك، والحركات المجاهدة في فلسطين كانت ولا زالت إرهابة من وجهة النظر الأمريكية ولن تتغير هذه النظرة في المستقبل أيضا، والاحتلال كما هو يمارس أبشع صور العدوان ضد شعبنا ويواصل احتلاله للوطن وتدنيسه للمقدسات، ولا زال مشروعنا الوطني في المربع الأول إن لم يتراجع كثيرا، فلا أدري ما هي المستجدات التي تجعل لهذه المرحلة سمات تميزها، ولكن هناك من يبحث عن مبررات لإقناع نفسه بإن الشعور بالانهزام الذي يسيطر عليه إنما له ما يبرره.

إنتفاضة الأقصى؟؟

ما هي آثار انتفاضة الاقصى وهل يمكن استثمار نتائجها في تحقيق مكاسب على الارض لصالح القضية الفلسطينية ؟

بكل تأكيد، لقد ولدت الانتفاضة قناعات جديدة لدى كثير من دول العالم، خاصة تلك الدول التي حاولت أن تتجاهل لا أقول حقوق الشعب الفلسطيني، ولكن حاولت أن تتجاهل وجوده كشعب له حقوق، بل ولدت قناعات جديدة لدى الصهاينة المغتصبين ل فلسطين أن استقرارهم في فلسطين ضرب من المحال، وأن القوة الغاشمة لا يمكنها أن تحسم الصراع، وأثبتت هذه الانتفاضة أن إرادة الشعوب أقوى من الآلة العسكرية، ومما لا شك فيه أن هناك قناعات جديدة لدى دول العالم أن القفز عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني غير ممكن على الإطلاق، .

وهناك قناعات لديهم أيضا أن الشعوب العربية والإسلامية باتت تشكل عمقا حقيقيا للانتفاضة الفلسطينية، وبات لديهم قناعات راسخة أن استمرار الانتفاضة يمكن أن يحدث تغييرا جذريا على الخارطة السياسية في العالم، وذلك لأن الانتفاضة باستمرارها قد تحدث تغييرا سياسيا على الخارطة العربية والإسلامية، مما سيكون له انعكاساته على الساحة الدولية، وأما استثمار ذلك لصالح القضية الفلسطينية والوضع العربي فلا أعتقد أنه يمكن أن يحدث في ظل القيادات الحالية.

ثمانية عشر شهرا ، مضت على انتفاضة الأقصى ، كيف تنظرون أليها ، وهل لا زال خياركم أن المقاومة هي فقط الطريق الوحيد لتحرير فلسطين ؟ .

الانتفاضة الفلسطينية تمثل في حقيقتها إرادة شعب يرفض ذل الاحتلال، ويصر على تحرير وطنه مهما عظمت التكاليف وبلغت التضحيات، ولقد تكسرت على صخرة هذه الإرادة الفولاذية على مدى ثمانية عشر شهرا من المواجهة كل المحاولات المحمومة لاحتواء الانتفاضة والالتفاف عليها بهدف تجاوزها أو القفز عنها، ومن هنا فقد فرضت إرادة الشعب الفلسطيني معادلة جديدة على الساحة الدولية تقول بأن الانتفاضة والمقاومة ستستمران ما استمر الاحتلال، وقد احتلت هذه المعادلة مكانها في أذهان كل المهتمين والمتابعين للحالة الفلسطينية من شرق وغرب، حتى غدت مسلمة تفرض نفسها عند التطلع لوضع الحلول للقضية الفلسطينية.

ولما كانت المفاوضات العقيمة مع العدو الصهيوني أحد أهم الأسباب في ترسيخ الاحتلال، وتثبيت أركانه، وإضفاء الشرعية عليه، وتوفير الأجواء الملائمة لاستمرار عدوانه على شعبنا،

من تمدد استيطاني كبير، وتهويد للقدس والمقدسات، وخلق وقائع جديدة على الأرض أدت إلى تقطيع أوصال الشعب الفلسطيني، ومحاصرته في كانتونات صغيرة، ناهيك عما تمخضت عنه المفاوضات من تعاون أمني، أهم أهدافه أن تصبح السلطة أداة قمع في يد العدو الصهيوني يستخدمها لملاحقة الشرفاء من أبناء شعبنا المجاهد، مما يعني توفير الأمن والاستقرار للصهاينة الغاصبين، وما تمخضت عنه أوسلو من تمزيق للصف الفلسطيني ووضعه على حافة الحرب الأهلية لولا فضل الله أولا ثم حكمة المخلصين والشرفاء من أبناء هذا الشعب.

من هنا ندرك أن أهم إنجازات الانتفاضة بلا منازع كانت وقف التداعيات الناجمة عن المفوضات، وخلق رأيا عاما شعبيا واعيا لمخاطرها على مستقبل القضية، فلولا الانتفاضة لقضت المفاوضات قضاء مبرما على كافة حقوق الشعب الفلسطيني في العودة إلى وطنه الذي أخرج منه ظلما وعدوانا، ولولا الانتفاضة لتمكن العدو من تهديد الوجود الفلسطيني في الضفة والقطاع،

مما يمكنه من تصفية القضية برمتها لصالحه. كما أن من إنجازات الانتفاضة تلك النقلة النوعية التي أحدثتها في وجدان الشعب الفلسطيني، حيث أن التعبئة الإعلامية وغيرها لصالح المفاوضات كادت أن تقتل فيه روح الجهاد وحب الشهادة، وكادت أن تسلخه عن انتمائه لوطنه الذي أخرج منه بقوة السلاح، وما من شك أن هذه التعبئة الجهادية قد شقت طريقها في كل من الشارع العربي والإسلامي، مما سيكون له عظيم الأثر في صياغة مستقبل هذه الأمة على أسس جديدة من العزة والكرامة.

ومن جهتنا نؤمن إيمانا قاطعا أن المقاومة هي الخيار الوحيد أمام شعبنا الفلسطيني، ونحن أصحاب حق يجب أن يحق واليهود على باطل يجب أن يُبطل، والله سبحانه يقول "وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم والله يريد أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين * ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون".

هناك بعض الشخصيات في السلطة الفلسطينية تحاول ان تقول بان الانتفاضة والمقاومة هي التي الحقت بالشعب الفلسطيني الدمار الهائل الذي ارتكبته اسرائيل ؟

هذه الشخصيات شخصيات معزولة ليس لها وزن في الشارع الفلسطيني، ولها مصالحها الشخصية التي تتضرر من استمرار الانتفاضة والمقاومة، وتشهيرها بالانتفاضة والمقاومة يسهل عليها كثير من معاملاتها الخاصة، وهي لا تستطيع أن تقدم لنا البديل الذي يمكن أن يحرر الأرض والمقدسات ويحمي الشعب الفلسطيني من مجازر اليهود، بل بادعاءاتها هذه إنما تشجع العدو على مواصلة التنكر للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، كما وتبرر له مواصلة عدوانه، خاصة أن هذه الفئة تتهم مقاومة شعبنا المشروعة ضد جنود الاحتياط الذين ذبحوا أهلنا في جنين، وضد الغاصبين من اليهود الذين تركوا أوطانهم واغتصبوا فلسطين، .

وجعلونا نعيش ذل الغربة على مدى ما يزيد عن نصف قرن، وضد الجنود النظاميين من القتلة المجرمين، معتبرين تصدينا لهؤلاء القتلة إرهابا، ليحكموا بذلك على نضال شعبنا الفلسطيني على مدى قرن من الزمان أنه لم يكن مشروعا، هؤلاء وأمثالهم على مدى التاريخ كانوا عقبة في وجه التحرر من الاحتلال، ولكنها عقبة صغيرة هامشية لن تعيق المسيرة بإذن الله.

الاعتقال السياسي؟؟

الموقف من الاعتقال السياسي وتأثيره على وحدة الشعب الفلسطيني ؟؟

الاعتقال السياسي يجب أن يكون محرما سواء كان هناك تصعيد صهيوني أو لم يكن، فحرية الإنسان هي أغلى ما يملك بعد حياته، وكرامة الإنسان يجب ألا تمس، وما يسمى بالاعتقال السياسي في فلسطين له طعم مختلف عن الاعتقال السياسي في غيرها، فنحن في مرحلة تحرر، وعادة ما يكون الاعتقال بسبب مقاومة الاحتلال وليس بسبب الخلاف السياسي بين السلطة والمعارضة، والشعب الفلسطيني هو في أمس الحاجة للوحدة، ووحدته تعتبر أهم عوامل صموده وقدرته على مواجهة التحديات، فإذا كان العدو متنكر لكافة حقوقنا فعلينا أن نواجهه بكل ما نملك من قوة وعلى رأسها مواصلة المقاومة ورص الصفوف، والاعتقال السياسي مدمر للاثنتين، فلا خيار إذن إلا أن نوقف الاعتقال السياسي ونواجه المرحلة بصف مقاوم موحد.

وأقول هنا أن ما يسمى بالاعتقال السياسي في فلسطين له طعم آخر يختلف عن الاعتقال السياسي في أي مكان في العالم والسبب في ذلك أن التهمة الموجهة للمعتقلين مقاومة الاحتلال وليس مخالفة النظام، والقوانين لا تسمح بهذا الاعتقال ولكن اتفاق أوسلو ألزم السلطة بممارسة هذه الاعتقالات، ويعتبر ما يسمى بالاعتقال السياسي من أخطر العوامل على وحدتنا الوطنية، ومن أسوأ العقبات التي تعرقل مقاومة الاحتلال، فأي مقاوم فلسطيني يقوم بعمل ضد الاحتلال يصبح ملاحقا من قبل السلطة مما يعيق حركته ويشل قدرته على مواصلة العمل المقاوم.

حكام العرب؟؟

هل تعتقدون انه آن الاوان امام الشعوب للقيام بخطوة جريئة لاستبدال الحكام و الاطاحة بهم باعتبار انهم العقبة الرئيسة امام تحرر فلسطين و تقدم الشعوب العربية نفسها ؟

هناك غليان واضح في الشارع العربي، وفي كل يوم تزداد القناعة لدى الشعوب بعجز الأنظمة التي تقودها، كما أن الشعور بالإهانة لدى هذه الشعوب يلعب دورا هاما كقوة دافعة لها كي تسعى إلى تغيير هذا الواقع، والناظر اليوم إلى الخارطة العربية يجد أن الهوة باتت سحيقة بين أنظمة متهمة، تعتمد في بقائها على القمع وليس على الإقناع، وشعوب ملتهبة فقدت الثقة بقياداتها، وهذا يعني أننا على فوهة بركان سياسي سيقودنا حتما إلى التغيير، ونحن على ثقة أن الشعوب إذا أثبتت وجودها في وجه الأنظمة وثبتت رغم القمع المتوقع، فإن الجيوش العربية الممرغة كرامتها في التراب ستنحاز إلى الشعوب، ولكن على الحركات المخلصة أن تأخذ دورها في توجيه الشعوب من جانب، وسد الثغرات التي يمكن أن ينفذ منها صنائع أمريكية أو حتى صهيونية تعيد الشعوب إلى حقبة جديدة من المعانات والألم.

من هم الارهابيون؟؟؟

كلمة الارهاب بدأت تأخد طريقها نحو توصيف عمل المقاومة الفلسطينية … من هو الارهابي من وجهة نظرك وهل تعتقد بامكانية ان تقود الولايات المتحدة الامريكية الجانبين الصهيوني والفلسطيني نحو اتفاق سلام ينهي الصراع بين الجانبين؟؟

يقول الحق تبارك وتعالى ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) من وجهة نظرى أن الأول في هذه الآية إرهابي لأنه اعتدى على أبرياء، وأما الثاني فهو مقاوم شريف لأنه قاوم أشرارا معتدين ولم يعودوا أبرياء، وقياسا على ذلك فالإرهابي هو ذلك اليهودي القادم من دول شتى ليغتصب أرضنا ويرتكب أبشع المجازر ضد شعبنا الأعزل، وما نقوم به نحن فهي مقاومة مشروعة للمفسدين المعتدين من اليهود.

وأما السؤال الثاني فيجب ألا يغيب عنا أن عداء أمريكا لشعبنا الفلسطيني وحقوقنا المشروعة كما أن عداءها للإسلام لا يقل بحال عن عداء اليهود المفسدين في الأرض لنا ولعقيدتنا، إذن فأمريكا خصم، وهل يجوز للخصم أن يكون حكما؟

هذا أمر مستحيل، وقد أثبتت الوقائع على الأرض صدق ذلك، فأمريكا تبارك وتتفهم المذابح التي يقوم بها اليهود ضد شعبنا الأعزل، وتشجب وتدين مقاومتنا للعدوان الصهيوني ودفاعنا عن أنفسنا، أمريكا تقدم للعدو الصهيوني كل أشكال الدعم العسكري والاقتصادي والإعلامي والدبلوماسي والأمني والمعنوي، وأمريكا توفر الغطاء لكل جرائم اليهود في فلسطين، وأمريكا تسعى دائما لإنقاذ العدو إذا ما كان في مأزق، ولذا نقول بوضوح أن أمريكا لا يمكنها أن تقود إلى حل.

ثم علينا ألا يغيب عنا أن الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والإسلامية لا يمكن أن تقبل بنهاية الصراع على حساب الحقوق التاريخية للفلسطينيين في وطنهم كاملة غير منقوصة ولذا فالصراع لن يتوقف.

موقفكم من وصف العالم اليوم للمقاومة الفلسطينية على أنها إرهاب؟ وهل ترى حماس في هذا الموقف خطرا على الانتفاضة الفلسطينية؟

يقول الحق تبارك وتعالى " ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم"، فنحن لا نكترث بهذه الأوصاف، لأنهم ليسوا أهلا للشهادة ليعطوا الفرصة بالحكم على جهادنا هذا من جانب، ومن جانب آخر فهم لا يخفون دعمهم لأعدائنا، مما يجعلهم في صف العدو، ومن العدو لا أتوقع المديح والثناء، نحن كمسلمين أصحاب التقييم العادل، ونحن نقول بأن ما يقوم به اليهود هو الإرهاب بعينه، ولما كانت أمريكا هي أكبر دولة داعمة لليهود المفسدين في الأرض فهي في تقييمنا أكبر دولة داعمة للإرهاب، ربما لا يؤثر في أمريكا تقييمنا هذا لها الآن، ولكن سيكون له أثره ولو بعد حين بإذن الله تعالى.

البعض من أبناء جلدتنا يصرح بأن العمليات الإستشهادية عمليات ارهابية وبأنها عمليات انتحار وإلقاء في التهلكة ما موقفكم من تلك التصريحات ؟

جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله الرجل يقاتل حمية ويقاتل شجاعة ويقاتل رياء فأي ذلك في سبيل الله قال ( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله )، فمن فجر نفسه لينهي حياته لأنه ضاق بالحياة ذرعا فهو انتحار، ومن فجر نفسه في أعداء الله لتكون كلمة الله هي العليا فهي قمة الشهادة، ولقد أثبتت الأيام أن أكثر الناس استعدادا للعمليات الإستشهادية هم أكثر الشباب ورعا وإيمانا وتقوى، ثم كلنا يذكر قصة غلام أصحاب الأخدود الذي دل الملك على مقتله ليقول الناس آمنا برب الغلام، وماذا نقول للصحابي الجليل الذي ألقى بنفسه داخل السور في حروب الردة كي يفتح باب البستان رغم السيوف التي كانت تنتظره ومن ثم فقد احتوشته، وهل بقي لأحد من قول بعد فتاوى خيرة علماء العصر وعلى رأسهم فضيلة العلامة الشيخ يوسف القرضاوي وقد اعتبروا أصحاب هذه العمليات خيرة الشهداء.

على أية حال لن تجد إنسانا واحدا سويا يطلق على هذه العمليات بأنها عمليات انتحارية، اللهم إلا إن كان عالما اجتهد فأخطأ.

القسام سيلاحقهم في كل مكان؟؟

القسام نفذت هجمات في عمق الكيان الصهيوني في اوقات حرجة.. هل تعتقد ان القسام مع غيرها من الفصائل قادرة على وقف الزحف الشاروني نحو المدن الفلسطينية

ما أعتقده أن المقاومة لا تملك من العتاد ما يمكنها به وقف الزحف، خاصة أن الصهاينة يقتحمون المدن بالدبابات وتحت غطاء من الطائرات، ولكن من الصعب على هذا الزحف أن يستقر أو يشعر بالأمن، وكذلك كل جريمة يقترفها الاحتلال سيكون ثمنها باهظا، وذلك عن طريق تنفيذ هجمات موجعة تلاحق العدو في كل مكان، فإن كنا لا نستطيع وقف زحفه فنحن على ثقة أنه لن يستطيع وقف زحفنا إلى حيث يختبئ.

ما هو المطلوب فلسطينيا من وجهة نظركم في هذه المرحلة لمواجهة أي عدوان إسرائيلي محتمل؟

المطلوب أولا أن تتوقف السلطة عن ملاحقة المجاهدين، ثم توحيد كل الطاقات المخلصة للتصدي لهذا العدوان، ثم وضع الخطط العسكرية من قبل الفصائل المقاومة بحيث تراعي أننا لا نملك جيشا نظاميا ولكننا نملك خلايا مجاهدة، وأن يكون عنوان هذه الخطط تكبيد العدو أكبر الخسائر مع الحفاظ على جسم المقاومة.

كيف تنظرون إلى التهديدات الإسرائيلية باقتحام غزة وما هي استعداداتكم لمواجهة ذلك؟

لا زلت أؤمن أن اجتياح غزة على غرار ما جرى في الضفة الغربية أمر غير وارد، ولكن ربما يتم اجتياح بعض الأحياء تحت غطاء جوي كثيف وعلى شكل غارات سريعة لتحقق أهدافا انتقائية معتمدة بذلك على العملاء، أي على المعلومات الاستخبارية، حيث أن العملاء في سينشطون في مراقبة تحرك المجاهدين، وأما استعداداتنا فتعتمد على خلايا مزودة بالأسلحة الخفيفة ولها شوق منقطع النظير إلى الشهادة، وكذلك خبرة واسعة في نصب الكمائن، وهي قادرة بإذن الله على تكبيد العدو خسائر فادحة، ولكن عليها أن تكون حذرة من طعنة غدر.

في ظل هذه الظروف والحرب المعلنة هل دعت حماس إلى تعبئة عامة في صفوف عناصرها؟

كلمة تعبئة تحتاج إلى إمكانات هائلة لتسليح كل أبناء الحركة وهذا يحتاج إلى ميزانية دولة، ولكن حماس توظف كل إمكاناتها القتالية في هذه المعركة المصيرية، فكل البنادق المتوفرة مسخرة، والاستشهاديون يتنافسون على الشهادة، والحراسة الليلية والكمائن للعدو على أفضل ما يكون مما يوفر الأمن لأهلنا في المخيمات والقرى والمدن، والتعبئة الروحية عالية جدا، والإرادة قوية، والتنسيق مع إخواننا يجري على قدم وساق، ثم التوكل على الله على أشده، وهذه كلها تشكل تعبئة عامة تشمل جميع أفراد الحركة وقياداتها.

دعوتكم للجماهير العربية والإسلامية؟

نحن على ثقة بأن أمة العرب تملك إمكانات هائلة لو وظفت لتحرير فلسطين لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم، ولكن الأنظمة باتت عاجزة ومشلولة وليست قادرة على توظيف هذه الإمكانات مما يفقدها مبرر وجودها، ومن هنا يأتي دور الجماهير التي تدرك قدرات الأمة الاقتصادية والبشرية والعسكرية والجغرافية والأمنية والعقائدية، ولا ترى استثمارا لها في معركة أقل ما يقال فيها أنها معركة كرامة ومصير، ولذا نرى أن على الجماهير أن تخرج عن صمتها وأن تعبر عن إرادتها ولو دفعت ثمنا لذلك، فهي إن فعلت ستساهم في استنهاض الأمة لتأخذ دورها الطبيعي في رسم السياسة الدولية، ورفع الظلم الواقع على أبنائها في كل مكان خاصة في فلسطين، وهذا هدف يستحق أن ندفع ثمنا من أجله، وكذلك بتحركها تحدث تخوف غربي على مصالحه مما يضطره على الأقل إلى التوقف عن دعمه للإرهاب والإفساد اليهودي.

الفجر القادم

هل من كلمة أخيرة يوجهها الدكتور عبد العزيز الرنتيسي عبر موقعنا توضح فيها لشعبنا الفلسطيني وللامة العربية والاسلامية وللعالم ملامح الطريق التي تراها في الافق ؟

أقول أن ملامح عهد جديد بدأت تلوح في الأفق، عهد تتبلور فيه قسمات فجر مشرق مستبشر، عهد ترتسم فيه معالم الطريق في واقعنا الفلسطيني والعربي والإسلامي يقودنا إلى جذورنا حيث الحضارة والمجد والكرامة، عهد التمرد على حقبة الاستخذاء والذلة والهوان، عهد الانفلات من واقع الهزيمة والتخلف والتبعية والذيلية، عهد الثورة على تبجح الخيانة واستعلاء الرويبضة وعربدة الفساد. لا أقول ذلك من باب التمني ولا أوهام أحلام اليقظة، ولكن كل ما يدور حولنا يبشر بذلك.

فها هم عشاق الشهادة يضعون حدا لزمن الغثائية والوهن، وقد نبذت قلوبهم حب الدنيا، وغدا الموت المخضب بالدم أمنية وأنشودة الخلود يرددون فإما حياة تسر الصديق وإما ممات يغيظ العدا

وها هم المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها يضعون الأفكار المستوردة في قفص الاتهام ، حتى بات أصحاب الأفكار الممهورة بتوقيع الاستعمار يتوارون عن الأنظار ، أو يتمسحون بالإسلام أملا في الهروب من دائرة الرجم بالعمالة ، أدرك المسلمون أن من أعلن الحرب على الله لا يمكن أن يحرز نصرا ، فكيف يجري الله النصر على يد مارقين ابتغوا غير الإسلام دينا " ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه " .

وها هي الأكذوبة الكبرى "عملية السلام" تلفظ أنفاسها الأخيرة وقد تهشم أنفها تحت نعال المنتفضين شيبا وشبانا وأطفالا ، وفشلت المؤامرة الصهيونية الكبرى في أن تثني الفلسطينيين عن تطلعهم إلى كل الوطن إلى يافا وحيفا وبيسان والكرمل ، وتركت دعاة ما يسمى بالسلام زورا وبهتانا ترتعد فرائصهم فرقا ، وقد كفر عمالقة الانتفاضة بسياسة الخضوع فرددوا مع الشاعر الأبي استنكافه

قالوا الخضوع سياسة

فليبد منك لهم خضوع

وألذ من طعم الخضو

ع على فمي السم النقيع

وها هو العدو الصهيوني يتخبط وقد وقع بين فكي كماشة المقاومة الإسلامية ، فتراه يستغيث بكل أنصاره وأذنابه ليعقدوا مؤتمرا في شرم الشيخ لكسر الفك الفلسطيني فيردهم الله خائبين ، وتراه يفر مذعورا من جنوب لبنان وقد انهار جنوده أمام ضربات الفك اللبناني ، وعجز السياج اللحدي عن توفير الأمن المنشود ، فيخر صريع الرعب المزلزل على يد جند الله وتحقق قول الله عز وجل " لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله " وما هذه الشواهد إلا نزر يسير من إرهاصات لا حصر لها تبشر بالفجر القادم . ...

المصدر

للمزيد عن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة بالرنتيسي

مقالات بقلم الرنتيسي

تابع مقالات بقلم الرنتيسي

.

حوارات مع الرنتيسي

حوارات مع عائلة الرنتيسي

بيانات حول إغتيال الرنتيسي

أخبار متعلقة

تابع أخبار متعلقة

.

وصلات فيديو

.