مداد العلماء يسفك دم الشهداء

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٠٤:٣٢، ٤ يناير ٢٠١١ بواسطة Moza (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث


مداد العلماء يسفك دم الشهداء


"يوزن يوم القيامة مداد العلماء ودم الشهداء فيرجح مداد العلماء على دم الشهداء" سألوني.. عن العلماء


لقد بدأت محنة الإخوان المسلمين في أغسطس 1965 م، وأعلنت الصحف عن مؤامرة لقلب نظام الحكم وتدبير اغتيالات وتدمير منشآت كان الإخوان المسلمون "ينوون" القيام بها.. فأين كان العلماء في تلك الفتنة الظلماء؟! هل أمروا بالمعروف.. ونهوا عن المنكر؟! هل قالوا كلمةَ حق في وجه سلطان جائر؟! هل سكتوا إذ لم يستطيعوا أن ينطقوا بكلمة الحق؟ هل أنكروا بقلوبهم إذ عجزت ألسنتهم؟! لا.. لا.. لا.

بل أصدر ما يُسمى بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية كتابًا بعنوان: "رأي الدين في إخوان الشيطان" وُزِّع كهدية مع مجلة منبر الإسلام التي يصدرها المجلس-عدد شهر أكتوبر 1965 م، وحُشدت فيه مجموعةٌ ضخمةٌ من المقالات والفتاوى لعلماء الأزهر، وبعض الكتَّاب والشعراء.. ولنا معه وقفات:


أولاً:

يستلفت نظرك عنوان الكتاب "رأي الدين في إخوان الشيطان"، وتسأل: هل تعوَّد السادة العلماء أن يبينوا رأي الدين في كل القضايا والأحداث التي تمر بها الأمة داخليًّا وخارجيًّا؟ وهل اعتادت الدولة أن تستفتيهم وتهتدي بفتاواهم في كل ما يعنُّ لها من قضايا وأحداث؟!


هل قرأنا مثلاً "رأي الدين في الحكم بغير ما أنزل الله"؟!

هل قرأنا مثلاً "رأي الدين في حرب اليمن وقتل المسلم لأخيه المسلم"؟!

هل قرأنا مثلاً "رأي الدين في حرب الكونغو وقتال المسلمين تحت راية كافرين"؟!

هل قرأنا مثلاً "رأي الدين في نصرة الهند الكافرة على باكستان المسلمة"؟!

هل قرأنا مثلاً "رأي الدين في التمكين للعلمانيين والشيوعيين الملحدين في بلد الأزهر الأمين"؟!

هل قرأنا مثلاً "رأي الدين في مصادرة أموال الناس وممتلكاتهم وما يسمى بالحراسة والتأميم"؟!

ولماذا لم نسمع من السادة العلماء الإجابة المحفوظة دائمًا حين يلجأ إليهم الناس مستفتين ومستنجدين ومستغيثين: نحن لا نتدخل في السياسة؟!


ثانيًا:

ثم يلفت نظرك تاريخ صدور الكتاب والفتاوى (أكتوبر 1965 م)، وتُدهَش حين تعلم أن محاكمة الإخوان المتهمين بتلك الاتهامات تمَّت في شهر إبريل من العام التالي 1966 م، وصدرت ضدهم أحكام بالإعدام والسجن في شهر أغسطس عام 1966 م، وتسأل: كيف تصدر الفتاوى والأحكام بالإدانة من السادة العلماء وهؤلاء المتهمون لم يحقق معهم بعد، ولم تبدأ محاكمتهم إلا بعد 6 أشهر من صدور الكتاب والفتاوى؟!


أين مبدأ: "المتهم بريء حتى تثبت إدانته".. هذا المبدأ الذي تقرره العدالة والإنسانية وكل قوانين الدنيا؟!

أين مبدأ: "ادرأوا الحدود بالشبهات".. الذي تقرره شريعة الإسلام ويتطلب على الأقل انتظار حكم القضاء؟!

أين احترام القضاء واستقلاله.. ومن أولى من العلماء باحترام بالقضاء؟!


ثالثًا:

من أين استمد السادة العلماء معلوماتهم التي بنوا عليها رأيهم، وأسسوا عليها فتاواهم؟!

يقول فضيلة الشيخ/ محمد كامل الفقي:

"لقد فزع الناس جميعًا من هذه الأنباء التي حكت خطة هذه الطائفة وشرحت مدى ما كانت "تنوي" من قتل واغتيال ونسف وتدمير، وإزهاق أرواح بريئة، من قنابل ومتفجرات تلقى في عرض الطريق فتبيد ألوفًا من الناس، ما بين صالح وأب وراع وامرأة وطفل، وتذهب بأموال وثروات ومصانع ومتاجر حتى يستحيل العمران إلى خراب يباب".

ويقول محمد محمد السباعي:

"ولقد فاضت الصحف والنشرات بأنباء وتفاصيل مؤامراتهم الخبيثة التي بيَّتوها ونسجوا خيوطها في الظلام".. إن سادتنا العلماء كانت الصحف الحكومية هي مصدر معلوماتهم، ولك أن تندهش وتتساءل: ألا يعلم السادة العلماء أن هذه الصحف كلها مؤمَّمة ومملوكة للدولة؟! ولا تعبِّر إلا عن رأي الحكومة والنظام الحاكم؟!

ألا يعلم الناس درجة المصداقية لهذه الصحف؟! ومدى الثقة التي تحوزها حتى لدى العامة "كلام جرايد"؟

ومتى كانت صحف الإثارة والانحلال والعلمانية مصدرًا موثوقًا للمعلومات.. إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا..؟!.

هل يتوافر في هذه الصحف ومحرريها وكتَّابها شروط النقل والأخذ عنهم بثقة واطمئنان.. أين علم الحديث وشروط الرواية.

رابعًا:

اتهام الإخوان بالخيانة والتحالف مع أعداء الإسلام

في بيان فضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر الشيخ حسن مأمون يقول:


"وإني لأعجب أشد العجب ممن يدَّعي الإسلام والغيرة عليه، كيف يسوغ له أن يوالي أعداء الإسلام، وأن يأخذ منهم مقومات الفتك بالمسلمين، ويستعين بمالهم على إخوة له في الدين والوطن والإنسانية؟! ألا ساء ما يدعون وبئس ما يفترون.. ألم يقرأوا قول الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾.


ويقول فضيلة الشيخ/ محمد كامل الفقي:

"بقيت لي كلمة أخرى أهمس بها في أذن هذه الفئة من جماعة الإخوان المسلمين، أكان قيام الحلف المركزي بالمال والرأي وراء الفكرة دعوة إلى نصرة الدين أم غرسًا لبذور الفتن، والله يهدي إلى سواء السبيل"!.


تقرأ هذا الكلام ويأخذك العجب حين لا تجد في أوراق التحقيق أو اعترافات المتهمين تحت سياط التعذيب أو حيثيات الأحكام شيئًا من تلك الاتهامات، وإنما هي جزء من حملات التشويه الإعلامي التي تجيدها الصحافة الفاجرة، ولكن رغم كذبه وبطلانه وتهافته.. خطه مداد العلماء، وسفكوا به دم الشهداء.


خامسًا:

الحكم على الإخوان بالخروج عن الإسلام:

يقول فضيلة الشيخ محمد زكريا البرديسي:

"كيف يعتبر مسلمًا مَن يهدف إلى الإضرار بالناس فيقلب أمنهم خوفًا وهدوءهم رعبًا، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "لا ضرر ولا ضرار".


ويقول محمد محمد السباعي:


"عجب وأي عجب لقوم يتمسحون بالدين والدين منهم براء، ومن هؤلاء يا ترى غير الإخوان المسلمين؟ إنها والله للطمة من العار أن ينتسب للإسلام هؤلاء الشياطين، وأن يزعموا أنهم مسلمون؟ ويقول الشيخ عبد الرحيم فرغل البليني:


"أطلقوا على أنفسهم اسم جماعة الإخوان المسلمين، وهم لا يعرفون للإسلام معنى، ولا يمتون إليه بصلة، ولا يمسكون منه بسبب".


وأقول أليس هذا حكمًا على متهمين لم تثبت إدانتهم بعد بهذا الحكم الخطير: الخروج والمروق من الإسلام؟


أليس هذا تأكيدًا لمبدأ التكفير والتكفير المضاد؟ لماذا إذن نلوم الشباب الذين وقعوا في منعطف التكفير وعلماء الإسلام قد سبقوهم إليه وأخرجوهم من الإسلام؟ أم أن التكفير الحكومي حلال وغيره حرام؟!.


برغم فداحة هذا الخطأ، وبشاعة تلك السقطة.. خطها مداد العلماء.. وسفكوا بها دم الشهداء.


سادسًا:

التحريض على سفك دماء الإخوان وعقابهم عقاب المفسدين:

يقول الشيخ عبد الرحيم فرغل البليني:

"إن هؤلاء الإخوان وقعت منهم شرور متنوعة واعتداءات على الأبرياء متعددة ، وما كنا نود أيام تلك الاعتداءات الخبيثة التي روعت الأمة وطعنتها في الصميم، أن يقتصر الجزاء على الفرد المباشر، بل كنا نود اجتثاث هذه الفئة من أصولها، والقضاء عليها نهائيًّا.. كالقضاء على العضو الخبيث في جسد الإنسان".


يلوم فضيلة الشيخ الحكومة أنها لم تستأصل الإخوان في الماضي، ويلومها أنها اقتصرت بالجزاء على الأفراد المتهمين فقط.


ولا ندري من أي معين استقى فضيلة الشيخ هذا الرأي السديد؟ وإلى أي شرع رجع في فتواه الرشيدة؟


ولكن نحمد الله أن الحكومة كانت أرحم بالمتهمين من أحد علماء المسلمين.


ويكمل فضيلة الشيخ شارحًا رحمة الحكومة أو تسأهلها مع هؤلاء المجرمين فيقول:


"ومع كل المفاسد التي وقعت من هؤلاء القوم وفدح شرها وعظم خطبها، كان سيادة الرئيس يقابلهم بالعطف والرحمة، والإحسان والشفقة، وكان كل عقابهم يتجلى في العمل على إبعادهم عن الجماهير بوضعهم في المعتقلات النائية يأكلون ويشربون وينامون ويمرحون في ظلال النعيم.


ولقد علمت الدنيا كلها كيف كان ذلك النعيم الذي كان الإخوان فيه يمرحون.. لقد كان في جنان الحربي وطرة والقلعة وقنا والواحات ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر..


وتفاصيل ذلك النعيم مسجلة في حيثيات العشرات من قضايا التعذيب.


ولا يرضى فضيلة الشيخ أن يتكرر التساهل مع الإخوان وتستمر الإقامة في النعيم، فلابد:


"لابد أن تزول من قلوب القضاة صفة الرحمة وعوامل الشفقة في هذا الحادث المؤلم، ذلك أن الرحمة لها مواضعها، أما هذا الحادث فإن الرحمة فيه تعدٍ من الأخطاء التي لا يغفرها الوطن ولا يرضاها، وإن الناس في كل البقاع العربية ينتظرون من أولياء الأمور القضاء الصارم الذي يستأصل الداء ويحمى الأجساد والأفكار".


ويختم نصيحته بخبرة التاريخ وما يحمله من عبر وعظات فيقول:


"وإنَّ أمر الإخوان المسلمين كأمر البرامكة يحتاج الى وثبة تطهر الأرض منهم وتمحو آثارهم". ويتفق معه محمد محمد السباعي فيقول:


"أما واجب الحكومة الرشيدة فهو أخذهم بشدة أخذ عزيز مقتدر، لا رحمة ولا شفقة ولا هوادة مع أولئك النفر الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا.


واجب الحكومة الثورية ألا تلدغ من جحر مرتين فلتقضِ عليهم ولتستأصل شأفتهم حتى لا تقوم لهم قائمة بعد ذلك اليوم".


ويوجه محمد محمد السباعي كلامه إلى الإخوان الموجودين حينئذ في جنان النعيم:

"أيها الشياطين.. إن الدين بخير والإسلام بخير، وكل ما يتمناه المسلمون اليوم أن تزولوا من الوجود، وأن يحكم فيكم كتاب الله الذي تحرصون على تلاوته- كما تدعون- والذي تتسترون وراءه، وأن ينفذ فيكم فورًا حكمه بلا رحمة ولا هوادة، وهو قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ (المائدة: 33).


سابعًا:


كيف يكون موقف العلماء من الأمراء؟

يقول فضيلة الشيخ محمد محمد المدني:

"ماذا فعل جمال عبد الناصر حتى يفكر مؤمن في أن يغتاله؟

أليس جمال عبد الناصر مؤمنًا يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله؟ ويعمل على تثبيت أركان الإسلام والمثل العليا للإسلام؟".

ويقول الشيخ عبد الرحيم فرغل البليني:

"إننى أعتقد من صميم قلبي أن سيادة الرئيس في حفظ الله وكنفه ورعايته وصيانته ووقايته، إنه يعمل بإخلاص ويجاهد في صدق، ومَن كان كذلك ردَّ الله عنه العاديات، وذاد عنه الملمات.. "أبقى الله رئيسنا المحبوب وجعلنا له فداءً، وكلل مسعاه مع أصحابه بالنجاح والفلاح".


هذا هو موقف العلماء من الأمراء، فكيف كان موقف الأمراء من العلماء؟ اقرأ وتعجب:


ترى هل نسي العلماء أن "الأمير" تحدث عن العلماء في خطاب مذاعٍ على الهواء فقال: "إن أي إنسان يستطيع أن يحصل على أي فتوى من أي عالم أزهرى إذا أعطاه "وزة".. وكانت تلك الإهانة العلنية بداية لحملة إعلامية تناولت علماء المسلمين بالسخرية والإهانة والتحقير، وتبارت رسوم الكاريكاتير الفاجرة في رسومها البذيئة تنال من أعراض العلماء، حتى أصبح العامة والغوغاء إذا رأى أحدهم عالم أو ملتحى ناداه ساخرًا: "يابو وزة"؟.


ترى هل نسى علماء الأزهر حملة صلاح جاهين وجريدة الأهرام ومجلة روز اليوسف عام 1962 م على فضيلة الشيخ الغزالى حين طالب باحتشام النساء والحد من الإباحية والانحلال؟


هل نسى علماء الأزهر كاريكاتير وزجل: أبو زيد الغزالي سلامة؟

هكذا كان العلماء.. وهكذا كان الأمراء.. ترى هل يعتبر العلماء؟

ويا مداد العلماء.. ويحك.. كم سفكت من دماء الشهداء.. وكم لك من ضحايا أبرياء.