قراءة في المشهد العام (6)

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
قراءة في المشهد العام


مقدمة

2009-15-10

تقرير أسبوعي يرصد باختصار أهم التغيرات الداخلية والإقليمية والعالمية

أولاً: الشأن الداخلي

التغيرات الإقليمية وانعكاساتها على مصر

تشهد المنطقة تغيرات كثيرة من المتوقع أن تؤثر على الدور المصري الخارجي، وترتبط هذه التغيرات بالقضايا المهمة لمصر على المستوى الإقليمي، وهذه القضايا هي:

أ) تحسن العلاقات السعودية- السورية

الرئيس السوري والعاهل السعودي

بعد فترة توتر بين البلدين؛ أصبح من الواضح وجود رغبة مشتركة في تحسين العلاقات بينهما، وإزالة أو على الأقل تخفيف عوامل التوتر التي سادت تلك العلاقات في الفترة الماضية، وقد ظهر هذا التوجه في زيارات متبادلة، بدأت منذ أشهرٍ على مستوى وزراء الخارجية في البلدين، وانتهت بزيارتين رسميتين لكلٍّ من الرئيس السوري بشار الأسد والملك عبد الله.

ويعدُّ هذا التطور مهمًّا، ليس فقط لتوثيق العلاقات بين البلدين؛ ولكن لأنه أيضًا يتناول قضايا مؤثرة إقليميًّا ودوليًّا، فهو يتناول الشئون اللبنانية والتوافق حول تشكيل حكومتها؛ وذلك بالإضافةِ إلى القضية الفلسطينية والمفاوضات حولها.

ويمكن القول بأن هذا التطور وإن كان يحقق بعض المصالح المشتركة بين السعودية وسوريا، فإنه في ذات الوقت يُضعف بالضرورة دور مصر إقليميًّا، ويتضح ذلك بشكلٍ خاص على المستوى اللبناني؛ حيث ظهرت مطالبات داخلية بإبعاد مصر عن لبنان.

ب) جهود أمريكا وليبيا لتوحيد حركات دارفور

حيث أعلنت الولايات المتحدة وليبيا عن سياسة مشتركة لتوحيد حركات المعارضة في دارفور، حتى يتسنى لهما التأثير المباشر في تسوية أزمة دارفور، وتكمن أهمية هذه السياسة في أن السعي لتجميع حركات دارفور، هو الوجه الآخر لتقليل أو خفض تأثير الأطراف الأخرى، وهذا لا يقتصر على مصر فقط، ولكنه يطال أيضًا فرنسا وألمانيا، وبهذا المعنى تعد هذه السياسة سعيًا نحو تهميش الأدوار الأخرى.

وتُشكِّل هذه السياسة تحديًا للدور المصري تجاه السودان وإفريقيا؛ حيث إنه يأتي في سياق تحولات مهمة في النظام السياسي السوداني تتم دون حضور مصري ملموس؛ وذلك رغم أن هذه التحولات تتناول المسائل الأساسية لبناء الدولة ووحدتها وطبيعتها السياسية والاجتماعية، وبالضرورة علاقاتها مع الدول المجاورة التي تأتي مصر في مقدمتها.

جـ) التطورات على الساحة الفلسطينية وارتباك الدور المصري

أحمد أبو الغيط

كشفت الأيام القليلة الماضية أن السياسة المصرية تجاه الملفات الفلسطينية تعاني من الارتباك والتذبذب، ويتضح ذلك من عدة أمور، لعل أهمها تعليق وزير الخارجية (أبو الغيط) على تأجيل مناقشة تقرير (جولدستون) بأنه كان مفاجئًا وأن مصر لم تكن على علم بالتأجيل، وهذا التعليق يكشف عن أن مصر ليست على اطلاع وثيق بمجريات الملفات الفلسطينية..

وهناك أيضًا ما يشير إلى حيرة الموقف المصري في هذا الشأن، وهو ما يكشفه التعامل المصري مع ملف المصالحة الفلسطينية، في ظل أزمة ما بعد تأجيل تقرير (جولدستون)؛ حيث لم تستطع مصر تحديد موعد للتوقيع على المصالحة وتأرجح موقفها ما بين التجاوب مع حماس والرضوخ لحركة فتح ومنظمة التحرير، وقد انعكس هذا التأرجح بالخروج بصيغة توافقية ما زالت محل نظر وتطرح فيها إمكانية التوقيع المنفرد للفصائل على أن يعلن التوقيع الجماعي في وقتٍ لاحق.. إن الدلالة السياسية لهذا الواقع تشير إلى أن المشكلة الأساسية التي تواجه مصر، تتمثل في أن الفصائل الفلسطينية ليست تحت التأثير والنفوذ المصري، ولكنها تتأثر بمواقف وسياسات أخرى، إقليمية ودولية.

وخلاصة الأمر أنه لكي تتحقق للسياسة المصرية الفاعلية والتأثير، فإنه من الضروري الانخراط في مظلة إقليمية تعزز من مكانتها ودورها، وهذا ما يقتضي الخروج من حالة التوتر مع دول المنطقة، وخاصةً سوريا والسعودية وإيران وتركيا، ومن حالة الاكتفاء بترقب ومتابعة الأحداث الإقليمية فقط دون التفاعل معها.

د) الأداء العام في الخدمات والإنتاج

تشير الأوضاع العامة في مجال الخدمات والاقتصاد إلى تراجع أداء الحكومة في هذه المجالات، وهو ما قد يتسبب في حدوث أزمات اقتصادية، ليس فقط على مستوى القطاعات الاستهلاكية، ولكن أيضًا على مستوى قطاعات الإنتاج.

وإذا ما أخذنا الخدمات في قطاع التعليم كمؤشرٍ على الخدمات العامة التي تقدمها الدولة، نلاحظ أن معدلات الأداء تعد متدنيةً إلى حدٍّ بعيد؛ وذلك ليس فقط من وجهة سياسة التعليم والمناهج، ولكن من وجهة تلبية المؤسسات التعليمية لحاجات الطلاب من فصول دراسية وخدمات تعليمية، هذا فضلاً عن أن تطورات "إنفلونزا الخنازير" كشفت هشاشة المؤسسات في التعامل مع الحالات أو الأزمات الطارئة.

وعلى مستوى القطاع الزراعي باعتباره أحد القطاعات الإنتاجية، فإن السياسة الزراعية، سوف تؤدي في المدى القصير إلى تراجع شديد في الإنتاج المحلي من المحاصيل الغذائية، وخاصةً القمح والأرز وقصب السكر والقطن، وهذا ما يرجع إلى توجه الدولة نحو استيراد هذه السلع ومنع تصديرها بشكلٍ يُقلل القدرة التنافسية سواء للمزارعين أو للمساحات الصغيرة، وهو ما يؤدي لانصراف المزارعين عن زراعة محاصيل أخرى لا تسد الفجوة الغذائية التي تشكل عبئًا على استقلال القرار السياسي ومحدودية الاحتياطي الإستراتيجي من هذه السلع.

ونظرًا للأهمية الإستراتيجية لهذه السلع، يمكن القول إن اتجاه الدولة لتقليص مساحات الأرز وقصب السكر بحجة توفير المياه سوف يؤدي إلى زيادة الواردات، كما هو في ذات الوقت هروب من واقع السياسة المائية التي تعاني من هدر شديد في الموارد المائية نتيجة تدهور أوضاع نهر النيل وتحيزها نحو ري المشروعات الجديدة والزراعات الواسعة.

إن استمرار هذه السياسة سوف تؤدي إلى تضاعف إنفاق الأفراد على التعليم والتوسع في استيراد السلع الأساسية، وهو ما يؤدي لتزايد الفقر والبطالة وارتفاع الأسعار.

ثانيًا: الشأن الإقليمي

الخلافات بين الفلسطينيين حول تقرير "جولدستون" والمصالحة الوطنية

ما زالت تداعيات تأجيل مناقشة تقرير "جولدستون" في الأمم المتحدة تتوالى على الساحة الفلسطينية، وبشكلٍ يكشف عن تباعد المواقف إزاء مفاوضات المصالحة والحوار الوطني الفلسطيني، وبالتالي استمرار العجز في مواجهة الصهاينة.

فمن ناحية السلطة الفلسطينية وحركة فتح، فإنه رُغم التصحيحات المحدودة للمواقف السلبية للسلطة الفلسطينية وحركة فتح بالنسبة لتقرير "جولدستون" فإن كلمة "محمود عباس" رئيس السلطة الفلسطينية ورئيس اللجنة المركزية لحركة فتح ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، تكشف عن عمق خلافاته مع حركة حماس، وبشكلٍ يكشف عن محدودية الأرضية المشتركة بين الحركتين لتكون قاعدةً للعمل الوطني المشترك.

فقد أشار أبو مازن إلى حركة حماس كحركة "ظلامية"، وهو تعبير أقل ما يوصف به أنه عدائي، وهو ما يؤكد موقفه السلبي تجاه المصالحة الوطنية، وخاصةً فيما يتعلق بإعادة بناء حركة التحرر الوطني الفلسطينية بإصلاح منظمة التحرير وتوسيع الخيارات لإحياء النضال والمقاومة والمضي قدمًا باتجاه بناء مؤسسات فلسطينية قوية ومستقلة قادرة على مواجهة الصهاينة واسترداد الحقوق الفلسطينية الضائعة، وخاصةً في ظل الدعم الأمريكي والدولي غير المحدود لمواقف الصهاينة العدوانية الإجرامية.

وفي هذا السياق فإن إصرارَ حركة فتح ومنظمة التحرير على عدم تأجيل التوقيع على الورقة المصرية للمصالحة الفلسطينية يعد مراوغةً مكشوفةً؛ حيث إن إبرام هذه المصالحة في ظل إهدار الحقوق الفلسطينية وعدم وضوح معايير محاسبة المتسببين في إهدارها، لا ينهي أسباب الخلاف بين الفصائل الفلسطينية، فضلاً عن أنه يزيد من المشكلات والأزمات؛ الأمر الذي يصبُّ بالضرورة في مصلحة الصهاينة.

ريتشارد جولدستون

ومن جهتها ترى حركة حماس أن تورط السلطة في تأجيل مناقشة تقرير (جولدستون) لا يوفر ظروفًا ملائمةً لإبرام المصالحة الفلسطينية؛ ولذلك حرصت (حماس) في لقائها مع الجانب المصري في أوائل أكتوبر 2009 م، على تأكيد أنها ليست ضد إتمام المصالحة غير أن الظروف الحالية لا تشجع على الإعلان عن الاتفاق مع حركة فتح، وهذا ما يقتضي تأجيل التوقيع لوقتٍ لاحق.

كما أعلنت حركة حماس أن معالجة الأزمة الحالية يتطلب الدخول في فترة انتقالية تتشكل فيها قيادة بديلة تقودها اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وينضم إليها أمناء الفصائل غير الأعضاء في المنظمة، وتكون مهمتها الإعداد لانتخابات تشريعية ورئاسية متزامنة، كما رأت أنه من الضروري إصلاح الأجهزة الأمنية في وقتٍ متزامن على مستوى الضفة الغربية وغزة.

وقد كشف رئيس المكتب السياسي خالد مشعل عن أن القضية الأساسية لحركات التحرر الوطني الفلسطيني، تتمثل في إعادة بناء منظمة التحرير ومؤسساتها السياسية لتستوعب الحراك السياسي للمجتمع الفلسطيني، وأيضًا التوافق على البرنامج السياسي الوطني والذي يضمن حقوق الفلسطينيين دون تفريط، كما يضمن إجراء انتخاباتٍ دون تزوير وإزالة الحصار على قطاع غزة وإطلاق سراح السجناء الفلسطينيين.

ومع ذلك ورغم عمق الخلافات بين الفصائل الفلسطينية، إلا أنها تواجه ضغوطًا لأجل التوقيع على المقترح المصري للمصالحة خلال الشهر الحالي، ومن المتوقع أن تتجاوب الفصائل جزئيًّا مع هذه الضغوط وتقبل بالتوقيع، غير أنه ليس متوقعًا أن يؤدي ذلك إلى تخفيف الاحتقان فيما بينها.

ثالثًا: الشأن الدولي

1- أبعاد توتر العلاقات التركية- الصهيونية

رفضت تركيا مشاركة الكيان الصهيوني في مناورات "نسر الأناضول" وهي المناورات التي تجري للسنة السادسة على التوالي، وقد أرجعت تركيا قرارها إلى العدوان الصهيوني على قطاع غزة والانتهاكات المستمرة ضد الفلسطينيين ومحاولات حصار وهدم المسجد الأقصى.

وقد اعترضت الولايات المتحدة على القرار التركي وتضامنت مع الكيان الصهيوني وأعلنت عدم مشاركتها في المناورات، وهو ما كان سببًا في تأجيل المناورات إلى أجل غير مسمى، خاصةً أن العديد من دول حلف الأطلنطى قد حذت حذو أمريكا في هذا الموقف.

ولم تخف تعاطفها مع الكيان الصهيوني، وهذا ما يلقي بظلالٍ على العلاقات التركية مع كلٍّ من الكيان الصهيوني والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وثمة عوامل يجدر الالتفات إليها منها تسارع معدلات الأزمات بين تركيا والكيان الصهيوني، وأنه لا يظهر في الأفق ما يشير إلى احتمال تحسن تلك العلاقات في المستقبل القريب؛ حيث تميل تركيا لتطوير علاقاتها مع دول الجوار الإسلامية والتحرك نحو بناء علاقات وثيقة مع سوريا وإيران ومجموعة الدول الإسلامية في آسيا وإفريقيا.

ولقد أصبح مما يقلق الغرب التوجهات التركية نحو العالم الإسلامي، وهناك بعض الآراء التي تشير إلى وجود خلفية إسلامية وراء السياسة الخارجية التركية، وإن كانت لا تعلن عن ذلك مباشرةً، إلا أن هناك قلقًا من الغرب من تحوُّل تركيا إلى دولة ذات هوية إسلامية واضحة ومعلنة.

ويبدو أن الموقف التركي من مشاركة الكيان الصهيوني في المناورات الجوية، لا يرجع فقط إلى السياسة الصهيونية ضد الفلسطينيين، وإنما أيضًا لتزايد القلق التركي من تنامي العلاقات الصهيونية مع دول القوقاز ودول وسط آسيا؛ الأمر الذي يعتبره القادة الأتراك تهديدًا لدور ومصالح تركيا في هذه المناطق.

وفي هذا السياق، فإن تأجيل مناورات "نسر الأناضول" يكشف عن بوادر أزمة سياسية بين تركيا والغرب، قد تتجلى نتائجها في تجميد ملف انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي وفي تأجيل تحسين العلاقات التركية العربية.

2- تحولات الأزمة السياسية في باكستان

مع وصول أصف زرداري إلى السلطة في باكستان، تفاقمت الأزمات السياسية في الدولة، ليس فقط على مستوى الأقاليم بسبب التوتر بين الحزبين (الشعب والرابطة الإسلامية) أو التوترات العرقية، ولكن أيضًا بسبب أزمات بين الجيش والحكومة بسبب الخلاف على السياسة الأمريكية تجاه باكستان.

طالبان باكستان استهدفت العديد من مقار الشرطة الباكستانية

فقد تم الدفع بالجيش الباكستاني للدخول في مواجهةٍ مفتوحةٍ مع حركة طالبان باكستان، تحت مظلة السياسة الأمريكية، وبعد مرور ثلاثة أشهر على هذه الحرب، لم يحدث تحسن في الوضع السياسي والأمني في الدولة؛ حيث لم يحسم الجيش المعارك ضد "طالبان"، بل زادت الأمور تعقيدًا، وبات الوضع الأمني أمام مرحلة تحول جديدة، نحو الحرب الأهلية وحرب العصابات، وهو ما يُشكِّل تهديدًا لاستقرار الدولة ويُثير في ذات الوقت النزاعات الأخرى فيما بين الأحزاب السياسية والحكومات الإقليمية.

وإزاء سياسة المساعدات الأمريكية تجاه باكستان، برز خلاف بين الجيش والحكومة حول الشروط الأمريكية للمساعدات التي تبلغ 1.5 مليار في العام، إذ يرى الجيش أن الشروط المرتبطة بالمساعدات تعدُّ تدخلاً مباشرًا في الشئون الداخلية، وقد فسر الجيش موقفه بأن هذه الشروط تتيح للولايات المتحدة الاطلاع على السياسات التعليمية والاقتصادية وتوجيهها، غير أن ثمة رأيًّا يذهب إلى أن الجيش يخشى من تحالف الحكومة مع الأمريكيين بشكلٍ يُهدد دوره السياسي ومكانته في الدولة التي يتحمل أعباءها الأمنية والسياسية.

هذه الأوضاع قد تدفع ب باكستان نحو عدم الاستقرار، ليس فقط على خلفية تزايد احتمالات الصراع الداخلي في الحكومة والمشكلات الاقتصادية، ولكن أيضًا بسبب تزايد المشكلات الأمنية وانخراط الجيش فيها.

المصدر