محمود الأسيوطي

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
محمود الأسيوطي وإخوان بني سويف


إخوان ويكي

مقدمة

يولد كثير من الناس ويموتون دون أن يسمع عنهم أحد أو يتركوا أثرا ملموسا في وجدنا من عرفوهم، وقليلا ما هم من يسطر بمداد من نور سيرة عطرة في نفس وعقل كل من عايشهم أو قرأ عنهم، لعيظم ما وهبهم الله من أعمال كانت نورا للبشرية.

حياته

ولد الحاج محمود محمد عبد الحافظ الأسيوطي، والشهير بمحمود الأسيوطي في 20 نوفمبر 1930م، بقرية أولاد إبراهيم، إحدى القرى التابعة لمركز أسيوط في أسرة فقيرة تحمل فيه مصاريف أخوته المعيشية والتعليمية.

تعليمه وعمله

حفظ الحاج محمود القرآن وختمه وأخذ إجازته على يد الشيخ عبد الرحمن عبد اللطيف (مقرئ المركز العام للإخوان المسلمين أيام الإمام حسن البنا) داخل السجن في محنة عام 1965م.

لكنه انصرف للعمل ولم يلتحق بالتعليم، إلا أنه حول محنة الاعتقال إلى منحة ودراسة فحصل على الشهادة الإعدادية وهو داخل السجن عام 1955م ، كما حصل على الثانوية العامة عام 1963م وهو داخل السجن

حيث يعبر عن ذلك بقوله:

(عوَّدَنا الإخوان على الاستفادة من أوقاتنا، وكانوا حريصين على مواصلة أفراد الجماعة مراحل تعليمهم، ففي عام 1955 م كنت ضمن الذين تم اعتقالهم في السجن الحربي، وكانت لديَّ الرغبة في استكمال تعليمي فشجعني الإخوان على ذلك، وطلبوا مني استكمال تعليمي؛
حيث كنت حاصلاً على شهادة الصف السادس فقط، وبالفعل بدأت الدراسة، وذلك في أعقاب هدوء حِدة التعذيب؛ حيث قام الإخوان في الزنزانة بمساعدتي في دراسة مناهج الصف الأول الإعدادي، وشرح المواد المختلفة، وكنت ماهرًا في اللغة العربية، وأجدت أيضًا اللغة الإنجليزية بهدف تبليغ دعوة الله في أي مكان في العالم.
وكانت طريقة مذاكرتي تعتمد على المسمار والحائط؛ لأن إدارة السجن كانت تحرم علينا الأوراق والأقلام، وكانت زنزانتنا كبيرةً، فملأت جدرانها بالكتابة، حتى حدثت انفراجة في يوليو 1955م، وخرج بعض الإخوان وقاموا بتزويدي بكتب المرحلة الإعدادية
وأتقنت كل المواد ما عدا الهندسة؛ لأنها كانت تحتاج بعض الأدوات الهندسية، وكنت أحفظ أكثر من 50 كلمة إنجليزي يوميًّا، واستطعت أن أجتاز المرحلة الإعدادية في عام 1960م، وكان سني في هذا الوقت 30 عامًا، وحصلت على الثانوية العامة في عام 1963م، وكنت في القسم العلمي).

وبعد خروجه افتتح مطعما خاصا به واستكمل التعليم وأستطاع أن يحصل على بكالوريوس التجارة بجامعة الأزهر عام 1975م حيث كان يسافر يوميا من بني سويف للقاهرة. وعمل مدرساً لفترة من الزمان، حتى أنه حصل على دبلومة الدراسات الإسلامية، وأشرف على دراسة منهج القرآن الكريم، بمدارس الدعوة الإسلامية ببني سويف.

سافر الشيخ الأسيوطي إلى اليمن للعمل مدرسا ضمن وفود كثيرة من الإخوان، للمساهمة في نشر دعوة الإخوان وذلك في الفترة من عام 1987 وحتى عام 1991م.

معرفته بالإخوان

كانت أسيوط من المحافظات التي زخرت بالكثير من دعاة الإخوان وقيادتها في بداية نشأتها كحامد أبو النصر وآل شريت وفهمي أبو غدير وغيرهم، وهو ما ساعد الحاج الأسيوطي على معرفة الدعوة والسير بين صفوفها منذ صغره وشبابه، وانتسب لها فعليا عام 1950م

حيث يقول:

"كل مصري شهد فترة الأربعينيات والخمسينيات يعلم جيدًا أن حركة الإخوان المسلمين كانت ملءَ السمع والبصر؛ لأنها كانت الحركة التي لديها مشروع حقيقي لإنقاذ الأمة مما كانت تعانيه من تخلُّف ومشاكل مزمنة، وقد دفعني ذلك إلى التعرف على دعوة الإخوان ، وبدأ احتكاكي بهم منذ انتقالي إلى محافظه بني سويف ؛

حيث كنت أعمل في مطعم، وكان هذا المطعم يتعامل مع مكاتب شعب الإخوان ، ووجدت فيهم المعاملة الحسنة والمحبة الخالصة لله، كما وجدت فيهم الصلاح بكل معانيه، ومع مرور الوقت وجدت أنني أشعر أن الإخوان أصبحوا أهلاً لي، وعوضوني عن غربتي؛
حيث كان يعاملني الجميع على أني أحد أفراد أسرته؛ مما جعلني أتعلق بهم جميعًا، كما أنني حافظت على اللقاءات العامة وخاصةً لقاء الثلاثاء، ومنذ ذلك الوقت أصبحت ابنًا من أبناء هذه الجماعة المباركة، وكان ذلك في أوائل الخمسينيات، وأتمنى أن ألقى ربي وأنا في صفوفها".

وذلك قبل أن ينتقل لبني سويف بعد الخروج من السجن ويستقر فيها فيتعرف على إخوانها أمثال الحاج حسن جودة وعبدالله محمد طلبة والشيخ حسن الخضري والذين قاموا بإنشاء جمعية الدعوة الإسلامية ببني سويف، وإشهارها برقم 176 لـ 1977، وعمل فيها مع "إخوانه".

يقول الشيخ عبد الخالق الشريف:

"مع أول فرصة للعمل اجتمع مع الحاج عطية وبعض الأخوة الكرام وتم إنشاء جمعية الدعوة الإسلامية ببني سويف وإشهارها برقم 176 لـ 1977 ، وكان الرجل قائماً وإخوانه عليها منكراً لنفسه قدم غيره من غير الإخوان المسلمين ليكون رئيساً للجمعية، وحين عاد الحاج حسن جودة : رحمه الله - من الخارج اختاره ليكون رئيساً لمجلس الإدارة، وعاش الحاج محمود الأسيوطي عضواً بمجلس إدارة الجمعية بجوار أخيه الحاج حسن جودة - رحمهما الله ، يداً بيد في البناء والقيام بواجبات الدعوة، وأخذ صرح جمعية الدعوة ينمو رياض أطفال، مدرسة، مستوصف، وأعمال البر والكثير من أعمال الخير .
وفي مجال الدعوة، وخطبة الجمعة، وإلقاء الدروس، كان العطاء المستمر ، فعلاوة على حضوره المستمر لحديث الثلاثاء محاضراً كان أو مستمعاً، فقد كان لا يتخلف عن الذهاب إلى كل القرى والنجوع تعرفه كل بلدان محافظات الفيوم والمنيا فضلا عن بني سويف بل كذلك أسيوط وغيرها من البلدان.
وهو في كل هذا متجرداً لدعوته، ناكراً لنفسه، مصاحباً لكتاب الله، صادعاً بالحق، آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر، حانياً على كل من حوله، مساعداً لكل من يحتاج إليه، يقدم كل ما يملك لكل إخوانه مخلصا لله - ولا نزكي على الله أحد".

وفي مجال الدعوة، وخطبة الجمعة، وإلقاء الدروس، كان يحضر دائما حديث الثلاثاء، محاضراً كان أو مستمعاً، فكان لا يتخلف عن الذهاب إلى كل القرى والنجوع، لتتجاوز معرفته حدود محافظته وتمتد لقرى ومحافظات الفيوم، والمنيا،وأسيوط وغيرها.

محنته عام 1955م

دخلت جماعة الإخوان ورجالاتها العديد من المحن المتتالية من قبل النظام العسكري الذي أرسى قواعده عبدالناصر حينما أطاح برفاقه وبمن تعاون معه في نجاح الثورة وبسط سيطرته على الحكم، فكانت أكبر المحن للإخوان التي أعقبت حادثة المنشية يوم 26 أكتوبر 1954م.

اعتقل الحاج محمود الأسيوطي في أكتوبر من عام 1955م فيما عرف بتنظيم التمويل وظل في السجن فترة حتى أفرج عنه

حيث يقول عن هذه الفترة:

"تم اعتقالي أول مرة في أكتوبر 1955 م، وكانت المحاكمات أوشكت على الانتهاء، وبدأت أوضاع السجن تستقر، ولكن السجانين كانوا ينفِّذون الأوامر بحذافيرها، خاصةً أننا كنا في السجن الحربي الذي ارتُكبت فيه أبشع عمليات التعذيب، وكانوا يوقظوننا الساعة الثالثة فجرًا؛ من أجل دخول دورات المياه، وكانوا يفرضون علينا دخول دورات المياه كل خمس أفراد مع بعضهم
وكانت عمليات التعذيب تُمارَس دائمًا قَبل العرض على النيابة، وكانت بشعةً، ومن يرفض أن يدلي بما يريدونه أمام النيابة يرى من صنوف العذاب ما لا يطيقه بشر، ثم تمَّ تحويلي من معتقل رقم 4 إلى السجن الكبير أيضًا بالسجن الحربي، وكان أكثر سعةً، وكان أسوأ ما نتعرض له يوميًّا الطوابير اليومية، والتي تبدأ من 10 صباحًا إلى الثانية ظهرًا.
وكان صفوت الروبي - الذي اشتهر بقاتل الأبرياء - يُشرف على طوابير التعذيب بنفسه، ويسلط علينا صولاً يُعرف بالديزل، واستمرت محارق التعذيب حتى النكسة التي أظهرت عورات نظام جمال عبد الناصر، وقد تعرفت أثناء وجودي بالسجن الحربي على الشيخ محمود محمد الجوهري
وكان يحفظ القرآن، وتعلمنا منه الكثير، كما تعرفت على الشيخ أبو الحمد ربيع، الذي حفظت على يديه القرآن أثناء طوابير التعذيب، فكان أثناء الطوابير يقرأ القرآن، ثم أردد خلفه حتى حفظتُ على يديه معظم القرآن، وكانت هذه الوسيلة الوحيدة التي نستطيع من خلالها حفظ القرآن؛ لأن المصاحف كانت ممنوعةً في السجن الحربي".

محنته عام 1965م

أصدر عبدالناصر في عام 1965م قرار باعتقال كل من سبق اعتقاله ، فاعتقل الأسيوطي مرة اخرى يوم 5 سبتمبر 1965م ضمن تنظيم الشهيد سيد قطب وظل في السجن حتى أغسطس 1971م.

اعتقالات 1981م

لم يتوقف اعتقاله عند عهد عبدالناصر لكن تم اعتقاله في أحداث سبتمبر 1981م التي أصدرها السادات واعتقل على إثرها الكثير من المعارضين لاتفاقية كامب ديفيد

والتي يذكرها بقوله:

"تم اعتقالي في سبتمبر 1981 م، وكان معي الحاج حسن جودة - رحمه الله- وكان يتولى رئيس مجلس إدارة جمعية الدعوة الإسلامية ببني سويف، وكنت نائبًا له، كما تم اعتقال الأخ ممدوح عبد الله، وهو من إخوان بني سويف، وتم ترحيلنا إلى سجن القناطر، وكنت أعتقد أنه سيكون كسجون عبد الناصر، فعندما دخلت السجن وجدنا معاملةً لم نتوقعها أبدًا".

كما اعتقل الحاج محمود الأسيوطي العديد من المرات في عهد مبارك وقبل ثورة 25 يناير.

وفاته

عانى الحاج محمود الأسيوطي كثيرا من المرض أخريات حياته، وظل ثابتا على دعوته حتى توفاه الله يوم الجمعة 22 مارس 2013م عن عمر ناهز الـ83 عاما.

حضر الجنازة المهندس عبد العظيم الشرقاوي، عضو مكتب الإرشاد نيابة عن الدكتور محمد بديع، المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، والدكتور نهاد القاسم، أمين حزب الحرية والعدالة بالمحافظة، ومحمد عبد سياف، مسؤول المكتب الإداري للجماعة بالمحافظة، وأعضاء مجلسي الشورى والشعب المنتمين للجماعة وآلاف من أعضاء الجماعة.

المصادر

  1. عماد حمدي: الشيخ الأسيوطي.. من تأسيس الإخوان ببني سويف والعمل بالدعوة إلى الدار الآخرة، 2 أبريل 2013
  2. هاني المصري: الأسيوطي: حفظت القرآن على يد الشيخ أبو الحمد بطوابير التعذيب، 24 أبريل 2005
  3. إخوان بني سويف ينعون المربي الحاج محمود الأسيوطي: 22 مارس 2013
  4. حازم الخولي: آلاف الإخوان يشيعون جنازة «الأسيوطي» أحد مؤسسي الجماعة ببني سويف، 22 مارس 2013
  5. المرشد العام ينعى الحاج محمود الأسيوطي من الرعيل الأول للإخوان المسلمين: 22 مارس 2013
  6. عبدالخالق الشريف: وترجل المتجرد للدعوة الحاج :/ محمود عبد الحافظ الأسيوطي، 4 أبرسل 2013