فقهيات تربوية : الاسلام دين الفطرة 5 فطرة الواقعية في مواجهة التحديات الافتراضية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
فقهيات تربوية:الاسلام دين الفطرة 5 فطرة الواقعية في مواجهة التحديات الافتراضية

فتحي يكن

الواقعية حالة فطرية

الواقعية حالة فطرية لاينبغي تجاوزها،أو العمل على الغائها،تحت أي ظرف من الظروف أو ذريعة من الذرائع .

والواقعية يفرضها المنهج العلمي لاالوهمي أوالمزاجي والانفعالي،وهي وليدة الإدراك،وبُعد النظر، وملاحظة السنن الكونية،ومعرفة العصر، ومجريات الأحداث،فيأتي التصرف بعد ذلك،سديداً حكيماً متوازناًوموفقا.

ونضّر الله وجه من قال:{ رحم الله امرءا ً عرف زمانه واستقامت طريقته }

ومن نتائج الواقعية،قيام حالة صحية لاتفريط فيها ولا إفراط،ولا ترخص معها ولا غلو .. فلا تعثر وهلاك بسبب تنطع،ولا فشل نتيجة استعجال وتهور،وإنما نجاح وفلاح نتيجة وضع الأمور في مواضعها،ودراسة الخطى قبل خطوها،وتقليب وجهات النظر المختلفة قبل اتخاذ القرار،فضلا عن تمحيص الامور بالتشاور والحوار.

والاسلام حض على اعتماد الواقعية تفكيرا وتخطيطا وتصرفا،مما أسس لما يسمى (بفقه الواقع) وهوالفقه الذي يحض على ربط الاجتهاد بالواقع،والا كان اجتهادا خياليا لاصلة له بالمجتمع والناس،ولا يمكن أن يترك فيهم أثرا طيبا،وفي الغالب يكون ضرره أكبر من نفعه،هذا إن نتج عنه نفع ما؟

والحقيقة أن عدم الأخذ بفقه الواقع،وملاحظة فطرة الواقعية بات يشكل خطرا على المجتمعات البشرية،ولا استثني من ذلك حتى الساحة الاسلامية .

إن الكثير مما يجري هنا وهناك وهنالك باسم الاسلام وتحت عناوين ولافتات اسلامية عريضة تكون نتيجته الفشل،وقد يتسبب بالكثير من المضار والمفاسد والمآسي،فضلا عن الاساءة الى الاسلام وتشويه صورته؟


المنحى الافتراضي؟

ومن الملاحظ في هذا العصر شيوع المنحى او المنهج الافتراضي،كسبيل للهروب من الواقع،تحت ذريعة التسلية ،وحفز ملكة الخيال؟

إن الكثيرمن البرامج ـ أفلاما والعابا وأدوات ـ قد بات معظمهااسطوريا افتراضيا،ومن شأنها أن ينشيء ذهنية إفتراضية وأجيالا خرافية التفكير والتحليل والتصرف؟

في تقرير من واشنطن كتبه (كارل بيتس)وتناول فيه ما اعتبره مرض الادمان على مشاهدة الافلام والبرامج الافتراضية،جاء فيه :(يطالب العلماء،صانعي الهاب الفيديو معالجة إحدى المشاكل وتدعى "دوار العاب الفيديو" وما يصاحبه من تصبب للعرق وغثيان وضيق،ويؤدي عدم التطابق بين الواقع المعاش والواقع الافتراضي الى ارباك الذهن والعينين)ويقول البروفسور توماس فيرنس : (أن دماغ الانسان قد يتعرض للضرر إذا واصل الفرد التحول من الواقع المعاش الى الواقع الافتراضي) جريدة الشرق الاوسط 23/12/1995

إن من إحكام خلق الله تعالى للانسان،أن جعل له منافذ ذات قدرات محددة وواقعيةفي نطاق التعامل مع ما يجري حوله ويعرض له من شؤون مختلفة.

فعقله وتفكيره وبصره وسمعه كلها تخضع لبرمجة معينة،ذلك أن كل خـَـلق ميسرٌ لما خـُلق له،وكل تجاوز لهذه البرمجة من شأنه أن يُحدث خللا يصعب إدراك حجمه ونتائجه وأثاره؟وما يقع اليوم من تصرفات شاذة وغريبة ومريبة وقد لاتصدق أحيانا،هي في الحقيقة أثر من آئارالجهل أوالوهم أوالخيال وعدم الواقعية ،كائنا ما كانت ذرائعها وغاياتها؟


الخلاصة

والخلاصة .. أن البشرية اليوم منجرفة في بحر ذاخر من المخترعات والمكتشفات والتقنيات التي لاحدود لها،ولا ادراك لمضارها الفادحة ـ نفسيا وعصبيا وبدنيا ـ اللهم إلا بعد وقوع الضرر،وفوات الأوان، والسبب الرئيسي لذلك،غيبة القواعد التي يجب أن تحكم كل طاريء وجديد وأن تمحصه وتستكشف آثاره كلها،الضارة منها قبل النافعة والمفيدة،وبخاصة فيما يطرح من ثقافات وعلوم ومعارف ووسائل ايضاح وتقنيات،قد تحمل السم الزؤام للفرد والبيت والمجتمع؟

فليس كل جديد مفيد،وكل أمر يجب أن يقدر بقدره،والقاعدة الشرعية :{أن درء المفاسد يقدم على جلب المنافع } وإن الله يحب البصر النافذ عند ورود الشبهات والعقل الراجح في مواجهة المعضلات ، وصدق الله تعالى حيث يقول :{إن السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسؤولا}

السبت 30 جمادى الثانية 1423 هـ الموافق 7 ايلول 2002 م

المصدر