لماذا فشل الإعلام فى شق الصف الإخوانى ؟

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لماذا فشل الإعلام فى شق الصف الإخوانى ؟


أما أن الإعلام فشل .. فنعم .. بل وكان الفشل ذريعاً ولله الحمد

أعضاء مكتب الأرشاد

فبرغم الجهد الحثيث من صحف وفضائيات هى ملء السمع والبصر ، مرة بأخبار كاذبة وتقارير أمنية مسربة تذكرنا بالجن الذين يسترقون السمع للسماء فيسمعون حديث صدق يخلطونه بأكاذيب مضاعفة يلقونها للكهنة والعرافين والدجالين ليخدعوا الناس ..

وتارة أخرى بإطلاق مصطلحات باطلة لا توجد بالإخوان ولا يعرفونها مثل قطبيون وبنائيون أو إصلاحيون ومحافظون أو كهول وشباب أو صقور وحمائم ..

وتارة بتهويمات تزوير لائحة أو توجيه انتخابات .. وأخرى باستضافة بعض الإخوان ممن غفلوا أو تغافلوا عن بعض أسس وثوابت الإخوان لينقدوا الجماعة علناً على مرأى ومسمع من الكافة والخاصة وإفساح الساحة لهم ليوجهوا سهامهم للجماعة أو لرموزها أو لقياداتها ..

ومرات تلو المرات بمزاعم عن انشقاقات وجبهات وصراعات وخناقات .. لم يشهدها الصف الإخوانى ولم ولن يراها إن شاء الله ..

فلماذا وبرغم هذا الجهد الحثيث الموجه من البعض ، والمقلد من البعض الآخر .. لماذا برغم كل هذا لم ينجح الإعلام فى شق صف الإخوان وإحداث فتن بين أفراده أو حمل البعض على تركه والانعزال عنه ؟ ولماذا فشل حديث الإرجاف والمرجفون فى أن يفعل فعله فى الصف الإخوانى ؟


احفظ الله يحفظك

أول الأسباب فى نظرى – وهو السبب الأول ضمن سببين يغفلهما الباحثون فى شئون الجماعة دائماً من غير أبنائها ، وهو ما يجعل حديثهم أو بحثهم مبتوراً – هو توفيق الله سبحانه للجماعة المؤمنة التى ما قامت بالأساس ولا تحملت كل هذه المحن التى تعرضت لها على مدار تاريخها إلا لأنها ابتغت رضا الله ..

جماعة الإخوان جعلت أول مبادئها : " الله غايتنا " .. فكان الله سبحانه ناصرها وحافظها رغم كل المكايد والشرور والسهام التى وجهت لنحرها .. فما تعرضت هذه الجماعة المباركة لمحنة أو فتنة إلا وخرجت منها أقوى شأناً وأعظم ثباتاً وأكثر عدداً وعدة .. وأول العدة الإيمان .

واسألوا مستشفى القصر العينى التى شهدت دماء المؤسس الأول لهذه الدعوة المباركة وهى تنزف على مدار ثلاثة ساعات متواصلة إلى أن لقى ربه ثابتاً آمناً مطمئناً بوعد الله عز وجل .. لتغدو بعدها الجماعة بثلاثة سنوات أبرز مغير بالساحة المصرية ودورها البارز بثورة يوليو معلوم للكافة ..

واسألوا أحكام الإعدام بسجون جمال عبد الناصر وصحراء المقطم والتى شهدت دماء وفناء شباب وأعمار كثير من رجال هذه الدعوة الطيبة والذين خرجوا من السجون بعد أن فنى شبابهم ليصنعوا أجيالاً – بعد فضل الله عز وجل – استعصوا على كل محاولات تغريبهم وتضييع هويتهم لتنتشر الصحوة الإسلامية فى كافة أرجاء المعمورة تشهد لهم بالفضل والسبق والجهاد ..

من الذى يفعل هذا بالإخوان .. إنه الله العظيم .. والذى حفظ هذه الدعوة المباركة ورعاها من كل الفتن التى توالت عليها ..

وصدق الله العظيم حين قال : " وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى "

وصدق المنعم الكريم حين يقول : " وما بكم من نعمة فمن الله "


ولكن الله ألف بينهم

يأتى السبب الثانى فى فشل الإعلام – وهو أيضاً ثانى ما لا يستطيع فهمه وإدراك كنهه الباحثون فى شئون الجماعة من غير أبنائها لأنهم لم يتذوقوه ، ويتغافل عنه بعض أبنائها المنتقدين لها بساحات الإعلام – وهو روح الأخوة الفياضة التى تمزج الإخوان برابطة حب لا يحسن فهمها وإدراكها إلا أبناؤها الذين انصهروا فى مناخات عاشوا فيها هذه الأخوة الصادقة ..

وكذلك الثقة التى تنشأ بيننا بعد أخوتنا .. وهى ثقة مبصرة .. ثقة فى عدالة ونزاهة واجتهاد القيادة فى إدارة الجماعة والنصح لله وللرسول وللجماعة المباركة ، والكد والنصب من أجل اتخاذ التدابير التى تصلح شأن الإخوان وتقودهم لغايتهم الكبرى من جلب رضا الله عز وجل ونصرة الإسلام والمسلمين ، ثقة فى بعد هذه القيادة عن العمل من أجل مغانم دنيوية أو مناصب زائلة .. وكيف يتطرقنا الشك فيهم وهم لا يجنون سوى الاعتقالات والمحاكم العسكرية والمطاردات والمصادرات ..

وهى ثقة تستغرق الصف الإخوانى كله لتشيع جواً من الألفة والحب .. وكذلك سواءاً بسواء تشيع جواً من استنكار واستغراب أحاديث المرجفين ..

ولكم أن تقرأوا ورد " رابطة القلوب " بعين قلوبكم لتدركوا عمق الأخوة التى يعيشها الإخوان ويتمتعون بظلالها الوارفة ..

وانظروا لتسميتها برابطة القلوب لتدركوا عظيم المعنى الذى يربيه هذا الدعاء فى نفوس الإخوان من الحب والتآخى والألفة والثقة ..

وإذا أردت نماذج عن الأخوة بين الإخوان فأحيلك إلى أحدث نموذجين بمشاهدة كلمات الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح فى لقائه بفضائية الجزيرة عن الإخوان وعن الدكتور محمود عزت بالذات ، وكذلك حديث الدكتور حبيب وكلماته المباركة عن الدكتور عزت والذى نشره " نافذة مصر " بالأمس ..

وهما الذين راهن عليهما المرجفون رهاناً خائباً بأنهما سوف ينهالان طعناً فى جماعتهم الأم وفى إخوانهم الذين شهدوا معهما مئات المواقف من الأخوة والحب والصدق .. فإذا بهما يوجهان الطعنة القاتلة للمرجفين بحديثين صح لهما أن يكتبا بمداد الذهب فى التاريخ ..

وقديماً وحديثاً كان ولا زال تفاخر الإخوان بأنه إذا عطس أحدهم بالقاهرة شمته أخوه بأسوان فقال له " يرحمك الله " ..

هذا السبب بعد حفظ الله عز وجل كلاهما كان كفيلاً بأن يعصم هذه الجماعة الطيبة المباركة من تلك الفتن الخبيثة ..

وأنا إن أعجب فمن بعض أبناء هذه الدعوة المباركة الذين يخرجون بمقالات أو حوارات فى الصحف ليكثروا من الكلام عن ضوابط لائحية لعصمة القيادة من الزلل وتستغرقهم تعديلات اللائحة والخوض فى شأن الانتخابات وكأن الإخوان تحولوا إلى نادى رياضى أو منتدى سياسى لا شأن له بالأخوة والثقة التى هى من أركان بيعتهم ..

وأعجب شديد العجب منهم حين يغفلوا عن ضوابط العصمة الحقيقية والتى تأتى بعد تمسك الجماعة بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم من الأخوة الصادقة والثقة التى هى أحد أركان البيعة التى بايعوها لله وللرسول .. كيف لهم بأن ينسوا هذه الضوابط ليبحثوا عن ضوابط أخرى لا تسمن ولا تغنى من جوع ( وما تجارب صراعات الأحزاب منا ببعيد رغم وضوح بنود اللائحة عند أكثرها ) ..

أنا لا أنكر أهمية التجويد والتحسين فى بنود اللائحة .. ولكن ليس على سبيل الضابط العاصم .. وإنما على سبيل الإحسان فى الأخذ بالأسباب التكميلية لإدارة الشأن الداخلى للجماعة ، ليس أكثر من ذلك ..

أعود للأخوة الإيمانية والثقة فأرى قول الله عز وجل " ما ألفت بين قلوبهم ، ولكن الله ألف بينهم " ماثلاً مذكراً بعظيم فضل الله عز وجل علينا بهذه النعمة الجليلة .. نعمة الأخوة الإيمانية الصادقة ..


غياب التحقيق العلمى وضوابطه

وأنا بهذه النقطة أريد أن أرد كل من يتكلم فى الشأن الإخوانى وأمور انتخابات مكتب الإرشاد وغيرها من خارج أو داخل صف الإخوان إلى ضوابط أهل السنة والجماعة فى التعامل مع المنقول من الأخبار من تحرى الضبط والعدالة فيمن ينقل ومن التوثيق والتأكد من صحة المنقول وهو أحد مآثر أسلافنا وهو العلم الواسع الذى انطوى على الجرح والتعديل وضبط الرواية والمتن ونقد السند وتوثيقه ..

وأنت إذا نظرت إلى الإعلام فى كل المرات التى يتحدث فيها عن الشأن الإخوانى مستبقاً لأحداث لم يعلنها الإخوان ولم يوثقوها ستجد أنها قد خلت من كل الضوابط التى أخذها أسلافنا فى نقل الأقوال والأخبار والروايات .. وهو ما يحولها فى حس ووعى كل الصف الإخوانى لأقوال ساذجة وتحليلات واهية ، بل ويرفض كثير من أبناء الإخوان فى أسرهم ومنتدياتهم وجلساتهم الخاصة مجرد أن يخوضوا فى هذه الأحاديث لأنها تفتقد للمصداقية والنزاهة بتعبير غالب أفراد الإخوان ، أو لثقتهم فى قيادتهم بتعبير الباقين ..

انظر لأغلب التقارير ستجدها تقول حدثنا مصدر مسئول بالإخوان !!! ، وذكر مصدر بالإخوان رفض ذكر اسمه ؟!!! وقال مصدر بمكتب الإرشاد ؟ّ!!!! .. كل الكلام منسوب لمجاهيل .. لماذا ؟ لأنه فى الغالب الأعم من بنات أفكار الكاتب الصحفى الذى كتب التقرير ، أو اختراع إدارته الأمنية التى تسرب له ما ترغب فى أن يكتبه عن الإخوان هكذا مجهول عن مجهول !

وانظر لاضطرابهم فى تقييم الأشخاص والمواقف .. فتارة يقولون بأن الأستاذ عاكف هو أحد التقليديين المحافظين الذى تربوا بالنظام الخاص للإخوان ، وتارة أخرى يقولون عنه أنه زعيم الإصلاحيين .. نفس التردد والاضطراب تجده فى توصيفهم للدكتور حبيب الذى يوصف مرة بأنه والدكتور محمود عزت قائدى جناح المحافظين وتارة أخرى يحسبونه على جناح الإصلاحيين ؟؟؟؟؟

هذا التردد والاضطراب يفعل الأفاعيل بالصف الإخوانى من حيث زيادة الثبات والثقة واليقين .. ليصبح شعار كل فرد بصف الإخوان ما ازددت فى قيادتى إلا ثقة ..

كذلك تعجل الإعلام فى استباق الأحداث بترشيحات هى تسريبات أمنية لا تلبث الأيام التى تليها إلا وتظهر خطأها ليتيقن الصف من أن ما يطلقه الإعلام ما هو إلا تهويمات خلطوا فيها بعض الحق بكثير من الكذب ليغدو حديثهم غير مقنع ..

يلحق بهذه النقطة استباق والتعجل فى قراءة نتيجة انتخابات مكتب الإرشاد الجديد ، وهى النقطة التى وقع فيها بعض أفاضل الكتاب الذين تحدثوا عن سيطرة المحافظين على مكتب الإرشاد وهو ما سيؤدى بالضرورة إلى انغلاق الإخوان على الشأن الخاص وترك العمل المجتمعى بما يعنى خسارة جهود الإصلاح للإخوان كأكبر فصيل إصلاحى موجود بالساحة ..

وهو استباق خاطئ لأسباب .. أولها أن الإخوان جماعة مؤسسات وخططها عميقة ممتدة الجذور ثابتة لا تتغير هكذا بجرة قلم وتغير الأشخاص .. إن كانوا تغيروا ..

والثانى : أن كل أعضاء مكتب الإرشاد هم من أساتذة الجامعات أو رواد العمل العام .. فكيف لهؤلاء أن ينغلقوا أو ينكفئوا على ذاتهم وشأنهم الخاص ، ويغلقوا الجماعة " بالضبة والمفتاح " .. إن هذا ما يتعارض مع ألف باء المنطق ..

فى المجمل تجد غياب منهج البحث العلمى الدقيق ، والتمحيص فى المنقول ، وضبط النقل ، والتأكد من عدالة الناقل ، وتجد أيضاً بالتوازى مع ذلك سذاجة فى الطرح وتعجل فى التحليل .. أدوا جميعاً إلى تخلى الصف الإخوانى بالكلية عن هذه الأراجيف ، وتمسكهم والتفافهم نحو قيادتهم ..


عقلاء فضلاء ..

هذا السبب من أكبر أسباب ثبات والتفاف الإخوان حول قيادتهم وثقتهم الوثيقة فيهم ..

وأنا هنا أتحدث بالمجمل خوفاً من الوقوع فى محذور مدح الأحياء الذى نهانا عنه نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم ، وإذا أردت أن أتحدث فى هذا الباب فلسوف أجد مئات المواقف لكل أخ من الإخوان يبين فضله وعقله وحلمه ..

ولكنى هنا أشير إلى توفيق الله للدكتور عبد المنعم فى أول ظهور له بعد خروجه من مكتب الإرشاد على فضائية الجزيرة ، والكلمات الرائعة التى لا ننتظر منه إلا مثلها ..

ثم الدكتور حبيب – والترتيب هنا للتعاقب الزمنى فى الظهور – فى حواره الذى نشرته اليوم السابع وأعاده نافذة مصر وكلماته الإيمانية الموفقة ..

إن توفيق الله لهما ثم عقلهما وحلمهما وأخلاقهما لهى كلها أسباب متعاقبة تصب فى عوامل ثبات الصف الإخوانى وفشل الإعلام الموجه وغير الموجه فى شقه ..


وضوح القيادة مع الصف وسرعة التحرك

حسم مجلس الشورى لأمر الانتخابات وإجراؤها بهذه السرعة التى جرت بها كانت أحد أهم محطات وعلامات توفيق الله لهذه الجماعة المباركة ، وأحد أهم أسباب عصمتها من زلل التفرق والانشقاق ..

حيث لم تعطى هذه الضربة المباغتة والتى قادها فضيلة المرشد العام بحنكة واقتدار بعد توفيق الله عز وجل أى فرصة للمرجفين ليلعبوا فى أذن أبناء دعوة الإخوان .. وما كان لهم وما يستطيعون .. وهى ضربة – معلم – تحسب فى خانة ميزات فضيلة الأستاذ عاكف الممتلئة والتى تضعه فى بند مجددى هذه الدعوة المباركة ..

يتبع هذه النقطة تصرف الإعلام الإخوانى إزاء هذه الأزمة والتزامه بضوابط التحقيق العلمى بعدم الخوض من الأصل فى شئ لم يتحقق منه ولم تصدر عن قيادات الإخوان أى تصريحات أو إشارات رسمية بخصوصه .. ليصبح الإعلام الإخوانى نموذجاً فى ضبط النفس والالتزام والجدية والأمانة فى الطرح .. وليصبح قدوة للصف بعدم الخوض فيما لا نعرف أصله من فصله ..


وهو نفس الإعلام الذى ما أن انكشفت الحقائق إلا وامتلأت صفحاته بالتحقيقات والتقارير والفيديوهات عن نفس الموضوع الذى سكتوا عنه من قبل ، ليمحصوا ويبحثوا عن الدهاليز ، ويكشفوا كثيراً مما حق للصف أن يعرفه .. وليصبح إعلام الإخوان بالفعل مصدراً للثقة داخل الصف ، فبات فى حس الصف الإخوانى أن ما لم ينشر على مواقع الإخوان الرسمية مما لم يعلنه الإخوان وينشره الآخرون هو للشائعة أقرب من الحقيقة .. فيتريث الصف ويعرف أن أخباره تأتيه من خلال خطه التنظيمى الطبيعى أو من خلال إعلامه الصادق الذى لا ينقل التهويمات والشائعات ولا يسعى وراءها ..


ولنا آداب عند الاختلاف

نعم نحن داخل الإخوان نختلف ، وتعلوا أصواتنا وترتفع بمجالسنا الشورية ، ونقاطع بعضنا البعض ...... ولكن .....

ما أن تنتهى جلسة التشاور ويتخذ القرار إلا وتجد أول المخالفين هو أكبر المتبنين .. وهذه حقيقة لا مرية فيها .. وهى أحد أكبر عوامل نجاح الإخوان .. حقيقة قدرة التكيف والالتزام بالشورى بل وتبنيها وإن خالفت رأيى ..

ثم إننا وأثناء اختلافنا لا ننسى أبداً أدابنا فنوقر كبيرنا ومسئولنا ، ونحافظ على شعوره ، ولا نخطئ فى حقه ..

ثم وقبل ذلك كله وبعده يستغرقنا وعاء الحب فى الله ، ويحوطنا فى ذلك كله ود القلوب .. وحنين الإخاء .. وتراحم الأذلاء للمؤمنين ..

ليكون هذا الأدب والفقه عند الاختلاف أحد أهم أسباب فشل الإعلام الذريع فى شق صف الإخوان ..

فنسأل الله الكريم أن يديم لنا هذا الحب والإخاء ويحفظ دعوتنا من الشرور والمكائد .. وأن يثبتنا على هذا الطريق المبارك لنلقى الله عليه وهو راضٍ عنا .. اللهم آمين ..


المصدر : إخوان اون لاين