ماذا بعد انجلاء الغبار ؟!

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
ماذا بعد انجلاء الغبار ؟!

بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

لقد اتضحت الصورة، وتبينت أبعاد المؤامرة، ولا يجادل في وضوحها إلا مكابر أو منتفع من هذا الواقع الخطير، فالصهاينة ولا أقول شارون لهم مشاريعهم الخاصة بهم، وهذه المشاريع تمثل أهدافا استراتيجية لهم، وأهدافهم الاستراتيجية ترجمة صادقة لطبيعتهم العدوانية ومعتقداتهم التوراتية وغريزتهم العنصرية، وبما أن أهدافهم تتناقض تناقضا جذريا مع كلمة السلام، فلن تجد كلمة السلام التي تلوكها ألسنتهم مكانها في أجندتهم السياسية، بينما تمتلئ أجندتهم بنذر الحرب، ففي الوقت الذي كان يدور فيه الحديث عن السلام، وتفتح فيه أبواب العواصم العربية لاستقبال الصهاينة القتلة، كان الصهاينة يعدون العدة للحرب، يجلبون أحدث أنواع العتاد العسكري الأمريكي،

ويطورون منظومتهم الصاروخية، ويسمنون ترسانتهم النووية، ولا ننسى توسيع المستوطنات وتحصينها وتسليحها، وشق الطرق في الضفة والقطاع، وغير ذلك مما يشير بما لا يدع مجالا للشك بأن اليهود يعدون لعدوان جديد، قد يطال العديد من دولنا العربية، والتهمة جاهزة "دعم الإرهاب" ولها مسوغ في قانون الغاب الذي تحكم به أمريكا عالمنا اليوم.

ولكن قبل أن يتفرغ الصهاينة لدولنا العربية فإنهم سيعملون على اجتثاث المقاومة في فلسطين، فهاهم يقتحمون المدن الواحدة تلو الأخرى، ويرتكبون فيها أبشع صور الإرهاب كما جرى في رفح وطولكرم ورام الله ونابلس، ورغم ذلك لا نسمع أصواتا تتحدث عن نهاية ما يسمى بالعملية السلمية، بل على النقيض نرى أن بل كلينتون يبدو من حديثه واثقا ومبشرا بأن معجزة يمكن أن تحدث لتنقذ ما يسمى بالعملية السلمية فيقول " ربما يبدو السلام الآن بنظركم كمعجزة ولكن المعجزات تحدث، كونوا مستعدين لاستقبالها "، فهل هو يتنبأ أم أنه على دراية بالمؤامرة التي تدور الآن لتصفية القضية، ربما لا يروق للبعض رؤية الأشياء من منظار التآمر، ولكن المتتبع لأحداث التاريخ يؤكد هذه الحقيقية، خاصة تاريخ فلسطين.

ونحن أمام هذه الصورة الواضحة نقف لا محالة أمام خيارين:

الخيار الأول أن تصر السلطة على مسار ما يسمى بعملية السلام رغم قناعتها أن الثريا أقرب منالا من تحقيق سلام فيه هباء من عدالة، وحجة السلطة في ذلك أن الوضع الإقليمي والدولي واختلال موازين القوى لا تسمح إلا بذلك، ولكن السلطة تدرك قبل غيرها أن هذا الوضع الذي تقيم له كل الوزن ضاربة عرض الحائط بالوضع الفلسطيني الداخلي، لن يقبل من السلطة إلا أن تكون شرطيا يحمي الاحتلال، ويوفر الأمن لقطعان المستوطنين، أي تريدها سلطة لحدية، وظيفتها الوحيدة قمع الشعب الفلسطيني،

والتصدي للمجاهدين، مما يشكل خطرا داهما على الوجود الفلسطيني والقضية الفلسطينية، وستكون الحرب الأهلية هي الثمرة الوحيدة الممكنة إذا قبلت السلطة - لا سمح الله - بهذا الدور الوظيفي في خدمة الاحتلال، وقد صرح خبثاء الصهاينة بإن إشعال حرب أهلية في الضفة والقطاع إحدى أهم غاياتهم، وكلنا يذكر أن مستشارة الأمن القومي في أمريكا طالبت السلطة علنا بإطلاق الرصاص على الشعب الفلسطيني للقضاء على الانتفاضة وسحق المقاومة.

وأما الخيار الثاني أن تعلن السلطة عن وفاة أوسلو، وعن تحللها من التزاماتها كما جاءت في الاتفاقيات التي وقعت عليها، وأن تنحاز إلى خندق المقاومة كخيار استراتيجي، وما من شك أن لهذا الخيار تكاليفه، فهذا يعني بوضوح نهاية السلطة كمشروع دولة، ولن تكون التكاليف إذن باهظة لأن مشروع الدولة غير قابل للتنفيذ، ولكن من مزايا هذا الخيار أنه سيحافظ على السلطة كإطار وطني ثوري، وبالتالي سيصون الوجود الفلسطيني، ويحفظ القضية الفلسطينية من التصفية، ويجمع الصف الفلسطيني في بوتقة واحدة، ويعزز قدرة المقاومة على تحقيق أهدافها، ففي التحلل من التزامات أوسلو، يصبح التسلح مشروعا وليس جريمة مخجلة كما حدث في التعاطي مع سفينة الأسلحة، حيث بدت السلطة كأنها تتنصل من وصمة عار لحقت بها عندما نسبت السفينة إليها، وستصبح المقاومة عندئذ عملا مشروعا وليست إرهابا، فمقاومة الاحتلال لم تفقد مشروعيتها إلا في أوسلو، وسيصبح العدو أمام أمرين اثنين:

إما أن يذعن لشروط شعبنا الفلسطيني المجاهد، أو أن يواجه حرب استنزاف طويلة الأمد، باهظة التكاليف لا يريدها ولا يتمناها، ولا يمكنه تحمل تبعاتها.

أما وقد انجلى الغبار فبأي الخيارين ستأخذ السلطة ؟

المصدر

للمزيد عن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة بالرنتيسي

مقالات بقلم الرنتيسي

تابع مقالات بقلم الرنتيسي

.

حوارات مع الرنتيسي

حوارات مع عائلة الرنتيسي

بيانات حول إغتيال الرنتيسي

أخبار متعلقة

تابع أخبار متعلقة

.

وصلات فيديو

.