لماذا حصار عرفات؟

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لماذا حصار عرفات؟

بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

إن الذين يحاولون الربط بين العملية الاستشهادية وحصار الرئيس ياسر عرفاتقد جانبهم الصواب وابتعدوا كل البعد عن الحقيقة، وما من شك أن لهم في تبسيطهم للأمور بهذه الطريقة نوازع مختلفة، فمنهم من يريد أن يسيء ل حماس واعتقد واهما أنها الفرصة المناسبة للمساس بهذه الحركة المجاهدة، والتنفيس بذلك عن أحقاده، ومنهم من غابت عنه الحقيقة فهو لم يجهد نفسه لدراسة الواقع دراسة متأنية وانتزاع الحقيقة من بين ركام الأحداث، ومنهم من يشعر أنه واقع في دائرة الاتهام ويجهد نفسه في البحث عن وسيلة لإبعاد التهمة عن نفسه، ومنهم من يرنو إلى قفزة تدفعه إلى المراتب الأولى في سلم القيادة فيسعى إلى الفوز بالعطف والرضى الأمريكي أو حتى الصهيوني ويرى أن أفضل الوسائل للوصول إلى ذلك الهدف هو نهش حماس .

والواقع أن أكثر الناس إدراكا لسبب الحصار هو الرئيس ياسر عرفاتنفسه، فهو يعلم أن أخطاء الماضي تحولت إلى معاناة في الوقت الراهن، ويؤمن أن أكبر الأخطاء كانت اتفاقية أوسلو وأنها هي السبب في كل هذه المعاناة التي يعيشها ياسر عرفاتنفسه ويعيشها الشعب الفلسطيني، لأن أوسلو لم تكن في حقيقة الأمر إلا اتفاقا أمنيا يفتقر إلى أي أفق سياسي، وكان يظن الموقعون عليها أنهم إذا ما استوفوا الشروط الأمنية التي التزموا بها فستفتح لهم الأبواب نحو الحل السياسي، واعتمدوا في ظنهم هذا على وعود ضبابية وضمانات وهمية أمريكية وأوروبية يمكننا القول أنها كانت مجرد تضليل وخداع انطلى على الموقعين على الاتفاق، ولم تصمد عند الاختبار أمام التعنت الصهيوني ، ولكن أوسلو لم تتحدث عن دولة فلسطينية، ولا عن القدس ، ولا عن حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم، ولا عن إزالة المستوطنات، ولا حتى عن الإفراج عن المعتقلين، وربما اعتقد السيد عرفات والذين معه بأنهم إذا حققوا ما التزموا به من وقف الانتفاضة، وإنهاء المقاومة، وأثبتوا كفاءتهم في ذلك، فسيتم الانسحاب الكامل من الضفة وقطاع غزة، وستقام الدولة كاملة السيادة وعاصمتها القدس .

وبعد خوض التجربة تبين لهم فداحة الخطأ والخطيئة التي ارتكبت عام 1996 والتي تمثلت بضرب الحركة الإسلامية، واعتقال المجاهدين، واغتيال بعضهم، ومحاصرة المقاومة وإضعافها، فما أن نجحت السلطة في تحقيق ذلك حتى اصطدت بجدار النوايا الحقيقية للمخطط الصهيوني ، فتحطمت آمالها على صخرة المطامع الصهيونية التوسعية التي تنظر إلى ما بعد ابتلاع وهضم فلسطين، فتنكر العدو الصهيوني لكافة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ورفض رفضا قاطعا القبول بما تسميه السلطة الحد الأدنى لتطلعات الشعب الفلسطيني، وأدركت السلطة بعد معاناة شديدة حاقت ب حركة حماس أن القضاء على حماس يعني القضاء على الأمل في قيام دولة فلسطينية.

وأدرك الصهاينة أن ياسر عرفاتلن يقبل بأن يلدغ من ذات الجحر مرة ثانية، فشرعوا يبحثون عن بديل لم يستوعب الدرس، أو له مطامعه الخاصة التي تقوده إلى تكرار التجربة من جديد، وأدرك عرفات أن مكانته كقائد ثورة ودوره كزعيم سياسي أصبحا مهددين على كل حال سواء تحقق وجود البديل، أو عاد لضرب المقاومة الإسلامية، ومن هنا حاول جاهدا أن يحول دون تحقيق أي من الأمرين، ويرى في ذلك شارون تعطيل لتحقيق المشروع الصهيوني الكامل بعد أن حصل الصهاينة على اعتراف بدولتهم من منظمة التحرير الفلسطينية، وأخذت الدعاية الصهيونية تترجم حذر ياسر عرفات من العودة إلى تطبيق ما التزم به في أوسلو على أنه تشجيع للعمليات الاستشهادية، ولم تجد نفعا إدانة ياسر عرفات المتكررة لهذه العمليات ببيانات شديدة اللهجة، فأصر شارون على موقفه من أن عرفات يشجع هذه العمليات فنراه يقول بعد حصار عرفات الأخير "لا يوجد لإسرائيل أي نية بالمس بعرفات، من ناحيتنا يستطيع أن يجلس هناك لوقت طويل، ولكن من واجبنا أن نحرص على أن يوقف تشجيعه للعمليات الإرهابية من هناك، وهذا ما نفعله".

ينبغي ألا ننسى أن الصهاينة يعتقدون أن هناك عناصر عديدة في السلطة لها آراؤها المتباينة وهذا يعني أن الإجماع على شخصية فلسطينية تقود المنظمة بعد عرفات أمر تكتنفه الشكوك مما قد يؤدي إلى صراع داخل السلطة، وقد يرى العدو في حدوث ذلك إضعافا للمقاومة وانهيارا للانتفاضة، وهذا يشكل سببا آخر يغريهم بعزل عرفات وشطبه سياسيا.

ولكن كل المحاولات التي قامت بها أمريكا والعدو الصهيوني والتي ترمي إلى خلق قيادة فلسطينية بديلة باءت بالفشل، وهم يعتقدون أن لعرفات دور كبير في إفشالها، وبقيت بالتالي كل الخيوط في يد عرفات، وفشل المتربصون به من أتباعه تجاوزه، ومن هنا لم يجد شارون إلا أن يعزل عرفات عن العالم بهدف خلق فراغ سياسي يشجع الفلسطينيين خاصة أصحاب المطامع الخاصة بالعمل على خلق البديل مما يشكل من وجهة نظرهم الضربة القاضية بالنسبة للرئيس عرفات، ويوضح ذلك قائد حزب العمل قائلا "بأن الهدف من هذه الخطوة - أي الحصار المضروب على عرفات في رام الله - هو تسريع مغادرة عرفات للحلبة السياسية والذي يشكل حجر عثرة في طريق القادة المعتدلين والأكثر إدراكا منه" وأما شارون فيقول"لقد آن الأوان بأن لا نكتفي بالأحاديث حول استبدال القيادة، والواجب الآن التسبب في هذا التغيير".

وعليه :

فلا عملية تل أبيب ولا وجود عناصر مطلوبة في المقاطعة هما السبب الحقيقي من وراء الحصار، ولكن السبب

المصدر

للمزيد عن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة بالرنتيسي

مقالات بقلم الرنتيسي

تابع مقالات بقلم الرنتيسي

.

حوارات مع الرنتيسي

حوارات مع عائلة الرنتيسي

بيانات حول إغتيال الرنتيسي

أخبار متعلقة

تابع أخبار متعلقة

.

وصلات فيديو

.