في كل يوم تتضح الصورة أكثر

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
في كل يوم تتضح الصورة أكثر

بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

لقد اتضح بما لا يدع مجالا للشك أن الوفاق الفلسطيني هو أكثر ما يزعج العدو الصهيوني، وأشد أشكال الوفاق إزعاجا أن يكون على خيار المقاومة، ولقد أثبتت الأيام أن خيار المقاومة هو الخيار الوحيد الذي تتعانق تحت قبته كل الرايات الفلسطينية على اختلاف ألوانها، ومن هذا المنطلق كان وقع العملية الاستشهادية الأخيرة التي نفذتها كتائب شهداء الأقصى في مدينة القدس المغتصبة شديدا على قادة العصابات الصهيونية وعلى رأسهم الإرهابي شارون، ففضلا عن كونها قد سفهت أحلام شارون -

رغم ما يتمتع به هذا النازي من عقلية إرهابية قل أن تجد لها نظيرا في التاريخ - في الحصول على الأمن الذي وعد به ناخبيه من الصهاينة، وعن كونها شكلت صفعة قوية للأجهزة الأمنية الصهيونية التي اتخذت من الإجراءات ما ظنت معه أن المقاومة الفلسطينية ستقف عاجزة مشلولة أمامها، وعن كونها قد وضعت شارون في قفص الاتهام لا على أنه لص كبير ولكن على أنه أكثر من جلب الدمار والموت لشعبه من بين قادة العصابات الصهيونية.

ففضلا عن كل ذلك كان لهذه العملية من عوامل التأثير على شارون وعصابته ما ضاعف من وقعها الشديد عليهم، فقد أكدت هذه العملية أن الغالبية الساحقة في الشارع الفلسطيني مع خيار المقاومة على وجه العموم وخاصة العمليات الاستشهادية في عمق العدو، وهذا يعني أنه لم تعد إلا قلة قليلة تؤمن بجدوى خيار المفاوضات مع العدو الصهيوني، وهذا يعني أن محاولات شارون في البحث عن فلسطيني يخترق كل الثوابت الوطنية كي يساعده في تحقيق المخطط الصهيوني قد أصبحت صعبة المنال.

كما أن هذه العملية قد أكدت أن الكل الفلسطيني موحد في خندق المقاومة، بل ومتفق على أن المذابح الصهيونية، والممارسات النازية الإرهابية التي يمارسها الصهاينة القتلة ضد أبناء شعبنا يجب أن تواجه بسلاح العمليات الاستشهادية الرادع داخل فلسطين المحتلة منذ عام 48.

كما أن هذه العملية البطولية كانت لكتائب شهداء الأقصى وهذا ربما أكثر ما أذهل الصهاينة، فقد كانوا يريدونها مادة تحريضية يحرضون من خلالها السلطة الفلسطينية على حماس فصعقهم إعلان التبني الواضح من قبل كتائب شهداء الأقصى والمشفع بالصوت والصورة، ولا أبالغ إن قلت أن هذا الإعلان كان له وقع الصاعقة على رؤوسهم.

ولذلك نراهم رغم تفرد كتائب شهداء الأقصى بهذه العملية البطولية إلا أنهم يحاولون بطريقة خبيثة أن يدسوا أنف حركة حماس في عملية لا أنف لحماس فيها ليواصل أسلوبهم الخبيث في تحريض السلطة على حركة حماس، فانظر إلى إبداع العقلية الصهيونية اليهودية "الشاسية" فيما كتبه الكاتب الصهيوني صاحب العلاقة المباشرة مع جهاز المخابرات الصهيونية "زئيف شيف" في مقال له نشرته صحيفة هآرتس "العملية الانتحارية في الباص في القدس أمس، مثلما هو الانفجار السابق قبل نحو شهر، يفيدان بأنه في الأشهر الأخيرة نجحت حماس في خطوة ذكية، في التسلل إلى داخل الذراع العسكري لفتح"،

ثم يضيف قائلا "وكان تم اختيار منطقة بيت لحم، التي اعتبرت في الماضي قاطعا هادئا نسبيا، من قبل حماس. ففي بيت لحم كانت إسرائيل مستعدة لتسوية مع أجهزة الأمن الفلسطينية من أجل إعداد المنطقة لإخلاء الجيش (الإسرائيلي). وهذا التطور معروف جيدا سواء لعرفات أم لرئيس الوزراء الفلسطيني أبو علاء، وكلاهما يتحملان المسؤولية عما جرى. أبو علاء كان مستعدا للعمل ولكنه غير مستعد لاتخاذ خطوة دون مصادقة عرفات. ولا معنى للتنديد الذي يكرره. فهو مسؤول عما يجري مثل عرفات".

واضح أن لهذا الرجل الخبيث أهدافا يود أن يحققها من وراء هذه الأكاذيب المفضوحة، وقولنا أكاذيب لأنه لم يقدم ولو دليلا واحدا على مزاعمه، كما أن حركة حماس أكدت أنها ستواصل المقاومة فلا معنى أن تخفي بصماتها إن كان لها بصمات في هذه العملية، خاصة أنها قامت من قبل بعمليات مشتركة مع كتائب شهداء الأقصى والتي كان آخرها عملية الشهيدة ريم الرياشي ثم أعلنت بوضوح وفي بيان مشترك أن العملية مشتركة بين كتائب عز الدين القسام وكتائب شهداء الأقصى، إذن لو كان هناك دور لحماس في العملية الاستشهادية الأخيرة لأعلنت ذلك حماس وما تلبثت بذلك، ويبقى السؤال لماذا إذن هذه الأكاذيب التي أطلقها "زئيف شيف"؟

أولا :

هو يريد أن يحرض السلطة على حماس وليس على حركة فتح، لأن التحريض على فتح لن يؤدي إلى تحقيق المطلوب صهيونيا وهو اقتتال فلسطيني فلسطيني، وهذا لا يكون إلا إذا اشتبكت السلطة مع حماس لا قدر الله.

ثانيا :

هناك محاولة إحداث شرخ بين كتائب عز الدين القسام وكتائب شهداء الأقصى، فهو يتحدث عن عملية اختراق مزعومة لحركة حماس داخل الذراع العسكري لفتح وليس عن تعاون عسكري بين الجناحين، ولا يفوت هذا الخبيث أن يصف حركة حماس بالذكاء، وكأنه يقول لفتح أن حماس قامت بعمل غير نظيف في هذه الخطوة المزعومة التي لا أساس لها على أرض الواقع.

ثالثا :

نشاهد المحاولة التحريضية الكبرى للكاتب في قوله بأن حماس اختارت منطقة بيت لحم لتحول دون انسحاب قوات العدو، وبالتالي تعمدت عرقلة تسلم الأجهزة الأمنية الفلسطينية لمنطقة بيت لحم، وفي هذا القول نرى أن الكاتب رجل الأمن يتلاعب بالألفاظ ففي الوقت الذي أصبح واضحا أن العملية البطولية بكاملها قد تبنتها كتائب شهداء الأقصى التي نشرت شريطا مصورا يظهر فيه الشهيد رحمه الله وعلي جبينه الشعار يصر الكاتب على أن حماس اختارت منطقة بيت لحم، ثم بكل خبث يحاول أن يشكك في أهداف حماس من عملياتها العسكرية وكأن حماس تنفذ عملياتها ضد السلطة وليس ضد الاحتلال، وفي ذلك تحريض لا يخفى.

هذا وتكميلا للحبكة التي أطلقها زئيف وإمعانا في التضليل فقد ذكرت إذاعة العدو صباح الاثنين 23/2/2004 قائلة "إنه تقرر خلال جلسة المشاورات التي عقدها وزير الدفاع شاؤول موفاز الليلة الماضية لتقويم الأوضاع في أعقاب العملية الفدائية أمس في القدس، تكثيف النشاطات التي تستهدف ناشطي حركة حماس".

ونقول بوضوح لهؤلاء الصهاينة إن هذه الأساليب المكشوفة لن تؤدي إلا إلى مزيد من اللحمة الفلسطينية، كما أنها لن تصرف فصائل المقاومة الفلسطينية على اختلاف مشاربها عن خيار المقاومة، وعلى رأسها العمليات الاستشهادية.

ونقول لشعبنا الذي نثق بوعيه حذار من تلقف الأخبار المسمومة التي يتناقلها الإعلام الصهيوني الكاذب.

المصدر