قل لي بربك أيها المفاوض الفلسطيني.. لماذا تسعى إلى المفاوضات؟!!!

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
قل لي بربك أيها المفاوض الفلسطيني.. لماذا تسعى إلى المفاوضات؟!!!

بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

د.عبد العزيز الرنتيسى.jpg

كنت دائما ولا زلت على قناعة تامة أن الصهاينة اليهود لن يسمحوا في يوم من الأيام بقيام دولة فلسطينية مستقلة على طاولة المفاوضات ولو على جزء يسير من أرضنا المغتصبة فلسطين، فالمشروع الصهيوني الرامي إلى قيام ما يسمى ( بإسرائيل الكبرى ) لا زال محط أنظار الصهاينة الأشرار، وهم يؤمنون أن قيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية و قطاع غزة ربما يقطع الطريق على هذا المشروع، كما أن الصهاينة يعتقدون أن قيام دولة فلسطينية يشكل خطرا استراتيجيا على مستقبل الكيان الصهيوني، إدراكا منهم أن الأمة العربية والإسلامية ستستمر في رفضها للوجود الصهيوني على أرض إسلامية لها ارتباط وثيق بعقيدة المسلمين، وأعتقد أن المفاوض الفلسطيني بات اليوم يشاركني قناعتي هذه، ولكنه لا زال يسعى إلى المفاوضات وكأنها أصبحت هدفا لذاتها، فما الذي يريد أن يحققه المفاوض الفلسطيني من هذه المفاوضات؟.

كل المؤشرات تقول إن الصهاينة لن يسمحوا بقيام دولة فلسطينية ذات سيادة، كما أنهم لن يعودوا إلى حدود عام 67 أبدا، ولا أعني بهذه المؤشرات التصريحات الواضحة التي تصدر تباعا عن قادة العصابات الصهيونية، ولكن أعني الوقائع الجديدة التي خلقها الصهاينة على الأرض والتي يستحيل معها إقامة دولة فلسطينية أو العودة إلى حدود 67 ومنها :

أولا :

ما جرى من تهويد كبير لمدينة القدس يستحيل معه إعادتها إلى الفلسطينيين على طاولة المفاوضات، وأعتقد أن المفاوض الفلسطيني أصبح موقنا أن القدس والمسجد الأقصى لن يعودا على طاولة المفاوضات.

ثانيا :

الغزو الاستيطاني الواسع في الضفة الغربية و قطاع غزة، فأحدث الإحصاءات أظهرت ان عدد المستوطنين في الضفة والقطاع بلغ 231.443حتى نهاية حزيران 2003، وقد أصبحت المستوطنات مدنا كبيرة تبتلع مساحات واسعة من الأرض، فهل يرى المفاوض الفلسطيني أن هناك أية إمكانية لإزالة المستوطنات على طاولة المفاوضات؟!!

ثالثا :

السور الذي يتخلل الضفة الغربية ويقتطع من أراضيها حوالي 60% تضم إلى الكيان الصهيوني الذي أقيم على أرض فلسطين المغتصبة منذ عام 48، وأعتقد أن المفاوض الفلسطيني يدرك تماما أن بناء هذا السور يهدف إلى اغتصاب المزيد من الأرض، والحيلولة دون قيام دولة فلسطينية، واستحالة العودة إلى حدود 67.

رابعا :

إصرارهم على تواجد صهيوني دائم على خطوط التماس مع الدول العربية المختلفة مصر، و الأردن، و سورية، و لبنان، ومن هنا أقيمت المستوطنات في غور الأردن، وهذا يحيل التجمعات السكانية الفلسطينية في الضفة الغربية و قطاع غزة المعزولة أصلا عن بعضها عن بعض إلى جيب محاصر داخل الكيان الصهيوني، مما يستحيل معه قيام دولة فلسطينية مستقلة، والمفاوض الفلسطيني يدرك هذه الحقيقة.

خامسا :

بات واضحا أن طاولة المفاوضات لا يمكنها تحقيق العودة للاجئين الفلسطينيين، فمعدل النمو الطبيعي لدى الشعب الفلسطيني يمثل على أقل تقدير ثلاثة أضعاف المعدل لدى الصهاينة، فإذا كنا الآن بدون عودة اللاجئين قد أصبح تعدادنا يوازي تعداد اليهود فيفلسطين، فكيف إذا عاد سبعة ملايين فلسطيني إلى ديارهم؟ أعتقد أن هذا يعني نهاية الدولة اليهودية التي بشر بها شارون بالعقبة، ولذا فإن طاولة المفاوضات، وما يسمى بالمقاومة السلمية الاحتجاجية من مسيرات، واعتصامات، وشجب، وإدانة، ومؤتمرات، وشكاوى إلى مجلس الأمن، لن تستطيع إعادة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، والمفاوض الفلسطيني يدرك هذه الحقيقة أيضا.

سادسا :

كما أن الصهاينة لا زالوا يخططون لجلب يهود العالم إلى فلسطين، ولتحقيق ذلك فإنهم يفكرون جديا في طرد الشعب الفلسطيني مما تبقى من أرضه، وما برحوا يصرحون أن فلسطين بكاملها بالكاد تستطيع استيعاب جميع اليهود في العالم، فكيف إذن سيقبلون عبر المفاوضات اقتطاع جزء منها لإقامة دولة فلسطينية؟!! بل على النقيض من ذلك فإن الصهاينة يواصلون عملية تدمير وتخريب منظم في كافة المدن الفلسطينية في الضفة الغربية و قطاع غزة، وآخر هذا التدمير والتخريب ما يجري الآن في مدينة رفح، وهدفهم من ذلك التضييق على الفلسطينيين لإجبارهم على النزوح، وما من شك أن المفاوض الفلسطيني يدرك هذه الحقيقة أيضا.

سابعا :

كما أن الصهاينة مع أنهم يقيمون كما يعتقد البعض دولة علمانية إلا أنهم يعتبرون الضفة الغربية و قطاع غزة أرض يهودية، وهذا ما أعلنه شارون في قمة العقبة، وهذه المفاهيم يعمقونها ويجذرونها في عقول الناشئة الصهاينة، معتبرين أن الاحتفاظ بالسيادة على الضفة الغربية هو جزء لا يتجزأ من العقيدة اليهودية المحرفة.

من كل ذلك نرى أن الملفات الكبرى في عملية التسوية المزعومة غير قابلة للحل أبدا، اللهم إلا إذا قبل المفاوض الفلسطيني بالتنازل التام عن حق العودة، وحق إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، وقبل بالتنازل عن القدس، وعن المياه ، وتخلى عن المطالبة بالانسحاب إلى حدود 67، وقبل ببقاء المستوطنات، وتخلى عن الأسرى في سجون ومعتقلات العدو فعندها فقط يمكننا أن نبشر بأن المفاوضات ستؤدي إلى نتائج ملموسة.

فإذا كان الأمر كذلك، أي أننا بتنا أمام خيارين إما التنازل الكامل والشامل عن حقوقنا الوطنية المشروعة، أو عدم وجود حلول تسووية على الإطلاق، فهل يوجد عندئذ من خيار آخر سوى خيار المقاومة؟!!!،

وهل تعني المطالبة بعودة المفاوضات إلا إعطاء فرصة لشارون لخلق المزيد من الوقائع الجديدة على الأرض والتي من شأنها أن تبعدنا أكثر عن تحقيق أهدافنا؟؟

وكارثة الكوارث أن العدو يشترط للعودة إلى طاولة المفاوضات القضاء على المقاومة التي تشكل اليوم خيارنا الوحيد لمواجهة المخطط الصهيوني، فالاستيطان في الضفة الغربية و قطاع غزة أصبح مكلفا جدا بسبب المقاومة، وجلب ملايين اليهود من العالم أصبح أمرا مستحيلا، بل العكس هو الصحيح فإن هناك أعدادا كبيرة من اليهود يفرون اليوم من فلسطين بسبب المقاومة، كما أن التوسع داخل الدول العربية يصبح خطوة جنونية، ففي الوقت الذي لا يستطيع فيه العدو الحصول على الاستقرار والأمن باحتلاله فلسطين فكيف إذا قام بالتوسع لاحتلال أقطار أخرى؟!! كما أن المقاومة ستضع اليهود أمام خيارين اثنين :

إما مواصلة الاحتلال ومعه الاستنزاف وعدم الاستقرار والدمار الاقتصادي والنفسي والبشري، أو إعطاء الفلسطينيين حقوقهم الوطنية المشروعة.

والآن قل لي بربك أيها المفاوض الفلسطيني لماذا تسعى إلى المفاوضات؟! ! !

المصدر

للمزيد عن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة بالرنتيسي

مقالات بقلم الرنتيسي

تابع مقالات بقلم الرنتيسي

.

حوارات مع الرنتيسي

حوارات مع عائلة الرنتيسي

بيانات حول إغتيال الرنتيسي

أخبار متعلقة

تابع أخبار متعلقة

.

وصلات فيديو

.