الفرق بين المراجعتين لصفحة: «قالب:كتاب الأسبوع»

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ٩: سطر ٩:
في نظري أن هذا الحوار يجب أن يؤدي إلى خطوات عملية حتى لا يتحول إلى جدل عقيم ولا تدخل فيه المهاترات التي تحوله عن أهدافه الجدية. وما زلت أرى أن تكن نقطة البداية هي تقرير مبدأ "سيادة الشريعة" وهو التعبير [[الإسلام]]ي عن سيادة [[القانون]] ومبدأ الشرعية وهما المبدآن المعروفان في النظم العصرية ولا يجهلهما أي دارس للقوانين أو مشتغل بالشئون السياسية أو الاجتماعية.
في نظري أن هذا الحوار يجب أن يؤدي إلى خطوات عملية حتى لا يتحول إلى جدل عقيم ولا تدخل فيه المهاترات التي تحوله عن أهدافه الجدية. وما زلت أرى أن تكن نقطة البداية هي تقرير مبدأ "سيادة الشريعة" وهو التعبير [[الإسلام]]ي عن سيادة [[القانون]] ومبدأ الشرعية وهما المبدآن المعروفان في النظم العصرية ولا يجهلهما أي دارس للقوانين أو مشتغل بالشئون السياسية أو الاجتماعية.


لقد كثر الكلام وطال فترة من الزمن في [[مصر]] وغيرها من البلاد حول "سيادة [[القانون]]" وقبل أن يستقر هذا المبدأ في العمل ويستفيد الناس من حمايته ظهر هم أن القوانين نفسها أصبحت سلاحا في يد الطغاة والمستبدين يهددون به حريات الأفراد وحقوقهم – لقد أثبتت التجارب في كثير من البلاد أن الجهة التي تصدر القوانين الوضعية لم تعد مستقرة ولا مضمونة نتيجة تعرض الدساتير ونظم الحكم إلى الانقلابات والنظم المفروضة التي تغير في القوانين وتستعملها سلاحا لفرض سيطرتها على المجتمع وأفراده ومؤسساته.............'''[[سيادة الشريعة الإسلامية في مصر|لتصفح الكتاب اضغط هنا]]'''
لقد كثر الكلام وطال فترة من الزمن في [[مصر]] وغيرها من البلاد حول "سيادة [[القانون]]" وقبل أن يستقر هذا المبدأ في العمل ويستفيد الناس من حمايته ظهر هم أن القوانين نفسها أصبحت سلاحا في يد الطغاة والمستبدين يهددون به حريات الأفراد وحقوقهم – لقد أثبتت التجارب في كثير من البلاد أن الجهة التي تصدر القوانين الوضعية لم تعد مستقرة ولا مضمونة نتيجة تعرض الدساتير ونظم الحكم إلى الانقلابات والنظم المفروضة التي تغير في القوانين وتستعملها سلاحا لفرض سيطرتها على المجتمع وأفراده ومؤسساته.
 
لذلك لا يستقر المجتمع إلا إذا زودناه بوسيلة لنزع سلاح التشريع من يد الحكام الذين تفرض الظروف، أو يفرضون أنفسهم على الشعوب في كثير من الأحيان دون علمها ودون موافقتها. ولقد أقر الدارسون والباحثون في ميادين الفقه والتشريع أن [[الإسلام]] قد سبق جميع النظم إلى حل هذه المشكلة وعلاج هذه الحالة منذ عدة قرون؛ لأنه زود أمته بأقوى سلاح لمقاومة الطغيان، حيث قامت شريعته على مصادر سماوية تسمو على كل سلطة بشرية – وينتج عن ذلك حرمان الحكام من سلطة وضع القوانين على هواهم دون الالتزام بمصادر الشريعة الإلهية الأصيلة ومبادئها السامية التي يلتزم بها الحكام كما يلتزم بها الأفراد والعامة – هذا المبدأ السامي الذي أقرته شريعتنا جعل الشعوب تعتبر أن الاحتماء بالشريعة [[الإسلام]]ية ضرورة لا بديل عنها لحماية نفسها والدفاع عن حرياتها ومقوماتها – وأصبح مطلبا ملحا للجماهير لا يستطيع أحد أن يقف في وجهه. فلا بد من الاستجابة له.
 
عندما تطالب شعوبنا بتطبيق الشريعة [[الإسلام]]ية قد يظن البعض أن الهدف من ذلك هو تطبيق الفقه [[الإسلام]]ي على علاقات الأفراد في المجتمع، سواء في النواحي المدنية أو التجارية أو الجنائية أو غيرها، ولكن هذا لا يكفي لأن الهدف الأول هو أن تلتزم الدولة نفسها بالخضوع لسيادة الشريعة وإلزام جميع من يمثلها من هيئات أو مؤسسات لسلطاتهم قبل أن يطبقوها على عامة الناس وأفراد المجتمع – وهذا المقصود الأول من مبدأ سيادة الشريعة وما يجعلها أسمى وأعلى وأقوى من سيادة [[القانون]] الذي يتكلمون عنها الآن. يريد الناس أن تسود المجتمع المبادئ والمثل والقيم والقواعد والأحكام الإلهية التي تمثلها الشريعة [[الإسلام]]ية – وأن تكون سلطات الدولة وحكوماتها أول من يخضع لذلك وتلتزم به قبل أن تفكر في إلزام الناس به.
 
هذا هو المقصود من سيادة الشريعة التي يجب أن يكون تقريرها أو الاعتراف بها أو الإجماع عليها هو الخطوة الأولى العملية والفعلية في التطبيق الجدي للشريعة [[الإسلام]]ية – وهو التطبيق الذي يشمل بعد ذلك جميع نواحي حياة المجتمع والأفراد في النواحي الاقتصادية والثقافية والاجتماعية وغيرها – وسيادة الشريعة بهذا المعنى هي التي تعطي لمبدأ الشرعية مضمونا محددا وعلميا ولا يبقى مجرد شعار يفسره كل على هواه، كما هو حادث في عالم [[القانون]] الوضعي في هذا العصر.
 
لقد أجهد علماء الفقه [[الدستور]]ي الحديث أنفسهم في ابتكار المبادئ التي توفر للأفراد ضمانات تحمي حقوقهم الشرعية وحرياتهم الشخصية من حيف ممثلي السلطة العامة والمسئولين عن تنفيذ القوانين – هذه المبادئ تعطي للمجتمع صفته الشرعية وتخضع جميع أفراده لمبدأ الشرعية – ولم يكن مبدأ سيادة [[القانون]] إلا خطوة موفقة في هذا السبيل – ولكنهم اكتشفوا أن احترام [[القانون]] قد يحصن الأفراد ضد تعسف الموظفين وممثلي الحكومة الذين يخالفون قوانين الدولة، ولكنها لا تحصنهم من تعسف الدولة نفسها إذا كانت الدولة أو حكامها – بواسطة سلطتهم التشريعية – تستعمل القوانين الوضعية وسيلة للاستبداد أو لتحقيق مصالح الفئات الحاكمة أو المسيطرة أو تنفيذ أهواء الحكام على حساب حريات الأفراد وحقوقهم.
............'''[[سيادة الشريعة الإسلامية في مصر|لتصفح الكتاب اضغط هنا]]'''


<center>'''[[:تصنيف:مكتبة الدعوة|مكتبة الموقع]]'''</center>
<center>'''[[:تصنيف:مكتبة الدعوة|مكتبة الموقع]]'''</center>

مراجعة ٠٣:٤٥، ٢٧ أبريل ٢٠١٤

مكتبة الموقع
كتاب: سيادة الشريعة الإسلامية في مصر

بقلم: د.توفيق الشاوي

لا شك في أن الحوار الدائر حول "تطبيق الشريعة الإسلامية" سوف يطول ويتشعب في جميع أنحاء العالمين العربي والإسلامي، لأنه علامة من علامات اليقظة، ومرحلة من مراحل النهضة في بلادنا لاستكمال سيادتنا التشريعية وتدعيم مقوماتنا الذاتية التي نستمدها من عقيدة الإسلام وتاريخه وحضارته وثقافته وشريعته.

في نظري أن هذا الحوار يجب أن يؤدي إلى خطوات عملية حتى لا يتحول إلى جدل عقيم ولا تدخل فيه المهاترات التي تحوله عن أهدافه الجدية. وما زلت أرى أن تكن نقطة البداية هي تقرير مبدأ "سيادة الشريعة" وهو التعبير الإسلامي عن سيادة القانون ومبدأ الشرعية وهما المبدآن المعروفان في النظم العصرية ولا يجهلهما أي دارس للقوانين أو مشتغل بالشئون السياسية أو الاجتماعية.

لقد كثر الكلام وطال فترة من الزمن في مصر وغيرها من البلاد حول "سيادة القانون" وقبل أن يستقر هذا المبدأ في العمل ويستفيد الناس من حمايته ظهر هم أن القوانين نفسها أصبحت سلاحا في يد الطغاة والمستبدين يهددون به حريات الأفراد وحقوقهم – لقد أثبتت التجارب في كثير من البلاد أن الجهة التي تصدر القوانين الوضعية لم تعد مستقرة ولا مضمونة نتيجة تعرض الدساتير ونظم الحكم إلى الانقلابات والنظم المفروضة التي تغير في القوانين وتستعملها سلاحا لفرض سيطرتها على المجتمع وأفراده ومؤسساته.

لذلك لا يستقر المجتمع إلا إذا زودناه بوسيلة لنزع سلاح التشريع من يد الحكام الذين تفرض الظروف، أو يفرضون أنفسهم على الشعوب في كثير من الأحيان دون علمها ودون موافقتها. ولقد أقر الدارسون والباحثون في ميادين الفقه والتشريع أن الإسلام قد سبق جميع النظم إلى حل هذه المشكلة وعلاج هذه الحالة منذ عدة قرون؛ لأنه زود أمته بأقوى سلاح لمقاومة الطغيان، حيث قامت شريعته على مصادر سماوية تسمو على كل سلطة بشرية – وينتج عن ذلك حرمان الحكام من سلطة وضع القوانين على هواهم دون الالتزام بمصادر الشريعة الإلهية الأصيلة ومبادئها السامية التي يلتزم بها الحكام كما يلتزم بها الأفراد والعامة – هذا المبدأ السامي الذي أقرته شريعتنا جعل الشعوب تعتبر أن الاحتماء بالشريعة الإسلامية ضرورة لا بديل عنها لحماية نفسها والدفاع عن حرياتها ومقوماتها – وأصبح مطلبا ملحا للجماهير لا يستطيع أحد أن يقف في وجهه. فلا بد من الاستجابة له.

عندما تطالب شعوبنا بتطبيق الشريعة الإسلامية قد يظن البعض أن الهدف من ذلك هو تطبيق الفقه الإسلامي على علاقات الأفراد في المجتمع، سواء في النواحي المدنية أو التجارية أو الجنائية أو غيرها، ولكن هذا لا يكفي لأن الهدف الأول هو أن تلتزم الدولة نفسها بالخضوع لسيادة الشريعة وإلزام جميع من يمثلها من هيئات أو مؤسسات لسلطاتهم قبل أن يطبقوها على عامة الناس وأفراد المجتمع – وهذا المقصود الأول من مبدأ سيادة الشريعة وما يجعلها أسمى وأعلى وأقوى من سيادة القانون الذي يتكلمون عنها الآن. يريد الناس أن تسود المجتمع المبادئ والمثل والقيم والقواعد والأحكام الإلهية التي تمثلها الشريعة الإسلامية – وأن تكون سلطات الدولة وحكوماتها أول من يخضع لذلك وتلتزم به قبل أن تفكر في إلزام الناس به.

هذا هو المقصود من سيادة الشريعة التي يجب أن يكون تقريرها أو الاعتراف بها أو الإجماع عليها هو الخطوة الأولى العملية والفعلية في التطبيق الجدي للشريعة الإسلامية – وهو التطبيق الذي يشمل بعد ذلك جميع نواحي حياة المجتمع والأفراد في النواحي الاقتصادية والثقافية والاجتماعية وغيرها – وسيادة الشريعة بهذا المعنى هي التي تعطي لمبدأ الشرعية مضمونا محددا وعلميا ولا يبقى مجرد شعار يفسره كل على هواه، كما هو حادث في عالم القانون الوضعي في هذا العصر.

لقد أجهد علماء الفقه الدستوري الحديث أنفسهم في ابتكار المبادئ التي توفر للأفراد ضمانات تحمي حقوقهم الشرعية وحرياتهم الشخصية من حيف ممثلي السلطة العامة والمسئولين عن تنفيذ القوانين – هذه المبادئ تعطي للمجتمع صفته الشرعية وتخضع جميع أفراده لمبدأ الشرعية – ولم يكن مبدأ سيادة القانون إلا خطوة موفقة في هذا السبيل – ولكنهم اكتشفوا أن احترام القانون قد يحصن الأفراد ضد تعسف الموظفين وممثلي الحكومة الذين يخالفون قوانين الدولة، ولكنها لا تحصنهم من تعسف الدولة نفسها إذا كانت الدولة أو حكامها – بواسطة سلطتهم التشريعية – تستعمل القوانين الوضعية وسيلة للاستبداد أو لتحقيق مصالح الفئات الحاكمة أو المسيطرة أو تنفيذ أهواء الحكام على حساب حريات الأفراد وحقوقهم. ............لتصفح الكتاب اضغط هنا

مكتبة الموقع