في وداع رمضان : ( لا يا أمير الشعراء )

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
في وداع رمضان : ( لا يا أمير الشعراء )

شعر: الدكتور جابر قميحة

كتب أمير الشعراء " أحمد شوقي " قصيدة مطلعها : -

رمضان ولى هاتها يا ساقي

مشتاقة تسعى إلى مشتاق ِ

وهذه معارضة د. جابر قميحة لها :-

رمـضـانُ ودَّع وهْو في الآماق

يـا لـيـته قد دام دون فراقِ(1)

مـا كـان أقصَـرَه على أُلاَّفِه

وأحـبَّـه فـي طـاعـةِ الخلاق

زرع الـنـفـوسَ هـدايةً ومحبة

فـأتـى الـثمارَ أطايبَ الأخلاق

«اقـرأ» به نزلتْ، ففاض سناؤُها

عـطـرًا على الهضبات والآفاق

ولِـلـيـلةِ القدْر العظيمةِ فضلُها

عـن ألـفِ شـهر بالهدى الدفَّاق

فـيـهـا الملائكُ والأمينُ تنزَّلوا

حـتـى مـطـالعِ فجرِها الألاق

فـي الـعامِ يأتي مــرةً..لكنّه

فـاق الـشهورَ به على الإطلاق

شـهـرُ الـعبادةِ والتلاوةِ والتُّقَى

شـهـرُ الـزكاةِ، وطيبِ الإنفاق

لا يـا أمـير الشِّعر ما ولَّى الذي

آثـاره فـي أعـمـقِ الأعـماق

نـورٌ مـن اللهِ الـكـريمِ وحكمةٌ

عُـلـويـةُ الإيـقـاعِ والإشراق

فـالـنفسُ بالصوم الزكى تطهرتْ

مـن مـأثـم ومَـجـانةٍ وشقاقِ

لا يـا «أميرَ الشعر» ليس بمسلمٍ

مَـن صامَ في رمضانَ صومَ نفاقِ

فـإذا انـتـهـتْ أيامُه بصيامِها

نـادى وصـفَّق (هاتها يا ساقي)

(الله غـفـار الـذنـوب جميعها

إنْ كان ثَمّ من الذنوبِ بواقي)(2)

عـجبًا!! أيَضْلَع في المعاصِي آثمٌ

لـيـنـالَ مغفرةً.. بلا استحقاقِ؟

أنـسـيـتَ يومَ الهولِ يومَ حسابِه

حـينَ التفاف الساقِ فوقَ الساقِ؟

وتـرى الـمنافقَ في ثيابِ مهانةٍ

ويُـسـاقُ لـلـنيرانِ شرَّ مساقِ


لا يا «أمير الشعر» ما صام الذي

رمـضـانُـه فـي زُمْرة الفسَّاق

لا يا «أمير الشعر» ما صام الذي

مـنـع الطعام، وهمه في الساقي

من كان يهوى الخمرَ عاش أسيرَها

وكـأنـه عـبـدٌ بـلا.. إعتاق

الـصـومُ تـربيةٌ تدومُ مع التُّقَى

لـيـكونَ للأدواءِ أنجعَ راقي(3)

هـو جُـنـةٌ للنفس من شيطانِها

ومـن الصغائرِ والكبائرِ واقي(4)

الـصومُ - يا شوقي إذا لم تدْرِه

نـورٌ وتـقْوى وانبعاثٌ راقي(5)

واسـمع - أيا من أمَّروهُ بشعره

لـيـس الأمـيـرُ بمفسدِ الأذواق

إن الإمـارةَ قـدوةٌ وفـضـيـلةٌ

ونـسـيـجُـها من أكرمِ الأخلاق

والـشعرُ نبضُ القلبِ في إشراقِهِ

لا دعـوةٌ لـلـفـسقِ.. والفسَّاق

والـشـعر من روح الحقيقة ناهلٌ

ومـعـبِّـرٌ عـن طاهرِ الأشواقِ

فـإذا بَـغَـى الباغى بدتْ كلماتُه كـالـساعِرِ المتضرِم.. الحرَّاق

وإذا دعته إلى الجمـــال بواعثٌ

أزْرى على زريابَ أو إسحاقِ(6)

لـكـنه يبقى عفيفًا.. طاهرًا..

كـالـشّـهـدِ يحلو عند كلِّ مذاق

رمضانُ - يا شوقي - ربيعُ قلوبنا

فـيـها يُشيعُ أطايبَ الأعباق(7)

إن يـمْـضِ عـشنا أوفياءَ لذكِره

ويـظـلُّ فـيـنا طيّبَ الأعْراق

الهوامش:

(1) الآماق: العيون.

(2) ما بين القوسين من قصيدة شوقي

(3) راقي «من الرقية» أي معالج.

(4) جنة (بضم الجيم) وقاية وحماية. وفى الحديث النبوي «الصوم جنة».

(5) راقي: سام رفيع.

(6) زرياب وإسحاق من أشهر موسيقيي العرب.

(7) الأعباق: جمع عَبق: وهو الرائحة الطيبة.

المصدر : نافذة مصر