محاولة فاشلة للإساءة لإسلاميي الأردن بالبرلمان!!

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
محاولة فاشلة للإساءة لإسلاميي الأردن بالبرلمان!!


2004-31-10

مقدمة

شكَّلت مذكرة سلمتها خمس كتل نيابية وأربعة نواب مستقلين لرئيس الوزراء رسالةً قويةً، اعتبرتها أوساط عدة بأنها "تحالف نيابي" في مواجهة الحركة الإسلامية، فيما وصفها القائمون عليها بأنها "تاريخية"، وحملت رسالةً قويةً للنواب الإسلاميين والحركة الإسلامية لضرورة "إعادة هيكلة خطابهم السياسي للتعامل مع حركة الواقع"، في حين ردت جبهة العمل الإسلامي على المذكرة بمذكرة قوية، تفنِّد ما جاء فيها.

حملت المذكرة الأولى التي سلمها رئيس مجلس النواب عبد الهادي المجالي إلى رئيس الوزراء الأسبوع الماضي- بحضور 25 نائبًا- عددًا من النقاط التي اختلفت الأوساط السياسية في توصيفها بين اعتبارها "خطوة غير مسبوقة"، كما رآها الإسلاميون، وبين اعتبارها "تاريخية" كما رآها قائمون على المذكرة.

العمل الإسلامي خطوة غير مسبوقة

في رد مطوَّل على المذكرة وما سبقها من مداولات أصدر حزب جبهة العمل الإسلامي بيانًا رد فيه على مضامينها وما حدث من تحليلات قام بها كتاب وصحفيون، وجاء في البيان: "لقد كان المأمول من مجلس النواب أن يتصرف وفقًا للنظام الداخلي، بمحاسبة وزير الداخلية على جريمة الذم والقدح بحقِّ أحد زملائهم، أو حمله على الاعتذار، ولا سيما بعد أن تبين من مراجعة محضر الجلسة أن النائب زهير أبو الراغب لم يصدر عنه ما يبرر ما تعرض له وإخوانه من إساءة، أو على الأقل بحث المسألة ضمن البيت النيابي.. فكيف قلبت الأمور وأصبح الظالم مظلومًا والمظلوم ظالمًا؟‍ وما الذي حمل أغلبية نيابية- برئاسة رئيس مجلس النواب- على الخروج على الأعراف النيابية، فيشدُّوا رحالهم إلى دار رئاسة الوزراء؟‍

إن السمة الأولى للنظام الأردني أنه نيابي؛ حيث نصت المادة الأولى من الدستور على أن نظام الحكم في المملكة نيابي ملكي، وبناءً عليه فإن مجلس النواب يؤتَى ولا يأتي، كما جرى العرف أن مجلس النواب لا ينتقل إلا إلى الديوان الملكي، لتسليم رد مجلس النواب على خطاب العرش إلى جلالة الملك.

أما أن تذهب أغلبية نيابية- برئاسة رئيس مجلس النواب- لتحريض الحكومة على زملاء لهم، وعلى حزب أثبت على الدوام أنه في الخندق المتقدم لوطنه.. فهذا أمر يحتاج إلى مراجعة، وإلى تصويب، ولا سيما من الإخوة النواب، الذين لم يشاركوا في هذا الوفد، والذين شاركوا ولم يدُر بخلدهم أن موضوع الزيارة هو الشكوى غير المبررة على بعض زملائهم.

واعتبر بيان العمل الإسلامي أن أبرز ما ورد في المذكرة "أن الموقِّعين عليها يعبرون عن قلقهم إزاء تصاعد نبرة التحدي للقانون، ومحاولة تبهيت الولاء للنظام الملكي الهاشمي الموقَّر، والانتماء لثرى الوطن، وزيادة وتيرة خطابات التخوين والتكفير؛ مما يشكل تحديًا صارخًا لثوابت الدولة الأردنية"!!.

وتساءل البيان: نتساءل- ومعنا الكثيرون ممن اطلعوا على نص المذكرة- أين هو التصاعد في وتيرة التحدي هذه؟‍ فهل شكَّل حزب جبهة العمل الإسلامي عصابات مسلَّحة تستهدف مؤسسات الوطن؟ وهل أعلنت الحركة الإسلامية العصيان المدني؟ وهل وفرت الحركة الإسلامية الملاذ الآمن لعصابات باتت أخبارها تؤرق المواطنين؟ وهل أطلقت يدها في المال العام توزعه على الأقرباء والمحاسيب؟ وهل أقامت علاقة مع سفارات أجنبية وقوى خارجية تهدد الأمن الوطني؟ وهل أسهمت في نخر الوحدة الوطنية، وعزفت مع العازفين على وتر العصبية المقيتة؟ وهل سجل عليها عبر تاريخها الطويل استغلال الظروف والمنعطفات الحادة لتحقيق مصالح شخصية أو فئوية؟.. واعتبر البيان أن هذا الاتهام "معزوفة مشروخة لا تنطلي على أبناء الوطن".

وأشار البيان إلى عدد من الوقائع التي قال إنها لم تفلح في إخراج الحركة الإسلامية عن سمتها، مشيرًا إلى توقيف النائب السابق الدكتور همام سعيد- نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين- وهو في طريقه إلى المسجد لأداء صلاة الفجر، ومنعه من أداء الصلاة، و"نقله بما يشبه عملية الخطف إلى مركز أمن الشميساني دون أن يتمكن من إبلاغ أهله، أو إيصال سيارته؛ حتى لا يقلق أهله بسبب عدم عودته.

وأشار البيان إلى أن تعامل الحركة مع هذا الأمر اقتصر على الاتصال مع الحكومة، والتعبير بالكلمة، منبِّهًا إلى أن الحكومة "عمدت إلى تحويله إلى المحكمة، بدعوى أنه خرج على القانون في خطبة له في ساحة مجمع النقابات المهنية، فجاء قرار المحكمة ببراءة الدكتور همام سعيد مما نُسب إليه، وثبت أن خطفه وتوقيفه، وإلحاق الأذى النفسي به وبعائلته، وإشغال الرأي العام.. كان غير مبرر، ويفتقر إلى المشروعية".

ولفت البيان إلى حادثة الاعتداء على النائب تيسير الفتياني بعد استدعائه والنائب موسى الوحش؛ "للإسهام في تهدئة مسيرة كانت قد خرجت في مخيم الوحدات، تضامنًا مع الأشقاء في فلسطين، وجرى الاعتداء بالضرب من قبل عناصر أمنية على باب مركز الأمن على النائب الفتياني والمحامي حكمت الرواشدة"، مشيرًا إلى أن التعامل مع ذلك تم بالاحتجاج الرسمي على هذا التصرف، ومطالبة الحكومة ومجلس النواب بمعاقبة المتسببين.

ولفت البيان إلى أنه وخلال ثلاثة شهور احتلت الأولوية لدى وزارة الداخلية مسألة رفع العلم على المقار الحزبية، وإبراز صور جلالة الملك، وكلفت الحكام الإداريين بتفتيش المقار الحزبية؛ للتأكد من تنفيذ مضمون كتاب السيد وزير الداخلية، وقد أكدنا للحكام الإداريين ورجال الأمن العام أن علم الوطن ليس موضع خلاف، باعتباره رمزَ الوطن، وأن جلالة الملك هو رأس السلطات الثلاث، ورأس الدولة الأردنية، ولا خلاف في ذلك، ولكنَّ هناك رأيًا فقهيًَّا بشأن إبراز الصور، استنادًا إلى بعض النصوص الشرعية؛ ومن أجل ذلك خلت بيوت أعضاء حزب جبهة العمل الإسلامي والحركة الإسلامية ومكاتبهم من الصور حتى لآبائهم وأشخاصهم، وحينما أدركنا أن هنالك دفعًا باتجاه إحداث فتنة وأزمة.. عملنا على إقناع قواعدنا بإبراز الصور، وما زالت مبرزةً في مقارنا، على الرغم من أن جلالة الملك انتقد هذا الأسلوب الذي اتبعته وزارة الداخلية.

وأشار البيان إلى تعامل الحركة مع عمليات مداهمة منازل عدد من العلماء والدعاة- في مقدمتهم الدكتور إبراهيم زيد الكيلاني، والدكتور أحمد الكوفحي، والأستاذ أحمد الكفاوين، والأستاذ أحمد الزرقان، والدكتور محمد الحاج ليلاً، واعتقال بعضهم- كان من خلال الحوار مع الحكومة، وانتهت القضية "التي لم تكن مقنعة أصلاً للسواد الأعظم من مواطنينا".

وأشار البيان إلى أنه "وحين حاولت عناصر أمنية اعتقال النائب الدكتور محمد أبو فارس دون مذكرة توقيف كان التعامل مع هذا التصرف غير القانوني وغير اللائق بحق عالم نائب بالوسائل السياسية والإعلامية، ومن خلال التواصل مع دولة رئيس الوزراء".

ولفت البيان إلى أن "هذه الشواهد، وكثير غيرها اجتهدنا أن نذكِّر بها، ولا سيما بعض الكتاب الصحفيين، استخفوا بشرف الكلمة، فأطلقوا لأقلامهم العنان، حين راحوا يقيمون مقارنات بين ما يجري الآن وما كان يجري بين يدي أحداث سبتمبر عام 1970م، والذين تحدثوا عن الشفرة الحامية، والذين أساؤوا فهم بعض الشعارات التي يرددها أبناء الحركة الإسلامية، مثل "القرآن دستورنا"، وربما كان عذرهم أن صلتهم بالقرآن ضعيفة، إن لم تكن معدومة، فما من مسلم يعي حقيقة إسلامه إلا ويوقن أن القرآن الكريم هو المرجعية العليا له، وهذا ما أكد عليه الدستور الأردني، ومعظم الدساتير العربية، حين نص في المادة الثانية على أن الإسلام دين الدولة.

وتساءل البيان: فهل بعد هذا الاستعراض يملك منصف القول بأن هنالك تحديًا للقانون من قبل الحركة الإسلامية، ومحاولة لتبهيت الولاء للنظام، والانتماء لثرى الوطن؟‍ وأن خطاب الإسلاميين خطاب تخريبي؟

واعتبر البيان اتهام الحركة الإسلامية أنها تعارض الدولة ولا تعارض الحكومة اتهامًا باطلاً، وقال: "نعم نحن نعارض الحكومة، ومن حقنا أن نعارضها، وسنبقى نعارضها إلى أن تصدر في مواقفها وسياساتها عن مبادئ الأمة، وتلتزم بدستور الدولة، وتقدم مصالح الوطن على أية مصالح أخرى"، وأضاف: "ولكننا لسنا معارضةً للدولة الأردنية؛ لأننا جزء من الدولة الأردنية، ولا يملك أحد أن يزايد علينا في حرصنا على ثرى هذا الوطن، وأمنه واستقراره ومنعته".

واستهجن البيان تكرار الحديث بأن "الأردن هو البلد الوحيد الذي احتضن الحركة الإسلامية، وكأن الحركة الإسلامية من وجهة نظر هؤلاء الأوصياء الجدد على الدولة الأردنية غريبةٌ عن هذا الحمى، أو طارئةٌ عليه"، وقال: "إن الحركة الإسلامية من نبت هذا الوطن، خيرها له، وعداوتها لأعدائه والمتربصين به، وخصومتها مع الذين يتطاولون على قيمه النبيلة ومصالحه العليا"، واعتبر البيان أن سر اصطفاف وزراء ونواب وكتاب وصحفيين ضد الحركة الإسلامية مرجعُه إلى "أن هنالك تباينات كبيرة بين الحركة الإسلامية والحكومة إزاء كثير من القضايا، وفي مقدمتها العلاقة مع العدو الصهيوني، والاحتلال الأمريكي، والاستناد إلى العمق العربي والإسلامي، والموقف من الحريات العامة وحقوق المواطنين، ومحاربة الفساد"، و"النجاح الذي حققه حزب جبهة العمل الإسلامي، والثقة التي يتمتع بها لدى المواطنين؛ بسبب مواقفه المتميزة في الانحياز للوطن والأمة، والعلاقة الإيجابية مع الأحزاب السياسية، والنقابات المهنية والمؤتمرات الشعبية العربية والإسلامية.. أوغرت صدور بعض الذين ضاقوا ذرعًا بهذا النجاح، فانصرفوا إلى "مناكفة" الجبهة، بدلاً من التنافس معها على الخير".

واعتبر البيان أن "منطلقات حزب جبهة العمل الإسلامي المستندة إلى عقيدة الأمة، وإلى قيم الشعب الأردني، والموروث الحضاري للامة العربية والإسلامية، لا تروق لبعض الأطراف بل تزعجها، فتعمد إلى التنفيس عما في صدورها من خلال الاصطفاف ضد الحركة الإسلامية"، وقال: "إن الوطن يشهد ممارسات من الفساد بمختلف أشكاله الأخلاقية والسياسية والإدارية والمالية، ولا تستطيع الحركة الإسلامية- من منطلق الأمانة التي تحملها- السكوت على هذه الممارسات، فتعمد إلى كشفها والتنبيه عليها والمطالبة بوقفها، وهذا يحمل بعض الأطراف المتضررة من مواقف الحركة الإسلامية على الاصطفاف ضدها".

واعتبر أن بعض الصحفيين حققوا مصالح شخصية، ثمنًا لمواقفهم المعادية للحركة الإسلامية، ففتحوا بذلك الطريق أمام الطامعين بالمواقع الوظيفية والمكاسب المادية، ليحذوا حذوهم، ولفت إلى أن المنطقة مرشحة لأحداث كبرى؛ جرَّاء إمعان العدو الصهيوني في سياسة التهويد والإبادة، وجرَّاء تداعيات احتلال العراق، ولا تملك الحركة الإسلامية إلا الانحياز لمبادئ أمتها، ومصالح وطنها، فلا بد من خطة استباقية لخفض سقف المعارضة، وتحجيم دورها.

واستشهد البيان بالقضايا التي حركتها جهات حكومية عدة ضد رموز الحركة الإسلامية، ومن ثم صدور قرارات عن المحاكم بتبرئة المتهمين من هذه التهم، كما حصل بحق الدكتور همام سعيد، والنائب المهندس علي أبو السكر.

وطالب البيان من أسماهم بالذين يفتعلون الأزمات، ويحاولون تجريم أبناء الوطن المخلصين أن يتوقفوا عن هذا النهج، وأن يعتذروا لمن أساؤوا إليهم، ويفتحوا صفحةً جديدةً للتعامل؛ حفاظًا على هذا الوطن الغالي وعدم إشغاله بمثل هذه القضايا، ولا سيما أن الوطن العربي والأردن في مقدمته يتعرض لتحديات خطيرة، تستهدفه إنسانًا وأرضًا وثقافةً ونظامًا، وهذا يستدعي تعزيز الوحدة الوطنية وتعبئة المواطنين للدفاع عن وطنهم، وسدِّ كل ثغرة يمكن أن يتسلل منها العدو الذي لم يتخل عن أطماعه في الأردن؛ حيث عبر بعض قادته عن هذه الأطماع بقولهم: "عدت من الضفة الشرقية لإسرائيل".. فهل يدرك الجميع- حكومةً ونوابًا وإعلاميين- عِظَم المسئولية، وخطورة التحديات، قبل أن يقرعوا سن الندم؟!.

حدادين: المذكرة تاريخية

من جهته اعتبر الناطق باسم كتلة التجمع الديمقراطي النيابية النائب بسام حدادين المذكرةَ النيابية المرفوعة لرئيس الوزراء بـ"التاريخية"، مشيرًا إلى أنها "تحمل رسالة قوية لنواب الإخوان المسلمين الذين يمثلون تيارًا عقائديًّا تخرج من ثناياه التجاوزات على القانون"، وقال: "أعتقد أن هذا التيار وممثليه في البرلمان يحتاج خطابهم إلى إعادة هيكلة، بما لا يمس الثوابت والمبادئ للتعامل مع حركة الواقع والتقدم للأمام".

وأضاف حدادين- الذي يُعتبر أحد ابرز النواب الذين شاركوا في صياغة المذكرة-: أشرت إلى قضايا هامة جدًّا أهمها محاولات سياسيين من تلاوين مختلفة، وعلى الأخص من التيار الإسلامي، الارتداد في خطابهم السياسي وهو ما يمس الثوابت الأردنية المتعلقة بالعمل السياسي تحت مظلة سيادة القانون والدستور والابتعاد عن التكفير والتخوين".

ولفت إلى أن المذكرة طالبت بتفعيل القوانين ذات الصلة والتي تمكن العملية الديمقراطية من تحصين نفسها من محاولات توظيفها توظيفًا قاتلاً، ولقطع الطريق على تيارات الشد العكسي التي تعوق عمليات التقدم الديموقراطي، متذرعةً بأن الديمقراطية تتيح لقوى أصولية التمرد على الدولة ودستورها وأنظمتها، مشيرًا إلى أنه يقصد الأصوليات الإسلامية والماركسية والليبرالية والقومية.

واعتبر حدادين أن قيمة المذكرة في أن أغلبية برلمانية تقرع الجرس لتلقي النظر إلى هذه التجاوزات الجارية، وضرورة تصويب ما علق من الماضي في التجربة الأردنية؛ بهدف إفساح المجال؛ كي تنطلق التيارات السياسية والفكرية في تنافس شريف وتحت سقف واضح ومحدد، ومن موقع التكافؤ دون تداخل بين العمل الخيري والسياسي، ودون فواصل بين التبعات التنظيمية والمالية.

وحول اعتبار مراقبين أن هذا التحرك يهدف إلى دعم وزير الداخلية في أزماته مع الإسلاميين قال حدادين: "هناك من حاول تغيير هذا التحرك النيابي لخدمة معركة صغيرة للتضامن مع وزير الداخلية، فجرى تهميش هذا التوجيه والمطالبة بمعالجة الأمور معالجةً عامةً دون الإشارة للحركة الإسلامية، والتأكيد على أن الهدف من المذكرة حماية الديمقراطية".


  • نقلاً عن صحيفة السبيل الأردنية

المصدر