لعملاء ظاهرة خطيرة و لكن أين الخلل ؟

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
العملاء ظاهرة خطيرة و لكن أين الخلل ؟

بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

بعد كل اغتيال أو محاولة اغتيال لقائد من قادة فصائل الشعب الفلسطيني المقاومة يطفو على السطح الحديث عن العملاء ، و مما يلفت الانتباه أنه في الآونة الأخيرة ظهرت محاولات محمومة للمزّ ب حركة المقاومة الإسلامية حماس بالذات من خلال التشكيك في سلامة صفّها و نقائه ، و مما يثير الانتباه أن هذه الحملة التشكيكية تتزامن مع إعلان الحرب من قبل شارون و العصابات الصهيونية على الحركة ، و تهديدهم قادتها في قطاع غزة بالإبعاد و الاعتقال و التصفية بعد أن لاحقوا قادتها في الضفة الغربية و اعتقلوا أو اغتالوا 98 % منهم حسب تصريحات العدو ، و لكن هذه الحملات التشكيكية كانت تفتقر دائما إلى الموضوعية ، لأنها اكتفت بإلقاء الاتهامات جزافا بعيدا عن انتهاج الأسلوب العلمي ،.

أي أنها اقتصرت على الاتهام و التشكيك لأنها تفتقر إلى الأدلة و البراهين التي تثبت صدق ما ذهبت إليه من تحليل ، و لكنها كانت تستغل سخونة الحدث حيث الانفعال من جانب ، و عدم تبيّن الحقيقة لأن التحقيق لا يزال في بدايته من جانب آخر لتضليل الرأي العام و تأليبه على الحركة المجاهدة .

فبعد استشهاد القائدين صلاح شحادة و زاهر نصار أعلن الوقائي عن إلقاء القبض على العميل الذي قدّم المساعدة للعدو مما أدى إلى ارتكاب المجزرة ، ثم قام الوقائي بعقد مؤتمر صحافي لهذا المتهم و من خلال عرضه لما لديه من معلومات لم يقتنع الصحافيون بأن هذا المتهم كان من وراء الحدث ، و بدا واضحا حتى للصحافيين أن الهدف من المؤتمر الصحافي هو الإساءة لحركة حماس ، لأن العميل المتهم دخل في دائرة التحليل و الاستنتاج ليقول إنه يعتقد أن هناك اختراقا للدائرة الضيقة المحيطة بالشيخ المجاهد صلاح شحادة ، و اختيار هذا التعبير بالذات (الدائرة الضيقة) له هدف واحد و خطير و هو التشكيك بالقيادة العسكرية العليا ل كتائب الشهيد عز الدين القسام ، لأن الدائرة الضيقة هي القيادة العليا للجناح العسكري ، و لكن الأمر لم ينطلِ على الإعلاميين فسألوا المتهم إن كان لديه معلومات أم أنه فقط يستنتج و يحلّل ، فأقر بأنه لا يملك معلومات و لكنه يستنتج و يحلل ، و كان واضحا أنه قد لقِّن بعض الكلمات – لا ندري ممن - التي لم تصمد أمام استفسارات الصحافيين الذين فهموا أبعاد ما يدور .

و مما يثير الدهشة أن اللواء أمين الهندي قائد جهاز المخابرات العامة الفلسطينية بعد المحاولة الفاشلة لاغتيال القائد القسامي محمد الضيف يصرّح قائلا : (إن محاولة اغتيال محمد ضيف مسؤول الجناح العسكري لحركة " حماس " في غزة تؤكد وجود اختراقات أمنية استخبارية "إسرائيلية" في الدائرة الضيقة للمستهدفين من كوادر الفصائل الفلسطينية و أن بعض هذه التنظيمات الفلسطينية لا تتعاون معنا في الكشف عن هذه الاختراقات الخطيرة) ، ثم يضيف قائلا في حديث لـ "الشرق الأوسط" اللندنية : (من خلال متابعتنا الأمنية لكافة عمليات الاغتيالات التي استهدفت كوادر الفصائل الفلسطينية توصّلنا إلى وجود اختراقات في الدائرة الضيقة للمستهدفين ، حيث إن حصول المخابرات "الإسرائيلية" على معلومات دقيقة عن تحرّكات المستهدفين لا يأتي من عملاء هامشيين و خارج إطار الحلقة الضيقة) ، و مما يلفت النظر أن تعبير "الدائرة الضيقة" تكرّر هنا في تصريح اللواء الهندي و أيضا دون أن يسوق الأدلة اللازمة لذلك ، كما أن التصريح يأتي في بداية الحدث حتى قبل الشروع بالتحقيق و قبل التوصل إلى العميل الذي كان يتابع الضيف في هذه الجريمة ، و من حقّ الفصائل الفلسطينية أن ترفض هذه التصريحات خاصة أن صاحبها أحد رؤساء الأجهزة الأمنية و كان في إمكانه أن يشفع كلامه بالأدلة و البراهين بدلا من الاعتماد على التحليل و الاستنتاج .

و رغم قناعة الفصائل الفلسطينية بسلامة الدوائر الضيقة حول قياداتها العسكرية إلا أنها لا تهمل فحص الصف الداخلي ، فمع كل حادثة اغتيال تشرع حماس بالتحقيق في كل الاتجاهات بما فيها الصف الداخلي ، و هدفها من وراء ذلك الوصول إلى النتائج الصحيحة و استخلاص العبر و حماية الحركة و قيادتها ، فنحن ندرك أن العدو يبذل كل جهده لاختراق الفصائل المختلفة ، و لذلك نبذل جهدا كبيرا في الانتقاء ثم التربية الإيمانية التي لا يستطيع العملاء الصبر عليها ، و التحقيقات التي قامت بها الحركة و التي قامت بها السلطة بعد الاغتيالات لقادة الحركة أثبتت أن العملاء كانوا من خارج الصف ، بل كانوا ممن يعملون في الأجهزة الأمنية ، فقد كشف اللواء موسى عرفات ، رئيس الاستخبارات العسكرية الفلسطينية الثلاثاء 24/9 عن اعتقال أكثر من 18 شخصا ممن يعملون في أجهزة الأمن الفلسطينية في الضفة الغربية و قطاع غزة يشتبه في تعاونهم مع العدو الصهيوني و من بينهم متورّطون في اغتيال قيادات فلسطينية ، و قال اللواء عرفات : "بين المعتقلين من تورّط في اغتيال عدد من نشطاء و كوادر كتائب شهداء الأقصى و حركة حماس من بينهم مهند أبو الحلاوة و رائد الكرمي و عائلة الأسير حسين أبو كويك" ، و أشار إلى أن عددا منهم خطّطوا لاغتيال الشيخ حسن يوسف و الشيخ نافذ عزام و آخرين .

إن ما صرح به اللواء عرفات يتناقض مع ما يستنتجه اللواء الهندي ، و لكن اللواء عرفات قدّم أدلة مادية ثمانية عشر عميلا جميعهم من الأجهزة الأمنية ، و قد التقت الصحافة ببعضهم و اعترفوا بجرائمهم التي تمثّلت بمساعدة العدو في اغتيال العديد من القيادات البارزة ، و لذا كان الأولى باللواء الهندي أن ينقّب في صفوف الأجهزة الأمنية عن العملاء الذين استخدموا مكانتهم و ما يملكون من حصانة و تجهيزات لمتابعة القادة صلاح شحادة و محمد الضيف ، فنحن على علم بأن سيارات الأجهزة الأمنية كانت تلاحق هذين القائدين ، و كانت تتابع تحركاتهما ، و اليوم تبيّن أن أعدادا كبيرة من العملاء تنخر صفوف الأجهزة الأمنية باعتراف قادة هذه الأجهزة ، فلماذا لا نبحث إذن في الاتجاه الصحيح للوصول إلى الحقيقة .

وإذا علمنا أن محمد الضيف مطارد منذ عام 1992 أي منذ عشر سنوات فهل يعقل أن تكون الدائرة الضيقة من حوله مخترقة و لم يتمكن العدو الوصول إليه طوال هذه المدة ، و إذا أيقنا أن مئات العمليات التي خطّط لها تكلّلت بالنجاح فهل يعقل مع ذلك أن تكون الدائرة الضيقة من حوله مخترقة ، و لذا فإن حملة التشكيك هذه لن تفلح في النيل من حركة نجحت في ضرب العدو رغم استنفاره الأمني الذي لم يسبق له مثيل ، و لو كانت قيادة الحركة مخترقة لما حقّقت هذا النجاح الذي أذهل العالم و أربك الأعداء و نال تقدير و احترام الشرفاء ، كما أن حملة التشكيك هذه لن تمكّن السلطة من التهرب من مسئوليتها عن كلّ ما يجري خاصة أن هناك العديد ممن تمّ التحقيق معهم في الانتفاضة الأولى و ثبتت في حقهم تهمة العمالة يعملون الآن في الأجهزة الأمنية ، و لذا فالواجب الوطني يحتّم على السلطة أن تطهّر صفوفها من هؤلاء العملاء أولا ، ثم تقوم بدورها في تفكيك شبكات العملاء الذين ترعرعت شبكاتهم في ظلّ أوسلو ثانيا ، و أن تتحلّل من قيود أوسلو التي تمنعها من ملاحقة العملاء قبل وقوع الجريمة

المصدر

للمزيد عن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة بالرنتيسي

مقالات بقلم الرنتيسي

تابع مقالات بقلم الرنتيسي

.

حوارات مع الرنتيسي

حوارات مع عائلة الرنتيسي

بيانات حول إغتيال الرنتيسي

أخبار متعلقة

تابع أخبار متعلقة

.

وصلات فيديو

.