قومية الاسلام

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
قومية الاسلام



يظن الذين لا يعلمون مبادىء الاسلام ويأخذون بما يرون من مظاهر أهله أنه دين ذلة وخمول وضعف واستكانة , وأنه يتنافى مع العزة القومية والكرامة الوطنية.

فأحب أن أقول لهؤلاء الظانين:على رسلكم فإن الاسلام دين عزة وكرامة ومنعة وشرف وإن دينا يقول كتابه القدسى: ( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون) "المنافقون:8" ويقول رسوله الأمين صلى الله عليه وسلم:" من أعطى الذلة من نفسه طائعا غير مكره فليس منى " لجدير بأن يسمى دين العزة والكرامة غير مدافع.

وإن دينا يضع إلى جانب التسامح والعفو عند اقتضائهما القصاص والعدل فى مواطنهما فيقول كتابه الكريم: ( ادفع بالتى هى أحسن)"المؤمنون:96" فى موضع, ويقول: ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم)" البقرة:194"فى موضع آخر لدين تام التشريع كامل النظام قويم المبادىء كافل لحاجات الأمم.

وإن الرسول صلى الله عليه وسلم الذى كان يقول لأصحابه فى وصاة أحدهم: " صل من قطعك وأحسن إلى من أساء من أساء إليك وقل الحق ولو على نفسك" هو الرسول الذى أنشده نابغة بنى جعدة قوله: ولا خير فى حلم إذا لم يكن له بوادر تحمى صفوه أن يكدرا فقال: صدقت لا يفضض الله فاك حتى إذا سمع قوله: بلغنا السماء مجدنا وجدودناوإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا لم ينكر عليه هذا التسامى بالكرامة والاعتداد بالشرف والرفعة بل هش له وبش وقال فى لهجة السرور المتهلل :فأين المظهر يا أبا ليلى ؟ فقال الجنة يا رسول الله ,فقال : إن شاء الله.

ألا فليعلم أولئك الذين فهموا الاسلام على غير وجهه أن الاسلام دين الانسانية الخالد ودستور البشرية الكامل وصفوة الصفوة من القوانين والنظم التى يتوقف عليها سعادة البشر.

ولا أزيدك بالاسلام معرفة كل المروءة فى الاسلام والحسب وبعد فنريد أن نتفهم موقف الاسلام من مبدأ القومية الذى يسود أفكار الناس اليوم, ونتعرف القومية الذى يسود أفكار اليوم ونتعرف القومية التى يدعو إليها ويعزز من شأنها.

ها أنت ترى قوما يفهمون من القومية عصبية الدم وعنصرية الجنس, فيجعلون ذلك أساس وحدتهم ورمز جامعتهم ويحركون مطالبهم من خيوط هذه الوحدة وتلك الجامعة ونسوا أن الناس لآدم وآدم من تراب, وأنت إذا سموت بالجنس فقد وصلت إلى مصدر الأنواع قبل الاشتقاق فرأيت الكل أكفاء وإن قلت : إن البيئات الطبية والحوادث الكونية جعلت لكل أمة خواصها ومميزاتها العنصرية .

قلت لك: إن الرقى الفكرى والتقدم النفسى وهذا التقلب البادى من الانسان على عناصر الطبيعة وقواها سيؤدى بالناس إلى تقدير هذه الصلة فيما بينهم وجعلها يوما من الأيام مبدأ لهم وجامعة تجمعهم وذلك ما ينادى به علماء الاجتماع الآن.

وها أنت ترى قوما آخرين يفهمون من القومية الحدود الجغرافية والرقعة الأرضية فيجعلون ذلك مطمح أنظارهم وقبلة آمالهم وهؤلاء قد تقيدوا بغير قيد وارتبطوا بغير رباط فما كانت الأرض إلا عرضة المد والجزر تتسع وتضيق مع الظروف والحادثات.

إن الذين ينادون بالعنصرية الجنسية لا يفيدون العالم شيئا وهم فى الوقت نفسه يذكون نار الأحقاد والخصومات فى وقت يرجو العالم فيه الهدوء والسلام والاسلام لا يقرهم على هذا المذهب من الآراء بل يناديهم كتابه الكريم: ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا)"الحجرات:13".

وإن الذين ينادون بالقومية الجغرافية لا يفيدون العالم شيئا كذلك وهم فى كثير من الظروف ينقضون مبدأهم مع غيرهم من الأمم التى تضعف قوتها عن قوتهم فيحاولون أن يدمجوا حدودها فى حدودهم ويجعلوا أرضها من أرضهم وقد نبههم الاسلام إلى هذا المعنى بالآية الكريمة: ( إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين)"الأعراف:128".

وإذن على أى شىء يريد الاسلام أن يجتمع الناس وأى شىء يريد أن يكون معقد رابطتهم ورمز جامعتهم ومحور أخوتهم؟؟

خذ القرآن بيمينك والسنة المطهرة بيسارك وضع سيرة السلف أمام عينيك , تر من كل ذلك أن الاسلام قومية وجامعة ووحدة ورابطة حول "العقيدة والمبدأ".

وبيان ذلك أن الاسلام دين شامل جاء للانسانية بكل ما تحتاج إليه من النظم والقوانين الكلية ووصف لها طريق السعادة فى بيان ووضوح وأمر الناس جميعا بفقه هذه القوانين والأحكام والأخذ بها وناداهم بقوله تعالى: ( وأن هذا صراطى مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون)" الأنعام:153", ثم إن الاسلام يجعل أبناءه جميعا أخوة متحدين متساوين فى الحقوق والواجبات حتى وصلت إلى قلوبهم هذه العقيدة وأمرهم بأن يكونوا جيشا متحدا مهمته ابلاغ الناس هذه المبادىء وتلك التعاليم وعليهم أن يضحوا بكل شىء حتى النفس والمال وكل عروض الحياة الدنيا فى سبيل هذا البلاغ,فذلك قول الله تعالى: ( قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم واخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد فى سبيله فتربصوا حتى يأتى الله بأمره والله لا يهدى القوم الفاسقين )"التوبة:24".

فكل من دخل فى هذه العقيدة فهو واحد من الأمة التى يربطها الاسلام, ويفرض على كل أفرادها الذياد عنه والأخذ بناصره والمناداة بحقه وكل قطعة أرض ارتفعت فيها راية الاسلام فهى وطن لكل مسلم يحتفظ به ويعمل له ويجاهد فى سبيله.

وعلى المسلمين بعد ذلك واجب آخر أن يجاهدوا ليكون الناس جميعا مسلمين ويكون الدين كله لله,ويعملوا لتكون الأرض كلها اسلامية ترفرف عليها راية الاسلام ويدوى فى جنباتها مؤذن الاسلام ونسمع فى كل نواحيها "الله أكبر".

ليس هذا عصبية لقوم أو نعرة لجنس أو غضبة لأرض ولكنه جهاد لإنقاذ الانسانية جميعا وعمل لتحرير العالم كله من ربقة الأهواء ونير الأغراض التى تورث الحقد والبغضاء وتنتج الخلاف والشقاء ونصرة لمبدأ"الحب والأخوة" الذى هو سر سعادة الوجود.

هذا الشعور السامى النبيل يدفع إلى خدمة الوطن والعشيرة بكل ما تملك من نفس ومال لأنك ستخدم العالم كله وهما أقرب العالم إليك فهل رأيت أسمى وأقدس من هذه القومية؟!