لا وقت للفتن

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لا وقـت للفتن
المهندس فتحي شهاب الدين

الإسلام دين يدعو إلي التأمل والتفكير وإعمال العقل .. يدعو إلي الحوار والإبداع ويثيب المجتهد حتي إذا أخطأ وإن أصاب فله أجران , ولقد ساهم ذلك في بناء حضارة عظيمة كانت نموذجا فذا للإبداع الفكري والتسامح ورغم ذلك فقد عاشت الأمة فترات استثنائية من الانحطاط الفكري مصحوبة بضيق الأفق وإغلاق أبواب الحوار ليس فقط من جانب السلطة ضد المجتمع ولكن بين فئات من المجتمع ذاته .

وكان هذا مواكبا لفترات الانحطاط والهزيمة في تاريخنا حيث سيادة التعصب المقيت فتحولت المدارس الفكرية التي بناها الأئمة العظام إلي أحزاب يرهب كل منها الآخر باستخدام سلاح التكفير حينا وإشعال نار الفتنة حينا آخر وقد أحرقت كتب حجة الإسلام أبي حامد الغزالي أحد أهم العقول في تاريخ الفكر الإسلامي وعلي أيدي علماء مسلمين وكذلك أحرقت كتب شيخ الإسلام ابن تيمية بحجة أن الغزالي أشعري ينحو نحو التصوف وابن تيمية نحو السلفية .

إن الإسلام يسعى للوحدة بين أبناء الوطن الواحد وفي قصة أبي ذر الغفاري وبلال بن رباح رضي الله عنهما أبلغ الدروس في سد باب الفرقة فعندما شتم الأول - ذو النسب العربي الأصيل الثاني – العبد الحبشي – استدعي رسول الله صلي الله عليه وسلم أبا ذر وقال له أعيرته بأمه يا أبا ذر ( انك امرؤ فيك جاهلية ) وهكذا قضي النبي صلي الله عليه وسلم علي بذور فتنة عرقية كادت أن تحدث بين المسلمين وقال ( دعوها فإنها منتنة ) امتثالا لقوله تعالي ( ولا تفرقوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ) .

ومن هنا كان حرص الإمام البنا رحمه الله علي هذا الأمر بقولته الشهيرة ( نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه ) .ولقد دعا الإمام البنا إلي تكوين جماعة التقريب بين المذاهب الإسلامية التي شارك فيها مع شيخ الأزهر المرجع الأعلى للإفتاء وقتها الإمام الأكبر عبد المجيد سليم والشيخ مصطفي عبد الرازق والشيخ محمود شلتوت والتي ساهم فيها الإمام القمني وهو شيعي المذهب .

وقد تقابل الإمام البنا مع الزعيم الإيراني آية الله الكاشاني في موسم الحج عام 1948 واتفقا علي أن يزيلا الخلاف بين السنة والشيعة لولا أن عوجل الإمام البنا بالاغتيال واعتقل كاشاني أيضا .

إن الخلافات بيننا وبين الشيعة في بعض الأفكار لا ترقي إلي تكفيرهم لأنه خلاف نظري لا يمس أصول الإسلام وهذا الخلاف النظري يدور في فرعيات عقائدية وفقهية وهي بمثابة وجهات نظر تحتمل الصواب و الخطأ وصوابها لا يرقي بها عند أهل العلم ليكون مسلمات وخطؤها لا يجعلها .... مكفرات .

ولقد صدرت فتاوي علمية أمينة من أكابر الفقهاء بإسلام الشيعة كما أن المذهب الزيدي يتم تدريسه في الأزهر الشريف إضافة إلي المذاهب الأربعة للسنة .

إن بيننا وبين الشيعة أشياء لا نرتضيها ولكن ليس للإنسان أن يحاكم الناس علي أفكارهم وهم مسلمون في النهاية , وإذا كنا قد أمرنا أن نجادل أهل الكتاب بالتي هي أحسن فهم أولي بذلك .

إن البحث والتنقيب عن أسباب الخلاف الآن إنما هو إذكاء للفتنة بين المسلمين وصرفهم عن عدوهم الحقيقي فليس من المعقول أن نخوض حربا ضد طوائف الشيعة وننسي الطوائف الصهيوأمريكية التي تطوقنا من كل جانب والتي تنخر كالسوس في عظامنا من ماسونية وروتاري وليونز وشهوديهوه وبناي بريث وايباك وكذلك حركات التبشير في أفريقيا واسيا التي طالت اكبر دولة إسلامية وهي اندونيسيا . والسؤال الذي يفرض نفسه الآن هو من أولي بالموالاة ؟ ومن أولي بالمعاداة؟ ومن أولي بالتماس الأعذار والمبررات ؟ ومن أولي بالقدح والطعنات ؟

علينا نحن العرب والمسلمين أن ننتبه فالمسرح الشرق أوسطي يتم تجهيزه الآن ليصبح حلبة للصراع والمواجهة بين السنة والشيعة وأصبح مصطلح المواجهة السنية الشيعية القادمة سائدا في وسائل الإعلام ويتم الآن التهويل من فظائع الشيعة وخاصة في بعض البلدان العربية مثل العراق والتي هي من صنع أجهزة المخابرات الأمريكية والبريطانية والصهيونية لتكون هذه المواجهة بديلا للمواجهة الإسلامية مع المعسكر الصهيوأمريكي .

إنه لو لم يعلو صوت العقلاء والمعتدلين من السنة والشيعة ليس للتقريب العقائدي فحسب إنما للتعايش وقبول الآخر ونبذ الخلافات والوقوف صفا واحد ضد العدو المشترك الذي يتربص بنا فان الطوفان قادم لا محالة .

إننا ندعو المخلصين من علماء الشيعة والسنة وفيهم الواعون الراغبون في جمع كلمة المسلمين أن يواجهوا المشاكل التي يعانيها العالم الإسلامي اليوم في انتشار الدعوات الهدامة التي تجتث جذور العقيدة من قلوب شباب السنة والشيعة علي السواء ويجب أن تنصب جهود المخلصين من أهل السنة والشيعة إلي جمع الشتات وتوحيد الكلمة إزاء الأخطار المحدقة بالعالم الإسلامي وبالعقيدة الإسلامية ذاتها .

لقد فشل المشروع الأمريكي في العراق ولبنان وبدأ انهيار الحلم الصهيوني في إسرائيل الكبرى علي لسان أولمرت مؤخرا وبدأت المراهنة علي المشاكل الداخلية والفتن في الأمة الإسلامية واللعب علي وعي الأمة .

إن المطلوب الآن هو وقفة تجمع علماء الأمة من سنة وشيعة وبيان تتضح فيه الرؤى ويتناول استراتيجية توحد الأمة وتمنع تشرذمها حتي تستطيع مواجهة أعدائها

والله من وراء القصد


المصدر : نافذة مصر