فاطمة فضل سيد

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
السيدة فاطمة فضل سيد

بقلم: مريم السيد هنداوي

فاطمة فضل سيد .. زوجة في بيت سياسي

إن حال أمتنا ودعوتنا يعلمه القاصي والداني؛ فأصحاب الدعوات مطاردون ومعتقلون، وغيرهم من أهل الفسق والمجون في خير بلادنا يرتعون, وعلى مر الزمان والدعاة في محن وابتلاءات، فأعطوا القدوة في أنفسهم، فصبروا وثبتوا ورابطوا, وسلكوا درب الصالحين درب محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه رضوان الله عليهم أجمعين.

نلتقي لنقطف زهرة من بستان رواه الشهداء على مر العصور بدمائهم، فانبثقت زهرة من نور تملأ الدنيا بعبيرها, نلتقي مع زوجة مجاهد تكبد العناء سنين عددًا في سجون الظلم، فما زاده إلا إيمانًا، نلتقي مع السيدة الفاضلة فاطمة فضل سيد زوجة الطبيب السياسي الدكتور عصام العريان.


البداية

الأستاذ عصام العريان زوج السيدة فاطمة فضل

البداية ومنذ شهور عددا ونحن نلح على السيدة الفاضلة في الكتابة غير أنها كانت تأبى لعلة يعلمها الجميع أنها وغيرهن الكثير من زوجات الإخوان الموجودين يرفضون الكتابة عنهن، ويحتسبون دورهن لله وحده، غير أن توفيق الله كان معنا إذ وافقت هذه السيدة على لقائنا، فذهبنا إليها في منزلها الكائن في شارع خاتم المرسلين بالهرم جيزة، ومع أول خطوة نخطوها داخل المنزل وجدت سكينة وطمأنينة تتملكني بعد هيبة الموقف التي كنت أعيش فيها فالسيدة – رغم عدم معرفتي بها إلا أنها زوجة أحد قيادات الإخوان الذين لا نزكيهم على الله- رغم هيبتها إلا أنها أحن من الأم في جلستها، واستقبالها.


ذهبت إليها فأجلستني بجوارها وأخذت تذهب من رهبتي حتى إذا شعرت بالهدوء حادثتها فيما أنا قادمة إليه فضحكت، ثم وافقت على أن لا أسجل شيء إلا ما تستوعبه ذاكرتي فوافقت ولبيت طلبها، ثم دخل علينا الدكتور عصام فقوى من عزمي لتضامنه معي.


هي فاطمة فضل سيد، نشأت في بيت رجل محامي متدين، ربى أولاده على المعاني السامية والأخلاق الرفيعة، ونشأت في ظل هذه البيئة وليست وحيدة أبويها فلها من الإخوة أربعة ولها أخت واحدة وهي زوجة الدكتور عبد الناصر صقر – أحد قيادات الإخوان في محافظة الجيزة.


ولدت بمحافظة الجيزة، والتحقت بمراحل التعليم المختلفة حتى حصلت على بكالوريوس تجارة، غير أنها لم تكتف بذلك فحصلت أيضا على ليسانس أصول الدين من جامعة الأزهر(1).

زواج مبارك

كان لزواجها بالدكتور عصام قصة تدل على توفيق الله لعباده، حيث ظلت تدعوا الله أن يرزقها الزوج الصالح، واستجاب الله لدعائها، حيث أعلنت الجامعة عن رحلة عمرة عام 1977م، وكان الاشتراك فيها 50 جنيها، فسارعت أختها وأخوها محرم بالاشتراك، غير أنها لم تكن تمتلك هذا المبلغ فلجأت إلى الله تدعوه وتبكي بين يديه أن ييسر لها الخروج لهذه الرحلة، وكانت المفاجأة مع قدوم إحدى زميلتها تخبرها بأن الجامعة اختارتهما ليكونا ضمن طاقم الإشراف على رحلة العمرة، فتملكتها السعادة والسرور لهذا الفضل، وكان من ضمن المشرفات على الرحلة أيضا الدكتورة سميحة زوجة الدكتور سناء أبو زيد – عليهما رحمة الله- وأثناء تواجدهم في العمرة ظلت تدعوا الله أن يرزقها الزوج الصالح(2).


وعادوا من الرحلة، وفي هذا الأثناء كان الدكتور عصام العريان قد تخرج من كلية الطب وكان في الامتياز، وكان يبحث عن زوجة، فسأل بعض الإخوة عن عروسة، خاصة أنه لم يوفق مع اثنتين من أخوات بعض الأخوة، فسأل إخوانه فرشحوا له الأستاذة فاطمة، وتقدم لها غير أن والدها طلب منه ألف جنية مهر وخمسمائة جنيه شبكة، فقال له الدكتور أنا معي ثمانمائة جنية، فرضي الوالد بذلك وتم عقد القران في شهر مارس عام 1978م.


ولنتعرف على الدكتور العريان عن قرب هذا الرجل الذي أصبح وجها إعلاميا لجماعة الإخوان المسلمين، بل أصبح المدافع عن كينونة الجماعة عبر الفضائيات.


فهو الدكتور عصام الدين محمد حسين العريان، ولد في 28/4/1954م، بقرية ناهيا التابعة لمحافظة الجيزة، تلقى فيها تعليمه حتى حصل على بكالوريوس الطب عام 1977م، وتعرف على دعوة الإخوان فترة أن كان في الجامعة عام 1974م (3).


يعمل كطبيب، و يشغل منصب أمين صندوق نقابة الأطباء المصريين، حاصل على بكالوريوس الطب والجراحة كلية طب القصر العيني بتقدير جيد جدا، تخصص في أمراض الدم والتحاليل الطبية، وحاصل على ماجستير الباثولوجيا الإكلينيكية، وسجل لرسالة الدكتوراه في الطب بجامعة القاهرة وأعيقت بسبب الاعتقال المتكرر والتضيقات الأمنية من ناحية أخرى، حاصل على ليسانس الآداب قسم التاريخ بجامعة القاهرة 2000م، وليسانس الشريعة والقانون من جامعة الأزهر، لديه إجازة في علوم التجويد، حصل على الإجازة العالية في الشريعة الإسلامية من جامعة الأزهر.


كان مسئولا عن اتحاد الطلاب في جامعة القاهرة، وكان أمين اللجنة الثقافية باتحاد طلاب طب القاهرة خلال 1972 - 1977م.

انتخب عضوا في مجلس إدارة نقابة الأطباء منذ عام 1986 وحتى الآن، و انتخب عضوا في مجلس الشعب المصري " البرلمان " في الفصل التشريعي 1987 - 1990 عن دائرة إمبابة و كان أصغر عضو بمجلس الشعب المصري وهو المجلس الذي تم حله قبل استكمال مدته الدستورية، وهو الآن مسئول القسم السياسي لجماعة الإخوان المسلمين بمصر.


اعتقل الدكتور العريان ضمن من تم اعتقالهم عام 1981م ولم يفرج عنه إلا عام 1982م، ثم اعتقل عام 1995م وقدم للمحاكمة العسكرية هو وكوكبة من إخوانه وحكمت عليه المحكمة وبعض الإخوان بالسجن لمدة 5 سنوات، ثم أعيد اعتقاله مرة أخرى صباح الجمعة 6/5/2005م هو والأستاذ ياسر عبده "مدير بنك"، والدكتور عمرو دراج الأستاذ بجامعة القاهرة، والدكتور حمدي شاهين الأستاذ المساعد بكلية دار العلوم جامعة القاهرة، بعد اقتحام منزل العريان، ثم أفرج عنه يوم السبت 15/10/2005م.


ثم اعتقل هو والدكتورمحمد مرسي يوم 18/5/2006م، وأفرج عنهم يوم السبت الموافق 9/12/2006م، ثم اعتقل يوم 17/8/2007م، وأفرج عنه يوم الجمعة 5/10/2007م، هذا غير المنع من السفر فقد منع من السفر إلى دولة البحرين يوم الأربعاء 22/3/2006م لحضور المؤتمر العام لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم، كما منع من السفر يوم 19/12/2006م أثناء سفره لحضور المؤتمر القومي الإسلامي والذي ينعقد في العاصمة القطرية الدوحة، ومنع أيضا يوم الثلاثاء 15/5/2007م؛ حيث كان من المقرَّر له أنْ يتجه إلى العاصمة النرويجية أوسلو؛ لحضور الدورة الجديدة لمنتدى مدريد لحوار الحضارات، هذا غير المنع من السفر يوم 14/7/2007م لحضور ملتقى الدكتور القرضاوي.


كان الزواج عن طريق الدكتور سناء أبو زيد وزوجته الدكتورة سميحة- عليهما رحمة الله- حيث كان الدكتور سناء أبو زيد والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح يسبقونه بعام والدكتور حلمي الجزار أقل منه بعامين.

وكانت ثمرة هذا الزواج سارة والتي ولدت عام 1979م، ثم إبراهيم والذي حصل على كلية الطب ثم سمية ثم أسماء.

مواقف حية

تفهمت الزوجة طبيعة زوجها والوضع الذي يحياه فسخرت كل طاقتها لمعاونته على حياته الدعوية وعلى مواجهة المحن، فهو كثير التغيب إما بسبب الاعتقالات المتكررة أو اللقاءات الدعوية أو السفر، ومع ذلك فقد ربت أبناءها على حب الدعوة والعمل لها حيث أن اغلبهم يسير على خطى والدهم وسط دعوة الإخوان المسلمين، فلم تشعرهم في يوم من الأيام أن والدهم غائب.


وفي حوار معها يدل على ترسخ هذه المعاني والتي تقول فيه: «كل ما يفعله الله لنا هو خير، وكل ما يمرُّ بنا من حبس الزوج هو قدرٌ من عند الله، وهو خيرٌ، ولا بد للإنسان المؤمن أن يستسلم ويرضَى بهذا القدر، والرضا والتسليم يكون معناه عدم الشكوى أو الاستنكار لقضاء الله وقدَره، وكل ما يمرُّ من مصاعب للإنسان في السجن شيءٌ طبيعيٌّ، مثل الإنسان المريض الذي يشرب الدواء المرّ، فهو راضٍ بالمرض ولكن الدواء مرٌّ، وهناك بعض المصاعب والمتاعب التي تُقابلنا، ولكن عندما يقابل الإنسان هذه المتاعب بارتياحٍ ورضا تنقلب هذه المصاعب إلى منحةٍ وليست محنةً كما يستشعرها البعض، فأنا أستشعر رعاية الله ومعيَّة الله معنا، والحقيقية لا أستطيع أن أصف لكِ أنني مهما شكرت الله عز وجل على رحمته بنا ولطفه بنا ورعايته لنا؛ لأن الله تعالى هو أرحم الراحمين ويعوضنا كل خير».


وعن المتاعب التي تواجهها أثناء اعتقال الزوج فتقول: «المتاعب تتمثل في تحمل عبء الأولاد وحدي، فوجود الزوج يخفف عني موضوع تربية الأولاد، متاعب أخرى بسيطة تتمثل في الزيارة والانتقال، ولا تختلف متاعب الزيارة في رمضان عن غيره من الشهور، وهي في الحقيقة متاعب صغيرة لا تُذكر، خاصةً أننا اعتدنا عليها فأصبحت لا تُمثل لنا متاعب، بل أصبحت من الأمور الطبيعية، والإنسان عندما يستشعر أن وراء هذه المتاعب أجرًا من الله ورضًا من الله فالمتاعب تتحوَّل إلى أشياء مريحة».


ثم تؤكد هذا المعاني فتقول: «ولكنني أريد أن أتحدث عن وجه آخر يمكن أن يخلقه هذا التعامل الشاذ من السلطة مع مواطنيها، فالدكتور عصام قد سبق وأن اعتقل مرتين أولاها عام 1981م، وثانيها عام 1995م، فهل غيَّر هذا من مواقفنا؟! وهل أخافنا؟! أو حتى أثَّر على أولادنا.. بأن أخذوا اتجاهًا معاكسًا لهدف الهروب من قمع السلطة؟!


إن شيئًا من هذا لم يحدث، وما زلنا كما نحن، وعلى مبادئنا التي يزداد يقينُنا بها كلما رأينا وجهَ الظلم الكالح وهو يكسر أبوابنا في همجية حمقاء، ويروِّع أطفالنا بشيطانية قبيحة، ويعتقل رجالنا في غباءٍ مستحكَم، وهو يعلم أنه مهما فعل فإنَّ سلطانه قد يكون على الجسد فيعتقله.. أما العقل والقلب فهما ملك لخالقهما، لا يستطيع أحد أن يعتقلهما، وهذا هو ما لا يفهمه الذين يتعاملون بمنطق قوة العضلات والسلاح دونما إدراك أنَّ معايير القوة في العالم قد تغيرت»


وعن تعاملها مع أولادها أثناء اعتقال الوالد فتقول: «أرفض إخفاء الحقيقة، وهذا إبعاد للأبناء عن طريق أبيهم الذي من المفروض أن يؤمنوا به ويشاركوه مخاطره، وأنا أدفع بابني إلى المشاركة في المظاهرات، ولا أخاف عليه، وأدفعه إلى التعامل مع وسائل الإعلام والتواصل معهم ومراسلتهم، وأريده أن يكون فاعلاً كأبيه مؤمنًا بمبادئه، مشاركًا في صناعةِ مشروع الحرية لا منتظرًا لما سيفعله الآخرون في ذلك المجال ليكون فقط منتظرًا لمشاهده النتائج»


وتوضح الحالة الاقتصادية وأثرها على البيت أثناء تغيب الزوج، وكيف تواجهها فتقول: «الجانب الاقتصادي مهم جدًا في حياة الداعية وأسرة الداعية، وهنا أتوجه إلى الدعاة بأن يسمحوا لزوجاتهم بممارسة أعمال ما ذات عائد مادي كافٍّ حتى لو كان الزوج ميسور الحال؛ لأن قدرة الزوجة على العمل وإدخال دخل للبيت يحرر الداعية وهو في معتقله من همِّ البيت والأولاد في حالة الاعتقال، وليس المهم فقط أن تصبح الزوجة قادرة على إدخال دخل للبيت في غياب الزوج، وإنما كونها تعمل من السابق يجعلها قادرة على إدارة الحالة الاقتصادية للبيت بكفاءة أكثر ودراية أكثر دونما الاحتياج لأحد».


ويقول الدكتور عصام: إن الحاجة فاطمة دائما تركز على حب الخير وفعله والعمل مع نساء المنطقة المحيطين بها، وإعالة الفقراء، وتعليم النساء أمور دينهن.


بل قامت بخير الأدوار وقت أن كنت في المعتقل أثناء المحكمة العسكرية حيث كان الأولاد يمرون بمرحلة سنية خطيرة وهى مرحلة المراهقة فاستطاعت أن تحتويهم وتعبر بهم هذه المرحلة السنية بخير وبسلام. كما أشعر بأن أخطر دور تقوم به نحوي هو تذكيري الدائم بالإخلاص والعمل لله وتذكرني أثناء خروجي بعدم الاغترار بالفضائيات، وعدم الإكثار من الظهور، بالإضافة إلى أنها محبة للقرآن والعلم، حتى أنها ما زالت تذهب لتحفظ القرآن وتراجع حفظها في إحدى مكاتب التحفيظ».


كان ذلك نموذجا لشخصية معاصرة من الأخوات والتي تسير على خطاها كثير من الأخوات الأخريات ضربن أروع الأمثلة للمرأة الصالحة.

الهوامش

1-حوار شخصي أجريته مع الحاجة فاطمة يوم 30/4/ 2008م.

2-المصدر السابق.

3-حوار أجراه الأستاذ عبده مصطفى دسوقي مع الدكتور عصام العريان يوم 27/5/2008م.

4-موقع ويكيبيديا.

5-موقع إخوان أون لاين.

6-حوار أجرته الأستاذة تسنيم محمد لموقع إخوان أو لاين مع الحاجة فاطمة يوم 12/10/2006م.

7-حوار أجراه موقع إخوان أون لاين مع الحاجة فاطمة يوم 23/05/2005م.

8-حوار الأستاذ عبده دسوقي مع الدكتور عصام العريان.