لماذا يظل الإخوان كبش الفداء الدائم لفشل الأنظمة؟

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لماذا يظل الإخوان كبش الفداء الدائم لفشل الأنظمة؟


مقدمة

حظيت جماعة الإخوان المسلمين منذ نشأتها على العديد من الاهتمام في شتى المجالات لما ظهرت به من فكر جديد وأعمال واقعية جعلت الجميع يحللون كريزمة هذه الجماعة التي أصبحت أكبر وأقوي حركة إسلامية على الساحة الإسلامية، حتى دفعت العديد من المخابرات العالمية لدراستها أو محاربتها ومحاولة عرقلة مسيرتها خاصة بعدما برزت أهدافها التي تتصدي للفكر الاستعماري والتبشيري، والعمل على فهم الإسلام المعتدل وفق ما جاء في القرآن الكريم والسنة المطهرة.

ولقد ظهر الإخوان المسلمون اسم للجميع وعلا شأنهم وقويت شوكتهم لتبنيهم المنهج الوسطي للإسلام لا غلو فيه ولا تفريط، ولذا حوربوا من كل ظالم وأعوانه، وحاولوا عزلهم عن بقية مجتمعهم وكأنهم جاءوا من كوكب أخر أو غزاة لهذه الأوطان وكأنهم ليسوا من ابنائها وعاشوا على أرضها وعملوا للنهوض بمقوماتها.

يقول حسن البنا هذه الدعوة بقوله:

لكل دعوة خصائص، ومن خصائص دعوة الإخوان - فيما أعتقد - أمور تحقق بعضها ونغفل عن البعض الآخر، وحبذا لو لاحظنا الجميع حتى يكون النجاح تامًا والتوفيق كاملاً إن شاء الله. من هذه الخصائص الإيجابية والبناء، فدعوتنا تبنى ولا تهدم وتأخذ بالإيجاب دائمًا، فعلينا أنفسنا قبل كل شىء. (1)

لقد وقع العالم الإسلامي كله تحت الاحتلال الغربي الذي عمد على طمس هوية الشعوب، وبث روح التغريب في نفوس الجميع، فاستجاب له من استجاب انبهارا بحضارته، أو خوفا من قمعه، ووقف في وجهه أحرار هذه الأوطان الذين وجدوا السبيل في مقاومته وإخراجه من وطنهم. كان الإخوان المسلمون أحد الذين جابهوا المستعمر وتصدوا له وطالبوا بمقاومتهم – خاصة بعد سقوط رأس الخلافة الإسلامية.

الذي يقرأ رسائل الإمام البنا رحمه الله يجد بوضوح لا لبس فيه أنه يحدد الموقف الإسلامي وهو الحكم الشرعي من الدول الغربية المعتدية على بلاد المسلمين ويذكر الدول الاستعمارية كبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وغيرها

وبعد أن يحدثنا رحمه الله عن جرائم هذه الدول التي ارتكبتها بحق المسلمين في بلاد المسلمين يقرر أنّ الوطن الإسلامي وحدة لا يتجزأ وأن العدوان على جزء من أجزائه عدوان عليه كله، وأن على المسلمين أن يقاتلوا الدول المعتدية ويحرروا أوطانهم منها

ويوصي شباب الدعوة أن يبينوا للناس اعتداء الدول الكافرة وجرائمها بحق المسلمين وأن يُعلموهم أن الإسلام لا يرضى من أبنائه بأقل من الحرية والاستقلال فضلاً عن السيادة وإعلان الجهاد ولو كلفهم ذلك الدم والمال، فالموت خير من هذه الحياة، حياة العبودية والرق والاستذلال، ويبشرهم بالنصر إن صدقوا الله في جهادهم مستدلاً بقوله تعالى: (كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قويٌ عزيز (21)) "المجادلة"

ويضيف:

ولنا حساب بعد ذلك مع إنجلترا في الأقاليم الإسلامية التي تحتلها بغير حق، والتي يفرض الإسلام على أهلها وعلينا معهم أن نعمل لإنقاذها وخلاصها أما فرنسا التي ادعت صداقة الإسلام حينًا من الدهر فلها مع المسلمين حساب طويل، ولا ننسى لها هذا الموقف المخجل مع سوريا الشقيقة، ولا ننسى لها مواقفها في قضية المغرب الأقصى والظهير البربري، ولا ننسى أن كثيرًا من إخواننا الأعزاء شباب المغرب الأقصى الوطني الحر المجاهد في أعماق السجون (2)

لقد سعى المحتل إلى طرح أشكالاً مزيفة للاستقلال المنقوص، وأداروا بمهارة الصراع بين القوى الأساسية المختلفة وقد أمسكوا بخيوطها، وبالتالي تدهورت الحالة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وانتشر الفساد بأشكال مختلفة في كل هذه المجالات

ولذا جعل الإمام حسن البنا تحرير الوطن من هذا الاحتلال هدفاً رئيسياً من أهداف المشروع الإسلامي "وهى تحرير الوطن من كل سلطان أجنبي" وأن هذا لابد أن يسبق إقامة الحكم الإسلامي المنشود، والذي استند فيه على تعاليم الإسلام الذي جعل الحرية فريضة من فرائضه لا يجوز التنازل عنها أو التفريط فيها، وان الجهاد لتحرير الوطن فرض عين وواجب حتمي تسعى الأمة كلها إليه

لقد كان الإمام الشهيد يستهدف نزع جذور الاستعمار الأجنبي من العقول والأفكار ومن النفوس والقلوب، ومن تبعية السلوك والتقليد وادعاءات المصالح والارتباطات، كان يريد تحريراً واستقلالاً كاملاً شاملاً لا يقتصر فقط على مجرد رحيل القوات الأجنبية، ولهذا كان يؤسس مشروعه وخطته لمواجهة الاحتلال وفق هذه الرؤية الشاملة والبعيدة المدى ولهذا يؤكد على ضرورة التصدي للمحتل بكل أشكاله

فيقول:

"ومن هنا يعتقد الإخوان المسلمون أن كل دولة اعتدت وتعتدى على أوطان الإسلام دولة ظالمة لابد أن تكف عدوانها، ولابد من أن يعد المسلمون أنفسهم ويعملوا متساندين متحدين على التخلص من نيرها" (3)

لقد اعتبر الإمام البنا ان إخراج المحتل وتحقيق استقلال الوطن وتحريره من كل سلطان أجنبي في شتى المجالات، هدفاً رئيسياً تعمل عليه الجماعة وتحشد له طاقات الأمة، وهو يمثل المحور الأساسي لهذا الأمن القومي ووضع لذلك مسارات وبرامج وخطوات

فيقول:

"إن حقوقكم قد اجتمعت عليها كلمتكم، وارتبطت على المطالبة بها قلوبكم، وهى الجلاء التام عن وادى النيل بلا مراوغة ولا تسويف، ووحدة الوادي بلا تردد ولا إمهال، وحل المشاكل الاقتصادية المعلقة بيننا وبين الإنجليز على وجه السرعة، حتى تتنسم البلاد ريح الحرية، ويطمئن الناس على حياتهم ومستقبلهم"

ويضيف:

"والإخوان المسلمون إذ يضعون هذه الحقوق والأهداف من رسالتهم موضع العقيدة والإيمان أنها ليست مما يصح أن يكون محلا للمساومة على الإطلاق، وكل من حاول ذلك فهو خارج على وطنه متحمل وحده تبعة عمله منبوذ من سائر المواطنين" (4)

حرب بالوكالة

يشير مفهوم الحرب بالوكالة إلى الفترات التي توجد فيها قوى كبرى (إقليمية أو دولية) تتنافس على النفوذ في منطقة ما أو في العالم وتحاول هذه القوى أن تتجنب حروبًا مباشرة بينها، فتبدأ في زيادة نفوذها من خلال التدخل في بعض الدول الأصغر والتي تمثل قيمة استراتيجية أو جغرافية أو اقتصادية، أو تقوم بدعم بعض الجماعات أو الأحزاب السياسية لإسقاط أنظمة معادية لها، أو مواليه لأعدائها.

تتطور هذه الحالة لدعم بعض القوى العسكرية داخل هذه الدول الأصغر، من طرف الدول الكبرى. وقد شهد العالم القديم العديد من هذه الحروب بالوكالة. وفي مصر يقود النظام حرب بالوكالة ضد جماعة الإخوان المسلمين بل ويلقى بظلال فشله على هذه الجماعة التي أصبحت الأن لا تملك حق الرد لغياب قيادتها وأفرادها خلف القضبان ولا يسمح لأحد منهم بالرد على ما يروجه إعلام النظام.

غير أن الأنظمة العربية تعمل على حرب الوكالة لسببين:

  1. كرهها للنظام الإسلامي والحركات الإسلامية والتي تخشى من وصلها للحكم.
  2. العمل على الحفاظ على عروشهم وكراسي الحكم والتي تساعدهم فيها دول غربية تخشى انتفاضة الشعوب الاسلامية وتخليها عن الهيمنة الغربية.

وهذا ما قامت به الأنظمة العربية والإسلامية ضد الحركات الإسلامية عامة وجماعة الإخوان المسلمين خاصة لما تمتعت به من شعبية كبيرة في أوساط الشعوب، ومن ثم اصبحت كبش فداء لهذه الأنظمة التي فشلت في تحقيق طموح شعوبهم، وفشلت في وجود انجاز حقيقي يشفي صدور هذه الشعوب.

لقد روج السيسي أمام الجميع أن الإخوان كانوا يسعون لإقامة دولة إسلامية في المنطقة، تحكم بالشريعة الإسلامية، ولن تلتزم بمعاهدات السلام مع دول الجوار وهو ما جعل الغرب يعطونه الضوء الأخضر للانقلاب على اول رئيس مدني من الإخوان.

حيث كشف السيناتور ستيف كينج – عضو الكونجرس الأمريكي عن الحزب الجمهوري - أن عبدالفتاح السيسي أخبره فى لقائه بالوفد الأمريكي، أن الرئيس المعزول محمد مرسي كان يرغب في تطبيق الشريعة الإسلامية، وفرض القانون الإلهي، وتابع: "السيسي قال الشريعة ثم نكس رأسه لأسفل وهزها في اشمئزاز"، حسب وصفه.

واعترف كينج – فى تصريحات متلفزة عقب لقاءه بالرئيس عبدالفتاح السيسي، على هامش المؤتمر الاقتصادي - أن الوفد الأمريكي الذى ترأسه "روبر أكر" رئيس اللجنة الفرعية للشئون الخارجية بمجلس الشيوخ، أخبر السيسي أن الإدارة الأمريكية لم تكن ترغب في بقاء جماعة الإخوان في السلطة، مشيرا إلى أن واشنطن تدعم النظام الجديد لأنها تعلم جيدا أنه سيقام "الشريعة الإسلامية" وسيعمل على نقل مصر لأحضان العالم الغربي.

وشبه عضو مجلس الشيوخ الأمريكي الرئيس السيسي بـ "كمال أتاتورك"، مشيرا إلى أن تولى أتاتورك الحكم في تركيا قضى على الإمبراطورية العثمانية، ونقل بلاده من الشرق إلى الغرب لتصبح جسرا يربط بين الجانبين، إلا أن الأمر تراجع بشكل واضح في ظل حكم رجب طيب أردوغان، وذلك حسب قوله.

وأكد كينج أن السيسي تم تنصيبه في مصر كي يصبح "أتاتورك" الإسلام في العالم كله، وإذا نجح في ذلك ستكون هناك علاقة أكثر سلمية مع قرابة 1.3 مليار حول العالم يصفون أنفسهم بأنهم "مسلمين"، حسب زعمه. (5)

فقد كتب سيف الإسلام صبحي:

ثمة سياسة متقنة تظهر في شكل حرب متعددة الجوانب يخوضها نظام السيسي منذ 3 يوليو - تموز 2013 ضد جماعة الإخوان المسلمين وعموم الإسلاميين في مصر، وهو ما يحتاج إلى تفكيك وتفسير تلك الحرب (إعلامية، أمنية، اقتصادية، فكرية) على الإسلاميين، وفي مقدمتهم الحركة الإٍسلامية الأكبر "الإخوان المسلمون".

على المستوى الإعلامي تبنت المؤسسات الإعلامية المحسوبة على النظام سواء نبعت ملكيتها من رجال أعمال موالين للنظام أو محطات تمتلكها دول خليجية مؤيدة ومساندة لنظام السيسي أو محطات تمتلكها إحدى مؤسسات الدولة، خطاباً تعبوياً سواء ضد حكم الجماعة إبان وجودها في السلطة أو بعد الانقلاب العسكري وتحوّل في الكثير من الأحيان إلى اعتبار الإسلاميين جميعاً أعداء للنظام دون غيرهم من القوى السياسية الأخرى.

وطوال سنوات تنوع الخطاب الإعلامي المصري باختلاف موجهيه، لكنه لم يهمل المقصد الأساسي في القضاء على الإسلاميين عبر الحشد والتعبئة الإعلامية، ولم يكن الخطاب الإعلامي مبتدعاً بقدر ما كان ترجمة لبعض السياسات التي انتهجها النظام.

وعلى الجانب الأمني، تلقى الإسلاميون أقوى الضربات الأمنية في تاريخهم سواء باعتقال قياداتهم من الصفوف الأولى والثانية، أو على مستوى الأفراد المتعاطفين غير النظاميين، وخاض النظام ضربات استباقية نتج عنها توقف التظاهرات المدعومة من "تحالف دعم الشرعية" الذي تزعمته جماعة الإخوان

وغلب عليه الطابع الإسلامي من خلال القوى المكونة له، توقفت المظاهرات سواء في الشارع أو داخل الجامعات، وقضت الضربات الأمنية على الحركات الطلابية وبعض الحركات التي انتهجت عنفاً طفيفاً مقارنة بسياسة القمع الأمني العنيف للنظام، فيما اعتمد النظام على سياسة تجفيف المنابع التي أضرت بالتنظيمات الإسلامية

وجعلتها تعاني من جفاف مالي أثر على أنشطتها الداخلية وفعاليتها، ناهيك عن سياسات الإخفاء القسري والتصفية الجسدية، كل تلك السياسات الأمنية القاسية أفقدت الإسلاميين قوتهم وتأثيرهم في الشارع المصري، وبدا النظام المصري بقيادة السيسي يخوض حرب تطهير ضد الإسلاميين في المجتمع المصري وليس فقط من على الساحة السياسية.

على المستوى الاقتصادي اعتمد الإسلاميون على مصادر متعددة للتمويل، وهو ما حفظ لهم الاستمرارية والقدرة على تلقي الضربات لمدة طويلة والقدرة على التكيف، إضافة إلى الاعتماد على مؤسسات اجتماعية كالمدارس والمستشفيات والجمعيات الخيرية

ومنذ الانقلاب العسكري لم يألُ النظام المصري جهداً في تجفيف منابع الإسلاميين المالية واستخدم في ذلك وسائل شتى كالتحفظ على الأموال التي شملت مئات من قيادات جماعة الإخوان المسلمين وبعض القيادات الإسلامية، بل وامتد الأمر إلى مجرد الاشتباه في التعاطف مع الإسلاميين وسرعة استخدام الضربات الاقتصادية لهم، كالتحفظ على أموال اللاعب المصري السابق محمد أبوتريكة.

تعمّد نظام السيسي القضاء على اقتصاديات الإسلاميين في مصر فيما يشبه سياسة "التأميم" التي اتبعها عبدالناصر في السابق، وازدادت المؤسسات المجمّدة أموالها أو المتحفظ عليها حتى بلغت مئات الجمعيات والمستشفيات والمدارس بزعم ملكيتها لقيادات الإسلاميين!

خاض النظام كذلك حرباً فكرية على مستوى واسع ليس فقط ضد الجماعات الإسلامية بل ضد مؤسسات حملت الفكر الإسلامي، تارة بوصفها داعمة للإرهاب، وتارة أخرى لخوفه من قيامها بدور قد يجعل هناك نزعة نحو الالتفاف حولها، وبدا النظام غير مسلح بأيديولوجية معينة إلا من سياسة الترهيب التي اتبعها لمحو الإسلاميين

غير أن المدقق في السياسات المتبعة يجد لها مقصداً واضحاً هو استبدال ما يمكن أن نطلق عليه "الإسلاموية السياسية" بإسلاموية لا تلتفت نحو السياسة أو تسير في ركب النظام، أو استبدال السلفية "السياسية"، بسلفية "جامية"، بدا ذلك جليّاً في تسامح النظام مع حزب النور وترك هامش من مزاولة العمل السياسي والدخول إلى البرلمان مقابل الاستمرار في تقديم دعم كبير لنظام السيسي وصل لتأييد التعديلات الدستورية التي تستهدف إطالة أمد السيسي على سدة الحكم مدة تزيد على 10 سنوات إضافية.

سمح النظام بتداول قضايا فكرية معينة كقضايا الإلحاد، ودعوات خلع الحجاب العلنية، والفصل الكامل للدين عن الدولة، لكن بغير أن تصير تنظيماً قد يخشى تشعبه بعد حين، وبدت كأنها تخدم مصالح النظام بطريقة مزدوجة، فبوجه أول تثير الكثير من البلبلة التي يعتمد عليها النظام في إلهاء المواطنين عن الاهتمام بقضايا سياسية مفصلية

وعلى الوجه الثاني تستهدف تحجيم انتشار الإسلاميين مرة أخرى، واعتمدت وسائل شتى داخل منظمات المجتمع المدني والتي أتيح لها هامش من الحرية في الدعوة لمثل تلك الأفكار، إضافة إلى بروز بعض الوجوه الجديدة الداعية إلى أفكار غريبة عن بنية المجتمع المصري.

قد يكون من الإجحاف النأي عن الحديث عن الصراع بين الأزهر والسيسي في سياق الحرب الفكرية، وهو ما يعتبر من أحد أوجهها الأصيلة، إذ عمد النظام إلى تكثيف الضربات التي استهدفت الدور المحوري الذي يقوم به الأزهر عبر إثارة عدد من القضايا الفقهية والفكرية والتي تحمّلها السياسي بشكل شخصي كالطلاق الشفهي، وتحديد النسل، وتكفير داعش، والزجّ بشيطنة الإخوان للأزهر

وأتت تلك الخطوات تالية للضربات الأمنية التي تلقاها طلاب جامعة الأزهر، وقد هزت من صورة شيخه ومسؤوليه الرسميين لدى الطلاب، وبدا هؤلاء وكأنهم محسوبون على النظام، ما أبعد احتمالية أن تدعم أي قوى إسلامية الأزهر. وهو ما سهل المهمة على النظام في حرب تقليم الأظافر التي خاضها ضد الأزهر واستهدفت -في بعض الأحيان إقالة شيخ الأزهر نفسه والمحصن دستورياً من الإقالة- لم يهدئها سوى تدخل إماراتي مؤخراً بعد القانون المثير للجدل الذي أصدره السيسي والذي يحد من تحركات شيخ الأزهر خارج البلاد.

يحاول السيسي القضاء على الإٍسلاميين بشكل رئيسي مع محاولة حثيثة لوضع إسلاميين آخرين قد يظهرون بشكل أكثر تسامحاً مع سياسات النظام وهو ما يظهر من خلال ما تقدم ذكره. (6)

كبش فداء لإنجازات وهمية

منذ أن ظهر الرئيس عبدالفتاح السيسي على الساحة السياسية في مصر، وقدم عدة وعود للمصريين لحل عدد من الأزمات وكذلك إقامة عدد من المشروعات بل وصل الأمر إلى وعود باستقرار الحالة الأمنية خاصة وانه تسلم البلاد في وضع أمني صعب.

حيث وعد السيسي بالبدء في تنفيذ مشروع "المليون وحده سكنية" خلال المؤتمر الاقتصادي، ولكن تعثر هذا الوعد بعد نفى الشركة الإماراتية "أرابتك" تنفيذ المشروع، كما وعد باستصلاح مشروع المليون فدان، وتنفيذ مشروعات لتنمية شبه جزيرة سيناء، و تحسن سعر صرف الجنيه مقابل الدولار غير أن ذلك لم يتحقق بل حدث العكس حيث انهار الاقتصاد المصري وزاد الدين الداخلى أكثر من 75 % والدين الخارجي بنفس الدرجة، ومن ثم كان في كل اخفاق يحدث يقدم جماعة الإخوان المسلمين ككبش فداء لإخفاقه.

فقد نشرت مجلة الإيكونوميست مقالاً بعنوان: "كبش الفداء المفضل لدى الحكومة المصرية" وجاء العنوان الفرعي ليوضح مضمون المقال حيث قال: "عندما تسوء الأمور، يلوم النظام دائماً الإخوان المسلمين"

ومما جاء فيه:

كان أمام الركاب الواقفين على الرصيف انتظاراً لركوب القطار – كان أمامهم ثوانٍ فقط حتى يركضوا هرباً من أن يلتهمهم أتون النيران. وكان أحد القطارات يوم 27 فبراير الماضي قد اندفع بسرعة شديدة عند دخوله محطة القاهرة الرئيسية (محطة مصر) واصطدم بأحد الحواجز مما أدى في النهاية إلى تحطمه وانفجاره، وأسفر عن وفاة 22 شخصاً. وكان سائق مهمل هو من تسبب في وقوع الحادث بعد أن نزل من القطار للتشاجر مع عامل آخر دون ضبط المكابح قبل نزوله. وكان هذا فشل آخر من سلسلة من الفشل المتكرر للسكك الحديدية المملوكة للدولة على مدار تاريخها الطويل.

ومع ذلك، فقد صب الصحفيون المصريون الساخطون جام غضبهم على "قوى تعمل في الظلام". فادعى المنتقدون بشكل زائف أن سائق القطار كان من كرداسة، وهي قرية معروفة بتعاطفها مع جماعة الإخوان المسلمين، التي كانت يوماً هي الجماعة الإسلامية الأبرز في مصر. وقال نشأت الديهي، أحد مقدمي البرامج التلفزيونية المحسوبين على النظام: "لا يمكنني استبعاد أن الإخوان هم من استخدموا هذا السائق للقيام بالحادث".

وادعى أحد الأكاديميين في مقابلة تليفزيونية على قناة أخرى بأن رد الفعل الغاضب لاصطدام القطار يُعد دليلاً آخر على وجود مؤامرة. وزعم أن جماعة الإخوان كانت تستهدف بهذا الأمر "صرف الانتباه عن الإنجازات" التي قام بها "الرئيس" عبد الفتاح السيسي.

ومن الأزمات التي قدم النظام فيها الإخوان كبش فداء:

  • ففي خريف 2016م ارتفع سعر الطماطم من 5 جنيهات للكيلو إلى 15 جنيهًا أو أكثر، كانت القضية قصة عرض وطلب، فانخفاض قيمة العملة في 2016 أدى إلى ارتفاع أسعار البذور لذا توقف المزارعون عن زراعة المحاصيل الخاسرة. لكن بالنسبة لجريدة الوطن اليومية لم تكن هذه مشكلة اقتصادية بسيطة، لقد كان "إرهابًا ماليًا"، فالإخوان اشتروا محصول الطماطم من جميع أنحاء البلاد ووضعوه في المخازن، وكذلك الأمر بالنسبة لمشكلة نقص السكر عام 2016، فقد كان الإخوان السبب في ذلك أيضًا.
  • وتسببت العواصف الشتوية في نوفمبر عام 2015 في سقوط أكثر من 50 ملليمترًا من الأمطار على الإسكندرية وهو ضعف حجم الأمطار التي تسقط على المدينة كل عام في هذا الوقت، وبالطبع كان الإخوان مسؤولين عن ذلك، ولإثبات أنهم أغلقوا مصارف المياه بالأسمنت، نشرت وزارة الداخلية صورة لرجل يجلس بجوار أحد المصارف، وأعلنت وزارة الداخلية أنها ألقت القبض على 17 من الإخوان بتهمة "إغراق الإسكندرية".
وقال بيان الداخلية، إن المضبوطين متهمون بـ "سد المصارف ومواسير الصرف الصحي بإلقاء خلطة أسمنتية بداخلها لعدم تصريف المياه، وحرق وإتلاف محولات الكهرباء، وصناديق القمامة لإحداث أزمات بالمحافظة، وإيجاد حالة من السخط الجماهيري ضد النظام القائم". واستقبلت صفحات نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بيان الوزارة بـ "التهكم والسخرية"، لافتين إلى أن الحكومة "تلقي بفشلها في معالجة الأزمة على شماعة الإخوان".
  • ففي نوفمبر قام جهاديين يُعتقد بانتمائهم للدولة الإسلامية "داعش" بقتل 7 أقباط، فأعلن موقع الإخوان أنه هجوم كاذب للتشهير بالإخوان، لكن الشرطة المصرية وعلى خلفية هذا الحدث قتلت 10 أشخاص مشتبه بهم وادعت أنها خلية تمولها جماعة الإخوان بشكل جيد حيث كانوا يملكون مخزونًا جيدًا من الخبز والجبنة والتونة المعلبة، لكن لم يكن لديهم بطاطس.
  • وحينما حدثت أزمة الدولار أعلن النظام أن جماعة الإخوان المسلمين هي من تقف خلف هذه الأزمة وتم القاء القبض على رجل الأعمال حسن مالك والعديد من الإخوان وتم الحكم عليهم بالمؤبد بتهمة الإضرار بالاقتصاد المصري.
  • وفي أزمة الليمون الأخيرة 2019م وارتفاع الأسعار حتى بلغت 100 جنيها للكيلو ألقى النظام باللائمة على جماعة الإخوان المسلمين، حيث صرح النوبي أبو اللوز الأمين العام لنقابة الفلاحين المصريين إن استمرار أزمة ارتفاع أسعار الليمون كل هذا الوقت "مفتعل" من قبل بعض كبار التجار المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين

من الواضح أن النظام يرد أن يظهر نفسه دائما بالصورة الملائكية، حيث يتهم الإخوان بانهم وراء الإشاعات التي تقلق من انجازاته، أو أنهم وراء الأزمات التي تحدث، وإن لم يكن الإخوان يلقى باللائمة على حكومته وأنه لولا الرئيس وجهوده لضاع كل شيء.

المراجع

  1. مجلة الإخوان المسلمين الأسبوعية، العدد (1)، السنة الخامسة، 11 ربيع الأول 1356ه - 21 مايو 1937م، صـ1.
  2. رسالة المؤتمر الخامس: مجموعة رسائل الإمام البنا، دار التوزيع والنشر الإسلامية، 2006م، صـ 413.
  3. رسالة المؤتمر الخامس: مرجع سابق، صـ410.
  4. جريدة الإخوان المسلمين: العدد (89)، السنة الرابعة، 7 ربيع أول 1365 - 9 فبراير 1946، صـ3- 5.
  5. سيناتور أمريكي: «السيسي» أخبرنا أن «مرسي» كان يرغب في تطبيق الشريعة موقع المصريون
  6. سيف الإسلام صبحي: كيف يقضي السيسي على الإسلاميين في مصر؟