قف !! أمامك خط أحمر

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
قف !! أمامك خط أحمر

بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

لا يختلف اثنان أن هناك متغيرات دولية طرأت بعد الحادي عشر من سبتمبر، وأن هناك اختلالا في موازين القوى لصالح أعداء الأمة كانت قبل ذلك التاريخ ولا زالت إلى يومنا هذا، ولا يختلف اثنان أن علينا أن نأخذ كل ذلك بعين الاعتبار ونحن نشق طريقنا نحو تحقيق أهدافنا المنشودة، ولكن ونحن نفعل ذلك علينا ألا ننسى أن هناك خطوطا حمراء لا ينبغي لأي منا أن يخترقها بحجة المتغيرات الدولية التي لا تثبت على حال، ولا بحجة اختلال موازين القوى، بمعنى آخر ينبغي علينا أن نجمع على ثوابت غير قابلة للاختراق ونحن نسعى لتحقيق أهدافنا النهائية، وأن نضع الوسائل المناسبة لتحقيق هذه الأهداف،

ولا بأس أن تتأقلم وسائلنا مع المتغيرات الدولية طالما أن الأهداف ثابتة لا تتأثر بالمتغيرات، ومن هنا لابد من أن نرسم لأنفسنا خطوطا حمراء وأن نلزم أنفسنا بعدم اختراقها، وأرى أن الخطوط التي يمكن أن تجمع عليها كل القوى العاملة على الساحة الفلسطينية، بل ويجمع عليها الشعب الفلسطيني على اختلاف مشاربه هي الخطوط التالية :

أولا :

عدم التنازل عن شبر من فلسطين، ففي الوقت الذي ندرك فيه أن الواقع الدولي والإقليمي والمحلي وكذلك المتغيرات الدولية تقول بوضوح أننا اليوم عاجزون عن تحرير فلسطين من بحرها إلى نهرها ومن شمالها إلى جنوبها، وندرك أن تحريرها يحتاج إلى توفر عوامل عدة قد نتفق على بعضها ونختلف على البعض الآخر، وندرك على أية حال أن هذه العوامل غير متوفرة الآن، ولكن ما ندركه أيضا أن عدم توفرها وبالتالي عدم قدرتنا على تحرير فلسطين يجب ألا يكون ذريعة للتنازل عن حقوقنا التاريخية الثابتة في أرضنا ومقدساتنا، فإذا جعلنا من عدم التنازل عن أي جزء من حقنا التاريخي في فلسطين خطا أحمرا لا يجوز تجاوزه، فلا بأس عندها في إعطاء هامش كبير للمناورة والتكتيك، ومساحة واسعة في تنوع الوسائل وتقلبها طالما أن الهدف ثابت لا يمس.

ثانيا :

عدم التنازل عن حقنا في مقاومة الاحتلال، كلنا يدرك أننا نعيش ذل الاحتلال، شعبنا وأرضنا ومقدساتنا تقع تحت الاحتلال، والشرائع السماوية بل والشرائع والقوانين الدولية كفلت لنا حق مقاومته، والمتغيرات الدولية يجب ألا تكون مبررا لإسقاط هذا الحق، وفي الحقيقة أن الذي أضعف قدرتنا على ممارسة هذا الحق هي اتفاقية أوسلو المشئومة وليست المتغيرات الدولية، وذلك بسبب الالتزامات المجحفة التي ألزم بها المفاوضون الفلسطينيون أنفسهم، مما أحدث ثغرة في شرعية مقاومتنا لأنها تتناقض مع ما التزموا به، وبالتالي أعطى فرصة للمتغيرات الدولية أن تضع مقاومتنا المشروعة على أجندة الإرهاب، ولكن بما أننا نملك إجماعا منقطع النظير على سوء اتفاقية أوسلو، وخطرها على مستقبل قضيتنا، وهناك شبه إجماع أيضا على عبثية المفاوضات مع العدو، مما وحد الفلسطينيين على خيار الانتفاضة والمقاومة، علينا إذن أن نجمع على أن حق المقاومة خط أحمر يجب ألا نخترقه، فإن كانت المتغيرات الدولية في ظرف من الظروف قد تحول بيننا وبين ممارسة بعض أشكال المقاومة، فينبغي علينا ألا نفرط بحقنا في مقاومة الاحتلال مهما كلف الأمر.

ثالثا :

عدم التفرد في اتخاذ القرارات المصيرية التي تؤثر على المجموع وعلى مستقبل القضية الفلسطينية، فبما أن المجموع الفلسطيني يدفع ثمن الأخطاء التي قد يرتكبها البعض، والتي قد تمس جوهر القضية الفلسطينية، وبالتالي تعصف بالحقوق المشروعة لشعبنا الفلسطيني، فلا يجوز لفصيل أو حتى عدد من الفصائل أن تتجاهل باقي القوى الفلسطينية في اتخاذ القرارات المصيرية كما حدث في أوسلو، فمن غير المقبول بحال أن نفاجأ مرة ثانية باتفاقية مع العدو كالتي تتناقلها وسائل الإعلام اليوم حول ما يجري من مباحثات بين شمعون بيرس والفلسطينيين، لإقامة دولة على 42% من مساحة الضفة الغربية، منزوعة السيادة مقطعة الأوصال وما هي في حقيقة الأمر إلا صورة من صور الحكم الذاتي المنقوص تسمى دولة، مع إبقاء القضايا الخطيرة من السيادة، وعودة اللاجئين، وقضية القدس، والحدود، والمياه، والمستوطنات معلقة، وفي نفس الوقت اعتراف فلسطيني بما يسمى "دولة إسرائيل"، أي التنازل عن حقنا التاريخي في فلسطين، فلا أعتقد أن المتغيرات الدولية يمكن أن تلزمنا بذلك، ولذا فالإجماع الوطني في اتخاذ القرارات المصيرية ينبغي أن يكون خطا أحمرا لا يجوز لأحد أن يتجاوزه.

رابعا :

وحدة صفنا الفلسطيني، فالمتغيرات الدولية لا يمكنها أن تجبر بعضنا على ضرب رقاب البعض الآخر، ولا تكبيلهم، أو تكميم أفواههم، أو نشر الفوضى، والاعتداء على الحريات العامة وعلى رأسها حرية العبادة، وحرية الرأي، فعلينا ألا نسمح للمتغيرات الدولية أن تعبث بجبهتنا الداخلية، فتدخلنا في حرب أهلية تقضي على أملنا في التحرر من ربقة الاحتلال، فالوحدة الوطنية يجب أن تبقى خطا أحمرا لا نسمح للمتغيرات الدولية أيا كانت، ولا للضغوط الخارجية مهما عظمت أن تدفعنا لتجاوزه.

إن الالتزام الوطني من خلال ميثاق شرف بتلك الخطوط يمثل طوق النجاة للكل الفلسطيني من فتنة جلبتها إلينا مطارق المتغيرات الدولية، ويحفظ قضيتنا العادلة التي باتت تهددها الضغوط الممارسة علينا بحجة المتغيرات الدولية، وإن المتغيرات الدولية مهما بلغت لا يمكنها أبدا أن تخترق قوة إجماعنا الوطني، واحترامنا لثوابتنا الوطنية، والتزامنا بها، فهل يرى هذا الميثاق النور لينقش في أعماق ضمائرنا شعارا خالدا " قف !!

أمامك خط أحمر ".

المصدر

للمزيد عن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة بالرنتيسي

مقالات بقلم الرنتيسي

تابع مقالات بقلم الرنتيسي

.

حوارات مع الرنتيسي

حوارات مع عائلة الرنتيسي

بيانات حول إغتيال الرنتيسي

أخبار متعلقة

تابع أخبار متعلقة

.

وصلات فيديو

.