لماذا لا تؤثر المحن على الدعاة ؟

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لماذا لا تؤثر المحن على الدعاة؟

طريق الحق محفوف بالمكاره

المهندس خيرت الشاطروتاريخ طويل مع المحن

إن الحمد لله نحمده ونستعين به ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا إنه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له أما بعد

إن طريق الحق محفوف بالمكاره ولا راحة إلا بعد الموت ( لقد مضى زمن النوم يا خديجة) فالصراع بين أهل الحق والباطل مستمر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو طريق التمحيص للمؤمنين الدعاة ورحم الله صحبة النبى (صلى الله عليه وسلم ) فى صراعهم مع الباطل وانتصارهم عليه ونشر الخير للبشرية يقول سبحانه: ﴿الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ﴾ (العنكبوت: 1).

فالابتلاء طبيعةٌ في الدعوات، والصبر عليها طبيعةُ الأنبياء والصالحين، ولقد صبر الدعاة بفضل الله على الابتلاء الهائل الذي تعرَّضوا له،ويتعرضون له وصدق الله عز وجل إذ يقول:﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾ (البقرة: 214).

وصدق القرضاوي عندما عبر عن موقف الدعاة أمام الطغاة حيث يقول

تالله ما الطغيان يهزم دعوة

يوماً، وفى التاريخ بر يمــــــــينى

ضع ف يدي القيد، ألهب أضلعي

بالسوط، ضع عنقي على السكين!

لن تستطيع حصار فكري ساعة

و نزع إيماني ونور يقــــــــيني!

فالنور فى قلبي... وقلبي فى يدي

ربي ... وربي ناصري ومعيني!

سأعيش معتصماً بحبل عقيدتى

أموت مبتسماً ليحيا دينـــــــــــــى


من العوامل المعينة على تحمل الابتلاء

1-وضوح الهدف

إن من نعم الله على المؤمنين أصحاب ا لهدف الواضح إنارة البصيرة بعدما أنار بصائرهم وحمى قلوبهم وباعد بينهم وبين الشطط أن هدى نفوسهم إلى معالى الأمور ومنها:

أ-القرب من الجنة والبعد عن النار فذاك (جليبيب) رضى الله عنه الذى اتى بموافقة اهل العروس على زواجهه وجمع له أصحابه المهر حتى يستطيع أن يمهر عروسه سمع منادىالجهاد يا خيل الله اركبى فاشترى بما معه من مال سلاحا يقاتل به الأعداء ولقى جزاء حبه لله ودينه ووضوح هدفه فى الحياة نال الشهادة فى سبيل الله وبين الرسول الأكرم أن الحور العين تزفه إلى الجنة بعدما علم باستشهاده

وذاك (حنظلة بن عامر ) الذى ترك زوجه بعدما سمع نداء الجهاد وخرج من بيته دون الاغتسال من الجنابة ولقى ربه شهيدا ووجد الصحابة ببه بللا فسأل النبى عن حاله فأخبر من زوجته أنه خرج دون اغتسال فقال عنه النبى لقد غسلته الملائكةوأطلق عليه (غسيل الملائكة)

وذاك (عمير بن الحمام ) الذى تمنى الشهادة وعلم أنه اذا مات شهيا دخل الجنة فلما علم بالمعركة ترك التمر الذى كان فى يده وقال عن وقت اكله للتمر إنها لحياة طويلة (بخ بخ ) ونال الشهادة فى سبيل الله غرف أهل عليين وهى قصور متعددة الأدوار من الدر والجوهر تجرى من تحتها الأنهار يتراءون لأهل الجنة كما يرى الناس الكواكب والنجوم في السماوات العلا, وهى منزلة الأنبياء والشهداء والصابرين من أهل البلاء والأسقام والمتحابين في الله .

ب- الحرص على رضا الله ( رضى الله عنهم ورضوا عنه)فالمؤمن يسعى دائما إلى طريق رضا الله بقلب وثاب متطلع للعلا اقتداء بموسى عليه السلام الذ ى ما تحرك إلا رافعا شعاره الدائم ( وعجلت إليك رب لترضى) وهكذا كل العاملين فى حقل الدعوة يسيرون فى هذا الطريق راجين رضاه وهذا الشهيد ( أحمدياسين ) شهيد أرض الأقصى والإسلام كان يردد دائما( أملى أن يرضى الله عنى ) فما كان من الله أن يتخلى عن داع هدفه وأمله رضا مولاه


2 –الفهم الصحيح وترتيب اولويات حياته

مما يميز انسانا على انسان (الفهم الصحيح لقضيته ) ألا وهى الإسلام ( ففهمناها سليمان) وغرس النبى هذا الفهم فى قلوب وعقول الصحابة الكرام وتربى عليه أصحاب الهمة العالية من الذين حملوا الإسلام (مصحف وسيف – دين ودنيا- عبادة وعقيدة-----) ووضعوه أمام أعينهم فى كل حياتهم وجعلوا حياتهم لله ورفعوا شعار(حياتى كلها لله)ورددوا فى كل أوقاتهم ( الله غايتنا )نرى ذلك واضحا جليا فى السيرة والتاريخ :

ا- هذا أبوبكر يأتى بكل ماله لنصرة الدين ولما سئل ماذا تركت لأولادك قال تركت لهم الله ورسوله ,وهو أيضا يدخل الغار قبل حبيبه (محمد )صلى الله عليه وسلم فداء له (لأنه رمز الدين والدعوة)

-وهذا صهيب الرومى الذى ضحى بكل ماله وقال ‏"‏لما أردت الهجرة من مكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم قالت لي قريش‏:‏ يا صهيب قدمت إلينا ولا مال لك، وتخرج أنت ومالك والله لا يكون ذلك أبدا، فقلت لهم‏:‏ أرأيتم إن دفعت لكم مالي تخلون عني‏؟‏ قالوا‏:‏ نعم‏.‏ فدفعت إليهم مالي فخلوا عني، فخرجت حتى قدمت المدينة، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ربح البيع صهيب مرتين‏) ونزل فى شأنه قرانا (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد)فرحم الله أصحاب الفهم السليم

ج-وهذا على بن أبى طالب الذى نام فى فراش رسول الله( صلى الله عليه وسلم)يوم الهجرة وهو يعلم أن نومه هذا ربما يؤددى إلى قتله .

فلا مال ولازوجة ولا ولد ولا شباب يمنع أن يتقدم الواحد بإيمانه وفهمه الصحيح لخدمة هذا الدين فالمسلم الداعية المؤمن بدعوته الذى يجعله حياته كلها ( مال وولد وجاه وزوجة ووظيفة وراحة ----)يجعل حياته وقفا لله فلا يتصرف فيها إلا فيما يرضر ربه ويحقق مصلحة دينه ويجعلها لله( قل إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين )يجد لذته فى تضحياته وبذله


3-الايمان بالقضاء والقدر

الإيمان بعلم الله الشامل المحيط بكل شيء يعلم الغائب والشاهد ، والظاهر والمستتر ، وأنه سبحانه لا تخفى عليه خافيه ويعلم ما توسوس به الصدور ويعلم ما كان وما سيكون وأنه لا يقع شيء في الوجود إلا بعلمه سبحانه كما قال جل وعلا :(وعنده مفاتحا لغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولاحبةٍ في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين ) إن الله سبحانه لا يقدر شراً محضاً ليس فيه خير ، بل كل ما قدر وإن ظهر لنا أنه شر كله فإن من وراءه من الخير مالا يعلمه إلا الله كتكفير السئيات ورفعة الدراجات وتمحيص المؤمنين وتبصيرهم بعيوبهم وكشف ما يخطط لهم أو دفع شر أعظم مما حل بهم كحفظ دينهم ولو ذهب شيء من دنياهم ، ونحو ذلك من المصالح التي لا تخطر على البال ثمرة الإيمان بالقضاء والقدر : هدوء القلب وراحة البدن والنفس والأعصاب ومفارقة الهم والحزن , فلا تمزق ولا توتر عصبي ولا شذوذ ولا انفصام وإنما رضاء وسكينة وسعادة وراحة وطمأنينة وبرد اليقين وقرة العين وهناء الضمير وانشراح الصدرإن الإنسان الذي يؤمن بالقضاء والقدر ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وأن الأمة لو اجتمعت لن تضره إلا بشيء قد كتبه الله عليه , وأنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها : هذا الإنسان هو أسعد الناس.


4-الصبر الجميل

فقال سبحانه : ( ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إن لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون)- وقال رسول الله معلما ابن عباس{واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ) ورواه الترمذى

فالصبر على الابتلاء من العوامل القوية التى تعين الفرد على الطريق ( فاصبر صبرا جميلا ) هكذا أمر الله نبيه محمدا ( صلى الله عليه وسلم)وعجبا لأمر المؤمن وليس ( لأحد إلا للمؤمن إن أمره كله خير) والصبر من معالم العظمة وإشارات الكمال كما أنه من دلائل الرجولةالناضجة ومن ثم كان نصيب الدعاة من البلاء والصبر عليه كبيرا

قال سيد قطب رحمه الله : " فالصبر خير عطاء وأعظم نعمة ينعم الله بها على العبد الصابر، فالمؤمن المجاهد الذي ارتضى لنفسه طريق التضحية لن يستمر في هذا الطريق ما لم يتحل بالصبر ، وأية فئة اختارت طريق الابتلاء فلن تدوم رابطتها ولن تتماسك بنيتها ما لم تتواص بالحق وتتواص بالصبر، والصبر هو زاد الطريق في هذه الدعوة المباركة " .


5-الثواب المنتظر

إن الثواب المنتظر من الله الواحد الأحد الذى رفع أقواما وحط بأخرين رفع بلالا ( العبد الحبشى مؤذن الرسول )وحط من أبى جهل ,رفع من قدر سلمان الفارسى وقال عنه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) سلمان منا آ ل البيت وحط من قد ر ابى بن خلف

وما يشاك المؤمن من شوكة أويصاب من مصيبة إلا كفر الله به ذنبا وحط عنه خطيئة وماأعظم الثواب عند الله عند القيامة بأن الصابرين هم واهليهم على البلاء من ( اعتقال وتغييب وتعذيب ) وما شاكل ذلك إلا وصبروا على ذلك ابتغاء وهالله العظيم إلا جعل منزلتهم مع الانبياء والشهداء لا لشئ إلا أنهم كل ذلك فى الله ولله وصدق الرسول القائل ( صبرا آل ياسر فإن مصيركم الجنة)

هذا فى الأخرة فما بالك بالدنيا والفرح عند نصر الله والتمكين وإنه لقريب وإنى رييييح النصر والتمكين قادمة من ثبات إخواننا على البلاء ليرتفع دين الله على كل البقاع ويسير المرء من أقصاها إلى أقصاها لا يخاف إلا الله مع سعيه الدائم

نحن الذين بايعوا محمدا

على الجهاد ما بقينا أبدا

همسة فى أذن كل محب

– إن الحياة صراع بين الحق والباطل وسنة التدافع مستمرة إلى قيام الساعة ، والفائز في ذلك الصراع هو الأطول نفساً والأكثر صبراً وتحملاً .والصبر كنز من كنوز الخير لا يعطيه الله إلا من أحب إن من العوامل الضرورية في سلوك طريق الصبر والتدرج في مدارجه ، هو الصحبة الصالحة، فصحبة الصالحين ومجالستهم والتأمل في أخبارهم وسيرهم، يكسب المرء صلاحاً وتقوى ، وصحبة الصالحين تضيء للمسلم طريق الخير والهدى

فكم من الدعاة خرج من غياهب السجن بعد صبر جميل فوجد :

1- أولاده متفوقين فى شتى مجالات الحياة

2- أتم دراسته وحصل على أعلى الشهادات

3- بركة فى صحته مقارنة بأقرانه (هذه جوارح حفظناها بببطاعة الله فى الصغر فحفظها علينافى الكبر

4- ختم القران تلاوة (مرة على الأقل أسبوعيا) وحفظا وتجويدا

5- بيته آمنا مستقرا لأنه تركه لله وفى حفظ الله

ومن المنن والعطايا التى تحول كل محنة إلى منحة ولن نجد ذلك إلا فى ظل أيمان بالفكرة وانتظارا للنصر .

وهذا يوسف عليه السلام دخل السجن مظلوما ولكنه ما ضن على البشرية بالجواب الشافى لإنقاذهم من المجاعة والعمل على الاستقرار الاقتصادى ولما خرج أصبح وزير مصر العامل على رفعتها وما ذلك على بعزيز فإن رب يوسف هو ربنا ودين يوسف هو ديننا وهدف يوسف هو هدفنا (والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايفقهون ) وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .