فلسطين أرضنا وعرضنا

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث


بقلم / د. محمد حبيب


الأخ الحبيب

في فلسطين، ومصر، والعالم العربي والإسلامي، وفي كل أرض تطؤها قدماك ... أحييك بتحية الإسلام، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... وبعد،

فأنتهز فرصة الإفراج عن الأخوات الفلسطينيات لأوجه لهنَ ولأسرهنَ ولحماس ولفصائل المقاومة وللشعب الفلسطيني خالص التهنئة، راجياً من الله تعالى أن يفرج عما قريب عن كل الأخوات الأسيرات، بل وعن الأحد عشر ألف أسير فلسطيني القابعين خلف الأسوار في سجون الإحتلال . ولن يكون هناك إحتفال حقيقي إلا يوم أن تتحرر فلسطين - كل فلسطين – من دنس الإحتلال الصهيوني ( وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ )(الروم: من الآية 4-5). وإذا كان ذلك يمثل أمراً مستحيلاً بالنسبة للبعض، حيث يصطدم بواقع أليم، إلا أنه يمثل بالنسبة لنا عقيدة صادقة وإيماناً جازماً لا تشوبه شائبة ولا تخالطه ريبة ( وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً)(الاسراء: من الآية51) .

حقاً إنً ما تمر به فلسطين من ظروف عصيبة خاصة في هذه المرحلة من تاريخ أمتنا يقطع القلوب ويفطر الأكباد، لكن أصحاب الهمم العالية و العزائم القوية لا يفقدون الأمل ولا يستسلمون لليأس ولا يكلًون عن العمل المبدع والخلاق إلى أن يمنً الله تعالى عليهم بالنصر والتمكين، إنه سبحانه ولىُ ذلك والقادر عليه . لكن وضوح الرؤية أمر مهم حتى يتبين لنا مدى التحدي الذي نواجهه، كما أن الإحاطة بكل جوانب الصورة لازم وضروري لكل العاملين في حقل هذه الدعوة كى تكون جهودهم شاملة و كاملة وغير مبتسرة فضلاً عن أن التذكير بأصل القضية من الأهمية بمكان حيث درج العدو الصهيوني من خلال سياسة فرض ألأمر الواقع على الإنتقال بنا من جريمة إلى أخرى حتى تنسى الجريمة الكبرى وهى الإحتلال .

وأستطيع أن أوجز الرؤية في النقاط التالية :

  • 1. إنً فلسطين هى أرض الرباط والجهاد، وهى أرض المحشر و المنشر ... هى مهد النبوات، وموطىء الرسالات، ومهبط الوحى، وإليها أسرى بالحبيب المصطفى (ص)، ومنها كان معراجه إلى السماوات العلا ... لأجل هذا هى في القلب، بل في أعمق أعماق القلب .
  • 2. إنً القضية الفلسطينية هى القضية المحورية والمركزية والمصيرية لأمة العرب والمسلمين، وعندها تلتقي كل الخطوط والمسارات المحلية والإقليمية والدولية . نحن نفهم ذلك من واقع التاريخ والجغرافيا، ولا نكون مبالغين إذا قلنا إن مشكلة التشرذم والقطيعة والأزمات القائمة بين بعض دولنا، فضلاً عن المشكلات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية داخل مجتمعاتنا مرتبطة بها وغير منفكة عنها، ولذا فإن السعى إلى إنهاء القطيعة وحل الأزمات وإقامة تنسيق وتكامل حقيقي بين دولنا في كل المجالات، وكذلك مقاومة الفساد والاستبداد في بلادنا غير منفصل بأى حال عن الجهاد من أجل القضية الفلسطينية .
  • 3. أصبح ثابتاً ومعروفاً أنً الغرب وعلى رأسه الإدارة الأمريكية تدعم الكيان الصهيوني إعلامياً، وسياسياً وإقتصادياً وعسكرياً كى يكون متفوقاً على الدول العربية مجتمعة، بل أكثرمن ذلك تقوم هذه الإدارة والإدارات الأخرى التي تدور في فلكها بالضغط والإبتزاز للنظم والحكومات العربية لتكون سياساتها وتوجهاتها داعمة للكيان الصهيوني.
  • 4. إنً المشروع الأمريكي الذي تسعى إليه الإدارة الأمريكية الحالية قادم في الطريق خلال أسابيع، يحمل في طياته تصفية القضية الفلسطينية لحساب العدو الصهيوني فى الجانب وإهدار كل الحقوق المشروعة لشعب فلسطين فى الجانب الآخر، على اعتبار أن الظروف الراهنة مهيأة لذلك، فالأنظمة والحكومات العربية أصبحت أكثر فشلاً وعجزاً عن القيام بأي دور، اللهم إلا الركض والهرولة نحو إسترضاء الإدارة الأمريكية من خلال البوابة الصهيونية .
  • 5. إنً على مصر دور كبير تجاه فلسطين بحكم التاريخ والجغرافيا والثقل والحجم، وإذا كانت مصر قد أبلت في الماضي بلاءً حسناً، فإن ما هو مطلوب الآن يتجاوز بكثير ما كان مطلوبا من قبل، ليس من منحة ولا منا ولكن من منطلق واجبها الأخلاقى والشرعى والقومى والإنسانى، بل والمصلحة العليا لها .
  • 6. إنً العدو الصهيوني يمثل العدو الأول، وهو الخطر الأكبر الذي يهدد أمننا القومي والعربي والإسلامي، ولن يحدث لهذه المنطقة أمن أو إستقرار أو تنمية ما لم نتخلص من هذا العدو . وهذا لا يستطيعه الشعب الفلسطيني وحده وإنما يستلزم تضافركافة الجهود وتكاتف كل القوى العربية والإسلامية .
  • 7. إنً الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع يقف كخط دفاع أول وكحائط صد في مواجهة المشروع الأمريكي الصهيوني الذي يعمل على تفكيك منطقتنا و إعادة رسم خريطتها من جديد وفق الأجندة الأمريكية الصهيونية ... هذا المشروع يستهدف هويتنا وأخلاقنا وخيراتنا وخصوصيتنا الثقافية وطمس معالم تراثنا الحضاري . لذا فإن الشعب الفلسطيني لا يجاهد لتحرير أرضه ومقدساته فحسب، ولا يدافع عن حقه في حياة حرة كريمة فقط، وإنما يدافع عن كرامة الأمة وشرفها وأمنها وإستقرارها . وبالتالي وجب على العرب والمسلمين - حكومات وشعوباً – ان يقفوا إلى جوار الشعب الفلسطيني وألا يتركوه بمفرده يحارب معركتنا وأن يدعموه سياسياً وإعلامياً وإقتصادياً وعسكريا.
  • 8. إن المبادرة العربية رُفضت من قبل العدو الصهيوني، رغم أنها تمثل إعترافاً و إقراراً للغاصب على غصبه وإحتلاله لأرض العروبة و الإسلام، الأمر الذي نرفضه جملةً وتفصيلاً . فنحن لن نعترف للعدو الصهيوني بأى شرعية مهما كانت الضغوط ومهما كانت التضحيات، ونعتقد إعتقاداً جازماً أن المقاومة هى الخيار الإستراتيجي الوحيد لتحرير الأرض وتطهير المقدسات، وأن لغة القوة هى اللغة التي يفهمها العدو الصهيوني . وإذا كانت الحرب بيننا قادمة لا محالة و العدو الغاصب يستعد لها، فمن باب أولى أن يكون أصحاب الحق المشروع أكثر إستعداداً .
  • 9. نحن أمام مشروعين ... مشروع إستسلام، ومشروع مقاومة .. وقد ثبت تاريخياً وواقعياً وعلمياً وعمليا وإستراتيجياً فشل مشروع الإستسلام، وبالتالي لم يعد هناك مناص من أن يلتف الجميع حول مشروع المقاومة . إنً مشروع الإستسلام الذي يصب في مصلحة العدو الصهيوني يتولى كبره الإدارة الأمريكية،والإتحاد الأوروبي، والكثير من الأنظمة العربية، فضلاً عن السلطة الفلسطينية بقيادة أبي مازن . هذا المشروع يستخدم كل الوسائل والأساليب للقضاء على مشروع المقاومة وحصاره وإضغاف شوكته، وما حدث من محاولة إنقلاب على شرعية حكومة إسماعيل هنية ، وحصارعلى غزة (ولا يزال)، ومحرقة غزة، وخطة دايتون في الضفة و أخيراً سعى السلطة لتأجيل التصويت على تقرير جولدستون - رغم وجود أغلبية تمكن من الموافقة عليه - استجابة للضغوط الأمريكية، وبالتالي تفويت الفرصة للملاحقة الجنائية والقانونية لمجرمي الحرب الصهاينة أمام المحاكم الدولية، كل ذلك يمثل خير شاهد ودليل .
  • 10.إنَ المحاولات الجارية والمتسارعة الآن لتهويد القدس وهدم المسجد الأقصى(أولى القبلتين وثالث الحرمين) تمثل ذروة الصراع في القضية الفلسطينية ويجب التصدي لها بما يناسبها وقبل فوات الآوان . هذا دور الأنظمة والحكومات وإلا سوف تنفجر الشعوب في وجه الجميع لأن الأمر يتعلق بأقدس المقدسات . وعلى الإدارات الغربية أن تعي وتدرك ذلك جيداً ... هى بالتأكيد سوف تمارس كل أنواع الضغط على الأنظمة والحكومات العربية والإسلامية كى تقوم بدورها في قمع الشعوب، لكن الأخيرة يمكن أن تتحرك بعيداً عن نطاق السيطرة ويحدث ما لا يتصوره أو يتوقعه إنسان، ولن يكون هناك أثر فاعل إلا من خلال حراك جماهيري عام مستمر وفق خطة زمنية على مستوى العالم العربي والإسلامي، فضلا عن شعوب العالم الحر، تقوده مؤسسات المجتمع المدني والقوى الحية والرموز الوطنية والقومية والإسلامية والعالمية، وذلك للضغط على الأنظمة والحكومات حتى ترتفع إلى مستوى الحدث وأملاً في أن تقوم بدورها المأمول إقليميا ودوليا دفاعاً عن الأقصى الأسير، ولينصرن الله من ينصره إنَ الله لقوى عزيز، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ)(التوبة:38)

والله من وراء القصد ...


المصدر : نافذة مصر