لماذا لا تنفض السلطة يدها من أوسلو ؟؟!!

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لماذا لا تنفض السلطة يدها من أوسلو ؟؟!!

بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

في الوقت الذي نؤمن فيه أن قيام سلطة فلسطينية يعتبر مطلبا وطنيا و شرعيا ، و لذا رحب الشعب الفلسطيني بقيام سلطة الحكم الذاتي خاصة في بداية الأمر ، ظنا منه و قد غررت به التصريحات البراقة أنه سيتخلص من الاحتلال ليعيش مرحلة استقلال حقيقية ، و لكن الذين لم تتمكن الدعاية الإعلامية المضللة من الاستحواذ على عقولهم ، و سلبهم أفهامهم وقفوا موقف المتوجس خيفة من مخاطر قيام سلطة فلسطينية قبل الأوان ، و بشروط تسلب السلطة سلطتها ، و أدركوا أن سلطة الحكم الذاتي التي قامت بناء على اتفاقيات أوسلو قد ولدت مكبلة ، و إرادتها مصادرة ، و لابد إذاً أنها ستعيش مأزقا حقيقيا ، .

و أنها لن تتمكن أبدا من تلبية طموحات الشعب الفلسطيني في التحرر و الاستقلال ، و حذّروا من خطورة التفاؤل غير المحسوب ، و لكن السلطة لم تلقِ بالاً لهذا الطرح الواعي و الذي كانت تمثله الحركة الإسلامية في فلسطين ، و كذلك الحركات الإسلامية المختلفة في أقطارنا العربية و الإسلامية ، و كثير من القوى الأخرى ، و ضربت السلطة عرض الحائط بهذه النصائح المخلصة ، فماذا كانت النتيجة ؟!! كما نرى فشلا ذريعا أعاد القضية الفلسطينية عشرات السنين إلى الوراء ، مما يشكل تهديدا لمستقبل القضية الفلسطينية ، بل و للوجود الفلسطيني.

فلا غرابة إذاً إن رفضت الحركة الإسلامية المشاركة في السلطة ، بل الغرابة كل الغرابة أن تقبل المشاركة فيها بعد أن تكشفت الأمور و تبين أن الحركة كانت على صواب في موقفها الرافض لأوسلو ، فالسلطة اليوم تقف عاجزة أمام ما ألزمت به نفسها فيما وقعت عليه ، بل لا تجد سبيلا للهروب من الضغوط التي تمارس عليها من الغرب و الشرق و الصهاينة و العرب بحجة أنها لم تفِ بما التزمت به في الاتفاقيات المعقودة ، فهي في مأزق حقيقي خلقته لنفسها ، و كأن دعوتها اليوم لفصائل المعارضة للدخول في السلطة ، ليست سوى دعوة لحشر المعارضة في نفس المأزق بدلا من بذل الجهد نحو إصلاح حقيقي يخدم المصلحة العليا للشعب الفلسطيني ، و يحرر السلطة من مأزقها .

وواجبنا الوطني يفرض علينا أن نتحرك الآن و قبل فوات الأوان من أجل إنقاذ شعبنا الفلسطيني من براثن أوسلو و استحقاقاتها ، و لا يكون ذلك إلا بإلغاء هذه الاتفاقية المشئومة ، و إن تساءل متسائل : "ألا يعني إلغاء أوسلو نهاية السلطة التي انبثقت عنها ؟ و إن كان كذلك فأي مصلحة للشعب الفلسطيني إذاً في إنهاء السلطة ؟" .. نقول إن السلطة لا تنتهي بإلغاء أوسلو ، .

و لكن الذي سينتهي هو عجز السلطة ، لتولد من جديد كثمرة لاستمرار المقاومة ، و ليس كما يريدها الصهاينة معولا لهدم المقاومة ، فالسلطة المطلوبة لإنقاذ الحالة الفلسطينية يجب أن تكون سلطة حرة مستقلة ، غير مكبلة أو ملاحقة بالضغوط الأمريكية و الصهيونية ، .

و سلطة كهذه لا يمكن أن تفرزها حالة الضعف التي كانت تعيشها منظمة التحرير الفلسطينية عندما بدأت مفاوضاتها مع العدو الصهيوني ، حيث كان همها الأكبر اعتراف العدو الصهيوني بها ممثلا شرعيا و وحيدا للشعب الفلسطيني ، و لتحقيق هذا الهدف دفع الشعب الفلسطيني ثمنا باهظا ، فقد كانت المنظمة تملك أوراق ضغط هامة ، منها الانتفاضة و المقاومة ،.

و منها الحاجة الصهيونية للانفتاح على العواصم العربية ، و منها وحدة الشارع الفلسطيني على خيار المقاومة ، و منها عدم الاعتراف بشرعية الدولة العبرية الغاصبة، و لكنها مزقت كل أوراقها على أعتاب المفاوضات و قبل الحصول على شيء ، فقد نبذت الإرهاب (المقاومة المشروعة للشعب الفلسطيني) ، و لقد اعترفت بما يسمى بدولة (إسرائيل) ، ثم انسلخت عن الوفود العربية مما أضعفها على طاولة المفاوضات ، و قبلت بلعب دور خطير تمثل بالتصدي للمقاومة الفلسطينية المشروعة ، ثم ألغت الميثاق ، أي أنها حرقت سفنها قبل أن تصل إلى بر الأمان فغرقت في دوامات الضغوط .

والسلطة الآن تمثل نقطة الضعف الأشد في الحالة الفلسطينية ، عليها تمارس الضغوط كي توقف المقاومة ، و لولا ذلك لوقف العدو الصهيوني أمام خيارين أحلاهما مر ، الأول أن ينسحب دون شرط أو قيد ، و الثاني أن يواصل احتلاله وعدوانه مع تلقيه الضربات الموجعة التي جعلت يديعوت أحرنوت تقول :

(إن "إسرائيل" في أزمة كبرى بسبب العمليات الاستشهادية .. أزمة لا تتعلق بقتل أشخاص يهود فحسب ، و لكن أزمة تتعلق بوجود "إسرائيل" ككل ، أي وجودها كدولة)، و مما لا شك فيه أن الكيان الصهيوني لن يتحمل الضربات التي باتت تهدد وجوده ، و لكنه اليوم يراهن على السلطة كي تنقذه من العمليات الاستشهادية ، و طالما أن هذا الرهان قائم فلن يفكر في الخروج ، و لن يسمح بميلاد سلطة حقيقية ذات سيادة .

فالمطلوب إذاً في هذه المرحلة أن ننقذ السلطة من حالة الضعف التي خلقها الالتزام بأوسلو، و أن نعزز قدرتها ببرنامج يرتكز إلى خيار المقاومة ، فاندثار أوسلو يعتبر مصلحة عليا للشعب الفلسطيني ، مما يفتح الباب على مصراعيه أمام مشاركة كل القوى في صناعة القرار الفلسطيني المستقل ، و يهيئ الأجواء لميلاد سلطة مستقلة وقوية، و إذا كان العدو الصهيوني قد نفض يده من أوسلو ، فلماذا لا تنفض السلطة يدها منها ؟!! .

المصدر

للمزيد عن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة بالرنتيسي

مقالات بقلم الرنتيسي

تابع مقالات بقلم الرنتيسي

.

حوارات مع الرنتيسي

حوارات مع عائلة الرنتيسي

بيانات حول إغتيال الرنتيسي

أخبار متعلقة

تابع أخبار متعلقة

.

وصلات فيديو

.